إدارة الحالات الطارئة.. جاهزية قصوى لمواجهة الكوارث والحالات الاستثنائية
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
الجنيبي: تنسيق جهود مختلف القطاعات وسرعة الاستجابة للدعم والإسناد
ـ "المنظومة" تمكنت من التعامل مع الحالات المناخية والتخفيف من أضرارها
ـ رفع مستوى حالة التأهب أو خفضها أو إنهاؤها يعتمد على مؤشرات محددة
ـ توظيف التقنيات الحديثة في مجال التخطيط ودعم اتخاذ القرار
ـ الإعلام شريك أساسي في إدارة الأزمات والتوجيه المجتمعي
أولت سلطنة عُمان اهتماما بالغا بمنظومة إدارة الحالات الطارئة للتعامل ومواجهة ما قد تتعرض له البلاد من كوارث وحالات استثنائية، وفق نسق موحد وآليات لتعزيز العمل التكاملي بين المؤسسات والقطاعات.
ولتحقيق الاستجابة الفاعلة للتعامل مع الحالات الطارئة في مراحلها المختلفة تتكون المنظومة من اللجنة الرئيسة لإدارة الحالات الطارئة والمركز الوطني واللجان الفرعية في المحافظات ولجان الحالات الطارئة بالولايات إلى جانب القطاعات المساندة.
وقال العقيد زايد بن حمد الجنيبي رئيس المركز الوطني لإدارة الحالات الطارئة في حديث لـ (عمان): إن المركز الوطني لإدارة الحالات الطارئة هو الجهة التنفيذية للجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة، إذ يعنى بقيادة وتوجيه وتنسيق ومتابعة جهود الاستعداد والاستجابة والتأهيل العاجل أثناء الحالات الطارئة وتقديم الدعم والإسناد للقطاعات واللجان الفرعية بإشراف من معالي الفريق المفتش العام للشرطة والجمارك رئيس اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة.
نجاح المنظومة
وأكد العقيد زايد الجنيبي، أن الحكومة الرشيدة تولي اهتماما ودعما كبيرا بالمنظومة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة مما مكنها خلال السنوات الماضية من التعامل مع الأنواء المناخية والتخفيف من آثارها البشرية والمادية بفضل التنسيق والتكامل بين كافة مكونات المنظومة والرصد والاستعداد المبكر للحالات التي تستدعي تفعيل اللجنة بالإضافة إلى الاستفادة من نتائج البحوث والدراسات والدروس المستفادة من التجارب السابقة.
الاختصاصات
وأضاف: تختص اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة بالتعامل مع الحالات التي تتطلب توحيد القدرات والإمكانات الوطنية للتعامل معها خاصة الأنواء المناخية الاستثنائية، والزلازل والهزات الأرضية والانهيارات، وحوادث الفيضانات والسدود، وأمواج المد البحري (تسونامي) وتعاظم الأمواج، وحوادث المواد الخطرة (الكيماوية، الإشعاعية، البيولوجية)، وحوادث النقل الكبرى (الجوية والبحرية والبرية)، وحوادث الإصابات المتعددة والحرائق الكبرى، والتسريبات النفطية والتلوث البيئي، والأوبئة، والأضرار العامة التي قد تلحق بمنظومة الماء أو الغذاء وأي حوادث أخرى تتعلق بالسلامة العامة وتتطلب استجابة وطنية.
اللجان الفرعية
وأفاد العقيد رئيس المركز الوطني لإدارة الحالات الطارئة: من أجل تحسين جودة العمل وتحقيق سرعة الاستجابة والتعامل الأمثل مع جميع المستجدات، تعمل اللجان الفرعية للجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة في جميع محافظات سلطنة عُمان، والقطاعات المساندة التي تمثل الجهات المعنية بالتعامل مع الحالات الطارئة وتوفير الخدمات، منها قطاع الاستجابة الطبية والصحة العامة، وقطاع الخدمات الأساسية، وقطاع الإغاثة والإيواء، وقطاع المواد الخطرة، وقطاع البحث والإنقاذ، وقطاع الإعلام والتوعية العامة وذلك بالتنسيق مع المركز الوطني لإدارة الحالات الطارئة.
آلية العمل
وأكد أن عمل المركز الوطني لإدارة الحالات الطارئة يرتكز على تحقيق أعلى مستويات التنسيق والاندماج الفعلي بين كافة الجهات والقطاعات المعنية بإدارة الأزمات والتقليل من أضرارها، وعند رصد أي ظاهرة قد تتسبب في وقوع أزمة - كرصد حالة مدارية متجهة إلى سلطنة عمان، تقوم اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة بعقد اجتماع استثنائي برئاسة معالي الفريق المفتش العام للشرطة والجمارك رئيس اللجنة، للاستماع إلى إيجاز من المختصين من هيئة الطيران المدني (المركز الوطني للإنذار المبكر من المخاطر المتعددة) حول تطورات القراءات العددية المتعلقة بالحالة وتأثيراتها المحتملة، وبناءً على ذلك يتم تفعيل المركز الوطني لإدارة الحالات الطارئة واللجان الفرعية في المحافظات المتوقع تأثرها، والوقوف على جاهزية جميع الجهات المعنية من خلال آلية عمل محددة ومقسمة على ثلاث مراحل، وتشمل ما قبل الأزمة وأثناء الأزمة وما بعد الأزمة.
ويتم التعامل مع الأزمات في مراحلها الثلاث وفق خطة مدروسة إذ يتم في مرحلة الاستعداد نشر فرق البحث والإنقاذ حسب القطاعات المحددة في المناطق المتوقع تأثرها حسب تضاريس تلك المنطقة بما يضمن إمكانية وصولهم إلى جميع من يطلب المساعدة وكذلك الوقوف على احتياجات قطاع البحث والإنقاذ وقطاع الإغاثة والإيواء، أما مرحلة ما بعد الأزمة فيتم خلالها تقييم الأضرار وتقديم المساعدة والإغاثة للمتضررين والعمل في إعادة الإعمار والخدمات الأساسية في أقرب وقت ممكن والبقاء على تواصل مستمر مع المواطنين والمقيمين.
تفعيل اللجنة
وأوضح العقيد زايد الجنيبي، أن تفعيل اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة وخططها أو رفع مستوى الحالة أو تخفيضها أو إنهاؤها يعتمد على معطيات ومؤشرات الحالة المدارية أو الجوية التي قد تتعرض لها سلطنة عمان.
توظيف التقنيات الحديثة
وأشار العقيد رئيس المركز الوطني لإدارة الحالات الطارئة إلى توظيف عدد من التقنيات الحديثة في أعمال اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة في مجال التخطيط ودعم اتخاذ القرار للتخفيف من حدة المخاطر الطبيعية وتقليل الخسائر المادية والبشرية منها نظام المعلومات الجغرافية (GIS). وتعتمد هذه التقنيات على تحليل البيانات المكانية والوصفية وإعداد الخرائط للمناطق المحتمل تأثرها وتوفير صورة واضحة عن المناطق المعرضة للخطر ومعرفة مكوناتها مما يسهم في توفير معلومات واضحة تدعم اتخاذ القرار باستخدام وسائل الاتصال ونظم وشبكات تبادل المعلومات المختلفة لضمان استمرارية تدفق المعلومات بين مكونات اللجنة المختلفة، ويجري العمل حاليًا على استكمال مشروع النظام الإلكتروني لإدارة الحالات الطارئة من أجل تبادل المعلومات والبلاغات إلكترونيًا لضمان سرعة الاستجابة.
تطوير المنظومة
وأفاد العقيد زايد الجنيبي أن اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة تعمل باستمرار على تطوير أعمالها من خلال المراجعة والتحديث المستمر لخطط الاستجابة والاستفادة من دروس وتجارب الحالات الطارئة التي تعرضت لها سلطنة عُمان، بالإضافة إلى الاستفادة من التجارب الإقليمية والدولية في التعامل مع الحالات الطارئة.
ويقوم المركز الوطني بالتنسيق مع مختلف قطاعات اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة في توفير الاحتياجات التدريبية لتطوير وتعزيز قدرات ومهارات العاملين وتنفيذ المحاضرات والندوات وورش العمل والتمارين العملية بالإضافة إلى المشاركة في الحملات الوطنية للتوعية من الأنواء المناخية.
دور الإعلام
وأكد العقيد رئيس المركز الوطني لإدارة الحالات الطارئة دور الإعلام الذي يُعد شريكًا أساسيًا ومهمًا في إيصال المعلومات والتوجيهات والإرشادات للمجتمع لإطلاعه على كافة المستجدات. ويقوم المركز الوطني لإدارة الحالات الطارئة خلال الأزمات بتفعيل المركز الإعلامي وذلك بعد تلقيه المعلومات من اللجان الفرعية والقطاعات المساندة وبثها مباشرة عبر حساب "عمان مستعدة" وحسابات شرطة عمان السلطانية بمختلف اللغات وتوفير المحتوى الإعلامي لوسائل الإعلام إلى جانب البث المباشر عبر تلفزيون سلطنة عمان من موقع الحدث. ويحرص القائمون على العمل الإعلامي خلال الأزمات على نقل الحقائق ونفي الشائعات من خلال تحديث المعلومات المنشورة ورصد ومتابعة كل ما يتم تداوله من أخبار.
وتُدار الحالات الطارئة إعلاميًا عن طريق تفعيل المركز الإعلامي المشترك التابع لقطاع الإعلام والتوعية العامة بالمركز الوطني لإدارة الحالات الطارئة، الذي يضم الجهات الإعلامية في المؤسسات الحكومية مثل شرطة عمان السلطانية، وقوات السلطان المسلحة، ووكالة الأخبار العمانية ومركز التواصل الحكومي وهيئة الدفاع المدني والإسعاف. ويعمل المركز وفق مبادئ ومحددات التعامل الإعلامي للجنة إذ يقوم بنشر التنبؤات والتنبيهات والتحذيرات حول الحالة الطارئة بالتنسيق مع الجهات المختصة وتوفير الإرشادات والتوجيهات بشأن الوقاية والاستعداد المناسب للتعامل مع الحالة، وتوفير المعلومات المتعلقة بتأثيراتها، وإبراز الجهود المبذولة من قبل الجهات المختصة بالإضافة إلى التعامل مع الشائعات والمعلومات المضللة.
تعاون المجتمع
واختتم رئيس المركز الوطني لإدارة الحالات الطارئة قائلاً: إن المجتمع هو الركيزة الأساسية في إنجاح إدارة الأزمات، من خلال وعي المجتمع وإدراكه لحقيقة الأزمة ومتطلبات السلامة العامة واتباع المواطنين والمقيمين التعليمات والإرشادات الصادرة من الجهات المختصة واستقاء المعلومات من مصادرها الرسمية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: اللجنة الوطنیة لإدارة الحالات الطارئة لإدارة الحالات الطارئة فی التعامل مع الحالات بالإضافة إلى من خلال
إقرأ أيضاً:
هل تزيد الكوارث البيئية إيمان الناس بالأشباح؟
في أعقاب الكوارث الطبيعية المدمرة من حرائق غابات وأعاصير وفيضانات، والتي تزداد وتيرتها نتيجة التغير المناخي، تشهد ظاهرة قصص الأشباح عودة ملحوظة، وفق مجلة "ناشونال جيوغرافيك".
إذ يبدو أن الصدمة النفسية الناتجة عن هذه الكوارث لا تؤثر فقط على الأجساد والممتلكات، بل تمتد لتغذي إحساسا باللاواقع، يُترجَم أحيانا إلى مشاهدات غريبة وتفسيرات خارقة للطبيعة.
تقول خبيرة الطب النفسي في سياق الكوارث ليزلي هارتلي جيز، والتي عملت مع ناجين من حرائق هاواي عام 2023، إن الحزن العميق يمكن أن يُحدث تغييرات ملموسة في الدماغ.
وتوضح أن "الكثير من الناس يعتقدون أنهم بدؤوا يفقدون صوابهم حين يرون أو يسمعون أحبّاءهم بعد وفاتهم، لكن في الواقع، هذه تجربة شائعة تعكس طريقة العقل في معالجة الفقد".
ويشير علماء النفس إلى أن مثل هذه "الهلوسات الحزينة" هي وسيلة دفاعية لعقل مرهق يحاول التكيف مع الخسارة، وفق المجلة.
وفي لحظات الأزمات، ترتفع معدلات الإيمان بالظواهر الخارقة. ففي المملكة المتحدة، خلال الأشهر الأولى من إغلاق جائحة كوفيد-19، سجل الاتحاد الوطني للروحانيين زيادة بنسبة 325% في طلبات العضوية.
كما أبلغ محققو الخوارق وطاردو الأرواح الشريرة في عدة دول عن قفزات كبيرة في الطلب على خدماتهم بعد كوارث مثل زلزال اليابان عام 2011 أو فيضانات ليبيا وحرائق ماوي عام 2023.
الآليات التي تفسر هذه المشاهدات متشابكة. فعلى المستوى البيولوجي، يؤدي الحزن والقلق إلى إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول، التي بدورها تُضعف النوم وتزيد من حساسية الدماغ للمثيرات، مما قد ينتج عنه هلوسات واقعية للغاية.
إعلانأما في البيئة المحيطة بالكوارث، فإن الظلال الطويلة، الصمت الغريب، والأماكن المهجورة تضفي جوا شبه سريالي يجعل من السهل إسقاط الخوف على المحيط.
وتشير جيز إلى أن بعض الناجين يشعرون أنهم فقدوا إحساسهم بالواقع تماما، قائلة "يشعر البعض بأنهم ليسوا أنفسهم، أو أنهم مجرد أشباح في عالم لم يعد كما كان".
وفي أحيان أخرى، قد تسهم التلوّثات الكيميائية التي تنتشر بعد الكوارث الطبيعية -كالزئبق أو المبيدات- في تعزيز الإحساس بالهذيان أو "رؤية" أشياء غير موجودة.
أبعاد ثقافيةبعيدا عن التفسيرات البيولوجية، يذهب بعض الباحثين إلى أن قصص الأشباح تحمل بعدا ثقافيا واجتماعيا عميقا.
ويقول عالما الأنثروبولوجيا كريستين وتود فانبول إن الأشباح قد تكون رموزا تحذيرية، تُجسد مخاوف المجتمع من الجشع أو الفقد أو التغيير الجذري. وهي، بذلك، ليست فقط للتسلية أو الترويع، بل وسيلة للتكيف الجماعي وبناء سرديات تعزز التماسك المجتمعي.
في بعض الحالات، ترتبط الأشباح بالمكان أكثر من الإنسان. فقد تحدّث سكان جبال الألب عن "أشباح جليدية" بعد اختفاء الأنهار الجليدية التي رافقتهم لعقود، فيما يرى آخرون أن اختفاء المعالم الطبيعية يُولّد حدادا يشبه الحداد على إنسان.
لكن ما يجعل قصص الأشباح أداة فعالة، هو قدرتها على الحفاظ على الذاكرة. فبعد الزلازل المدمرة في تركيا عام 2023، واجه كثير من الناس صعوبة في دفن أحبائهم بسبب حجم الدمار، وهو ما أفضى إلى "صدمات ثانوية"، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وفي مثل هذه الظروف، تُصبح القصص وسيلة للحفاظ على الروابط العاطفية، واستمرار الحوار مع الماضي رغم غياب الأجساد.
في اليابان، بعد تسونامي عام 2011، انتشرت ظاهرة "الكايدانكاي"، أي سرد قصص الأشباح في جلسات جماعية، كوسيلة للشفاء الجماعي وتكريم الأرواح الغائبة.
وفي هاواي، كما تقول جيز، شعر أفراد من الجالية اليابانية بالصدمة لما حدث في وطنهم، رغم المسافة، في دلالة على الامتداد العاطفي العابر للحدود للكوارث الجماعية.
إعلانوفي ظل استمرار الكوارث المناخية والبيئية حول العالم، تشير جيز إلى أن العالم قد يشهد المزيد من هذه الظواهر النفسية الخارقة.
وتربط بين ارتفاع القلق الجماعي والمعلومات المضللة والتدهور العقلي لدى بعض الأفراد، مما قد يدفعهم للعودة إلى تفسير العالم من خلال ما هو غير مرئي، موضحة "حين لا نجد تفسيرا منطقيا لمعاناتنا، نبحث عن أجوبة في أماكن أخرى، حتى لو كانت على شكل أشباح".
وهكذا، في زمن تتسارع فيه الكوارث، قد لا تكون الأشباح مجرّد خرافات، بل انعكاسات نفسية عميقة لجراح لم تندمل، ورسائل معلقة بين عالم فقَد استقراره، وآخر نحاول إعادة بنائه بكل ما أوتينا من ذاكرة وخيال، بحسب مجلة ""ناشونال جيوغرافيك".