لفترة طويلة، اعتقد الباحثون أن العمال المصريين استخدموا مزيجًا من المنحدرات والزلاجات والحبال والرافعات لبناء الأهرامات. ومع ذلك، تشير دراسة جديدة أجراها فريق من المهندسين إلى أن المهندسين المعماريين القدماء استخدموا الماء لرفع الأحمال الثقيلة.

يحلل البحث الهرم المتدرج الذي بناه الفرعون زوسر حوالي عام 2680 قبل الميلاد، وهو أول هرم معروف بُني في مصر.

ويدعي التحليل أن النظام المعقد لإدارة المياه تضمن استخدام مصعد هيدروليكي، مما كان سيسمح برفع كتل الحجر الجيري من وسط الهرم.

أجرى البحث فريق من المهندسين وعلماء الهيدرولوجيا والخبراء الفرنسيين. وتزعم الدراسة، التي نُشرت يوم الأربعاء على موقع “ResearchGate”، أنها اكتشفت طريقة جديدة ربما استخدمها المصريون لبناء أهراماتهم، مما يسلط الضوء على مدى تقدم المعرفة التقنية لهذه الحضارة القديمة.

ركز الفريق الفرنسي على مجمع زوسر، فرعون الأسرة الثالثة من المملكة المصرية القديمة، بدلاً من أهرامات الجيزة الأكثر شهرة، لرغبتهم في تتبع تطور تقنيات البناء في مصر القديمة، كما يقول كزافييه لاندرو، المهندس الذي قاد الدراسة.

ويؤكد لاندرو وزملاؤه أن الظروف على طول وادي النيل في زمن حكم زوسر، في القرن 27 قبل الميلاد، كانت أكثر رطوبة مما هي عليه اليوم.

وقد أظهرت الأبحاث السابقة بالفعل أدلة على حدوث فيضانات عنيفة في وادي أبو صير خلال فترة الأسرة الثالثة، ويضيفون: “قبل الأسرة الرابعة، من المحتمل أن تكون هناك مشاكل مع الفيضانات أكثر من نقص المياه”، وفق لاندرو.

وتجدر الإشارة أيضا إلى أن الأبحاث الحديثة أظهرت أنه خلال المملكة القديمة، كان للنيل فرع إضافي، جف الآن، يمتد على بعد بضعة كيلومترات غرب مجرى النهر الحالي، أقرب بكثير إلى أهرامات الجيزة وسقارة.

وكان من الممكن أن يكون الفرع الجاف ممرا مائيا لا يقدر بثمن لجلب المواد والأشخاص إلى مواقع البناء. ويتفق لاندرو مع البحث الذي يظهر أن الفرع الجاف كان موجودا، ولكن نظرا لأن هضبة سقارة مرتفعة عن وادي النيل، فمن المنطقي أن تأتي إمدادات المياه في الموقع من الجبال إلى الغرب، وتتدفق بشكل طبيعي عبر نهر أبو صير.

بمجرد التحكم بمياه أبوصير بواسطة السد، من المحتمل أن تتجمع في بحيرة اصطناعية وتدخل في العمل الهندسي الضخم التالي الذي توصل إليه المصريون، ومجمع زوسر محاط بخندق جاف ضحل، يعتقد معظم الباحثين أنه وفر الحجارة للهرم والمباني المحيطة.

بالنسبة لأي مهندس هيدروليكي، فإن الخندق العميق هو نظام تقليدي لتنقية المياه، يستخدم لإزالة الرواسب من مياه الفيضانات المزعجة: يذهب الماء إلى الحجرة الأولى، وتستقر الرواسب في القاع، ويمر الفائض فقط من الأعلى إلى الحجرة التالية، حيث تتكرر العملية، وفق ما يشرح لاندرو. لهذا السبب توجد آبار للمياه تربط السطح بالحجرة الثالثة، حيث كان من الممكن أن تكون المياه أنظف ويمكن استخدامها لإرواء عطش السكان المحليين، كما يقول.

كان من الممكن أيضا توصيل المقصورة الثانية في محطة معالجة المياه المعقدة هذه بشبكة من 7 كيلومترات من خطوط الأنابيب التي تمر تحت مجمع زوسر، ويؤدي أحد خطوط الأنابيب مباشرة إلى عمود رأسي يبلغ عمقه 28 مترا ويرتفع في وسط هرم زوسر. وفي الجزء السفلي من العمود، اكتشف علماء الآثار صندوقا مصنوعا من كتل الغرانيت، مع ثقب وحجر كبير يسد الفتحة.

فسر الباحثون الأوائل صندوق الغرانيت على أنه تابوت، لكن في الدراسة الجديدة تقول إنه كان عبارة عن غرفة يمكن ملؤها بالماء لرفع مصعد من الخشب إلى وسط هرم، كما يفترض لاندرو وزملاؤه.

وخلص لاندرو وزملاؤه إلى أن بعض كتل الحجر الجيري في الهرم البالغ عددها 2.3 مليون كتلة، والتي تزن كل منها 300 كيلوغرام في المتوسط ، ربما تكون قد رفعت بهذه الطريقة.

وخلصت الدراسة إلى أن نظام الماء ربما كان من اختراع إمحوتب، المهندس المعماري الشهير الذي ينسب إليه بناء هرم زوسر.

ويعمل الفريق الفرنسي الآن على محاولة فهم ما إذا كان تسخير الطاقة المائية قد استخدم أيضا للمساعدة في بناء الأهرامات الأخرى اللاحقة من الأسرة الرابعة ، وخاصة الهرم الأكبر خوفو.

الحرة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: کان من إلى أن

إقرأ أيضاً:

دراسة: تراجع أعداد الخفافيش تكلفته مميتة على البشر

سمعة سيئة تلاحق الخفافيش، بأنها تعتبر ناقلة للأمراض والفيروسات، رغم أنها أداة طبيعية لمكافحة الآفات في الطبيعة، حيث تتغذى على أسراب الحشرات التي تهاجم المحاصيل المختلفة.

ولكن منذ سنوات أعداد الخفافيش في انخفاض إذ تمكنت "فطريات مدمرة" من القضاء عليها، وهو ما كان له نتائج عكسية، وتكلفة مميتة على البشر.

ووفق دراسة نشرت مجلة "سينس" العلمية، تراجع أعداد الخفافيش دفع بالمزارعين إلى زيادة استخدام المبيدات الحشرية في المحاصيل للتخلص من الآفات والحشرات، وهو ما تسبب بوفاة أكثر من 1000 رضيع بشري بسبب التسمم بالمواد الكيميائية، بحسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست.

وربطت الدراسة بين تراجع أعداد الخفافيش في الولايات المتحدة، والتكلفة المميتة التي يتحملها البشر عند فقدان التنوع البيولوجي.

وبدأت المشكلة للخفافيش قبل نحول عقدين عندما اكتشف علماء أحياء كهفا في شمال نيويورك مليئا بجثث الخفافيش وأنوفهم مغطاة بالزغب الأبيض، ليرجح أن السبب نوع من الفطريات من أوروبا أو آسيا والذي يهاجم الخفافيش خلال سباتها الشتوي، ويتسبب بموتها.

وأطلق على المرض اسم "متلازمة الأنف الأبيض" والتي انتشرت لنحو 40 ولاية، ويتسبب على 90 في المئة من بعض أنواع الخفافيش، ما ترك أثرا واضحا على انتشار الحشرات في النظام البيئي.

خبير الاقتصاد البيئي جامعة شيكاغو، إيال فرانك أجرى مقارنة مع ارتفاع استخدام المبيدات الحشرية ومعدلات الرضع في مقاطعات أميركية، خاصة في الولايات التي عثر فيها على الفطريات التي تقضي على الخفافيش، وقارنها مع الولايات التي لم يتم العثور فيها على هذا المرض.

ووجد فرانك الباحث الأساسي في الدراسة أنه بين عامي 2006 و2017 زاد المزارعون من استخدامهم للمبيدات الحشرية بنسبة 31 في المئة، في الولايات التي كانت فيها الخفافيش تصاب بالمرض، ليجد بعدها تسجيل زيادات في معدلات وفيات الرضع في الولايات ذاتها.

أستاذة علم الأحياء في جامعة بارد، فيليسيا كيسينغ والتي لم تشارك في الدراسة قالت إن هذا التحليل "يقدر العواقب التي نعاني منها من اختفاء الخفافيش، وهي مجرد نوع واحد من الأنواع التي نفقدها".

وقالت للصحيفة هذه النتائج يجب أن تحفز الجميع على "حماية واستعادة التنوع البيولوجي".

وفي جميع أنحاء العالم تواجه مئات الأنواع خطر الانقراض إلى الأبد أكانت نباتات أو حيوانات بسبب تدمير البيئة الطبيعية، وتغير المناخ والأنشطة البشرية، وهي أزمة قد تشابه ما نتج عن الكويكب الذي اصطدم بالأرض قبل ملايين السنين وقضى على الديناصورات.

مقالات مشابهة

  • احذر “بدائل السكر”.. قد يسبب لك تجلّط الدم أو السكتة القلبية!
  • “إصبع القاهرة” الذي أدهش العلماء!
  • نخر الأنف بالأصبع تسبب هذا المرض الذي يعاني منه الكثيرون.. دراسة جديدة تكشف آخر ما توصل إليه العلماء
  • قصور الثقافة تصدر جدل الأمكنة وصراع الهُويَّات لـ محمود ذكري
  • قصور الثقافة تصدر كتاب "جدل الأمكنة وصراع الهُويَّات" لمحمود ذكري
  • “من الصفر”.. بناء 10 مدن روسية حديثة تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة
  • دراسة: تراجع أعداد الخفافيش تكلفته مميتة على البشر
  • “الخليج العربي للنفط” تعرض نتائج دراسة التخلص من المياه المصاحبة في حقل السرير
  • “سبب غير متوقع” وراء انتهاء الزيجات الحديثة
  • “المياه الوطنية” ترفع نسبة تغطية المياه المحلاة بالجبيل لخدمة أكثر من 31 ألف مستفيد