عبد الهادي كامل.. لم يتخصص في الشعر لكنه أبدع في القصائد الوطنية
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
لم يتخصص بالشعر، ولم يتفرغ له، وعمل في مهنة بعيدة.. لكنه كان مميزاً في مضامينه ورائداً في أفكاره، عاصر رواد النهضة الشعرية (إبراهيم طوقان وعبد الرحيم محمود وأبو سلمى وبعدهم علي السرطاوي ومحمد العدناني وبرهان الدين العبوشي)، وكان صديقاً لهم، فنالته عدوى الإبداع. لكنه بقي في عمله بعيداً عن المجال الأدبي.
ولو أنه اهتم في هذا المجال، وركز على الشعر، سواء في النظم أو في الإعلام لكان من أبرز الشعراء.. فهو شاعر كبير في مستواه، لكنه مقلٌّ في الإنتاج ومغمور في الإعلام. فكل شاعر في بلادنا يحتاج ثلاثة أمور أساسية: قوة النظم (إبداعه)، رعاية الإنتاج (الدولة أو جهة ميسورة)، والشهرة (العلاقات والإعلام). رغم أنه فاز بجوائز مهمة في مجال الشعر.
ترجمته
ولد عبد الهادي كامل الحاج عام 1908 في قرية سبسطية، إحدى قرى مدينة نابلس في فلسطين، وكان يتحدث دائماً عن أجوائها وأرضها ومياهها وتعاقب الفصول على أرضها الخصبة، وأنه لا غرابة في هذا النعيم الطبيعي أن يكون مرتع شعراء النهضة الذين انطلقوا من نابلس إلى العالم.
نشأ الطفل عبد الهادي في عائلة ميسورة العيش في قريته، وترعرع في مراتعها الطبيعية ولعب في أزقة حاراتها وخرج إلى محيطها وأراضيها ومرتفعاتها ووديانها. درس المرحلة الابتدائية في مدرسة القرية، ثم انتقل إلى مدينة نابلس ليتابع دراسته التكميلية والثانوية في المدرسة الصلاحية. وأراد أن يكمل تعليمه الجامعي، غير أن بعض الظروف الطارئة حالت بينه وبين إكمال دراسته.
التحق شاعرنا بسلك البوليس الفلسطيني حيث عمل في حقل اللاسلكي، فتابع من خلال عمله دراسته الأكاديمية في هندسة اللاسلكي واستمر يتدرج حتى ارتقى إلى رتبة مفتش في البوليس. واستمرّ فيها حتى عام 1948، أي سنة انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين. في هذه الأثناء لم ينقطع عن متابعة تحصيله العلمي ودراسته الخاصة فبرع في اللغتين العربية والإنكليزية وأتقن اللغة العبرية التي تعلمها في مدرسة ليلية، ثم عكف على تعلم اللغة الألمانية فأتقنها.
بدأ عبد الهادي كامل بالشعر صبياً صغيراً، فهو فقدَ والدته التي حُرم حنانها بوفاتها ورحيلها. فاستَلهَم الأشعار والقصائد والأغاني الشعبية، مع النغم الهادئ الحنون من جدته التي تعهّدته برعايتها.
وكان يكتب الشعر وينشره باسم مستعار هو "الهادي المحجوب". ونشر أولى قصائده في مجلة الثريا عام 1930، وكان في عمر 22 سنة، وعنوانها "الإقدام". إلى أن نشر أول قصيدة باسمه في مجلة الرسالة المصرية، بعنوان "يا أخا الحُسن". وبدأت رحلته الشعرية، في النهار مفتشاً في البوليس وفي الليل شاعراً عربياً.
ومما يدل على جودة شعره وقدرته على التعبير، أنه شارك في عدد من المسابقات الشعرية نافس فيها عدداً من الشعراء، وفاز فيها (سنأتي على ذكرها)..
في العام 1948، انتهى عمله في البوليس بعد انسحاب البريطانيين، ولجأ مع عائلته إلى دمشق، حيث عمل في البداية في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وحين تأسست الأونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) انتقل للعمل فيها بوظيفة مفتش. ثم أصبح مدير عمليات الأونروا في منطقة دمشق حتى تقاعده عام 1972.
كوّن الكثير من الصداقات في أثناء عمله وخارجه، في فلسطين وسوريا، حيث كان معروفاً بحبه للعمل الاجتماعي والخدمي، مؤمناً بالقيم العليا والأخلاق السامية.
بعد التقاعد، فضّل الانتقال إلى عمان للاستقرار فيها، قريباً من الضفة الغربية ونابلس، حيث بقيت صِلاته قائمة مع أقاربه وأصدقائه الذين بقوا في الداخل بعد نكسة 1967 واحتلال الضفة.
ظل شاعرنا مقيماً في عمان حتى وفاته سنة 1996.
نشاطه الثقافي
فاز شاعرنا بالجائزة الأولى في مسابقة شعرية أجرتها هيئة الإذاعة البريطانية في لندن، حيث تقدم بقصيدة عنوانها "الوحدة العربية" عام 1942. وفاز بالجائزة الأولى في مسابقة شعرية في سوريا بقصيدته "الأم". وكذلك حصل على الجائزة الثانية عن قصيدته "صلاح الدين الأيوبي" في مسابقة نظمتها الإذاعة الفلسطينية.
وامتدّ نشاطُه الشعري إلى مجالات الشعر الإنجليزي حيث ترجم إلى الشعر العربي بعض القصائد، كما كتب مسرحية تم تمثيلها في بعض المدارس، إضافة إلى العديد من وزارات التربية والتعليم العربية أدخلت في مناهجها لمختلف المراحل العديد من قصائده.
نشر قصائده وكتاباته في كل من:
مجلة الرسالة (مصر)، قافلة الزيت (السعودية)، رسالة المعلم (الأردن)، مجلة العربي (الكويت)، المستمع العربي (إذاعة لندن)، المهماز (فلسطين)، صوت الشعب (فلسطين)، الأديب (لبنان)، أفكار (الأردن)، الثقافة (سورية)، النهضة (الكويت)، الثقافة (الجزائر). وغيرها من المجلات والصحف اليومية.
ديوانه الشعري الوحيد، هو "قلب شاعر"، الذي طُبع في عمّان بعد وفاته بإشراف ابنه الأديب غيّاث، وقد ساهم فيه أبناء الشاعر (شوكت، شوقي، شائق، شوقية، هزار، هيثم، غسان، غادة، غياث، هاني، كامل، هنئ، كنار).
من شعره
قصيدة الوحدة العربية
أأراكَ يا علمَ العروبةِ تخفقُ؟
فوق الديارِ وأنتَ حُرٌّ مُطلقُ؟
وأرى بلادَ العُرْب ضاحكةَ الرُّبى
ماءُ الحياةِ بأرضها تترقرقُ؟
وأرى مواطنَها موحّدة اللِوا
والوحدةُ الكبرى تُرى تتحقّقُ؟
وأرى الوئامَ على الربوعِ مخيِّماً
وأرى بها شمسَ الحضارةِ تُشرقُ؟
أمنيّةٌ كم ردّدتْ أصداءَها
بغدادُ والبيتُ العتيقُ وجُلَّقُ
والقدسُ والنيلُ السعيدُ وكلُّ من
بعروقِهِ دمُ يًعربٍ يتدفقُ
ظلّت تجيشُ بصدرِ أمّةِ يًعرُبٍ
ولها حنيناً كلُّ قلبٍ يخفقُ
فتأصّلَتْ في كلِّ نفسٍ حُرةٍ
عربيةٍ تهوى الوئامَ وتعشقُ
فحديثُها ملءُ المدائنِ والقرى
وشعاعُها في كلٍّ أُفْقٍ مُشرقُ
وعبيرُها مِلءُ الفضاءِ ونشرُهُ
عَبَقٌ بكلِّ محلّةٍ يُستنشقُ
...
فَلَتَجمَعَنّا وحدةٌ عربيةٌ
من بعدها في الدهر لا تتفرقُ
ولنسعَ للماضي المجيدِ بعزمِهِ
أبداً إليها الوهنُ لا يتطرّقُ
لنرى بلادَ العُربِ قُطراً واحداً
ونرى نجومَ فَخَارِهِ تتألّقُ
*شاعر وناقد فلسطيني
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير شاعر فلسطين فلسطين مسيرة شاعر هوية سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عبد الهادی
إقرأ أيضاً:
النجاة بأعجوبة: عامل يتعرض لصعقة كهربائية أثناء أداء عمله في عدن
شمسان بوست / خاص:
تعرض مساء أمس الأول العامل الميداني في مؤسسة كهرباء عدن، محمد الديني، لحادث مؤلم أثناء عمله في إصلاح خلل كهربائي بمنطقة الممدارة. الحادث نتج عن تيار كهربائي راجع بسبب الخطوط العشوائية في المنطقة، وأسفر عن إصابة الديني بصعقة كهربائية كادت أن تودي بحياته.
وفي تفاصيل الحادث، وبينما كان الديني يقوم بمهامه الاعتيادية في معالجة الخلل، تسببت الصعقة في إصابته بكسور في يده وخلع في الكتف، إضافة إلى حروق في اليدين.
وعلى الفور، نُقل إلى المستشفى وأجريت له عملية جراحية تكللت بالنجاح والحمد لله، وما زال يتلقى الرعاية الطبية اللازمة للتعافي من الإصابات.