بائع الوهم.. في بيت الكذب ومناخ الضلال
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
د. قاسم بن محمد الصالحي
حتى لا نتأثر بالمعايير المزيفة الكاذبة، علينا أن نحسم قدرتنا في الدفاع عن حقوقنا، وإبراز مظلوميتنا مع الآخر بشكل لا لبس فيه ولا مواربة؛ لأن الصراع مع الخارج غير المحسوم يؤدي لصراع داخلي مزعج ومقلق، ولتجنب ذلك علينا أن نفهم معايير بائعي الوهم في عالمنا المضطرب، قليلون هم من يتعاطون مع تسويق الأكاذيب وبيع الأوهام، ومروجها رأس كيان الوهن والضلال والكذب، بطريقة يقظة وإيجابية.
حيث تجاوز خطاب "كبير الواهمين" الذي ألقاه، للمرة الرابعة داخل سوق "عرصة" الضلال، كل الأعراف والملل، فوضع نفسه من على منصة "مناخ النفاق" فوق حقوق الشعوب، مخاطباً كل "كذبة العصر"، قائلا: "أنا كبيركم من علمكم بيع الوهم وتسويق الأكاذيب.. أنا من منحكم ميزة الغطرسة، من لا يخضع لغطرستي وجبروتي ينفى من على وجه الأرض.. إني آمركم أن تبنوا لي مكانة أعلى من مكانة البشر، لأرقى بها وأدوس على رقاب من خالفني وعصاني أو لم يشترِ وهم صهيونيتي .. أنا هو من يمن عليكم بما أنتم فيه، أحميكم، أدافع عنكم، أقاتل من أجل أوهامي التي أبيعكم إياها، إنْ لم تشتروا مني سأقطعكم وأنزع عنكم حمايتي، وتنالون غضبي".
لقد رجم "الكذاب الأشر" قبل أن يدخل بيت الكذب ومناخ الضلال، لكنه نال المكاء والتصدية تحت قبته.. هو يستثمر مخزون الكذب الذي يملكه، ليضلل، ويمني، ويأمر زبانيته، يحرضهم ضد الفطرة الإنسانية، وقضاياها في الحاضر والمستقبل.
كنت أجلس في زاوية، أتابع شاشة التلفاز، التي تعرض للتو لعبة، بعنوان: بيع الوهم في "عرصة" الكونجرس -الدلال- يتصرف بطرافة وانهماك وانشداد مضحك.. بدأ، متباكيا، يصرخ، محركا جسده ويديه، في إيحاء أنه الكاهن، الساحر، ومؤرخ الصهيونية، حامي رأسماليتها، ومُسير أمورها.. كان بعض من صدق الوهم والأكاذيب يتربص من خطاب "قارون العصر" أن يقول شيئا يجسد واقع جبروته وظلمه، وفضاء سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، لكنه كان قد أخفق وهوى في جرف أوهامه وكذبه، أظهر فشلا ذريعا.. باع بضاعة نتنة، وعرض الكذبة الصادة، ثم المضادة، فيما يقوم به من جرائم بحق الفلسطينيين قائلا: إن أفعالي تأتي دفاعا عن أمريكا قبل أن تكون دفاعا عن كياني، إني حامي حمى السامية ومنقذ الديمقراطية.. من يقل غير ذلك، فهو دُمية في يد إيران وأعوانها، وأي مقاومة لأوهامي وكذبي هي معاداة للسامية، وعائق لكياني الذي أزعمه وأرتضيه.
رُبما استطعت أن أقرأ زوبعة "عرصة" بيت الضلال، لكنني لم أجد تشبيها فعليا لما جرى سوى أنه إفلاس أتى من مفلس باع أوهاما لإدارة إفلاس سياسي، أكملت دعمها لبضاعة أوهام وأكاذيب الكيان الغاصب.. إفلاس صادر عن كاذب خائب يبيع الوهم، ولا يزال في خطاب بدت مضامينه قراءة لتاريخ أسلافه سحرة بيع الوهم والضلال.. سافر إلى واشنطن فمارس ما ورثه عنهم، ليتحرر من قوقعة إجرامه المستمر، ويطرح على العالم زاوية كذبه، ويبتعد عن محور ذاته المهلك.. في وقت وصلت فيه المقاومة الحرة إلى نقطة اللارجوع، ونقطة اللا ثقة في كل ما يخرج عن بيت الكذب والضلال، فلقد حسمت المقاومة والشعب الفلسطيني والشعوب الحرة الأمر، وتَعِد "الكذاب الاشر" بأن تخلع عنه شرنقة فكره الواهن، ليجد عالما، لم يكن ليخطر في باله إن قد وجد أصلا.
أول شيء عند قراءتي لبعض من أوهام وأكاذيب "دلال" بني صهيون، وساحرهم الأكبر، أقول: خطابك، وإن بدت فيه الغطرسة.. نتائج زيارتك لواشنطن انتهت وقد كسدت بضاعتك قبل أن تعرضها في المزاد، نفس السردية تكررها في دائرة وهمك الباطل المنبوذ.. العالم الحر انتفض، قضي الأمر الذي كنت والمتصهينين معك واهمون فيه، لقد سمعت الشعوب الحرة أوهامك، وأكاذيبك، وتباكيك، ملّت وسئمت منها، إنها ممجوجة، لكنك ومع تماديك وساديتك وغطرستك، لم تقطع فيهم دبيب لحظة الفطرة الإنسانية، ولم يعد هناك شيء ما بداخل هذه الشعوب، يسهل به خداعها أو التهليس عليها.. لا تعبث بحرية الشعوب وآمالها من خلال بيعك للوهم، إنَّها أدركت أنك وكيانك أشد خطورة وأشد عداوة على إنسانيتها، وأنك أشد مكرا.
ظللت تتاجر بالتهليس والتدليس، وكانت مهمتك في واشنطن، هدفها منح أتباعك خلاصة كذبك، وإيهامهم برواج بضاعتك، التي يتمنَّاها المخدوعون بصهيونيتك، التي تعتاش على دماء الأبرياء، وبيع وهم قوة وديمقراطية كيانك، مقابل المزيد من الإبادة للشعب الفلسطيني، وسلب ثروات الشعوب الحرة.. لقد ذهبت وعودك وكلماتك عن ديمقراطية الكذب مع الرياح، نسي المخدوعون حكايتك الواهمه ولن تنال إلا مكاء وتصدية؛ لأن وهنك قد انكشف وعورة كيانك انفضحت.. أنت تجدد عملية البيع ذاتها وبنفس خداعك.
من خلال استعراضاتك التي شاهدتها على شاشة التلفاز، وشاهدها الأحرار معي، التي لا تنتهي ولا تتوقف، كنت مكشوف الغطاء، مفضوحا مذعورا، منحت الصهاينة والمتصهينين جرعات جديدة خادعة، مع ذلك صفق لك المصفقون وهتف الهاتفون، الذين أغويتهم، تحرقص بعضهم، لكنك في نهاية "عرصة الكونجرس" حظيت بالخيبة والأخفاقات.
أفلست من جديد، وأدمنت تلقي الضربات، وأصبحت مصابًا بعارض الهلوسة الكبرى، تنتابك كوابيس أرواح الإنسان المعذبة، وتنتظرك محاكم فيما اقترفت في حق المظلومين من أطفال ونساء وشيوخ، وقد جهز لك الداخل في كيانك قضايا حول ما سرقت واختلست، وزورت.. إنَّ كيانك في منزلق الانهيار، ربما لن تجد لك مكانًا فيه لتعود إليه، حتى في المقاعد الخلفية ضمن مشهد الأحداث المتسارعة فيه.. ستفرمك عجلات مجتمعك المصطنع، تنتظرك المزيد من الانتكاسات، فيما ارتكبته، وبما غمرت به أرض فلسطين المحتلة من جرائم، حتى فاضت به حبات الرمال من غربة احتلال كيانك المسخ، اللقيط.. سارع في الطلب من بيت الكذب والضلال أن يضمك، لتحتفظ بك أمريكا بين وجوه كالحة أخرى، حيث لا يمكن لهواء فلسطين أن يدخل صدرك الذي تعششت فيه جينات القتل والتعذيب والتشريد والعنصرية.. لقد حطَّم الطوفان صَنَمك الصهيوني، وستزيح المقاومة كل المقاومة إرث استعمارك البغيض، "طوفان القدس" منحها متنفسًا لحياة التحرر والانعتاق من نير أوهامك وأكاذيبك وضلالك.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
لن تجلب سوى المزيد من الفوضى.. مفتي مصر يرد ببيان على خطة ترامب لتهجير سكان غزة
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أعلن مفتى الديار المصرية، نظير محمد عياد، رفضه واستنكاره لخطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب بتهجير سكان قطاع غزة وسيطرة أمريكا عليه، مؤكدا دعمه الكامل لرؤية الدولة المصرية بشأن إعادة إعمار القطاع مع ضرورة بقاء سكانه فيه.
وقال مفتي مصر، مساء الخميس، في بيان، إنه "يستنكر التصريحات (المستفزة وغير المسؤولة) التي تتجاوز كافة الأعراف الدولية والمواثيق الأخلاقية والإنسانية، والتي تحاول فرض واقعٍ زائفٍ على حساب حقوق ثابتة، في مسعىً يتجاهل حقائق التاريخ ومتطلبات العدل، ويسعى عبثًا لتصفية القضية الفلسطينية وإلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين أُجبروا على ترك وطنهم، وكأنّ مصائر الشعوب باتت تُحدَّدُ بقراراتٍ أحاديةٍ أو تُلغى بتصورات واهية".
وأكد مفتي مصر في بيانه الذي نشرته دار الإفتاء المصرية عبر حسابها الرسمي على منصة "إكس"، تويتر سابقا، أن "هذه المحاولات البائسة مهما استندت إلى موازين القوة المؤقتة، ستظلّ صدىً باهتًا أمام الحقائق الراسخة، فحق العودة ليس ورقةً تُطرح في أسواق المساومات، ولا بندًا قابلًا للإلغاء بتغير المعادلات، بل هو جزءٌ أصيلٌ من ذاكرة الأمة، محفوظٌ في ضميرها، وممهورٌ بدماء الفلسطينيين الذين رفضوا أن تُمحى هويتهم أو تُغتصب أرضهم، ومن يظن أن بإمكانه طمس هذا الحق بمشاريع مفروضة، فهو يراهن على وهم زائل، لأن التاريخ لا يُكتب بإرادة عابرة، ولا تُفرض حقائقه بسلطة القوة وحدها"، بحسب نص البيان.
وأضافت دار الإفتاء أن المفتي "حذر من العواقب الوخيمة لهذه المحاولات الظالمة"، مؤكدًا أن "العبث بمصائر الشعوب وتجاهل حقوق الفلسطينيين، لن يجلب للمنطقة سوى مزيد من الفوضى والاضطراب، وأن أي حل يُفرض بالقوة لن يكون إلا بذرة لصراع أشد وأخطر، فالتاريخ شاهد على أن القضايا العادلة لا تموت، وأن إرادة الشعوب أقوى من محاولات الطمس والتغييب، وأنَّ كل محاولات الالتفاف على حقوق الفلسطينيين، أو فرض تسويات تتجاهل عدالتهم التاريخية، ليست سوى عبثٍ مكشوف بموازين العدل، وخروجٍ صارخ عن مسار الحق، فمن يظن أن بإمكانه فرض واقع مخالفٍ للتاريخ والجغرافيا والشرعية الدولية، فهو يغامر بإشعال نيرانٍ لن تنطفئ، لأن الحق حين يُقاوَم لا يضعف، بل تشتد جذوته، وتتوارثه الأجيال حتى تحقّق النصر، وأن الشعوب التي تعلّمت كيف تصمد أمام أعتى المحن لن تخضع لمحاولات التزييف، ولن ترضى بأن تتحول قضيتها العادلة إلى ورقة تفاوضٍ تُدار وفق أهواء المحتلّين".
وأكد المفتي "تأييده التام للرؤية المصرية بشأن إعمار غزة والتي ترتكز على الإعمار كحق إنساني أصيل، مع ضمان حق الشعب الفلسطيني الثابت في البقاء على أرضه"، رافضًا أي "محاولات لفرض واقع يتنافى مع حقوقه المشروعة"، لافتًا إلى أن "إعمار غزة لا يجوز أن يكون مشروطًا أو مرتبطًا بأي مخططات تهدف إلى تهجيره أو النيل من وجوده على أرضه"، داعيًا المجتمع الدولي إلى اتخاذ "موقف واضح يُلزم الاحتلال بوقف اعتداءاته، ويضمن حق الفلسطينيين في بناء وطنهم وإقامة دولتهم المستقلة، دون أي تهديد لوجودهم أو محاولات فرض حلول غير عادلة عليهم"، طبقا للبيان.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قال إن الفلسطينيين لن يكون لهم الحق في العودة إلى غزة، بموجب خطته المقترحة، التي يريد من خلالها أن تمتلك الولايات المتحدة أراضي القطاع وتطويره ليكون "مشروعًا عقاريًا".
وجاءت أحدث تصريحات الرئيس الأمريكي بشأن مستقبل غزة، خلال مقابلته مع بريت باير من قناة فوكس نيوز، التي أُجريت معه السبت وأُذيعت الاثنين.
وكان ترامب يرد على بريت باير الذي سأله: "هل سيكون لدى الفلسطينيين الحق في العودة؟"، فأجاب:"لا، لن يعودوا، لأنهم سيحصلون على مساكن أفضل بكثير".
وأضاف ترامب: "إذا اُضطروا للعودة الآن، فسوف يستغرق الأمر سنوات. إنها غير صالحة للسكن".
وتابع: "بعبارة أخرى، أنا أتحدث عن بناء مكان دائم لهم لأنه إذا كان عليهم العودة الآن، فسوف يستغرق الأمر سنوات قبل أن تتمكن من ذلك - إنه غير صالح للسكن".