والفتنة أشد من القتل..!
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
د. محمد بن خلفان العاصمي
لم يُحذِّر القرآن الكريم من أمر إلا كان أمره عظيمًا وأثره كبيرًا على الناس، وعندما يذكر الله تعالى في محكم كتابه العظيم أنَّ الفتنة أشد من القتل، ويذكر في موضع آخر أنه حرم قتل النفس إلا بالحق، وعندما يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع أن دماء المسلمين حرام، ويحذر من الوقوع في الفتنة، وأن يعود الناس عن دينهم يضرب بعضهم رقاب بعض، فما هذا التحذير إلا بيان واضح وجلي حول خطورة الفتنة على الفرد والمجتمع والدين.
لقد ابتُليت الأمة الإسلامية عبر الزمن بمن يَكِيد لها من الداخل والخارج وينصب لها الشراك ليفتن المسلمين بعضهم البعض، وقد وجدوا من يُعِينهم على ذلك من الداخل ضد بني جلدتهم ودينهم، وقد أصبحت هذه الأساليب معروفة لدى العالم، وهي التي تسببت في سقوط كثير من الدول وانتهائها، وما قصة سقوط الخلافة الإسلامية إلا مثال على ذلك، ولم تزل هذه الفتن تنشر الحروب وتسقط الضحايا من المسلمين في بلادهم ومن أبناء أوطانهم.
لقد ذكر الله تعالى قصصاً عديدة في القران الكريم بينت سبيل الوقوع في الفتنة ومصير الأمم والأفراد الذين وقعوا فيها؛ ففي القران الكريم: " وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "، وهنا جاء التحذير من سب معبودات الكفار حتى لا تكون فتنة بين الناس ويعودون لسب الله عز وجل، وهذا النهي إنما هو حرص على الدين والمسلمين وليس تعظيماً للشرك ومعبوداته، وهو دعوة للبعد عن كل ما قد يتسبب في ضرر على الإسلام.
لقد جاء القرآن الكريم ليبين أن "المؤمنين إخوة"، وهذا بحد ذاته كفيل ليكف كل مسلم عن أذى أخيه ولو بكلمة فما بالك بفعل أو جرم يودي بحياته، وجاء في الهدي الشريف "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده"؛ فماذا بعد هذا القول؟ هل يعقل أن ينصت المسلم الذي ميزه الله عن الكافر بصدق العقيدة وسلامة الدين، هل ينصت لدعاة التكفير والمذهبية والطائفية؟!
إنَّ تحصين المسلم لنفسه مسؤولية شخصية؛ وذلك من خلال فهمه للدين بشكله الصحيح، فهذا الدين جاء متوافقاً مع العقل البشري والفطرة السليمة ولم يأتي بأمر ولا نهي إلا وفق ذلك، وعلى المسلم أن يستقي الدين ممن ينطلقون في خطابهم من مبدأ الاية الكريمة: " إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ"، وأن يترك من يتشدد ويكفر ويحرض على قتال المسلمين، ويدعو لاتباع طائفة دون غيرها ومذهب دون سواه، وما يريد من ذلك إلا الفساد في الأرض واتباع سبيل الضلالة واتباع الشيطان الذي توعد بإغواء الناس.
لم نعهد دعوات الانتصار للمذاهب في وطننا العزيز، وقد جرمت القوانين والأنظمة جميع أشكال الدعوة إلى الطائفية والمذهبية وإثارة النعرات بين أبناء الشعب، وذلك إدراكاً لمدى خطورتها على المجتمع، ونتائجها السلبية السريعة وحجم الضرر الذي يلحق بالمجتمع منها، وعندما تخرج دعوة ضالة من هذا النوع فيجب علينا جميعاً أن نتصدى لمطلقها وأن ننبذه حتى يعود للحق، فإن عاد فقد كف شره عن المجتمع، وإلا فإنَّ يد القانون تطال كل فاسد ومجرم يريد الشر بهذا البلد.
وعلينا أنْ نكف ألسنتنا وأيدينا عن الحديث حول هذا الأمر، وألا نشارك في وسائل التواصل الإجتماعي عندما يكون الحديث حول المذاهب والطائفية، اتِّقاءً للعواقب القانونية، وبعداً عن الوقوع في شرك هذه المنظمات والعملاء الخبثاء الذين يستخدمون حِيلاً خبيثة وطرقاً ملتوية لإيهام الناس بأنهم على حق ويملكون طرقاً تغوي البعض وتجعلهم ينقادون لافكارهم دون أدنى تفكير وتمحيص حول مدى حقيقة أفكارهم.
إنَّ تثقيف الفرد لذاته مهم جدًّا، والوعي لا يتشكل إلا من خلال القراءة والمعرفة، ولكن من المصادر الصحيحة، وفي مجال ديننا لن نجد أفضل من القران الكريم ليكون مرجعنا حول أمور الدين الحنيف والسنة النبوية الشريفة الصحيحة التي تتوافق مع القرآن الكريم، وعلينا أن نتبع نهج السلف الصالح الذين كانوا يعصمون ألسنتهم وأيديهم عن المسلمين إيماناً منهم بحرمة المسلم: "كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه"، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
النور والهداية.. أذكار المساء في يوم الجمعة
مع مساء اليوم الجمعة، نودع يومًا جديدًا، وتعتبر أذكار المساء فرصة جديدة للتقرب من الله. فدعونا نتعرف عليها لنودع يومنا بطاقة إيجابية وحماية من شرور النفس والشيطان.
وقت أذكار المساءتوقيت أذكار المساء يمتد بين العصر والمغرب أو بين المغرب والعشاء. ويمثل هذا الوقت فترة مثالية للهدوء والتفكر، مما يجعل قراءة الأذكار وسيلة فعالة لتعزيز السلام الداخلي والطمأنينة.
الأذكار اليومية للمساءتحتوي أذكار المساء على مجموعة من الأدعية والأذكار النبوية التي تساهم في حماية المسلم من شرور الدنيا والآخرة، ومن هذه الأذكار:
(أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق).(بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم)، ثلاث مرات.(اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت).(اللهم بك أمسينا، وبك أصبحنا، وبك نحيا وبك نموت، وإليك المصير).(اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، واحفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بك أن أغتال من تحتي).(اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين، وغلبة الرجال).(اللهم عالم الغيب والشهادة، فاطر السموات والأرض، رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، وشر الشيطان "وشركه/وشركه") قله إذا أصبحت، وإذا أمسيت، وإذا أخذت مضجعك.(يا حي يا قيوم: برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين).(سبحان الله وبحمده) مئة مرة: لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به، إلا أحد قال مثل ما قال، أو زاد عليه.(سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته)، ثلاث مرات.قراءة السور والأدعية المسائيةقراءة بعض السور والأدعية في المساء تعد من الأذكار الهامة التي تحفظ المسلم وتزيد من بركته، منها:
قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين ثلاث مرات.قراءة آية الكرسي.قراءة الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة.الأذكار المتعلقة بحياة المسلم اليوميةهناك مجموعة من الأذكار المتعلقة بحياة المسلم اليومية والتي يمكن أن تقرأ في المساء، منها:
(اللهم إني أسألك علما نافعا، ورزقا طيبا، وعملا متقبلا).(اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد).(أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه).(لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)، مئة مرة في اليوم والليلة، وعشر مرات بعد صلاة الصبح والمغرب.(اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري، لا إله إلا أنت، اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، لا إله إلا أنت)، ثلاث مرات.(أمسينا على فطرة الإسلام، وعلى كلمة الإخلاص، وعلى دين نبينا محمدﷺ، وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفا مسلما وما كان من المشركين).(أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، رب أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها، رب أعوذ بك من الكسل وسوء "الكبر/الكبر"، رب أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر).(رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمدﷺ رسولا).(حسبي الله لا إله إلا هو ۖ عليه توكلت ۖ وهو رب العرش العظيم)، سبع مرات.أهمية أذكار المساءتأتي أهمية أذكار المساء من قدرتها على تعزيز الصلة بالله، وتنقية القلب، وحماية المسلم من شرور النفس والشيطان. كما تساهم في نشر الطمأنينة والسلام الداخلي، وتجعل المسلم يشعر بالأمان والراحة مع نهاية اليوم.