جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-26@23:59:36 GMT

دعوة لحماية الهُوية الوطنية

تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT

دعوة لحماية الهُوية الوطنية

 

 

بدر الهادي

في صبيحة يوم السابع والعشرين من يوليو، وأثناء عودتي إلى الوطن من دولة مجاورة، تفاجأت عند وصولي إلى منطقة الخوير في الساعة 4:40 صباحًا بمنظر أصابني بالصدمة والاشمئزاز. أجساد كاشفة تسير في الشوارع، وأصوات صاخبة وصراخ يتردَّد في الأجواء. هذا المشهد لم يكن يعكس قيم وأخلاق وطننا الذي نفتخر بسلامته واحترامه للعادات والتقاليد الإسلامية.

من الصعب تصوُّر أن تصل بعض مناطقنا الهادئة إلى هذا المستوى من القذارة والانحلال الأخلاقي. رؤية نساء يتاجرن بأجسادهن في الشوارع وتحت تأثير السكر، يُمارسن أفعالاً تخدش الحياء، خلفهن شاب يصرخ ويرمي بالحجارة. هذا المشهد يعكس أزمة أخلاقية واجتماعية تتطلب منا وقفة جادة للتصدي لها.

حتى العم الكبير، وهو من الجالية العربية، الذي قابلته وهو عائد من إتمام صلاة الفجر التي يحافظ عليها، قال وهو يتحسر على ما شاهده: "إني أسكن في السلطنة منذ أربعين عاماً، لم أشاهد هذا الشيء من قبل، وهذا لا ينبغي أن يكون في عُمان وبين أهلها الطيبين. اتصلت بالشرطة حتى يأتوا لإزالة هذا العث من المنطقة".

رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الأجهزة المعنية في شرطة عمان السلطانية لحفظ الأمن على مدار الساعة، فإن انتشار هذه المظاهر السلبية يعكس نقصاً في التوجيه الديني والمعنوي لهؤلاء الأشخاص الذين يتاجرون بأجساد النساء ويشوهون سمعة الوطن.

تجارة بيع الهوى في الطرقات لا تعود بأي نفع على الوطن أو المجتمع. بل إنها تزيد من مشاكل الصحة العامة، حيث تتسبب في زيادة حالات الأمراض الجنسية مثل الإيدز. وتصريحات المختصين في وزارة الصحة تشير إلى تزايد أعداد المصابين بهذا المرض، وهو ما يتطلب منا جميعاً التكاتف لمنع انتشاره.

علينا أن نعيد النظر في سياسات التأشيرات السياحية، وألا نفتح الباب على مصراعيه دون ضوابط. يجب أن نحافظ على التوازن بين الانفتاح السياحي والحفاظ على قيمنا وأخلاقنا. فتح التأشيرات بشكل غير منظم قد يؤدي إلى مشكلات كبيرة، كما هي الحال في بعض الدول التي ندمت على ذلك، مثلما حدث في برشلونة مؤخرًا.

كمجتمع عُماني، يجب أن نتمسك بالشرف والعزة والكرامة، وأن نحافظ على نقاء مجتمعنا. علينا أن نتبع أوامر الله ونتجنب الرذيلة بكافة أشكالها. الله يمهل ولا يهمل، وعلينا أن نكون على وعي بأن الله يعطينا الفرصة لتصحيح أخطائنا، وإن لم نفعل، فإن العقاب سيكون شديداً.

وهناك كثير من المشاكل الناتجة عن انتشار الدعارة، والتي انتشرت في المجتمعات تُمثل تحدياً كبيراً على المستويات الاجتماعية، الصحية، والأمنية؛ ومنها:

- الأثر الاجتماعي: فقدان القيم والتقاليد، وتعريض الشباب لمشاهد غير لائقة، يضعف من النسيج الاجتماعي ويهدد الاستقرار القيمي والأخلاقي. المجتمعات التي تفتخر بأخلاقها وتقاليدها تجد نفسها في مواجهة ظاهرة تفسد القيم وتؤدي إلى تفكك الروابط الاجتماعية.

- الأثر الصحي: انتشار الأمراض المنقولة جنسياً، وعلى رأسها فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز). الإحصائيات تشير إلى تزايد أعداد المصابين بهذا الفيروس، مما يضع عبئاً كبيراً على النظام الصحي ويهدد صحة المجتمع بشكل عام. وبلا شك فإن التصدي لهذه الظاهرة يتطلب جهوداً مشتركة بين الجهات الصحية، الأمنية، والاجتماعية.

- الأثر الاقتصادي: الأرباح التي تجنى من هذه التجارة تذهب عادة إلى جيوب قلة قليلة من أصحاب النفوذ، ولا يتم إعادة استثمارها في الاقتصاد المحلي. هذا يؤدي إلى زيادة الفجوة الاقتصادية وتفاقم مشكلة الفقر وعدم المساواة.

- الأثر الأمني: فانتشار الجريمة والعنف المرتبط بالدعارة يهدد سلامة المواطنين ويزعزع الاستقرار العام. جهود الشرطة تكون مستمرة للحفاظ على الأمن، ولكن الغياب الروحي والديني للأفراد المتورطين في هذه التجارة يجعل من الصعب السيطرة على الوضع بشكل كامل.

التوصيات والحلول:

وعليه؛ فإن معالجة هذه المشكلة يتطلب جهوداً متكاملة من كافة فئات المجتمع، بما في ذلك الحكومة، المجتمع المدني، والعلماء الدينيين. لا بد من تعزيز القيم الدينية والأخلاقية، ووضع سياسات صارمة للحد من هذه الظاهرة. المجتمع العماني معروف بأخلاقه وعاداته وتقاليده النبيلة، ويجب أن نبذل كل الجهود للحفاظ على هذه القيم ومنع أي تدهور يمكن أن يحدث بسبب هذه الظاهرة.

لعل القول يجد آذاناً صاغية وعقولاً واعية حتى لا نصل بعدها ونقول: "إذا اتّسع الخرقُ على الرّاقعِ تمزّقَ الثوب". فعُمان أمانة، وأرضها غالية، فهي الثوب الوحيد الذي لا نستغني عنه.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الرسالة الوطنية للسبلة العُمانية.. مجلس الخنجي أنموذجًا

 

محمد بن عيسى البلوشي

لم تستغنِ مجتمعاتنا الخليجية عن دور "السبلة" أو كما يطلق عليها "المجلس" في تنوير أبناء المجتمع بالقضايا والمواضيع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والصحية والتعليمية والتنموية وحتى السياسية وجميع المجالات التي تمس حياه الإنسان، وهي واحدة من همزات الوصل بين الحكومة والمجتمع، إلى جانب دورها في تعزيز التواصل والتآلف بين أبناء المجتمع.

وفي بلادنا كانت السبلة العُمانية ومازالت واحدة من المدارس التي يتعلم فيها الأبناء السمت العُماني، من استقبال وإكرام الضيف، إلى جانب احترام الكبير وتوقير الصغير، وتبادل الأحاديث والاستماع إلى الآراء والأفكار المجتمعية المطروحة في المواضيع ذات الاهتمام.. ولربما أذهب بعيدا إلى أن المجالس العُمانية كانت كجامعات يلتقي فيها الاقتصاديون والتجار وأصحاب الفكر والرأي والعلم والدراية والمشورة وغيرها من العلوم الإنسانية.

وأجد مجلس الخنجي الذي أسسه المغفور له الشيخ محمد بن عبدالله بن أحمد الخنجي عام 1920 للميلاد، واحدًا من أعرق المجالس العُمانية التي استطاعت أن تواصل مسيرتها إلى هذا اليوم بفضل أحفاده خليل بن عبدالله وإخوته وأبنائهم، وهو نموذج للدور الإيجابي الذي تأسس عليه ويقوم به. فحضور المجلس من الاقتصاديين والتجار والمثقفين والكتاب والأدباء والعاملين في الحقل التعليمي والثقافي والاجتماعي والصحي وغيرها من المجالات، يثرون بمعرفتهم الجلسات الحوارية والنقاشية، وأيضاً يقترب الحضور من نبض المجتمع والعالم في المواضيع المطروحة.

ووجود مجلس أو سبلة على مستوى محافظات سلطنة عُمان الإحدى عشرة، باسم "سبلة/ مجلس  المحافظ" وتعقد كل أسبوعين في ولاية بحضور أبناء المجتمع وبشكل دائم، يستمع خلاله المحافظون إلى أبناء الوطن في جميع المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والصناعية والثقافية والتنموية والسياحية والاجتماعية والرياضية والصحية والتعليمية ومواضيع المرأة والطفل وغيرها من المجالات والقطاعات التي تهم المجتمع وتخدم العملية التطويرية في الولاية وتحسن من الخدمات المقدمة، كل ذلك سوف يُوجِدُ تطورًا ملحوظًا في أدوار السبلة العُمانية، وأيضا ستسهم في إثراء المعرفة حول الأدوار والجهود الوطنية المبذولة في جميع المجالات والقطاعات والمسارات.

لا شك أنَّ إعادة النظر إلى الأدوار المتجددة التي يمكن للسبلة العُمانية أن تقوم بها، وتسخيرها لخدمة التنمية الوطنية ورفع درجة الوعي المجتمعي للمواضيع ذات الاهتمام المشترك، وتوظيفها كواحدة من الأدوات العصرية الفاعلة للوصول إلى المجتمع بشكل مباشر والتواصل معه والتفاعل مع الموضوعات المطروحة، أمر محمود سيلقي بظلالة الخيرة على الوطن والمواطن، وهذا ما نلمسه في المجالس التي لا زالت تحافظ على أصالتها ورسالتها الهادفة.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • التنوع الثقافي في عمان ... نموذج التسامح والوحدة الوطنية
  • تمريض عين شمس تناقش تعزيز الهوية الوطنية
  • النوّاب يبحث الصعوبات التي تواجه عمل منظمات المجتمع المدني
  • وزارة الخارجية تلفت نظر المجتمع الدولي للفظائع التي يرتكبها مليشيا الجنجويد بشكل منهجي ضد النساء
  • “الشويهدي” يناقش الصعوبات التي تواجه عمل منظمات المجتمع المدني
  • الشويهدي يناقش الصعوبات التي تواجه منظمات المجتمع المدني
  • طب أسنان عين شمس تناقش دعم منظومة القيم والأخلاق
  • الرسالة الوطنية للسبلة العُمانية.. مجلس الخنجي أنموذجًا
  • نائب أمير منطقة مكة المكرمة يطّلع على الخطط والأعمال التي تنفذها شركة المياه الوطنية بالمنطقة
  • متحدث «الصحة»: قطاع الطب الوقائي خط الدفاع الأول لحماية المجتمع من أي أمراض