وداعًا كلية مزون.. ذكريات عام لا يُنسى
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
سلطان بن محمد القاسمي
الرحلة التعليمية هي مغامرة لا تتوقف، تفتح أبوابًا جديدة من المعرفة وتجمع بين الناس من مختلف الثقافات والخلفيات. وكل مرحلة منها تحمل في طياتها تجارب ثمينة وتحديات تتطلب الصمود والإصرار. وقد كانت تجربتي من مرحلة البكالوريوس إلى الدراسات العليا، وصولًا إلى التجربة الغنية في كلية مزون، مثالًا حيًّا على هذه الرحلة المشوقة.
فبعد إكمال سنة كاملة في كلية مزون، أستطيع أن أقول بكل ثقة إن هذه السنة مرت في لمح البصر، ولكنها كانت مليئة بالتجارب الغنية والذكريات التي لا تُنسى. حيث إن في تاريخ 24 يوليو 2024، أكملت آخر اختبار لي في الكلية، وكان هذا اليوم بمثابة نهاية فصل مهم في رحلتي التعليمية. كانت لحظة حافلة بالمشاعر المتضاربة؛ شعور بالفخر لإنجازي وشوق للمرحلة التالية من حياتي. ودّعت الكلية وودّعت الأساتذة الذين نهلت من علمهم والذين كانوا دومًا متواجدين لدعمي وتشجيعي. كانوا أكثر من مجرد معلمين؛ كانوا مرشدين وأصدقاء، يحرصون على تقديم أفضل ما لديهم لتطويرنا أكاديميًا وشخصيًا. كذلك، ودّعت زملائي الذين رافقتهم في هذه الرحلة، والذين أصبحوا جزءًا لا يتجزأ من تجربتي في الكلية. وعلى الرغم من أننا اتفقنا جميعًا على أن هذا ليس نهاية المطاف، بل بداية لمرحلة جديدة ستجمعنا لقاءات قادمة بإذن الله، فإن هذه الوداعات كانت مليئة بالمشاعر المتضاربة من الفخر والحنين والتطلع للمستقبل.
خلال هذه السنة، تعلمت أن البيئة التعليمية الداعمة والمتعاونة يمكن أن تكون حافزًا كبيرًا للنمو والتطور. فكلية مزون لم تكن مجرد مكان للدراسة، بل كانت مساحة للتفاعل الاجتماعي والثقافي، ومكانًا يمكن فيه تبادل الأفكار والتجارب مع الآخرين. هذه البيئة المثالية كانت تمثل الحافز الأكبر لتحقيق أهدافي الأكاديمية والمهنية. كانت البداية مليئة بالتحديات، حيث تطلب مني التكيف مع نظام تعليمي جديد وثقافة مختلفة. كان عليّ أن أتعلم كيفية تنظيم وقتي بشكل أفضل، والتعامل مع متطلبات الدراسة والعمل على تحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والأكاديمية. ففي البداية، كنتُ مترددًا ولم أكن متوقعًا أن أستفيد بشكل كبير، ولكن سرعان ما تغيرت تلك النظرة تمامًا. تفاجأت بالطريقة التي استقبلت بها في الكلية من الموظفين والأساتذة، كانوا لطفاء وداعمين وأظهروا اهتمامًا حقيقيًا بتقدمي الأكاديمي والشخصي.
كما أن الأساتذة كانوا دائمًا متاحين للمساعدة، ليس فقط في الأمور الدراسية، بل أيضًا في تقديم النصائح والإرشادات حول كيفية تحقيق الأهداف المهنية. لم أكتفِ فقط باللغة الإنجليزية؛ بل تعلمت الكثير من زملائي في قاعة الدراسة والذين جلبوا معهم خلفيات وثقافات مختلفة. حيث كانت هذه التنوعات تُضيف قيمة حقيقية للمناقشات والتفاعلات الصفية، مما جعل تجربة التعلم أكثر غنى وتنوعًا. هذه التفاعلات اليومية مع الزملاء من مختلف الثقافات كانت تفتح لي آفاقًا جديدة من الفهم والاحترام للتنوع الثقافي.
ومن خلال تجاربي السابقة وتلك الرحلة الملهمة في كلية مزون، تأكد لي أن التعلم لا ينحصر فقط في الجوانب الأكاديمية؛ بل يمتد ليشمل التواصل والتفاعل والتعرف على الآخرين. إنها فرصة لاستكشاف العالم وتوسيع آفاق المعرفة بطرق لم أكن أتوقعها. وعلى سبيل المثال، تعلمت كيفية التحدث بثقة أمام جمهور، وكيفية العمل بفعالية ضمن فريق متنوع، وكيفية إدارة وقتي بفعالية لتحقيق أفضل النتائج. كانت هناك أيضًا فرص للتطبيق العملي والمعرفة التجريبية. ومن خلال المشاريع والمبادرات المختلفة، تمكنت من تطبيق ما تعلمته في الفصول الدراسية على أرض الواقع. هذه التجارب العملية لم تعزز فقط معرفتي الأكاديمية، بل أيضًا طورت مهاراتي العملية والإدارية. كما أني تعلمت كيفية التفكير النقدي وتحليل المشكلات وإيجاد الحلول المناسبة.
وبعد قطع هذا المسار الطويل والمثمر، أدرك أن التعلم مسؤولية مستمرة، وأن كل تحدٍ جديد يمثل فرصة للنمو والتطور في رحلة التعلم المستمرة. تجربتي في كلية مزون أظهرت لي قيمة البيئة الداعمة وتأثيرها الكبير على تطور الفرد. إنها دعوة للاستمرار في رحلة التعلم، استكشاف العالم بكل تنوعه، والتواصل مع الآخرين لنمو وتطوير مستمر. فالتعلم ليس مجرد اكتساب لغة أو مهارة؛ بل هو تجربة شاملة تُشكِّل طريق الإنسان نحو النمو الشخصي والاحترافي.
وفي الختام، أود أن أقدم شكري الجزيل للجميع؛ للأساتذة الأفاضل الذين كانوا نورًا يضيء دربنا، وللزملاء الأعزاء الذين كانوا رفاق رحلة لا تُنسى. أرجو أن تستمر مسيرتنا التعليمية والمهنية بنجاح وتألق، وأن تكون لقاءاتنا القادمة مليئة بالإنجازات والمزيد من الذكريات الجميلة. بهذا، أختتم هذا الفصل من رحلتي التعليمية، وأنا على أمل وتفاؤل بما يحمله المستقبل من فرص وتحديات جديدة، مدركًا أن التعلم هو رحلة مستمرة لا نهاية لها.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
دراسة تكشف طبيعة حياة سكان أمريكا الجنوبية الأصليين.. لما كانوا يقسدون البط؟
تربية البط .. اكتشف علماء الآثار أدلة جديدة على وجود مدينة في بوليفيا، حيث كان السكان الأصليون في منطقة الأمازون يعتمدون بشكل كبير على الزراعة وتربية الحيوانات.
وفي دراسة نُشرت في مجلة “طبيعة السلوك الإنساني” أمس الاثنين، سلط الباحثون الضوء على أسلوب حياة هذه المجتمعات قبل وصول الاستعمار الأوروبي.
في هذه الدراسة، قام فريق من جامعة ساو باولو في البرازيل بتحليل بقايا بشرية وحيوانية من بوليفيا يعود تاريخها إلى نحو 1300 عام، وأظهرت النتائج أن المجتمعات في الأمازون كانت تدير المحاصيل والحيوانات بشكل متقدم قبل الاستعمار، حيث اكتشف الباحثون أن الذرة كانت تشكل جزءًا أساسيًا من غذاء السكان المحليين، وكان البط المسكوفي يتم تربيته في المنطقة.
آثار
ركزت الدراسة على تحليل 86 عظمة بشرية و68 عظمة حيوانية، بما في ذلك الثدييات والزواحف والطيور والأسماك، من موقع يانوس دي مووس، الذي كان يسكنه شعب كاساراب في بوليفيا. وأظهرت النتائج أن الذرة كانت المحصول الرئيسي بين عامي 700 و800 ميلادي، كما تبين أن البط المسكوفي تم تغذيته بالذرة، ما يشير إلى أن تربية الحيوانات في تلك الفترة كانت تتم وفقًا لإدارة دقيقة.
تشير هذه الاكتشافات إلى أن الزراعة في حوض الأمازون كانت أكثر تطورًا مما كان يُعتقد في السابق. بالإضافة إلى ذلك، هناك أدلة على أن شعب كاساراب قد سعى إلى تنويع محاصيله وزيادة التبادل التجاري مع المجتمعات الأخرى، وهذه الدراسة تقدم رؤى جديدة حول كيفية تفاعل البشر مع البيئة في منطقة الأمازون قبل الاستعمار، وتساهم في إثراء فهمنا لتاريخ الشعوب الأصلية في المنطقة.