سلطان بن محمد القاسمي

الرحلة التعليمية هي مغامرة لا تتوقف، تفتح أبوابًا جديدة من المعرفة وتجمع بين الناس من مختلف الثقافات والخلفيات. وكل مرحلة منها تحمل في طياتها تجارب ثمينة وتحديات تتطلب الصمود والإصرار. وقد كانت تجربتي من مرحلة البكالوريوس إلى الدراسات العليا، وصولًا إلى التجربة الغنية في كلية مزون، مثالًا حيًّا على هذه الرحلة المشوقة.

وفي هذا المقال، أروي تفاصيل عامي الدراسي في كلية مزون، وكيف أن هذه التجربة كانت أكثر من مجرد اكتساب لغة أو مهارة، بل كانت مغامرة غنية بالمعرفة والتفاعلات الإنسانية.

فبعد إكمال سنة كاملة في كلية مزون، أستطيع أن أقول بكل ثقة إن هذه السنة مرت في لمح البصر، ولكنها كانت مليئة بالتجارب الغنية والذكريات التي لا تُنسى. حيث إن في تاريخ 24 يوليو 2024، أكملت آخر اختبار لي في الكلية، وكان هذا اليوم بمثابة نهاية فصل مهم في رحلتي التعليمية. كانت لحظة حافلة بالمشاعر المتضاربة؛ شعور بالفخر لإنجازي وشوق للمرحلة التالية من حياتي. ودّعت الكلية وودّعت الأساتذة الذين نهلت من علمهم والذين كانوا دومًا متواجدين لدعمي وتشجيعي. كانوا أكثر من مجرد معلمين؛ كانوا مرشدين وأصدقاء، يحرصون على تقديم أفضل ما لديهم لتطويرنا أكاديميًا وشخصيًا. كذلك، ودّعت زملائي الذين رافقتهم في هذه الرحلة، والذين أصبحوا جزءًا لا يتجزأ من تجربتي في الكلية. وعلى الرغم من أننا اتفقنا جميعًا على أن هذا ليس نهاية المطاف، بل بداية لمرحلة جديدة ستجمعنا لقاءات قادمة بإذن الله، فإن هذه الوداعات كانت مليئة بالمشاعر المتضاربة من الفخر والحنين والتطلع للمستقبل.

خلال هذه السنة، تعلمت أن البيئة التعليمية الداعمة والمتعاونة يمكن أن تكون حافزًا كبيرًا للنمو والتطور. فكلية مزون لم تكن مجرد مكان للدراسة، بل كانت مساحة للتفاعل الاجتماعي والثقافي، ومكانًا يمكن فيه تبادل الأفكار والتجارب مع الآخرين. هذه البيئة المثالية كانت تمثل الحافز الأكبر لتحقيق أهدافي الأكاديمية والمهنية. كانت البداية مليئة بالتحديات، حيث تطلب مني التكيف مع نظام تعليمي جديد وثقافة مختلفة. كان عليّ أن أتعلم كيفية تنظيم وقتي بشكل أفضل، والتعامل مع متطلبات الدراسة والعمل على تحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والأكاديمية. ففي البداية، كنتُ مترددًا ولم أكن متوقعًا أن أستفيد بشكل كبير، ولكن سرعان ما تغيرت تلك النظرة تمامًا. تفاجأت بالطريقة التي استقبلت بها في الكلية من الموظفين والأساتذة، كانوا لطفاء وداعمين وأظهروا اهتمامًا حقيقيًا بتقدمي الأكاديمي والشخصي.

كما أن الأساتذة كانوا دائمًا متاحين للمساعدة، ليس فقط في الأمور الدراسية، بل أيضًا في تقديم النصائح والإرشادات حول كيفية تحقيق الأهداف المهنية. لم أكتفِ فقط باللغة الإنجليزية؛ بل تعلمت الكثير من زملائي في قاعة الدراسة والذين جلبوا معهم خلفيات وثقافات مختلفة. حيث كانت هذه التنوعات تُضيف قيمة حقيقية للمناقشات والتفاعلات الصفية، مما جعل تجربة التعلم أكثر غنى وتنوعًا. هذه التفاعلات اليومية مع الزملاء من مختلف الثقافات كانت تفتح لي آفاقًا جديدة من الفهم والاحترام للتنوع الثقافي.

ومن خلال تجاربي السابقة وتلك الرحلة الملهمة في كلية مزون، تأكد لي أن التعلم لا ينحصر فقط في الجوانب الأكاديمية؛ بل يمتد ليشمل التواصل والتفاعل والتعرف على الآخرين. إنها فرصة لاستكشاف العالم وتوسيع آفاق المعرفة بطرق لم أكن أتوقعها. وعلى سبيل المثال، تعلمت كيفية التحدث بثقة أمام جمهور، وكيفية العمل بفعالية ضمن فريق متنوع، وكيفية إدارة وقتي بفعالية لتحقيق أفضل النتائج. كانت هناك أيضًا فرص للتطبيق العملي والمعرفة التجريبية. ومن خلال المشاريع والمبادرات المختلفة، تمكنت من تطبيق ما تعلمته في الفصول الدراسية على أرض الواقع. هذه التجارب العملية لم تعزز فقط معرفتي الأكاديمية، بل أيضًا طورت مهاراتي العملية والإدارية. كما أني تعلمت كيفية التفكير النقدي وتحليل المشكلات وإيجاد الحلول المناسبة.

 وبعد قطع هذا المسار الطويل والمثمر، أدرك أن التعلم مسؤولية مستمرة، وأن كل تحدٍ جديد يمثل فرصة للنمو والتطور في رحلة التعلم المستمرة. تجربتي في كلية مزون أظهرت لي قيمة البيئة الداعمة وتأثيرها الكبير على تطور الفرد. إنها دعوة للاستمرار في رحلة التعلم، استكشاف العالم بكل تنوعه، والتواصل مع الآخرين لنمو وتطوير مستمر. فالتعلم ليس مجرد اكتساب لغة أو مهارة؛ بل هو تجربة شاملة تُشكِّل طريق الإنسان نحو النمو الشخصي والاحترافي.

وفي الختام، أود أن أقدم شكري الجزيل للجميع؛ للأساتذة الأفاضل الذين كانوا نورًا يضيء دربنا، وللزملاء الأعزاء الذين كانوا رفاق رحلة لا تُنسى. أرجو أن تستمر مسيرتنا التعليمية والمهنية بنجاح وتألق، وأن تكون لقاءاتنا القادمة مليئة بالإنجازات والمزيد من الذكريات الجميلة. بهذا، أختتم هذا الفصل من رحلتي التعليمية، وأنا على أمل وتفاؤل بما يحمله المستقبل من فرص وتحديات جديدة، مدركًا أن التعلم هو رحلة مستمرة لا نهاية لها.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وداع مهيب.. جنازة عسكرية للشهيد فتحي سويلم بالدقهلية| صور

شيع العديد من أبناء الدقهلية جثمان الشهيد فتحي سويلم، مفتش مباحث الفيوم، والذي استشهد على يد أحد الأشخاص داخل بنك مصر بالفيوم أثناء محاولته فض مشاجرة بينه وبين الموظفين داخل البنك.

تقدم الجنازة اللواء حسام عبد العزيز، مدير أمن الدقهلية والعديد من القيادات الأمنية والتنفيذية بمحافظة الدقهلية، حيث أقيمت له جنازة عسكرية مهيبة. 

وشهدت الجنازة بكاء وعويل أسرة الفقيد والشهيد “سويلم”، حيث ظلت والدته تبكي وتقول: "مع السلامة يا غالي عشت غالي ومت غالي”. 

كما شهدت الجنازة إغماءات من قبل محبيه وأسرته.

وردد المشيعون: “لا إله إلا الله الشهيد حبيب الله.. لا إله إلا الله فتحي حبيب الله.. في الجنة يا شهيد سلم على الشهداء اللي هناك”.

وودع المشيعون الجثمان حتى تم دفنه في مقابر أسرته بمنطقة جديلة بالمنصورة.

وأدى المشيعون صلاة الجنازة على شهيد مصر  بمسجد النصر بالمنصورة، عقب صلاة الظهر، حيث تقدمها الشيخ صفوت نظير، وكيل وزارة الأوقاف بالدقهلية، وخرج الجثمان ملفوفًا بعلم مصر.

وتوفى الشهيد العقيد فتحي سويلم، من قوة مديرية أمن الفيوم، متأثرًا بإصابته جراء طعنه بآلة حادة من أحد العملاء داخل أحد البنوك بمحافظة الفيوم، بعدما نشبت مشاجرة بين العميل وموظفي البنك، بسبب مطالبته بصرف عائد مدخراته قبل موعده.

وقالت وزارة الداخلية في بيان سابق: «إنه بتاريخ 21 الجاري تبلغ لمديرية أمن الفيوم من أحد البنوك بنشوب مشاجرة داخل البنك بين أحد العملاء والموظفين، نتيجة لمطالبته بصرف عائده الادخاري قبل موعده، وانتابته على إثرها حالة هياج، حيث انتقلت قوة أمنية وتمكنت من السيطرة عليه بعدما أصاب العقيد فتحي عبدالحفيظ سويلم، من قوة مديرية أمن الفيوم، بآلة حادة كانت بحوزته، أسفرت عن استشهاده، وتم ضبط المتهم».

مقالات مشابهة

  • «حكماء المسلمين» يؤكد أهمية التعلم مدى الحياة
  • عميد «هندسة كفر الشيخ» يكرم فريق الكلية الفائز بالمسابقة العالمية «IEEE»
  • أمن السلطة يعيد مستوطنين كانوا في طريقهم إلى قبر يوسف بنابلس
  • محمد بن زايد: الارتقاء بالمنظومة التعليمية في الإمارات أولوية قصوى ونهج متواصل
  • محمد بن زايد: تعزيز ثقافة التعلم مدى الحياة نهج وأولوية قصوى في الإمارات
  • وداعًا للسكريات.. 3 أسابيع تعيد لجسمك نشاطه الطبيعي
  • كارثة فندق بولو أشعلت ذكريات أليمة.. اليكم أبرز حرائق الفنادق المميتة في العالم وتركيا
  • اجتماع لمناقشة تطوير العملية التعليمية في كلية الزراعة بجامعة إب
  • وداع مهيب.. جنازة عسكرية للشهيد فتحي سويلم بالدقهلية| صور
  • شراكة بين "مزون للألبان" وسابكو" لإطلاق "ماراثون للأطفال"