ضغوط أممية وسعودية تجبر الشرعية اليمنية على التنازل عن مكاسب معركتها الاقتصادية
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
كشفت العديد من المؤشرات والمعطيات حجم الضغوطات التي تعرضت لها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا من أجل التنازل عن مكاسب معركتها الاقتصادية ضد ميليشيا الحوثي الإرهابية.
وتفاجأ الشارع اليمني الثلاثاء، بإعلان مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ عن اتفاق الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وميليشيا الحوثي الإرهابية على أربع نقاط أهمها إلغاء كافة القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين واستئناف رحلات الخطوط الجوية اليمنية بين صنعاء والأردن وزيادتها إلى ثلاث رحلات يومية وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند يوميا أو حسب الحاجة.
وجاء هذا الاتفاق بعد أيام من طلب تقدم به المبعوث الأممي إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي بشأن تأجيل تنفيذ قرار سحب تراخيص البنوك التي لا زالت مراكزها في صنعاء إلى أغسطس القادم.
وما أثار دهشة الشارع هو موافقة الحكومة على الالتزام بالامتناع مستقبلاً عن أي قرارات أو إجراءات مماثلة، على الرغم من معرفتها بعدم التزام الطرف الآخر بأي اتفاق إلا فيما يخص مصلحته.
هذا الاتفاق أثار استياء الشارع العام في المناطق المحررة ووضع الحكومة في مواجهة مباشرة مع الشعب الذي أعلن رفضه تأجيل تنفيذ القرارات، فكيف يتم إلغاؤها كما في الاتفاق.
لكن إشادة بيان المبعوث بدور السعودية في إنفاذ الاتفاق وتصريح ناطق الميليشيات بأن الاتفاق كان مع السعودية، أظهر بجلاء حجم الضغوطات التي تعرض لها مجلس القيادة الرئاسي والحكومة وقيادة البنك المركزي الموافقة على هذا الاتفاق الذي تضمن صراحة الموافقة على مطالب الميليشيات الحوثية.
هذا الأمر أشارت له صحيفة العرب الدولية استنادا للعديد من الدوائر السياسية التي استبعدت أن تكون الشرعية اليمنية قد أقدمت على الخطوة التصالحية عن طيب خاطر، خصوصا وأن المحتوى المعلن عنه للاتفاق يصب بالكامل في مصلحة جماعة الحوثي ولا يلبي أي مطلب للشرعية وخصوصا شرطها المطروح سابقا بكف يد الجماعة عن عرقلة تصدير النفط الذي كان يشكّل المورد الرئيسي للحكومة المعترف بها دوليا.
واعتبرت تلك الدوائر أنّ الاتفاق يصنّف ضمن سلسلة أطول من التنازلات للحوثيين قدمتها السعودية أو دفعت الشرعية لتقديمها في سبيل جلبهم لطاولة الحوار والتفاهم، ومن ذلك قبول الرياض بمحاورتهم مباشرة وإيفاد ممثلين لها إلى صنعاء واستقبال ممثلين للجماعة في عاصمة المملكة، وأيضا تقديم امتيازات مالية واقتصادية لهم من خلال خارطة الطريق التي أعلنت الأمم المتحدة في وقت سابق عن التوصل إليها بمباركة من السعودية.
بالشأن نفسه تحدثت الباحثة في معهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن ندوة الدوسري، التي كتبت على منصة إكس أنّ “القرار اتخذ نتيجة للضغوط السعودية على مجلس القيادة الرئاسي”. وأضافت “يسعى السعوديون بشكل عاجل إلى توقيع اتفاق خريطة الطريق بين الحوثيين ومجلس القيادة الرئاسي قبل الانتخابات الأميركية 2024”.
ولعل ما ذكره مركز صنعاء للدراسات في تقريره الذي أعده نيد والي، الباحث في الوحدة الاقتصادية بالمركز، خفف حدة الانتقادات التي وجهت لمجلس القيادة والحكومة بسبب هذا التنازل.
وكشف تقرير المركز نقلا عن مصادر قولها، إن السفير السعودي محمد آل جابر الذي يقود المفاوضات بين المملكة والحوثيين بذل قصارى جهده لإجبار الحكومة اليمنية على التراجع عن تلك الإجراءات، مشيرا إلى أن جهوده لم تفلح في تغيير موقف محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب، الذي ظل صامدا رغم التهديدات والإغراءات.
وأظهر التقرير أن آل جابر بعد ذلك وبوضوح استخدم قبضة الرياض الخانقة على مجلس القيادة الرئاسي، حيث استدعى أعضاء المجلس إلى اجتماع وهدّد بقطع التمويل تماما عن الحكومة بمعنى إلغاء منح الوقود والودائع النقدية والمساعدات التنموية ما لم يتم التراجع عن إجراءات البنك.
كما ألمح السفير السعودي إلى أن الحكومة ستواجه مصيرها بمفردها في حال لجأ الحوثيون للانتقام عسكريا، وفق تقرير المركز.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: مجلس القیادة الرئاسی
إقرأ أيضاً:
الحكومة اليمنية تطالب بدعم أمريكي لـ "تحرير ميناء الحديدة مفتاح السلام في البحر الأحمر"
سفير اليمن لدى واشنطن محمد الحضرمي مع الرئيس الأمريكي جو بايدن (ارشيفية)
طالبت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا الولايات المتحدة الأمريكية، بدعم الجيش اليمني لتحرير ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، مؤكدة أن ذلك سيمكنها من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام.
وطرح سفير اليمن لدى واشنطن محمد الحضرمي، خلال مداخلة في مجلس الشيوخ الأمريكي، ثلاثة تدابير للاستراتيجية الأمريكية الجديدة تشمل دعم تحرير الحديدة وتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية واستهداف قياداتهم.
وأشار إلى أن اليمنيين يمتلكون العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر، إلا أنهم بحاجة إلى الدعم، لافتًا إلى أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعًا مع النظام الإيراني ووكلائه.
وأوضح أن الحكومة كانت على مسافة قليلة جدًا من تحرير الحديدة في ألفين وثمانية عشر وتم إيقافها من قبل المجتمع الدولي، مؤكدًا أنه حان الأوان لتحريرها واتخاذ نهج جديد لمعالجة تهديد الحوثيين الذين قال إنهم ليسوا أقوياء إلا بدعم إيران وحرسها الثوري.
تهديد وارتباك حوثي
يأتي ذلك فيما قالت مليشيا الحوثي إن الوضع في اليمن يختلف كليًا عما حدث في سوريا، في تصريحات تأتي مع تصاعد الدعوات الشعبية للتحرك لإنهاء الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران.
وزعم الناطق باسم المليشيا محمد عبد السلام، أنهم أقوى من أي وقت مضى، داعيًا من أسماه الطرف الآخر، في إشارة إلى خصوم المليشيا، للخوف والقلق من ذلك.
وأشار إلى أن إشعال أي معركة الآن يعني إشعال حرب نارية في البر والبحر والجو، لافتًا إلى أنهم جاهزون ولديهم آلاف المقاتلين وقادرون على استهداف كل داعم، في إشارة للأطراف الإقليمية والدولية.
وتوعد الحوثيون المدعومون من إيران بالتصدي لأي تحرك ضدهم، بالتزامن مع دعوات شعبية ومن مكونات سياسية للحكومة بالتحرك لإنهاء الانقلاب الحوثي عقب سقوط نظام بشار الأسد المدعوم من طهران.
وظهر زعيم مليشيا الحوثي، عبد الملك الحوثي، في خطاب أثار الجدل، حيث بدا متوترًا وهو يحاول رفع معنويات أنصاره وسط تزايد المؤشرات على تراجع الدعم الشعبي لجماعته. وأشار الحوثي إلى أنهم دربوا مئات الآلاف ليكتسبوا المهارات القتالية.
ولفت إلى أن جماعته حاضرة لقتال أي طرف يستهدفهم خدمة لأمريكا وإسرائيل - حد قوله.
يعكس هذا الخطاب حالة الخوف التي تسيطر عليه، ويدلل على الاضطرابات الداخلية التي تشهدها المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة.
كان خطاب عبد الملك الحوثي مليئًا بالتهديدات والوعود باستخدام القوة، في محاولة واضحة لرفع معنويات مقاتليه، ولكنه أظهر أيضًا ارتباكًا يشبه خطاب بشار الأسد خلال معارك حلب، عندما بدت علامات الضعف واضحة رغم نبرة التحدي.
يعلم الحوثي أن حاضنته الشعبية التي حاول ترميمها العام الماضي بعد إعلانه دعم غزة قد تلاشت مجددًا، خاصة مع تزايد حالة الغضب والسخط في المحافظات اليمنية الرئيسية مثل صنعاء، إب، الحديدة، البيضاء، ذمار، وعمران.
وتصاعدت مؤشرات السخط الشعبي المتزايد جراء عدة عوامل، حيث تصاعد الرفض الشعبي، وتزايدت الأصوات الرافضة لوجود المليشيات الحوثية، وسوء إدارة الأزمات كقضية الشيخ صادق أبو شعر. تعامل الحوثيون مع هذه القضية كشف عن أسلوب بلطجي أثار استياء واسعًا، إضافة إلى تصاعد حالات القتل المتكررة على أيدي عناصر الحوثي، مما عزز مشاعر الغضب في أوساط المجتمع، واتساع قضايا النهب والاستيلاء على الأراضي تحت غطاء "الحارس القضائي" أثار استياء واسعًا في أوساط السكان وضعف الحاضنة في المناطق المحررة.
ويرى مراقبون أن أول تحرك عسكري ضد الحوثيين سيؤدي إلى انقلاب داخلي كبير داخل المدن القريبة من الجبهات العسكرية، حيث لم يعد السكان المحليون مستعدين للتغاضي عن تصرفات الجماعة.
ويتوقع المراقبون أن مستقبل الحوثيين في ظل هذه الأوضاع، مع تزايد حالة السخط الشعبي واتساع تصرفاتهم التي تتسم بالعنف والنهب والإقصاء السياسي، سيساهم في عزلتهم، ويزيد من احتمالية تحركات عسكرية وشعبية ضدهم، وستفقد الحوثيين السيطرة تدريجيًا على المناطق الواقعة تحت نفوذهم.