«الإفتاء»: تشاؤم البعض من شهر صفر عادة جاهلية منهي عنها
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
حذرت دار الإفتاء المصرية، مما يردده البعض حول التشاؤم من شهر صفر، موضحة في فتوى عبر موقعها الرسمي، أنه من صور التطير المنهي عنه شرعًا باعتباره عادة جاهلية كأن يعتقد المرء بأن شهرًا معينًا مرتبط بأحداث سلبية فيمتنع عن قضاء حوائجه أو أي مناسبة في هذا الشهر.
حكم التشاؤم من شهر صفروقبل التطرق لحكم التشاؤم من شهر صفر الذي يحل علينا خلال أيام، إذ يجري استطلاع الهلال يوم 4 أغسطس المقبل، فإن دار الإفتاء المصرية أكدت أنه ممَّا يدخل في التَّطيُّر المنهيّ عنه شرعًا: التشاؤم من بعض الشهور؛ كأن يعتقد المرء بأن يومًا معينًا أو شهرًا معينًا يوصف بحصول التعب والضغط والصعوبات معه أو أَنَّ التوفيق فيه يكون منعدمًا، ونحو ذلك من خرافات لا أساس لها من الصحة، فيُحْجَم عن قضاء حوائجه أو أيّ مناسبة في هذا اليوم أو الشهر.
أكدت دار الإفتاء أنه قد ورد النّهي النبوي عن التشاؤم من بعض الأزمنة والشهور خاصة؛ وذلك كما في «الصحيحين» عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا عَدْوَى وَلَا صَفَرَ وَلَا هَامَةَ». وفي رواية أخرى للبخاري: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَر».
وفي شرح الحديث النبوي استشهدت دار الإفتاء بما ورد عن الإمام ابن عبد البر القرطبي في قوله: «وأما قوله: (ولا صَفَرَ) فقال ابن وهب: هو من الصفار يكون بالإنسان حتى يقتله، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يقتل الصفار أحدًا. وقال آخرون: هو شهرُ صَفَرَ كانوا يُحلِّونه عامًا ويُحَرِّمونه عامًا».
كما استشهدت الدار بما ذكر عن الإمام الطيبي: «ولا صفر» قال أبو داود في «سننه»: قال بقية: سألت محمد بن راشد عنه فقال: كانوا يتشاءمون بدخول صفر، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لا صفر). قال: وسمعت مَن يقول: هو وجعٌ يأخذ في البطن، يزعمون أنه يُعْدِي. قال أبوداود: قال مالك: كان أهل الجاهلية يحلون صفرًا عامًا ويحرمونه عامًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا صَفَرَ».
وتناولت الإفتاء ما جاء في شرح سنن ابن ماجه: قوله: «ولا صَفَر» بفتحتين كانت العرب تزعم أنه حية في البطن واللدغ الذي يجده الإنسان عند الجوع من عضه. وقيل: هو الشهر المعروف كانوا يتشاءمون بدخوله ويزعمون أن فيه تكثر الدواهي والفتن. وقيل: أراد به النسيء؛ فإنَّ أهل الجاهلية يحلّونه عامًا ويحرمونه عامًا، ويجعلون المحرّم صفرًا ويجعلون صفرًا من أشهر الحرم. قال جل ذكره: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ﴾ [التوبة: 37] الآية، فأبطل كل هذه المزعومات ونفاها الشارع.
وجددت الدار في ختام فتواها التأكيد على أن التشاؤم بشهر صَفَر -الذي هو أحد أشهر السنة الهجرية لزعم أنه شهر تكثر فيه الدواهي والفتن- هو من الأمور التي نهى عنها النص النبوي الشريف.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: دار الإفتاء شهر صفر الإفتاء صلى الله علیه وآله وسلم التشاؤم من من شهر صفر
إقرأ أيضاً:
حكم الذكر عند الطواف بالكعبة بالأذكار المأثورة وغير المأثورة
اجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها مضمونة:"هل يوجد دعاء أو ذكر محدد يُستحب أن يقوله الإنسان عند الطواف بالبيت؟ وهل يجوز الدعاء في الطواف بدعاءٍ غير مأثور؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: أن الدعاء وذكر الله سبحانه وتعالى عند الطواف بالبيت أمرٌ مستحبٌّ شرعًا، وأحسنه ما ورد في السنة النبوية من الأدعية والأذكار، والتي منها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يدعو بَيْنَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَالْحَجَرِ فيقول: «رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار» أخرجه الإمام أحمد وابن خزيمة والحاكم عن عبد الله بن السائب رضي الله عنه.
ومنها أيضًا: ما جاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: «مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا بِسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، مُحِيَتْ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ بِهَا عَشَرَةُ دَرَجَاتٍ» رواه الإمام ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ويجوز الذكر والدعاء بغير الوارد؛ سواء كان ذكرًا ينشئه بنفسه أو ذكرًا مرويًّا عن بعض الصالحين مما فتح الله تعالى به عليهم.
فضل الطواف بالكعبة المشرفةالطواف بالكعبة المشرَّفة عبادة من أفضل العبادات وقُربة من أشرف القُربات، ويُثاب عليه المسلم ثوابًا عظيمًا؛ قال تعالى: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [الحج: 26]، وقال تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ طَافَ بِالبَيْتِ خَمْسِينَ مَرَّةً خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» أخرجه الترمذي.
وأخرج الفاكهي في "أخبار مكة" عن الحجاج بن أبي رقية قال: كنت أطوف بالبيت فإذا أنا بابن عمر رضي الله عنهما، فقال: يا ابن أبي رقية استكثروا من الطواف؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ حَتَّى تُوجِعَهُ قَدَمَاهُ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ تَعَالَى أَنْ يُرِيحَهُمَا فِي الْجَنَّةِ».
حكم الدعاء والذكر في الطوافالطواف عبادة متعلقة بالكعبة المشرفة كما تعلقت بها الصلاة؛ إلا أن الله تعالى أحل فيه الكلام، وخير الكلام في هذه العبادة هو ذكر الله تعالى والدعاء. واستحباب الدعاء والذكر في هذه المواطن مما قرره جمهور الفقهاء، واستدلوا عليه بما أخرجه أبو داود واللفظ له، والترمذي: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ».
قال العلامة المَوَّاق المالكي في "التاج والإكليل" (4/ 153، ط. دار الكتب العلمية): [(والدعاء بلا حدٍّ). القرافي: من سنن الطواف الدعاء] اهـ.
وقال الإمام ابن حجر الهيتمي في "تحفة المحتاج في شرح المنهاج" (4/ 88، ط. المكتبة التجارية): [(وَليَدْعُ) ندبًا (بما شاء) من كل دعاء جائز له ولغيره، والأفضل الاقتصار على ما يتعلق بالآخرة (ومأثور الدعاء) الشامل للذكر؛ لأن كُلًّا قد يطلق ويراد به ما يعم الآخر في الطواف بأنواعه] اهـ.
وقال الإمام البُهُوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 559، ط. دار الكتب العلمية): [ويكثر في بقية طوافه من الذكر والدعاء... لأن ذلك مستحب في جميع الأحوال؛ ففي حال تلبسه بهذه العبادة أولى] اهـ.
وقال الإمام ابن قُدَامة في "المغني" (3/ 343، ط. مكتبة القاهرة): [ويستحب الدعاء في الطواف، والإكثار من ذكر الله تعالى؛ لأن ذلك مستحب في جميع الأحوال، ففي حال تلبسه بهذه العبادة أولى] اهـ.
أفضل الدعاء أو الذكر في الطوافأحسن الدعاء أو الذكر حال الطواف ما ورد في نصوص الشرع، ومن ذلك:
أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يدعو بَيْنَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَالْحَجَرِ فيقول: «رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار» أخرجه الإمام أحمد وابن خزيمة والحاكم عن عبد الله بن السائب رضي الله عنه.
ومنها أيضًا: ما جاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: «مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا بِسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، مُحِيَتْ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ بِهَا عَشَرَةُ دَرَجَاتٍ» رواه الإمام ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ومنها كذلك: ما جاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم من أنه كَانَ يَدْعُو بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ ويَقُولُ: «اللَّهُمَّ قَنِّعْنِي بِمَا رَزَقْتَنِي، وَبَارِكْ لِي فِيهِ، وَاخْلُفْ عَلَيَّ كُلَّ غَائِبَةٍ لِي بِخَيْرٍ» رواه الإمام الحاكم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
حكم الدعاء أو الذكر في الطواف بغير ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم
يجوز للإنسان أن يذكر بغير هذه الأذكار مما لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم سواء كان ذكرًا ينشئه بنفسه أو ذكرًا مرويًّا عن بعض الأولياء؛ لأن ذكر الله تعالى جاء الأمر به مطلقًا عن القيد، قال تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ [النساء: 103]، والمطلق يؤخذ على إطلاقه حتى يأتي ما يُقَيِّدُه في الشرع، ومن المقرر أن الأمر المطلق يقتضي عموم الأمكنة والأزمنة والأشخاص والأحوال.
وهذا أمر ثابت شرعًا تلقته الأمة بالقبول، وعملت به؛ فعن رفاعة بن رافع الزُّرَقِي رضي الله عنه قال: كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما رفع رأسه من الركعة قال: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ»، قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد، حمدًا كثيرًا طيبًا مبارَكًا فيه، فلما انصرف قال: «مَنِ الْمُتَكَلِّمُ؟» قال: أنا، قال: «رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلَاثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا؛ أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ» رواه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (2/ 287، ط. دار المعرفة): [واستُدِلَّ به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور] اهـ.
فإن كان هذا الحال في إنشاء ذكر غير مأثور في الصلاة، فالأمر خارج الصلاة في نحو الطواف أو غيره أوسع من باب أولى.
وقال العلامة زين الدين المُناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 107، ط. مكتبة الإمام الشافعي-الرياض): "(إذا سمعتم الرعد)؛ أي: الصوت الذي يسمع من السحاب (فاذكروا الله) بأن تقولوا: سبحان الله الذي يسبح الرعد بحمده أو نحو ذلك من المأثور أو ما في معناه" اهـ؛ مما يظهر منه أن غير المأثور مما لم ير العلماء فيه بأسًا.
الخلاصة
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فالدعاء وذكر الله سبحانه وتعالى عند الطواف بالبيت أمرٌ مستحبٌّ شرعًا، وأحسنه ما ورد في السنة النبوية من الأدعية السابق ذكرها، ويجوز الذكر والدعاء بغير الوارد؛ سواء كان ذكرًا ينشئه بنفسه أو ذكرًا مرويًّا عن بعض الصالحين مما فتح الله تعالى به عليهم.