من هو “أبو شجاع” الذي قلب الضفة؟ .. أحداث ساخنة أحرجت السلطة الفلسطينية
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
سرايا - عاشت مدينة طولكرم بشكل خاص، والضفة الغربية بشكل عام الساعات الماضية حالة غير مسبوقة من الغيان والغضب والاستنفار، بعد محاولة أجهزة أمن السلطة الفلسطينية اعتقال أحد أبرز المقاومين والمطلوبين للجيش الإسرائيلي بالقوة، بعد محاصرته داخل أحد المستشفيات.
لكن، ما جرى في المدينة التي باتت حصنًا قويًا بوجه الجيش الإسرائيلي كجنين وغيرها من مدن الضفة، فقد رفض أبنائها هذا الاعتقال “التعسفي” وحاولوا بكل قوة حماية المقاوم وإبعاده عن أيدي عناصر الأمن الفلسطينية الطويلة وإخفائه داخل المشفى، بل أكثر من ذلك حين استقبلته مدينته كاستقبال الابطال بعد تهريبه من المكان التي كانت أجهزة الامن تحاصره فيه لساعات طويلة.
هذا ما جرى مع المقاوم محمد جابر، الذي يلقب بـ “أبو شجاع” قائد كتيبة طولكرم التابعة لسرايا القدس، بعد محاولة أجهزة أمن السلطة اقتحام مستشفى ثابت ثابت الحكومي في مدينة طولكرم شمالي الضفة واعتقاله، إلا انهم تفاجئوا بسيل من المواطنين اقتحموا المستشفى وتصدوا لهم بالقوة ورفضوا أمر الاعتقال وأخفوا “أبو شجاع” وهربوه من المستشفى إلى داخل مدينته التي تحميه.
هذا السلوك فجر موجه غضب فلسطينية عارمة بالضفة ضد أجهزة أمن السلطة، وسط اتهامات حول “الدور المشبوه” الذي تلعبه في ملاحقة المقاومين واعتقالهم بالقوة ومصادرة أسلحتهم والزج بهم داخل سجونها، بأوامر من الجانب الإسرائيلي، وفق ما ينص عليه “التنسيق الأمني” الذي لم يتوقف لدقيقة واحدة رغم اعلان السلطة الفلسطينية لأكثر من مرة توقفه بشكل نهائي.
وحاصرت الأجهزة الأمنية الفلسطينية، صباح الجمعة، قائد “كتيبة طولكرم” “أبو شجاع” داخل مستشفى ثابت ثابت ، وبث ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد تظهر اقتحام قوة مدججة من أجهزة السلطة الفلسطينية للمستشفى، ومحاولتهم اعتقال “أبو شجاع” حيث يتلقى العلاج، إلا أن الأهالي تصدوا لهم ومنعوهم من التقدم.
واستخدمت أجهزة السلطة الغاز المسيل للدموع؛ في محاولة فض تجمع مجموعة من النساء اللاتي شكلن حاجزا بشريا، يحول دون الوصول إلى “أبو شجاع”.
ودعت “كتيبة طولكرم” أهالي المدينة كافة إلى النفير العام، من أجل فك الحصار عن قائدها “أبو شجاع”، وفي وقت لاحق، قالت مصادر فلسطينية؛ إن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة انسحبت من محيط المستشفى دون اعتقال “أبو شجاع”.
يشار إلى أن “أبو شجاع” نجا من عدة محاولات اغتيال نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن العديد من رفاقه استشهدوا في تلك المحاولات.
و”أبو شجاع” هو أسير محرر، وشقيق لشهيد قضى سابقا بأحد اقتحامات قوات الاحتلال لمخيم طولكرم.
حركة “حماس”، عقبت على الحادثة، وقالت إنّ سلوك أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في ملاحقة المقاومين واعتقالهم ومصادرة سلاحهم وصل إلى أخطر مراحله، داعية الكل الفلسطيني إلى استنكار هذه السلوكيات وإدانتها والعمل بحزم لوقفها.
وأضافت في تصريح نُشر لها “سلوك الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في ملاحقة المقاومين واعتقالهم ومصادر سلاحهم والتي كان آخرها اليوم في محافظة طولكرم من محاصرة المجاهد محمد جابر أبو شجاع داخل مستشفى ثابت ثابت حيث يتلقى العلاج، وصل إلى أخطر مراحله، وعلى الكل الوطني الفلسطيني أن يتداعى إلى استنكار هذه السلوكيات وإدانتها والعمل بحزم لوقفها”.
وأشادت الحركة “بالوعي الجماهيري العالي والاستجابة السريعة من جماهير طولكرم لمنع اعتقال المجاهد أبو شجاع وفك الحصار عنه”، مؤكدة أنّ “على قيادة السلطة لجم الأجهزة الأمنية عن ملاحقة المقاومة والمطاردين للاحتلال الصهيوني في الضفة الغربية المحتلة، والإفراج عن المقاومين المعتقلين في سجونها، وتسخير سلاحها لحماية الشعب الفلسطيني الذي يتعرض إلى الإبادة الجماعية.
وشددت “حماس” على أنّ “استمرار الأجهزة الأمنية في إطلاق النار على المقاومين ومصادرة سلاحهم وما أعدوه للدفاع عن أبناء شعبنا ضد قوات الاحتلال والمستوطنين يتعارض مع الموقف الوطني الموحد والذي يتبنى المقاومة بكل أشكالها، والتي أكد عليها بيان بكين الأخير”.
وأوضحت أنّ “هذه السياسة لأجهزة السلطة تسيء لنضال شعبنا الفلسطيني الذي يضرب أروع الأمثلة في الصمود وتحدي آلة الاحتلال الإجرامية في قطاع غزة”.
كما قالت حركة الجهاد الإسلامي، إنّ إقدام الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة على محاصرة قائد كتيبة طولكرم المقاتل أبو شجاع داخل مستشفى حيث يتلقى العلاج بهدف إلقاء القبض عليه يدل بوضوح على أنّ التنسيق الأمني تجاوز كل الخطوط الحمراء ويؤذي كل مساعي الوحدة والمصالحة الوطنية.
وأضافت الجهاد، “إذ ندين هذا السلوك الشائن، ونحيي شجاعة اهلنا في طولكرم الذين هبوا لمنع السلطة من اعتقال واحداً من أبرز المجاهدين في الضفة، فإننا ندعو كل القوى والفعاليات الوطنية للجم السلطة وأجهزتها الأمنية من المضي في هذا النهج الذي لا يخدم إلا العدو وحده”.
“كتيبة جنين” التابعة لسرايا القدس، الجناح العسكري لـ حركة الجهاد الإسلامي، هددت أفراد الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالاستهداف بالرصاص، إثر محاولتها اقتحام مستشفى ثابت ثابت واعتقال “أبو شجاع”، وقالت في بيان لها: “نوجه رسالتنا إلى أفراد الأجهزة الأمنية، وبعد أن تمادوا بالإساءة، وبعد أن نفد صبرنا، إننا نشهد الله، ونشهد الناس أجمعين، أنهم كما العدو لا يفهمون إلا لغة الرصاص والقوة، فمن سيعتدي علينا سنعتدي عليه بمثل ما اعتدى، ومن يسيء ويستبيح دماء المجاهدين وأمهات الشهداء سيلقى منا ما سيلقاه”، فيما حيت كتيبة جنين من هبوا للدفاع عن المقاومين.
وتابعت الكتيبة: “تطل علينا الأجهزة الأمنية اليوم، وفي ظل شلال الدم النازف والمجازر الإسرائيلية في غزّة الحبيبة، وبعد أيام وساعات قليلة من استشهاد أحد أفراد المؤسسة الأمنية الذي قتله جنود الاحتلال، بل أعدموه بدم بارد أمام مقرهم في طوباس من دون تحريك أي ساكن وحتى دون شجب أو استنكار وتنديد”.
وذكرت: “بعد كل هذه الدماء، وفي ظل هذه التضحيات، يطل علينا أفراد الأجهزة الأمنية ملثمين ومدججين بالسلاح ليحاصروا ويقتحموا أحد المستشفيات في طولكرم محاولين اعتقال القيادي والمطارد من الاحتلال أبو شجاع الجابر بعد إصابته، كما فعلوها من قبل في مدينة جنين محاولين اعتقال واختطاف الأخوة والقادة في كتيبة جنين من مستشفى ابن سينا، وقد قاموا أيضاً بالاعتداء على أمهات الشهداء اللواتي ذهبن لحماية أبنائهن، وكانوا قد فعلوها سابقاً مع أمهات شهداء كتيبة جنين عند زيارتهن مدينة طولكرم”.
وجاء في البيان: “إن كان ردنا على الخونة والمستسلمين مزيداً من الاتهام لهم، فهم لم يعودوا يخشون الاتهام، وإن كنا نعتقد أن دماء الشهداء ستعريهم، فهم منذ اتفاق أوسلو فقدوا آخر ورقة توت كانوا يسترون بها عريهم ولا يتحركون، فهل من سبيل آخر لوقف هذه المهزلة؟!”.
اعتقال “أبو شجاع” لم ولن تكون الحلقة الأخيرة، ففي ساعات متأخرة من ساعات الليلة الماضية، قالت مصادر محلية إن اشتباكات مع مقاومين بعد أن حاولت الأجهزة الأمنية الفلسطينية اعتقال أحد عناصر كتيبة طوباس.
وأكدت كتيبة طوباس في سرايا القدس أن قوة من أجهزة السلطة حاصرت الليلة الماضية أحد مجاهديها واطلقت الرصاص عليه في محاولة لاغتياله.
وأكدت الكتيبة أن ما حصل في مدينة طولكرم، يعاد نفس المشهد في مدينة طوباس حيث تقوم الأجهزة المكلفة من قبل جهاز الشاباك اعتقال واغتيال المجاهدين بلا رحمة ولا شفقة وبلا دوافع دينية وإنسانية.
وأغلق الأهالي عدد من شوارع طوباس بعد احتجاجات واشتباكات بين الشبان والأجهزة الأمنية الفلسطينية على خلفية محاولة اعتقال أحد عناصر كتيبة طوباس.
وفي بيت لحم، اندلعت مواجهات بين فلسطينيين وعناصر من الأجهزة الأمنية امتدت إلى بيت لحم بعد مظاهرة عفوية رافضة للاعتقال السياسي وملاحقة المقاومين.
ويبقى التساؤل أمام هذا التطور..
لمصلحة من اعتقال المقاومين بالضفة؟ وما الجائزة التي تُجنيها السلطة؟ وماذا عن تهديد “كتيبة جنين” والتعامل بالرصاص؟ وهل مقبلون على مرحلة جديدة؟
رأي اليومإقرأ أيضاً : نتنياهو يتجه إلى إقالة غالانت بسبب تصريحاته عن التهدئة بغزة إقرأ أيضاً : نتنياهو يلمح لأول خلاف مع المرشحة لمنصب الرئيس الأمريكي "هاريس"إقرأ أيضاً : إيكونوميست: مروان البرغوثي الثاني على قائمة حماس .. فهل سترضى (إسرائيل) بالإفراج عنه؟
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: مدينة أمن المدينة الامن محمد أمن مستشفى مدينة أمن مستشفى المدينة الاحتلال الاحتلال أمن اليوم محمد مستشفى العالي قيادة الشعب الاحتلال بكين الاحتلال مستشفى مستشفى الناس جنين الاحتلال مدينة جنين جنين مستشفى جنين مدينة سرايا القدس مدينة مدينة دينية الامن سرايا قيادة المدينة مدينة دينية بكين اليوم أمن الناس الله القدس مستشفى الاحتلال الشعب الثاني محمد العالي الرئيس جنين الأجهزة الأمنیة الفلسطینیة السلطة الفلسطینیة ملاحقة المقاومین مستشفى ثابت ثابت أجهزة أمن السلطة کتیبة طولکرم مدینة طولکرم أجهزة السلطة کتیبة جنین فی مدینة أبو شجاع
إقرأ أيضاً:
اعتراف إسرائيلي: المقاومة تتصاعد في الضفة وجهود الجيش والسلطة غير كافية
رغم الحملة الأمنية التي تشنّها أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية على عناصر المقاومة في الضفة الغربية، لكن الاحتلال الإسرائيلي يؤكد أنه لا يمكن الوثوق بها، بزعم أن عملية "الجدار الحديدي" دليل واضح على أنه وحده قادر على القضاء على المقاومة.
وأكد الباحث بجامعة جنوب ويلز بالمملكة المتحدة، ومركز "إسرائيل" للإستراتيجية الكبرى "ICGS"، أوري فيرتمان، أنه "بينما سرى اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس في غزة، فإن دراما حقيقية تتكشف في الضفة الغربية، حيث تتعاون إسرائيل والسلطة الفلسطينية في مكافحة قوى المقاومة، وبدأ ذلك أوائل كانون الأول/ ديسمبر 2024، بعد تقويض حكم السلطة بشكل خطير في شمال الضفة من قبل حماس والجهاد الإسلامي، حيث شنّت قواتها عملية عسكرية ضد مسلحي المقاومة، بزعم استعادة حكمها في جنين".
وأضاف فيرتمان في مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم"، وترجمته "عربي21" أن "مشاهد سقوط نظام الأسد في سوريا دفعت أبو مازن للتحرك ضد من يسعون للإطاحة بسلطته، ورغم تقدم سنّه قرابة تسعين عاما، لكن ذاكرته لا تزال قوية، ولم ينس كيف طُردت السلطة تحت قيادته بشكل مخزٍ من غزة صيف 2007، وهو لا يبخل بالوسائل، فعندما أصبح بقاء حكمه على المحك، أغلق قناة الجزيرة مؤقتاً، بزعم أنها تقدم بانتظام رواية واضحة لصالح حماس".
وأوضح أنه "رغم الأمل بظهور سلطة فلسطينية متجددة الآن، فقد قرر أبو مازن فرض سيطرته على الضفة، رغم أن الحقيقة المرّة أنه منذ إنشائها في 1994 بموجب اتفاق أوسلو، لم تتغير رغبتها، وعجزها عن محاربة قوى المقاومة، لأنها لا ترغب بتصويرها متعاونة مع إسرائيل بنظر الجمهور الفلسطيني، الذي يعتقد أن حكم أبو مازن فقد شرعيته منذ فترة طويلة".
وأشار إلى أن "استطلاعات الرأي العام للأشهر الأخيرة، تُظهر أن وضع السلطة وزعيمها في الضفة هبط لأدنى مستوياته، ويؤيد 94 بالمئة منهم استقالته، ويعتقد 73 بالمئة أن السلطة تشكل عبئاً على الشعب الفلسطيني، فيما تتمتع حماس بالدعم، ومع أن أغلبية كبيرة في الضفة تؤيد حركة فتح بنسبة 48 بالمئة، لكن ليس مستغرباً أن يتمكن مرشح حماس من هزيمة عباس بسهولة بنسبة 86 بالمئة مقابل 10 بالمئة".
وزعم أن "إسرائيل لا تثق بأبو مازن والسلطة حين يتعلق الأمر بالقضايا الأمنية، بدليل أن عملية الجدار الحديدي، تشكل استمرارا لنشاط الجيش والشاباك ضد البنى التحتية للمقاومة في الضفة، وأنه وحده قادر على القيام بهذه المهمة، مما يؤكد أنه في غياب وجوده عن الضفة، من المتوقع أن ينهار حكم السلطة مثل "بيت من ورق"، لأن الواقع يثبت لنا مرارا وتكرارا أن قواتها الأمنية عاجزة عن فرض القانون والنظام في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وليست راغبة بمواجهة حماس والمنظمات الأخرى".
وختم بالقول إن "إسرائيل المهتمة ببقاء السلطة كحكومة فعّالة قادرة على إدارة حياة الفلسطينيين في الضفة، وتخشى أن تحاول حماس والجهاد تنفيذ هجوم على غرار السابع من أكتوبر في أراضي الضفة، لابد وأن تتحرك بنفسها ضد بناهما التحتية".