بعد اقتراب الحرب من العام ونصف، يجدر النظر من جديد للوصف (حرب/معركة الكرامة) الذي أطلقه عليها الإسلامويون ومن بعدهم قادة الجيش وتوابعهما من دعاة الحرب.
جاء لفظ الكرامة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث تنص المادة (1) منه على أن (يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق) ومن قبله جاء اللفظ في ميراث عتيد للشعوب وتاريخ الإنسانية ومنها قول عمر بن الخطاب: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟! ورأيي أن العبارة في الإعلان الصادر العام 1948 مستلفة من ذاك التراث العظيم، وقد وردت في القرآن الكريم في أكثر من موضع وبأكثر من شكل كما وردت في التراث المسيحي.
على أن عدداً من الخبراء شددوا على أن ذلك أتى باعتبار أن الكرامة هي الأصل والجذر الذي تنبت منه الحقوق كافة، وبهذا رفعوا من مقام الكرامة كقيمة فوق الحقوق، أي قيمة أعلى وأسمى.
هذه المقدمة التعريفية المقتضبة ضرورية كمدخل لمعايرة وضع الحر.ب الحالية في السودان وما آل إليه حال الإنسان السوداني، مع الوصف الذي اختارته القوى التي تمثل طرفاً فيها( حر.ب/معركة الكرامة)!
وبالنظر للاحصائيات الرسمية وغير الرسمية، نجد أن وصف الكرامة أبعد ما يكون عن واقع الحال؛ آلاف القت~لى والجرحى من المدنيين نساء ورجال، وملايين من المشردين داخلياً وخارجياً، وعدد غير محصي من المعت~قلين في أقبية مه~انة ونكالا، وشبح المجاعة الشاملة الذي بدأ يطوف وبدأت أطراف جلبابه المُتّشح بالسكن( والسكن في الفصحى هو ما يبقى بعد إخماد النار ونحن في بعض السودان نستخدم هذه الكلمة لوصف اللون شديد السواد الذي يلتصق بالقدر بعد الطهي).
المهم أن شبح المجاعة لم يعد مطوفاً خيالاً عابراً، بل وصلت أطراف جلبابه للأطفال والفئات الضعيفة والأكثر هشاشة وبه زادت أسباب المو.ت.
أي كرامة والخوف والذعر يلف السكان المدنيين حتى في المناطق المحسوبة كأماكن آمنة "نسبياً"؟! أي كرامة وكلما أناخت الحر.ب بمكان داست على الكرامة وساد الانح~طاط وانتشر الظ~لم والق~هر؟! وأي كرامة والهزيمة رب المجال، تقضي ولا يُقضى عليها، وتسيطر ولا راد لها؟! هزيمة الجميع من الجميع، لا التمدد على الأرض ينفيها ولا الحملات الدعائية تقطع دابرها!
الجنجويد يهزمهم مشروعهم قبل ممارساتهم الحا.طة من كرامة الإنسان السوداني؛ مشروعهم السلطوي الأوتوقراطي العن~صري المتدثر بشملة "ديمقراطية مقددة"، ومن تحته حفرة الإسلامويين دخانها يلوي؛ والجيش يهزمه جيش القُرا.د الذي يلتصق بمؤ.خرته ويدعي أنه يحمل راية النصر، يبين عند ضوء الكاميرات، ثم يهرول ليقبع في مكان شديد الخصوصية والعفو.نة، يتدارى به ويتوارى ويهرب إليه كلما نزلت النوازل، ليلعق البقايا ويقتات، مكان اسمه (بلبس)!
ثلاثون مادة هي جملة مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لو راجعتها مادة تلو الأخرى ستجد أن الحرب أودت بها! ثلاثون مادة لو اخترت أي منها عشوائياً وعايرتها مع الواقع ستجد أنها مُزِّقت تمزيقا! ثلاثون مادة ستقول لك بالصوت الجهير إن ما يحدث في السودان يلزم وصفه بح~رب العا.ر لا ح~رب الكرامة، فالكرامة التي ينتظر أن يصونها الس~لاح، آخر مطافها الخضوع لمن يحمل الس~لاح الأكبر والأمضى ولو كرهتم. لا كرامة لشعب تحكمه وتتحكم في مصيره البن~ادق، ولا وصف مضارع للذي يحدث في بلادنا اليوم إلا العا.ر!
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
كاتب صحفي: مصر تعتبر القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية الأولى
قال الكاتب الصحفي بلال الدوي إنَّ مصر تعتبر القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية الأولى، مشيرًا إلى أنَّ النهج الذى تتبعه الدولة المصرية نهج عقلاني ومتزن ويتسم بالحكمة في نقل وجهات نظرها إلى جميع الدول والأطراف المعنية المهتمة بالقضية الفلسطينية.
الدولة المصرية داعمة على طول الخط للقضية الفلسطينيةوأضاف «الدوي» خلال لقائه على قناة «إكسترا نيوز»، قائلًا: «مصر لا تترك فرصة دولية أو عربية أو إقليمية لمساندة القضية الفلسطينية إلا وتعلن عن موقفها الداعم لكل قوة للقضية الفلسطينية، لأنّ الدولة المصرية داعمة على طول الخط للقضية الفلسطينية لأنّها تعتبر أن القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية الأولى».
موقف مصر من القضية الفلسطينية صلب ويعزز الحقوق المشروعةوتابع الكاتب الصحفي: «القضية الفلسطينية تمر بمنعطف خطير جدًا ومن ثم كان لمصر موقفًا صلبًا حتى تعزز الحقوق الفلسطينية المشروعة».