بقلم: حسن ابوزينب

صحيفة الجارديان تستغيث وتطلب طوق نجاة من القارئ !
نتعرض لضغوط ولن نستسلم لابتزازات دولة لا تؤمن بحرية الكلمة

وأتي التتار ..من غابة التاريخ من أحشاء آماد سحيقة
يتسلقون حجارة السور القديم
لثراك يا وطن النجوم
سأعود يا وطن النجوم قدرا يزمجر في البطاح
أقوى من القصف المدمر في انتفاضات الرياح
محمد عثمان كجراي

ترجمة وتحليل: حسن أبو زينب عمر
ربما يعتبر ميناء أبو عمامة ( 200 كيلومتر شمال بورتسودان) أكبر مشروعات الاستثمار الإماراتية في السودان لضخامته فقد قدرت تكلفته الست مليار دولار وتفاصيله تقول انه كان يستهدف البنية التحتية بتشييد شارع أسفلتي من أبو حمد حتى ابوعمامة كما كان يستهدف مد أنبوب من النيل الى المنطقة بل يوفر المياه حتى لمدينة بورتسودان .

.اضافة ذلك فقد كانت الخطة الأساسية للمشروع استثمار آلاف الأفدنة لزراعة المحاصيل ولذلك اعتبر مشروعا استراتيجيا فائق الأهمية والحيوية لعدة أسباب منها ليس احياء منطقة تعتبر من أكثر مناطق السودان تهميشا فحسب بل انعكاساته الإيجابية على السودان كله ولكن المشروع الذي كان ورائه حميدتي تعرض لمعارضة بنت رفضها للمشروع بأنه يدخل ضمن المشروعات السيادية سيما وهو يحتضن منطقة تقاطعات مصالح دولية وإقليمية وعليه فلابد من وجود مجلس تشريعي أو حكومة منتخبة لإجازته بجانب ان تنفيذه سيحكم على الميناء الرئيسي في بورتسودان بالإعدام شنقا حتى الموت.

(2)
كان حرص الامارات على تنفيذ المشروع واضحا فقد تجسد في الشراكة مع رجل الاعمال السوداني أسامة داؤود بجانب شخصيات فاعلة من المنطقة من الإدارة الأهلية وزعامات بارزة من الخدمة المدنية منهم البا شمهندس ميرغني موسى الذي ينتمي الى المنطقة فضلا عن صحفيين ساقتهم الى ميناء بربرة الصومالي للترويج لميناء أبوعمامة إعلاميا. ولكن بين الرفض والتأييد اندلعت حرب الجيش والدعم السريع لتسدد القاضية ويموت المشروع قبل أن يولد. كان الدينامو المحرك للمشروع والذي أوصله الى المحطة الأخيرة للتنفيذ هو فريق الخلا حميدتي الذي صنعه البشير ونفخ فيه البرهان حتى أصبح شيطانا رجيما وكان حماسه واندفاعه للمشروع ناتج من كونه يمتلك كنائب لرئيس مجلس السيادة كل الصلاحيات للمضي قدما فيه أسوة بدوره في تهريب ذهب جبل عامر الى دبي من وراء ظهر الحكومة.

(3)
القضية الآن تجاوزت كل الخطوط الحمراء ودخلت في لم يكن في الحسبان فقد أكدت وثائق تم تسريبها بأن جوازات السفر التي تم العثور عليها في أرض معركة جرت مؤخرا بين وحدات من الجيش السوداني والدعم السريع بأن دولة الامارات غارقة حتى أذنيها في الحرب الأهلية المدمرة التي تجرى في السودان ..الوثائق التي تتكون من 41 صفحة تم تسليمها الى مجلس الامن وقد حصلت صحيفة الجارديان على نسخة منها مدعومة بصور لجوازات سفر إماراتية تم العثور عليها في ميدان المعركة لها علاقة مباشرة لقوات الدعم السريع أكثر الميلشيات وحشية في أفريقيا ..ورغم ذلك فقد نفت الامارات تورطها في الحرب الدائرة ونفت دعم عصابات الدعم السريع التي تحاصر الآن مدينة الفاشر احاطة السوار بالمعصم ضمن حملة تطهير عرقية في دارفور.

(4)
لكن مهما كان النفي الاماراتي فان مد هذه الميلشيات بالسلاح يعتبر تصعيدا خطيرا وصبا بمزيد من الزيت على نيران التعقيدات الجيو بوليتيكية للحرب التي دخلت الآن شهرها الخامس عشر ..التقارير كشفت بأن الجيش السوداني وضع يده على الجوازات الإماراتية داخل مباني الإذاعة والتلفزيون التي تم تحريرها بعد معركة امدرمان . المحللون يصفون الاكتشاف بمثابة مدفع ينبعث منه الدخان يتحدى كل ادعاءات ومزاعم النفي الإماراتية وربما يرسل إشارات وأسئلة عن مدى معرفة الولايات المتحدة وبريطانيا بمستوى تورط الدولية الخليجية في الشأن السوداني وعما إذا كانت الدول الغربية ستكف عن دعم المليشيا المتهمة بحرب الإبادة.

(5)
يقول كاميرون هدسون المستشار السابق لحكومة الولايات المتحدة ان الغرب في هذه الحالة مجبر للتحرك وهذا سيجبر واشنطن للاعتراف بما أصبح حقيقة تمشي على قدمين وسوف تجبر الاخرين للاستجابة والحذو حذوها. ويقول بعض الخبراء بأنه لولا التورط الاماراتي لانتهى النزاع الذي يقود العالم نحو أسوأ أزمة إنسانية .. تقرير الصحيفة يؤكد أيضا أن الوثيقة التي بعثت لمجلس الامن الشهر الماضي تشير أيضا بأن الامارات زودت ميليشيات الدعم السريع بمسيرات درون مصممة لإطلاق قنابل عنقودية أكثر خطوة من المتفجرات التقليدية رغم حجمها المماثل لها الأمر الذى دعا لحظرها ..أوراق التقرير تحتوى على أدلة مادية لصور أربعة جوازات سفر لمواطنين من الجنسية الإماراتية اثنان منهما من مواليد دبي وواحد من مواليد مدينة العين والرابع من عجمان خامس أكبر امارة في الامارات و أعمارهم تتراوح بين 29-49 .

(6)
صور صناديق الذخيرة التي تم العثور عليها تحمل اسم الشركة المصنعة وهي شركة صربية تعمل في تصدير السلاح للجيش الاماراتي. يقول نيك جينسين جونز مدير لمركز دراسات للتسلح بأن هذه الأسلحة التي تستوردها إلامارات كانت تستخدم أيضا في ليبيا واليمن ..التقرير أيضا جاء مدعوما بصور لصواريخ أرض أرض ومدافع مضادة للطائرات واخرى مضادة للدبابات وان كل هذه الأسلحة دليل قاطع على دور الامارات كما يؤكد الخبراء .

(7)
لكن الذي اختتمت به الصحيفة البريطانية تقريرها هو شيء يفوق كل تصور وهي جريمة صادمة للضمير تقول بأن الامارات استعانت بمجموعة من المحامين ورجال القانون لمنع الصحيفة من نشر هذه التقارير ومارست وهي تنتمي في هذا الصدد الى دول تستغل السلطة ولا تؤمن بحرية الصحافة وتمارس ضغوطا عنيفة مبنية على معلومات مغلوطة لهدم القيم الديموقراطية. لكن الصحيفة تقول انها ستحني رأسها للعاصفة ايمانا منها بالدور المنوط بها مسلحة بإرادة القارئ الذي تعتبره صمام الأمان لعدم تمرير المؤامرة فالقارئ هو الذي يمول الصحيفة وهو الذي يحدد ويقرر ما تنشره الصحيفة .. تقول الصحيفة اذا كنت تود الانضمام لها في مهمتها لتأمين صحافة عالمية حرة مستقلة فهي نتشرف بك مساندا لها في رسالتها المقدسة .

oabuzinap@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

صحيفة الثورة السبت 4 ربيع أول 1446 – الموافق 7 سبتمبر 2024

صحيفة الثورة السبت 4 ربيع أول 1446 – الموافق 7 سبتمبر 2024

مقالات مشابهة

  • صحيفة الثورة 5 ربيع اول 1446- 8 سبتمبر 2024
  • أيمن الرقب: نتنياهو يرى استمرار الحرب طوق نجاة لإعادة انتخابه من جديد(فيديو)
  • أستاذ علوم سياسية: نتنياهو يرى استمرار الحرب طوق نجاة له
  • عائلة ناشطة أميركية قتلت بالضفة الغربية تتهم إسرائيل وتطلب تحقيقا مستقلا  
  • صحيفة الثورة السبت 4 ربيع أول 1446 – الموافق 7 سبتمبر 2024
  • نجاة 3 أشخاص من الغرق في انقلاب سيارة ملاكي بترعة القضابي ببني سويف
  • مذيعة مصرية تستغيث لعلاج تشوه وجهها
  • صحيفة الثورة الجمعة 3 ربيع أول 1446 – 6 سبتمبر 2024
  • الامارات تفوز على قطر بثلاثية
  • الامارات تعطي الانتقالي ضوء أخضر لإشعال فتيل الحرب وإعادة استنساخ صراع الثمانينات (تفاصيل خطيرة)