ينشر هذا المقال باتفاق مع موقع إيلاف المغرب

نهج المغرب، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، على امتداد السنوات الـ25 الماضية، مجموعة من الإصلاحات الهيكلية الكبرى، التي تهدف إلى الارتقاء بالمملكة المغربية على مختلف الصعد إلى مصاف الدول المتقدمة، من خلال ضمان تنمية دامجة ومستدامة تأخذ بعين الاعتبار تحقيق الرفاه للمواطنات والمواطنين، وتكرس الدور الريادي لبلادنا داخل القارة الإفريقية وتعزز حضورها على المستوى الدولي.

على هذا الأساس، ومنذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس، مقاليد الحكم صيف 1999، شهد المغرب طفرة نوعية مكنت من تدشين مسار تنموي اقتصادي جديد يعتمد على تعبئة كل الطاقات المتاحة في سبيل النهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، مع الحرص على إشراك جميع الفاعلين للمساهمة في هذا المسار، لا سيما المجتمع المدني والقطاع الخاص الذي أراد له جلالة الملك أن يكون شريكا أساسيا في بلورة السياسات العمومية ومساهما في تنفيذها وتقييمها.

وتنزيلا للإرادة الملكية في إرساء أسس الدولة الاجتماعية، عملت هذه الحكومة على إطلاق عدة أوراش تهم تعميم التغطية الاجتماعية وحماية القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين وتوجيه الدعم المالي المباشر للأسر المعوزة، فضلا عن تعزيز التمدرس والارتقاء بالخدمات الصحية والاجتماعية.

بالإضافة إلى ذلك، عملت الحكومة على حماية النسيج الاقتصادي وتقويته وتمنيعه ضد الأزمات الدولية وتقلبات السوق العالمية والمنافسة الأجنبية من خلال سن إجراءات قانونية لحماية المقاولات الوطنية والشركات المستثمرةبالمغرب ومنحها تحفيزات ضريبية مهمة وتمكينها من مصادر التمويل قصد دعم نشاطها.
في هذا الصدد، وضعت الحكومة رهان تطوير مناخ الأعمال ودعم الاستثمار في صلب الأولويات الوطنية، حيث جرى إحداث قطاع وزاري يتولى مهمة القيام بإعداد وتتبع تنفيذ سياسة الدولة في مجالات الاستثمار، ومناخ الأعمال، والتقائية وتقييم السياسات العمومية، وذلك بموجب المرسوم رقم 2.21.992 الصادر بتاريخ 9 فبراير 2022.

في ضوء التوصيات المتضمنة في تقرير النموذج التنموي الجديد وكذا محاور البرنامج الحكومي الداعية لجعل الاستثمار محركا لعجلة التشغيل وتقليص الفوارق المجالية والنهوض بالاقتصاد الوطني، بلورت وزارة الاستثمار والتلقائية وتقييم السياسات العمومية، استراتيجية وطنية لتشجيع الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال ومضت الوزارة في مجهوداتها من أجل رفع حصة الاستثمارات الخاصة في المغرب. وحددت كأهداف أولية:

• جلب 550 مليار درهم ( 55مليار دولار) من الاستثمار الخاص

• خلق 500 ألف منصب شغل دائم في أفق 2026.

وتهدف هذه الاستراتيجية إلى عكس معادلة توزيع الاستثمار في بلادنا بين القطاعين العمومي والخاص، ليساهم بذلك القطاع الخاص بنسبة ثلثين (3/2) من اجمالي الاستثمار الوطني، أي بنسبة 65٪.

في الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس
بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة، في 14 أكتوبر 2022، قال « إننا نراهن اليوم، على الاستثمار المنتج، کرافعة أساسية لإنعاش الاقتصاد الوطني،وتحقيق انخراط المغرب في القطاعات الواعدة وننتظر أن يعطي الميثاق الوطني للاستثمار، دفعة ملموسة، على مستوى جاذبية المغرب للاستثمارات الخاصة، الوطنية والأجنبية ».

واستجابة لهذا الخطاب الملكي، تشرفت بتقديم، بين يدي جلالة الملك، عرض حول الخطوط الكبرى لمشروع الميثاق الجديد للاستثمار.

وفي أقل من سنة، وبفعالية نموذجية، نجحت الوزارة في استصدار القانون الإطار رقم 03.22 بمثابة ميثاق للاستثمار بتاريخ 12 ديسمبر 2022 بعد مصادقة غرفتي البرلمان عليه، إضافة إلى ترسانة قانونية متجددة لمواكبة تنزيل هذا القانون، مع العمل على تتبع وتحيين الإطار التشريعي والتنظيمي للاستجابة لمتطلبات تحفيز الاستثمار.

ولعل من أهم مرتكزات هذا الميثاق الجديد، وضع حكامة موحدة ولامركزية للاستثمار، تجعل من المجالات الترابية قاطرة للتنمية، وذلك من خلال إحداث وزارة مكلفة الاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية؛ ووضع الوكالة المغربية لتنمية الاستثمار والصادرات تحت وصاية هذه الوزارة؛ وإخضاع المراكز الجهوية للاستثمار لوصاية رئيس الحكومة، وتفويض بعض من صلاحياته لهذه الوزارة؛ وإحداث اللجنة الوطنية للاستثمارات برئاسة رئيس الحكومة، وإقرار اللاتمركز الإداري في عملية الإعداد والمصادقة على مشاريع الاستثمار التي تقل عن 250 مليون درهم (25 مليون دولار) ، تنفيذا لمقتضيات الميثاق الجديد للاستثمار.

لقد صادق مجلس الحكومة في 2 مايو 2024 على مشروع القانون رقم 22.24 بتغيير وتتميم القانون رقم 47.18 المتعلق بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وبإحداث اللجان الجهويةالموحدة للاستثمار.

ويروم هذا المشروع تعزيز دور المراكز الجهوية في جذب الاستثمارات من خلال تقديم خدمات متكاملة ومساعدة المستثمرين في تجاوز العقبات الإدارية، وتوفير الدعم التقني والإرشادي للمستثمرين لضمان نجاح مشاريعهم وتحقيق الأثر الاقتصادي المنشود، وايضاً تطوير البنية التحتية الجهوية لتهيئة البيئة المناسبة للاستثمار في مختلف الجهات، مما يعزز التنمية المتوازنة، ويقلص الفوارق المجالية والجهوية.

فالوزارة تعمل على تنسيق البرامج والسياسات العمومية واستدامتها عبر ضمان التقائيتها وتكاملها وانسجام توجهاتها بهدف تعزيز مبدأ التضامن الحكومي وتفادي تعارض السياسات والبرامج العمومية في مختلف أطوار حياتها، سواء خلال مرحلة صياغتها أو أثناء تنفيذها أو بعد تقييمها. وبهذا الخصوص، تعمل الوزارة تحقيق التنسيق بين مختلف السياسات والبرامج قصد ضمان تكامل الجهود وتحقيق الأهداف المرجوة؛ وتقييم الأداء والنتائج المتعلقة بالسياسات العمومية بشكل دوري وتلقائي لتحديد نقاط القوة والضعف وإجراء التعديلات اللازمة.

لقد اثمرت السياسة العمومية للاستثمار عن نتائج إيجابية ملموسة تعكس تجليات اتخاذ الالتقائية كخيط ناظم لمختلف أطوار حياة السياسات العمومية. مما خلق دينامية جديدة للاستمارات الخاصة التي أكدتها اتفاقيات الاستثمار المصادق عليها من طرف اللجنة الوطنية للاستثمار، حيث تضاعف حجم الاستثمارات خمس مرات وتضاعفت فرص الشغل بسبع مرات، ابتداءً من السنة الأولى لاعتماد الميثاق الجديد للاستثمار. كما مكنت من تقليص الفوارق المجالية حيث شملت مشاريع اتفاقيات الاستثمار الجهات الإثني عشر للمملكة.

 

 

 

 

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: السیاسات العمومیة المیثاق الجدید جلالة الملک محمد السادس من خلال

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء يتابع جهود تنفيذ مستهدفات الدولة في مجال التحول الرقمي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تابع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، جهود تنفيذ مستهدفات الدولة في مجال التحول الرقمي، وذلك في اجتماع عقده اليوم، بحضور الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والمهندس محمد الجوسقي، مساعد وزير الاستثمار والتجارة الخارجية للتخطيط والتطوير والتحول الرقمي، والمهندس محمود بدوي، مساعد وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لشئون التحول الرقمي، وعابد مهران، معاون وزير الاستثمار والتجارة الخارجية لتعزيز مناخ الاستثمار والتنافسية الاقتصادية، ومسئولي الوزارات والجهات المعنية.

وفي مستهل الاجتماع، أكد رئيس الوزراء أن الدولة مُهتمة بصورة واسعة بتحقيق مُستهدفاتها في مجال التحول الرقمي، سعياً لتقديم مختلف الخدمات بصورة مميكنة، بما يُسهم في الإسراع بالإجراءات، وتيسير تقديم الخدمات للمُواطنين.

وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى ضرورة مُتابعة قرار اللجنة الوزارية للعدالة الإجتماعية بشأن "كارت الخدمات الموحد"، وأهمية التطبيق على الفور فى بورسعيد، مع توفير كافة المحددات اللازمة لنجاح تلك المنظومة لاسيما تقنياً، لتسهم في التيسير على المواطنين.

وأضاف رئيس الوزراء أن هناك أيضاً اهتماماً بميكنة كل إجراءات تأسيس وترخيص الشركات بالتنسيق مع وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية، مُعتبراً أن هذه الخطوة تمثل أولوية أولى للمستثمرين، مؤكداً ضرورة أن تكون هناك خطة واضحة، بمستهدفات زمنية محددة، بحيث تكون كل إجراءات تأسيس وترخيص الشركات مميكنة.  

وخلال الاجتماع، عرض وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، تطور الخدمات عبر منصة مصر الرقمية، موضحاً أنه يوجد حالياً مجموعة من الخدمات لا تُقدم إلا من خلال "مصر الرقمية"، معظمها خدمات استعلام؛ مثل خدمات الاستعلام عن مخالفات المرور، وغيرها، مضيفاً أنه يتم التجهيز حالياً لإطلاق عددٍ من الخدمات الجديدة، واقتصار تقديمها أيضاً على منصة مصر الرقمية، كما يتم العمل على إطلاق عددٍ من الخدمات رقمياً، والتي لا تقدم حالياً إلا بالحضور، مثل خدمات التوثيق، بالتزامن مع جهود رفع كفاءة البنية التحتية الرقمية، بما يسهم في عدم انقطاع الخدمة، واستمراريتها، وخلال أيام سيتم عرض تفاصيل هذه الخدمات على رئيس مجلس الوزراء.

كما أشار الدكتور عمرو طلعت، إلى اجتماعه اليوم مع وزير التموين والتجارة الداخلية، بشأن الكارت الموحد لخدمات الدعم، والذي سيتم تعميمه في محافظة بورسعيد بأكملها، وذلك تنفيذاً لقرارات اللجنة الوزارية للعدالة الاجتماعية، مُوضحًا أن الحاصل على الكارت سيتمتع بخدمات التأمين الصحي، والدعم التمويني، وكذا الحماية الاجتماعية، بالإضافة إلى عددٍ آخر من الخدمات، مشيرًا إلى أن عددًا كبيرًا من المواطنين بالمحافظة سيتمتعون بهذه الخدمات، مع إتاحة متابعتها من خلال هواتفهم المحمولة الذكية، دون الحصول على الكارت البلاستيكي، وهو ما سيسهم في تيسير وتسهيل الإجراءات، وتوفير النفقات.

كما أكد وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، استمرار التعاون بشكل مستمر مع وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، ومسئولي الوزارتين، بشأن تيسير إجراءات تأسيس الشركات، وذلك من خلال محوري عمل؛ الأول يتعلق برفع كفاءة المنظومة الحالية، والمحور الثاني يرتبط بميكنة الأعمال بشكل كامل، وهو ما يتم العمل عليه حاليًا.

وخلال الاجتماع استعرض مسئولو وزارة الاستثمار والجهات المعنية الحضور، ما يتم من تنسيقات وجهود بشأن ميكنة الخدمات المختلفة للمستثمرين، عبر منصة إلكترونية، تيسر الاجراءات، وتحقق مستهدفات الدولة فى هذا القطاع. 

مقالات مشابهة

  • وزير الاستثمار: اتفاقيات التجارة الحرة مع 70 دولة تعزز تنافسية الاقتصاد المصري
  • برلماني: موازنة 2025-2026 تعزز الحماية الاجتماعية وتدعم الاستقرار المالي
  • الميثاق الأخلاقي للطالب الجامعي..ندوة بكلية الخدمة الاجتماعية ببني سويف
  • تخصيص الموارد لتمويل حزمة الحماية الاجتماعية.. تفاصيل اجتماع الرئيس السيسي مع وزير المالية| فيديو
  • رئيس الوزراء يتابع جهود تنفيذ مستهدفات الدولة في مجال التحول الرقمي
  • تحدّيات المرحلة المقبلة أمام الحكومة
  • لتعزيز الحماية الاجتماعية| هكذا تضع الدولة المواطن في مقدمة أولوياتها.. تفاصيل
  • تأجيل محاكمة جمال اللبان وآخرين بتهمة الاستيلاء على 73 مليون جنيه لـ10 يونيو
  • مجلس الأعمال المصري المغربي: إنشاء منصة رقمية لتعزيز الاستثمار بين البلدين
  • إنشاء منصة رقمية لتعزيز الاستثمار بين مصر والمغرب