في زمن ولى كان مشروع الجزيرة يمثل الشريان الحيوي لاقتصاد السودان، ولم يكن المشروع يقتصر على دوره الاقتصادي فحسب، بل لعب دوراً هاماً في النهوض بالتعليم والخدمات الاجتماعية في كافة القرى المنتشرة في نطاقه. ضمن هذه الخدمات، برزت جهود محاربة محو الأمية للكبار، والتي كانت إحدى أهم مبادراتها برنامج “المرشدات”.



ساهم هذا البرنامج التعليمي والإرشادي في ترقية الدارسات ورفع وعيهن، وذلك عبر تقديم فرص تعليمية للنساء اللواتي كنّ محصورات ضمن أدوار تقليدية. تعد تجربة مشروع الجزيرة في تعليم المرأة نموذجًا يحتذى به، حيث نجح في تغيير حياة الكثير من النساء وتوجيههن نحو أدوار أكثر فاعلية في المجتمع.

مشروع الجزيرة ودوره في التعليم
الخلفية التاريخية:

كان مشروع الجزيرة يمتد على مساحات واسعة في وسط السودان، ويعتمد بشكل أساسي على زراعة القطن كمحصول نقدي. وقد تأسس ذلك المشروع في أوائل القرن العشرين تحت الاستعمار البريطاني، إلا أنه استمر بعد الاستقلال كركيزة أساسية لاقتصاد البلاد.
الأهمية الاقتصادية:
كانت أهمية مشروع الجزيرة للاقتصاد السوداني تنبع من إنتاجه للقطن الذي كان يُعد المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية، بالإضافة إلى توفير فرص العمل للكثير من سكان المناطق الريفية. وقد أتاح ذلك للمشروع القدرة على توسيع نطاق خدماته الاجتماعية، بما في ذلك التعليم.

برامج تعليم المرأة: المرشدات
هدف البرنامج:
كان برنامج المرشدات جزءًا لا يتجزأ من جهود مشروع الجزيرة لمحو الأمية بين النساء في القرى. وهدف البرنامج إلى توفير فرص تعليمية للنساء، مما يسهم في تحسين مستواهن التعليمي والثقافي والاجتماعي.

منهجية التنفيذ:
اعتمد برنامج المرشدات على عدة أساليب تعليمية تشمل:

•دروس محو الأمية: تعليم النساء القراءة والكتابة والحساب الأساسي.
•التوعية الصحية والاجتماعية: تقديم نصائح وإرشادات حول الصحة العامة ورعاية الأطفال.
•التدريب المهني: تعليم النساء مهارات يدوية وحرفية يمكن أن تساعدهن في تحسين دخلهن. مثل الخياطة والطبخ..
كذلك الإسعافات الاولية..

التحديات والإنجازات:
على الرغم من التحديات التي واجهت برنامج المرشدات، مثل قلة الموارد ووجود بعض العادات والتقاليد التي تعيق تعليم المرأة، إلا أن البرنامج نجح في تحقيق الكثير والمفيد من الانجازات الملموسة وعلى سبيل المثال :

• زيادة معدل تعليم النساء: أدى البرنامج إلى زيادة نسبة النساء المتعلمات في مناطق المشروع.
•تمكين المرأة: ساهم التعليم في تعزيز دور المرأة في المجتمع ومنحها صوتًا في صنع القرار.
•تحسين الأوضاع الاقتصادية: عبر تعليم المهارات الحرفية والمهنية، استطاعت العديد من النساء تحسين مستوى معيشتهن.

تأثير الحرب على تعليم المرأة
التحديات التي أفرزتها الحرب:

مع اندلاع الحروب والنزاعات في السودان، تأثرت العديد من جوانب الحياة اليومية، وكان تعليم المرأة أحد أبرز المتضررين. أدت هذه الحروب إلى:

•تهجير السكان: شهدت كل مناطق الحروب نزوح الكثير من الأسر عن مناطقهم الأصلية مما أدى إلى تعطيل العملية التعليمية.
•قلة الموارد: استنزاف الموارد الاقتصادية وتوجيهها نحو مجهودات الحرب بدلاً من التعليم. وكانت نتائج ذلك تفتيت عضد النسيج الاجتماعي وظهور سلوكيات سالبة..
•انتشار الفقر: ومن اكبر مساوئ الحرب زيادة نسبة الفقر مما جعل التعليم أولوية ثانوية لبعض الأسر.

الجهود المبذولة لمواجهة التحديات:

على الرغم من هذه التحديات، استمرت بعض الجهود لمواجهة تأثير الحرب على تعليم المرأة، من خلال:

•المبادرات الأهلية والدولية: بدات المنظمات المحلية والدولية بمبادرة تعليم النساء في المناطق المتضررة. وعلى الرغم من قلتها وقلة المنتفعات منها إلا انها كانت تجربة حقيقية في مجال التعليم ومحو الأمية
•تطوير برامج تعليمية مرنة: تكييف البرامج التعليمية لتناسب هذه الظروف الاستثنائية، مثل التعليم عن بُعد.

التعليم كوسيلة للسلام
دور التعليم في تعزيز السلام:
يلعب التعليم دورًا محوريًا في تعزيز السلام وبناء المجتمعات المستقرة، وذلك عبر:

•تعزيز الوعي: بلا شكك فان التعليم يساهم مساهمة كبيرة في رفع الوعي لدى الأفراد بأهمية السلام والتعايش السلمي.
•بناء القدرات: من خلال تطوير مهارات الأفراد، يصبحون أكثر قدرة على المساهمة في تنمية مجتمعاتهم.
•تمكين المرأة: تعزيز دور المرأة في المجتمع، مما يسهم في نشر قيم التسامح والمساواة.

تجارب ناجحة:
توجد العديد من التجارب الناجحة في مناطق النزاع التي استفادت من التعليم كوسيلة لتعزيز السلام، مثل:

•برامج التعليم في مخيمات اللاجئين لتقديم التعليم للأطفال والنساء في المخيمات لضمان استمرارية التعليم رغم النزوح.
•مبادرات تعليم المرأة: مثل برنامج المرشدات في مشروع الجزيرة، والذي يُعد نموذجاً يُحتذى به في تمكين المرأة وتعزيز دورها في المجتمع.

الخاتمة

يبقى تعليم المرأة في السودان، وفي كافة مناطق النزاع، واحدًا من أهم القضايا التي تستحق الاهتمام والدعم. على الرغم من التحديات التي فرضتها الحروب والنزاعات، إلا أن الجهود المستمرة لتحقيق هذا الهدف تعكس الأمل في مستقبل أكثر إشراقًا للنساء والمجتمعات بشكل عام.

بتعزيز تعليم المرأة، يمكننا بناء مجتمعات أكثر قوة وتماسكًا، قادرة على مواجهة التحديات وتحقيق السلام والاستقرار.


عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة

osmanyousif1@icloud.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: مشروع الجزیرة تعلیم المرأة تعلیم النساء على الرغم من فی المجتمع المرأة فی

إقرأ أيضاً:

أزمة السودان.. رابطة العالم الإسلامي تؤكد ضرورة فتح معابر إضافيّة

ثمّنَتْ رابطة العالم الإسلامي الجهود الدؤوبة التي تواصل بذلها مجموعة "متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح وتحقيق السلام في السودان"، لتخفيف مُعاناة الشعب السوداني، وإنقاذِ الأرواح، وتحقيقِ وقف دائم للأعمال العدائية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1600588014572-0'); }); وأَعْرَبَ أمينها العام، رئيس هيئة علماء المسلمين، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى عن دعم الرابطة الكامل، وتثمينِها الكبير لجهود المجموعة.جهود إنقاذ الشعب السودانيوتتكون المجموعة من: المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السويسري، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية مصر العربية، والاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة، وتعمل انطلاقًا من إعلان جدة، وتحت رعايةِ المملكة العربية السعودية.
أخبار متعلقة المملكة وعدة دول تعلن نتائج اجتماعات الـ 10 أيام في سويسرا بشأن السودانرابطة العالم الإسلامي تثمّن جهود مجموعة "تحقيق السلام في السودان""متحالفون من أجل السودان" تؤكد مواصلة جهود حماية المدنيينوأكّد "العيسى" الضرورةَ المُلحّة لاستجابة الأطراف السودانية لدعوة المجموعة بفتحِ معابر حدودية إضافيّة، مع مواجهة أكثر من 25 مليون شخص للجوع والمجاعة الحادَّين.إيصال المساعدات إلى السودانوثَمّنَت الرابطة للمجموعة التزامَها بإنقاذ الشعب السوداني، ومواصلتها العمل في إيصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين.
ويأتي هذا مع وصول المساعدات إلى نحو 300 ألف شخص في دارفور الأسبوع الماضي، ومبادرات وقف النار، وإنهاء الحرب في السودان.

مقالات مشابهة

  • أزمة السودان.. رابطة العالم الإسلامي تؤكد ضرورة فتح معابر إضافيّة
  • الفريق كامل الوزير يقرر: إزالة كافة التحديات التي تواجه المستثمرين بجمصه
  • اختيار نميرة نجم بلجنة تحكيم مسابقة أفضل القانونيات في العالم بفيينا
  • «عاشور»: الدمج بين التعليم الإلكتروني والفصول الدراسية أصبح ضرورة حتمية
  • الكتابة في زمن الحرب (41)
  • الشيخة فاطمة: المرأة نصف السوق .. والنساء أغلبية مصادر المواهب
  • نسبة النساء اللواتي استلمن بطاقة “ناخب” ترتفع إلى 82٪ حسب إحصائية هذا اليوم
  • التعليم تحدد آلية التعامل مع المخالفات التي يرتكبها الطالب خلال العام الدراسي
  • احمد الاسدي يشدد على ضرورة حسم مسودة مشروع قانون النقابات العمالية
  • مسؤولتان أمميتان تجددان التأكيد على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة