لبنان حاضر في خطاب نتنياهو.. بين الدبلوماسية والحرب!
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
أعاد خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام أعضاء الكونغرس الأميركي في واشنطن، بكلّ ما انطوى عليه من شعبوية في مكانٍ ما، واستعراض في آخر، على وقع التصفيق المبالَغ به في الداخل، والمظاهرات المندّدة بحروبه في الخارج، أسهم "الحرب" إلى أعلى مستوياتها، إن جاز التعبير، بحديثه عن صراع بين الخير والشرّ، وبين البربرية والحضارة، وإصراره على أنّ إسرائيل تقاتل عن الولايات المتحدة نفسها.
وتمامًا كالاستعراض الذي اتسم به الخطاب في مقاربة الوضع في غزة، التي دعا إلى أن تكون "منزوعة السلاح وخالية من المتطرفين" على حدّ وصفه، من دون أن يقدّم خطة حقيقية وجادة لمرحلة ما بعد الحرب، أو ما يصطلح على وصفه بـ"اليوم التالي"، جاء حديثه في الملفّ اللبناني، في شقّين، حيث كرّر مرّة أخرى "ثابتة" أنّ إسرائيل ستقوم "بكلّ ما يجب أن تفعله" لإعادة الأمن عند حدودها الشمالية، "وإعادة الشعب إلى منازلهم سالمين آمنين"، وفق تعبيره.
ومع أنّ نتنياهو أعطى الأولوية في كلمته للدبلوماسية لتحقيق ذلك، فإنّ وسائل إعلام إسرائيلية قالت إنّه يسعى للحصول على "ضوء أخضر" من الإدارة الأميركية للتحرك في لبنان، إذا لم تنجح الاتصالات الدبلوماسي، علمًا أنّ الرجل حرص في خطابه على وضع القتال في لبنان في إطار "المعركة الشاملة" ضدّ إيران، باعتبار أنّ إسرائيل عندما تقاتل حزب الله والحوثيين وحماس فهي تقاتل إيران، لمنعها من مواجهة أميركا، وفق توصيفه.
"استعراض" نتنياهو
مع أنّ وقع خطاب نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي جاء أقلّ من المتوقع، خصوصًا في ضوء المقاطعة اللافتة التي اصطدم بها في صفوف العديد من النواب، بما في ذلك المنتمين إلى الحزب الديمقراطي، وعلى وقع التظاهرات المندّدة بالحرب التي يشنّها على قطاع غزة، والإبادة الجماعية التي تُمارَس ضدّ الفلسطينيين، فإنّ كلامه بصورة عامة، بدا برأي كثيرين، استعراضيًا بالدرجة الأولى، يقوم بشكل أساسي على "البروباغندا".
في هذا السياق تحديدًا، يُفهَم تركيزه على القول إنّ إسرائيل تخوض "معركة" الولايات المتحدة بشكل أو بآخر، باعتبار أنّ المعركة الأساسية هي ضدّ أميركا، وأنّ إسرائيل هي الأداة، وهو ما يعني أنّ الولايات المتحدة وإسرائيل يجب أن تقفا جنبًا إلى جنب من أجل تحقيق الانتصار، منبّهًا إلى أنّ إيران تريد السيطرة على الشرق الأوسط، وتستخدم "حزب الله" والحوثيين وغيرهم من أجل تحقيق هذا الهدف، ولذلك يجب منعها من امتلاك سلاح نووي.
وفي السياق "الاستعراضي" نفسه، يمكن فهم حديث نتنياهو عن الجبهة اللبنانية، حيث سعى لتصوير الحرب ضدّ "حزب الله" كجزء من الحرب ضدّ إيران، وهو بهذا الكلام أراد الحصول على "ضوء أخضر" أميركي للمضيّ في المعركة، في حال فشل الاتصالات الدبلوماسية، وهو واقع الحال مع تمسّك "حزب الله" بمواقفه المبدئية المعروفة، وقد تجلّى ذلك صراحةً بقوله إنّه "عندما نقاتل للدفاع عن أنفسنا فنحن نعلم أن أميركا تحمي ظهرنا".
نتنياهو يريد الحرب؟!
قد يوحي كلام نتنياهو في هذا الصدد، أنّ إسرائيل باتت تغلّب خيار الحرب ضدّ لبنان على ما عداه، ولا سيما أنّ زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى واشنطن ترافق مع "تزخيم" ميداني لافت، سواء على مستوى "السخونة" التي شهدتها المعارك على الجبهة الشمالية، أو على مستوى "التحشيد" الإسرائيلي الذي بلغ ذروته، بالتزامن مع الحديث عن مناورة برية يستعدّ لها الجيش الإسرائيلي، تحاكي هجومًا واسعًا على لبنان.
لكن، خلافًا للظاهر، يقول العارفون إنّ نتنياهو لا يسعى بالضرورة من خلال هذا الكلام، إلى إطلاق شرارة الحرب على الجبهة اللبنانية، فالأولوية تبقى إسرائيليًا وأميركيًا للاتصالات السياسية والدبلوماسية من أجل "تسوية" النزاع القائم، رغم قناعة واشنطن بأنّ أيّ "خرق" لن يكون مقدورًا عليه قبل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وهو ما يبدو أنّ الأميركيون يركّزون عليه بالدرجة الأولى في هذه المرحلة.
وإذا كان هناك من يعتقد استنادًا إلى ما تقدّم، أنّ رفع نتنياهو للسقف في كلامه، يأتي في إطار "الحرب النفسية" المستمرّة بينه وبين "حزب الله"، وربما التنافس على تكريس "معادلة الردع"، فإنّ العارفين يشيرون إلى أنّ "حزب الله" أدلى بدلوه أيضًا في هذه المعركة، من خلال فيديو "الهدهد-3" الذي تعمّد نشره بالتزامن مع زيارة نتنياهو إلى واشنطن، في توقيت "مدروس" وفق العارفين، لتأكيد جاهزية الحزب المطلقة لمواجهة العدو، متى تطلب الأمر ذلك.
حتى لو كان صحيحًا أنّ نتنياهو سعى في واشنطن للحصول على "ضوء أخضر" من أجل الذهاب إلى حرب ضدّ "حزب الله"، إذا فشلت الاتصالات الدبلوماسية في إبرام "تسوية" تكون مقبولة بالنسبة إليه، فإنّ كلّ التقديرات تشير إلى أنّ مثل هذه الحرب تبقى مُستبعَدة في الوقت الحالي، فأميركا لا تريدها على أعتاب انتخابات تكاد تكون مفصليّة بالنسبة إليها، وإسرائيل نفسها الغارقة في "وحل غزة"، لا تبدو متحمّسة للانتقال إلى "مستنقع لبنان"! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله من أجل إلى أن
إقرأ أيضاً:
رسالة حادة من واشنطن للدول التي تدعم الأطراف المتحاربة بالسودان عسكريا
وجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن رسالة حادة إلى الدول التي تقدم الدعم العسكري للأطراف المتحاربة في السودان قائلا "يكفي هذا".
وقال بلينكن أمام اجتماع حول السودان بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة "استخدموا مواردكم لتخفيف معاناة السودانيين وليس تعميقها، استخدموا نفوذكم لإنهاء الحرب وليس إدامتها، لا تكتفوا بالزعم بأنكم مهتمون بمستقبل السودان، بل أثبتوا ذلك".
واندلعت المعارك في السودان منتصف أبريل/نيسان 2023 بين الجيش بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وقد خلفت هذه الحرب عشرات آلاف القتلى، وشردت أكثر من 11 مليون سوداني، وتسببت -وفق الأمم المتحدة- في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث، في ظل اتهامات متبادلة بين طرفي الصراع بارتكاب جرائم حرب عبر استهداف المدنيين ومنع المساعدات الإنسانية.
دعم إضافيوخلال الجلسة، أعلن وزير الخارجية الأميركي عن تخصيص بلاده مبلغا إضافيا بقيمة 200 مليون دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان، ليرتفع بذلك إجمالي المساعدات الأميركية إلى 2.3 مليار دولار، مضيفا أن الولايات المتحدة عملت كثيرا مع الشركاء لتوفير المساعدة إلى السودان.
إعلانوأشار بلينكن إلى أن التمويل سيوفر الغذاء والمأوى والرعاية الصحية للسودان الذي يتعين توصيل مزيد من المساعدات إليه بشكل آمن وسريع.
وأضاف أن الولايات المتحدة ستستخدم كل وسيلة -مثل فرض مزيد من العقوبات- لمنع الانتهاكات في السودان ومحاسبة مرتكبيها، ودعا الآخرين إلى فرض إجراءات عقابية مماثلة على المتسببين في تفاقم الصراع.
وعلى صعيد متصل، حذّر برنامج الأغذية العالمي من أن السودان قد يشهد أكبر مجاعة في التاريخ الحديث، حيث يعاني 1.7 مليون شخص من الجوع أو يواجهون خطره المباشر، كما يعاني نحو 26 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء البلاد.
وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قد طالب بتوفير مساعدة بقيمة 4.2 مليارات دولار لتلبية حاجات السودانيين في 2025.