أعاد خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام أعضاء الكونغرس الأميركي في واشنطن، بكلّ ما انطوى عليه من شعبوية في مكانٍ ما، واستعراض في آخر، على وقع التصفيق المبالَغ به في الداخل، والمظاهرات المندّدة بحروبه في الخارج، أسهم "الحرب" إلى أعلى مستوياتها، إن جاز التعبير، بحديثه عن صراع بين الخير والشرّ، وبين البربرية والحضارة، وإصراره على أنّ إسرائيل تقاتل عن الولايات المتحدة نفسها.


 
وتمامًا كالاستعراض الذي اتسم به الخطاب في مقاربة الوضع في غزة، التي دعا إلى أن تكون "منزوعة السلاح وخالية من المتطرفين" على حدّ وصفه، من دون أن يقدّم خطة حقيقية وجادة لمرحلة ما بعد الحرب، أو ما يصطلح على وصفه بـ"اليوم التالي"، جاء حديثه في الملفّ اللبناني، في شقّين، حيث كرّر مرّة أخرى "ثابتة" أنّ إسرائيل ستقوم "بكلّ ما يجب أن تفعله" لإعادة الأمن عند حدودها الشمالية، "وإعادة الشعب إلى منازلهم سالمين آمنين"، وفق تعبيره.
 
ومع أنّ نتنياهو أعطى الأولوية في كلمته للدبلوماسية لتحقيق ذلك، فإنّ وسائل إعلام إسرائيلية قالت إنّه يسعى للحصول على "ضوء أخضر" من الإدارة الأميركية للتحرك في لبنان، إذا لم تنجح الاتصالات الدبلوماسي، علمًا أنّ الرجل حرص في خطابه على وضع القتال في لبنان في إطار "المعركة الشاملة" ضدّ إيران، باعتبار أنّ إسرائيل عندما تقاتل حزب الله والحوثيين وحماس فهي تقاتل إيران، لمنعها من مواجهة أميركا، وفق توصيفه.
 
"استعراض" نتنياهو
 
مع أنّ وقع خطاب نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي جاء أقلّ من المتوقع، خصوصًا في ضوء المقاطعة اللافتة التي اصطدم بها في صفوف العديد من النواب، بما في ذلك المنتمين إلى الحزب الديمقراطي، وعلى وقع التظاهرات المندّدة بالحرب التي يشنّها على قطاع غزة، والإبادة الجماعية التي تُمارَس ضدّ الفلسطينيين، فإنّ كلامه بصورة عامة، بدا برأي كثيرين، استعراضيًا بالدرجة الأولى، يقوم بشكل أساسي على "البروباغندا".
 
في هذا السياق تحديدًا، يُفهَم تركيزه على القول إنّ إسرائيل تخوض "معركة" الولايات المتحدة بشكل أو بآخر، باعتبار أنّ المعركة الأساسية هي ضدّ أميركا، وأنّ إسرائيل هي الأداة، وهو ما يعني أنّ الولايات المتحدة وإسرائيل يجب أن تقفا جنبًا إلى جنب من أجل تحقيق الانتصار، منبّهًا إلى أنّ إيران تريد السيطرة على الشرق الأوسط، وتستخدم "حزب الله" والحوثيين وغيرهم من أجل تحقيق هذا الهدف، ولذلك يجب منعها من امتلاك سلاح نووي.
 
وفي السياق "الاستعراضي" نفسه، يمكن فهم حديث نتنياهو عن الجبهة اللبنانية، حيث سعى لتصوير الحرب ضدّ "حزب الله" كجزء من الحرب ضدّ إيران، وهو بهذا الكلام أراد الحصول على "ضوء أخضر" أميركي للمضيّ في المعركة، في حال فشل الاتصالات الدبلوماسية، وهو واقع الحال مع تمسّك "حزب الله" بمواقفه المبدئية المعروفة، وقد تجلّى ذلك صراحةً بقوله إنّه "عندما نقاتل للدفاع عن أنفسنا فنحن نعلم أن أميركا تحمي ظهرنا".
 
نتنياهو يريد الحرب؟!
 
قد يوحي كلام نتنياهو في هذا الصدد، أنّ إسرائيل باتت تغلّب خيار الحرب ضدّ لبنان على ما عداه، ولا سيما أنّ زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى واشنطن ترافق مع "تزخيم" ميداني لافت، سواء على مستوى "السخونة" التي شهدتها المعارك على الجبهة الشمالية، أو على مستوى "التحشيد" الإسرائيلي الذي بلغ ذروته، بالتزامن مع الحديث عن مناورة برية يستعدّ لها الجيش الإسرائيلي، تحاكي هجومًا واسعًا على لبنان.
 
لكن، خلافًا للظاهر، يقول العارفون إنّ نتنياهو لا يسعى بالضرورة من خلال هذا الكلام، إلى إطلاق شرارة الحرب على الجبهة اللبنانية، فالأولوية تبقى إسرائيليًا وأميركيًا للاتصالات السياسية والدبلوماسية من أجل "تسوية" النزاع القائم، رغم قناعة واشنطن بأنّ أيّ "خرق" لن يكون مقدورًا عليه قبل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وهو ما يبدو أنّ الأميركيون يركّزون عليه بالدرجة الأولى في هذه المرحلة.
 
وإذا كان هناك من يعتقد استنادًا إلى ما تقدّم، أنّ رفع نتنياهو للسقف في كلامه، يأتي في إطار "الحرب النفسية" المستمرّة بينه وبين "حزب الله"، وربما التنافس على تكريس "معادلة الردع"، فإنّ العارفين يشيرون إلى أنّ "حزب الله" أدلى بدلوه أيضًا في هذه المعركة، من خلال فيديو "الهدهد-3" الذي تعمّد نشره بالتزامن مع زيارة نتنياهو إلى واشنطن، في توقيت "مدروس" وفق العارفين، لتأكيد جاهزية الحزب المطلقة لمواجهة العدو، متى تطلب الأمر ذلك.
 
حتى لو كان صحيحًا أنّ نتنياهو سعى في واشنطن للحصول على "ضوء أخضر" من أجل الذهاب إلى حرب ضدّ "حزب الله"، إذا فشلت الاتصالات الدبلوماسية في إبرام "تسوية" تكون مقبولة بالنسبة إليه، فإنّ كلّ التقديرات تشير إلى أنّ مثل هذه الحرب تبقى مُستبعَدة في الوقت الحالي، فأميركا لا تريدها على أعتاب انتخابات تكاد تكون مفصليّة بالنسبة إليها، وإسرائيل نفسها الغارقة في "وحل غزة"، لا تبدو متحمّسة للانتقال إلى "مستنقع لبنان"! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله من أجل إلى أن

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تشنّ غارة على ضاحية بيروت ولبنان يطلب "إجبارها"على وقف ضرباتها

 

بيروت- شنّت إسرائيل الأحد 27ابريل2025، غارة جوية على الضاحية الجنوبية لبيروت قالت إنها استهدفت مخزن صواريخ لحزب الله، في ثالث ضربة على المنطقة منذ سريان وقف إطلاق النار، طلب على إثرها لبنان الطرفين الضامنين للاتفاق، الولايات المتحدة وفرنسا، "إجبار" الدولة العبرية على وقف هجماتها.

ودخل الاتفاق حيز التنفيذ في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، بعد تبادل للقصف بين إسرائيل وحزب الله استمر نحو عام وتحوّل مواجهة مفتوحة في أيلول/سبتمبر 2024.

لكن الدولة العبرية واصلت شنّ ضربات في لبنان وأبقت على وجود عسكري في مناطق حدودية، مشددة على أنها لن تتيح للحزب الذي تكبّد خسائر كبيرة خلال الحرب، إعادة بناء قدراته.

ونفّذ سلاح الجو الإسرائيلي الأحد غارة على حيّ الحدث عند أطراف الضاحية الجنوبية التي تعتبر معقلا لحزب الله، بعدما أنذر سكان المنطقة بإخلائها.

وأظهرت لقطات لفرانس برس تصاعد سحب كثيفة من الدخان الأسود بعد الضربة وتناثر قطع من الحطام على ارتفاع شاهق. واندلعت النيران في المكان الذي دمّر بالكامل، بينما لحقت أضرار واسعة بمبانٍ وسيارات قريبة.

وعمل عناصر من فرق الانقاذ والدفاع المدني على إخماد النيران، بينما استخدم آخرون جرافة لإزاحة الركام.

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية بأن الطيران أطلق "ثلاثة صواريخ" على المكان، وهو عبارة عن "هنغار" (عنبر) بحسب قنوات محلية.

وقالت إسرائيل إن الموقع مخزن أسلحة للحزب المدعوم من إيران، يحوي "صواريخ دقيقة".

وجاء في بيان لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إنه بتوجيه من بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس "شنّ الجيش ضربة قوية على مخزن في بيروت حيث خزّن حزب الله صواريخ دقيقة، تشكل تهديدا كبيرا لدولة إسرائيل".

وأضاف أن إسرائيل "لن تسمح لحزب الله بتعزيز قوته أو خلق أي تهديد ضدها - في أي مكان في لبنان"، متابعا "لن تكون الضاحية في بيروت ملاذًا آمنًا لمنظمة حزب الله الإرهابية. وتتحمل الحكومة اللبنانية المسؤولية المباشرة في منع هذه التهديدات".

واعتبر الجيش أن "تخزين الصواريخ في هذا الموقع يشكل انتهاكًا صارخًا للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان، ويشكل تهديدًا لدولة إسرائيل ولمواطنيها".

- "حياتهم الطبيعية" -

وهي المرة الثالثة تتعرض الضاحية الجنوبية لضربة منذ وقف إطلاق النار. وقتل أربعة أشخاص في غارة نفذتها إسرائيل في الأول من نيسان/أبريل، وأكدت حينها "القضاء" على القيادي في الحزب حسن بدير. كما أعلنت في 28 آذار/مارس، شنّ غارة على موقع قالت إن حزب الله يستخدمه لتخزين المسيّرات.

ودان رئيس الجمهورية جوزاف عون في بيان الغارة الإسرائيلية الجديدة.

وقال "على الولايات المتحدة وفرنسا، كضامنين لتفاهم وقف الأعمال العدائية، أن يتحملا مسؤولياتهما ويجبرا إسرائيل على التوقف فورا عن اعتداءاتها".

وحذّر من أن "استمرار إسرائيل في تقويض الاستقرار سيفاقم التوترات ويضع المنطقة أمام مخاطر حقيقية تهدد أمنها واستقرارها".

وندد رئيس الوزراء نواف سلام بـ"مواصلة اسرائيل اعتداءاتها على لبنان وترويع الآمنين في منازلهم وهم التواقون للعودة إلى حياتهم الطبيعية". وناشد رعاة الاتفاق "التحرك لوقف هذه الاعتداءات وتسريع الانسحاب الاسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية".

وأتت ضربة الضاحية الجنوبية بعد ساعات من مقتل شخص في ضربة نفّذتها مسيّرة إسرائيلية على بلدة حلتا في جنوب لبنان، بحسب وزارة الصحة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه "قضى" على "إرهابي" من حزب الله في تلك الضربة، كان يعمل "على إعادة ترميم قدرات المنظمة الإرهابية في المنطقة".

ودعت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت "جميع الأطراف إلى وقف أي اعمال من شأنها تقويض تفاهم وقف الأعمال العدائية وتنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1701".

وصدر القرار عن مجلس الأمن الدولي، وأنهى حربا مدمرة بين حزب الله واسرائيل في صيف 2006. وشكّل هذا القرار كذلك أساسا لاتفاق وقف إطلاق النار الأخير.

ودخل وقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، وتتولى مراقبته لجنة خماسية تضم لبنان وإسرائيل، إضافة الى الولايات المتحدة وفرنسا والأمم المتحدة.

ونص الاتفاق على انسحاب مقاتلي حزب الله من المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني في جنوب لبنان، وتفكيك بناه العسكرية فيها، في مقابل تعزيز الجيش وقوة الأمم المتحدة الموقتة (يونيفيل) لانتشارهما قرب الحدود مع اسرائيل.

ويطالب لبنان المجتمع الدولي بالضغط على اسرائيل لوقف هجماتها والانسحاب من خمسة مرتفعات في جنوب البلاد أبقت قواتها فيها بعد انقضاء مهلة انسحابها بموجب الاتفاق.

ويؤكد لبنان التزامه بالبنود، محمّلا إسرائيل مسؤولية عدم احترامها.

وقال قائد الجيش اللبناني رودولف هيكل في مطالعة أمام مجلس الوزراء في 17 نيسان/أبريل، أن لبنان وجيشه "التزما... خلافا لإسرائيل، مما أثر سلبا على استكمال انتشار الجيش اللبناني وبسط سلطة الدولة"، بحسب ما جاء في بيان حكومي في حينه.

وكان مصدر في حزب الله أفاد فرانس برس في وقت سابق من نيسان/أبريل، أن الحزب سلّم الجيش 190 من 265 نقطة عسكرية تابعة له جنوب الليطاني.

وأعادت الحرب والخسائر التي تكبدها الحزب والدمار الذي لحق بمناطق لبنانية، إثارة الجدل بشأن سحب ترسانته العسكرية و"حصر السلاح بيد الدولة"، في ظل ضغوط أميركية متزايدة على القيادة اللبنانية.

وأكد عون هذا الشهر أن القرار بذلك "اتخذ"، لكنه يبقى ملفا "حسّاسا" وتحقيقه رهن "الظروف" الملائمة.

 

مقالات مشابهة

  • نعيم قاسم: إسرائيل خرقت الاتفاق 3 آلاف مرة وتهدف لتغيير القواعد
  • نتنياهو يكشف تفاصيل عن عملية تفجير أجهزة النداء البيجر في لبنان (شاهد)
  • إسرائيل تشنّ غارة على ضاحية بيروت ولبنان يطلب "إجبارها"على وقف ضرباتها
  • العودة إلى الدبلوماسية.. هل تقود المفاوضات الإيرانية الأميركية لاتفاق جديد؟
  • إسرائيل تسعى إلى التخريب وعرقلة المفاوضات مع إيران
  • عن اغتيال نصرالله وعملية البيجر... تفاصيل جديدة كشفها نتنياهو!
  • إسرائيل تواصل العربدة وتقصف جنوب لبنان.. والوسطاء يتحدثون عن "بعض التقدم" في مفاوضات غزة
  • في بيان مُشترك.. إليكم ما أعلنه نتنياهو وكاتس عن استهداف الضاحية وحزب الله
  • بالفيديو... هكذا اغتالت إسرائيل عامر عبد العال اليوم في جنوب لبنان
  • باراك: نتنياهو يقود “إسرائيل” نحو الهاوية.. وحربنا في غزة عبثية