كشف العدوان الإسرائيلي على غزّة مؤخراً والدعم اللامحدود الذي حصلت عليه تل أبيب من الإدارة الأمريكية حجم النفوذ الإسرائيلي داخل الولايات المتّحدة بشكل لم يسبق له مثيل على الإطلاق لدرجة أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي ألقى خطاب في الكونغرس هاجم فيه الأمريكيين الذين يعترضون على جرائم نظامه في غزّة، وهذه سابقة لم يفعلها أي مسؤول أجنبي في مؤسسة أمريكية ـ الكونغرس ـ من المفترض انّها تمثّل الشعب الأمريكيين والناخبين الذي إنتخبوا أعضائها.



ولم تقتصر الصدمة الناجمة عن إدراك حجم النفوذ الإسرائيلي داخل الولايات المتّحدة، ومدى قوّة وتأثير اللوبي الإسرائيلي على المسؤولين الأمريكيين، على شرائح واسعة من الشعب الأمريكي، بل أنّ العالم كلّه سمع ورأى وعاين هذا النفوذ بشكل غير مسبوق في وقت يقوم الاحتلال الإسرائيلي فيه بارتكاب مجازر إبادة جماعية في فلسطين على نطاق واسع بشكل علني وتحت مرآى ومسمع العالم.

لكن هذا النفوذ لم يكن سرّاً، وكان كل من البروفيسرو جون ميرشامير وستيفان والت قد ألّفا عنه كتاباً في العام 2007 ـ 2008 تحت عنوان "اللوبي الإسرائيلي وسياسة أمريكا الخارجية". يعتبر هذا الكتاب الأشهر على الإطلاق لناحية التداول والتأثير فيما يتعلق بفئة الكتب التي تتحدّث عن نفوذ اللوبي الصهيوني في واشنطن. مؤلّفاه من أشهر أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية في واشنطن.

اعتمد المؤلّفان على المنهج العلمي في تأليفه، وقد حافظا خلاله على تقديرات معتدلة بعيداً عن المبالغة إمّا خوفاً من اللوبي نفسه، وإما تسهيلاً لقبوله من العامة، أو لتقويض إمكانية حجبه أو حتى دحضه من قبل الخصوم. قراءة هذا الكتاب تعتبر من الضروريات لمن يريد أن يفهم عمق ومدى تأثير اللوبي، وتفسير مواقف الإدارة الامريكية التي تتناقض ليس مع مصالح أمريكا فقط بل حتى مع مصالح الشعب الأمريكي وحقوقه. القسم الأوّل من الكتاب هو الأهم في هذا الصدد.

وبموازاة حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين، برزت إيران وأذرعها الإقليمية في لبنان والعراق وسوريا واليمن إلى الساحة مُجدّداً ليس كروّاد لحرب الإبادة التي شنّوها كذلك ضد عدد من الشعوب العربية خلا العقد الماضي، لاسيما في سوريا، وإنما كـ"مقاومة"! المشهد نفسه يتكرّر كل عقد من الزمن والمجرم يصبح في طرفة عين مقاوم، والناس التي كانت تدينه أصبحت تهلّل له! لماذا تنجح إيران وأذرعها في كل مرة في غسل جرائها وتبيض صورتها السوداء من خلا التمسّح بفلسطين؟

الجواب عند تريتا بارسي (بارزي). كتب تريتا بارسي واحداً من أفضل الكتب على الإطلاق عن العلاقة المعقّدة بين أمريكا وإسرائيل وإيران تحت عنوان "حلف المصالح المشتركة: التعاملات السرّية بين إسرائيل وإيران والولايات المتّحدة". الكتاب نشر أيضا عام 2007-2008. وعلى الرغم من أنّ عنوانه يعطي إنطباعاً بأنّه كتاب مؤامراتي، إلا أنّه في حقيقة الأمر كتاب علمي مستل من أطروحة الدكتوراه التي أجراها بارسي.

لماذا تدعم إسرائيل إيران؟ ولماذا تقول إيران أنها تريد إزال إسرائيل فيما تزيل العرب؟ ولماذا يتنافس الطرفان على النفوذ في العالم العربي بدلاً من أن يدمرا بعضهما البعض؟ وكيف نفهم الأحداث الجارية اليوم لنتجنّب أن نكون مجرّد ضحايا لهما ونتفادى أخطاء الماضي في الترويج لأي من الطرفين أو الوقوف مع أي من الطرفين؟بالإضافة إلى طابعه العلمي، فإنّ ما يجعل الكتاب ثمينا جداً هو إجراء المؤلّف ما يزيد على 130 مقابلة رسميّة مع مسؤولين رسميين رفيعي المستوى في إيران وإسرائيل والولايات المتّحدة، وشموليته من خلال الفترة التي يغطيها ـ 1948 وحتى تاريخه ـ، وقدرته على تحليل التعقيدات والتناقضات في العلاقات الإيرانية ـ الإسرائيلية، والإيرانية ـ الأمريكية، والإسرائيلية ـ الأمريكية وذلك على المستويين العلني والسرّي.

المثير للاهتمام أنّ مؤلّف الكتاب أصبح بعد تأليف الكتاب واحدا من أهم رجالات النظام الإيراني في واشنطن، وأدار ما أصبح يعرف فيما بعد باسم لوبي إيران في واشنطن. بمعنى آخر، الكتاب لم يكتبه أحد معارضي النظام، وهو أساسي وأكثر من ضروري لكل من يريد أن يفهم سر العلاقات الإسرائيلية ـ الإيرانية والتناقض بين الظاهر والباطن والاهم لماذا تنجح إيران في تبييض صورتها من خلال القضية الفلسطينية وما الهدف النهائي للجهد الإيراني في هذا الصدد.

الكتاب الثالث هو "المهمّة الإنجليزية: فهم إيران". هذا الكتاب، وعلى خلاف الكتابين السابقين، ليس كتابا أكاديميا أو علمياً، لم يكتبه أستاذة جامعي وليس عبارة عن أطروحة دكتوراه أو دراسة علمية. وبالرغم من ذلك فانّ أهمّيته تكمن في مؤلّفه وهو جاك سترو، وزير خارجية بريطانيا السابق، والذي سبق له وأن شغل كذلك عدّة مناصب رسمية من بينها عضو برلماني عدّة مرات، ووزير ظل في التعليم وشؤون البيئة والداخلية، وكذلك وزير الدولة للشؤون الداخلية.

الوزير البريطاني معروف بحبّه للفارسيّة، وقد أتّهم من قبل معارضي النظام بانّه متأثّر بايران، حتى انّ أمير طاهري كتب مقالاً عنه انتقد فيه كتابه وقال انّ الرجل "مفتون بايران التي تسكن خياله". أهمّية كتابه في انّه يحتوي على معلومات وإن لم تكن الأولى من نوعها إلا انّها المرّة الأولى التي يتم توثيقها حديثاً من قبل سياسي عرف دبلوماسية الأبواب المغلقة، ولديه إمكانية الوصول الى معلومات ليس بإمكان الباحث العادي فضلاً عن القارئ الوصول إليها بنفس.

واحدة من أهم الأفكار التي وردت في الكتاب هو شرحه للتناقض الإيراني إبّان ثورة الخميني، ففي الوقت الذي كان ينادي فيه بزوال إسرائيل، تحوّلت إسرائيل الى أكبر داعم لنظام الخميني في العالم في حربه ضد العراق، حتى أنّ سترو يذكر انّ إسرائيل كانت تضغط على أمريكا لدعم إيران في الوقت الذي كان الخميني يدعو فهي علنا الى إزالة إسرائيل فيما يتلقى منها الاٍسلحة والمبعوثين سراً لإستخدامها ضد العراق.

لماذا تدعم إسرائيل إيران؟ ولماذا تقول إيران أنها تريد إزال إسرائيل فيما تزيل العرب؟ ولماذا يتنافس الطرفان على النفوذ في العالم العربي بدلاً من أن يدمرا بعضهما البعض؟ وكيف نفهم الأحداث الجارية اليوم لنتجنّب أن نكون مجرّد ضحايا لهما ونتفادى أخطاء الماضي في الترويج لأي من الطرفين أو الوقوف مع أي من الطرفين؟

إقرأ الكتب الثلاثة أعلاه وإضف إليها أي كتاب علمي تريده عن "البروبغندا والمعلومات المُضلّلة" يشرح ماهيّتها، وسائلها وأدواتها، الفئة المستهدفة، والهدف النهائي لها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلي إيران العربية إيران إسرائيل العرب رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی واشنطن المت حدة

إقرأ أيضاً:

تقرير يكشف عن أهم الشخصيات في العالم التي من الممكن أن تصل إلى لقب “تريليونير”

#سواليف

أفاد تقرير صادر عن “إنفورما كونيكت أكاديمي”، نشره موقع CNBC الأمريكي بأنه من المتوقع أن يصل عدد من الشخصيات إلى إنجاز غير مسبوق خلال العقد المقبل وهو المنافسة على لقب ” #تريليونير “.

وقال “CNBC”: في 29 سبتمبر 1916، أعلنت الصحف في جميع أنحاء الولايات المتحدة عن معلم #ثروة كان يعتقد ذات يوم أنه من المستحيل الوصول إليه: أول ملياردير في العالم.

“ستاندرد (أويل) بسعر 2014 دولارا تجعله مليارديرا” كان عنوان صحيفة “نيويورك تايمز” الرئيسي، والذي أشار إلى أن ارتفاع سعر سهم ستاندرد أويل، يجعل جون روكفلر، المؤسس وأكبر مساهم في الشركة مليارديرا بكل تأكيد”.

مقالات ذات صلة مصادرة أصلة بورمية طولها 4 أمتار من منزل في نيويورك 2024/09/07

وأضاف CNBC: “بعد أكثر من قرن من الزمان منذ ظهور أول ملياردير أمريكي في العالم (من حيث القيمة الدولارية القابلة للقياس) لا يزال السؤال حول من سيكون أول من يصل إلى “تريليونير” يثير الإعجاب.

لقد فعلت ذلك ما لا يقل عن 6 شركات، وأحدثها شركة “بيركشاير هاثاواي”، التي تجاوزت تريليون دولار قبل عيد ميلاد وارن بافيت الرابع والتسعين رئيس مجلس الإدارة للشركة، وفق تقرير نشرته شبكة “CNBC” الأمريكية.

ووفقا لتقرير جديد من “Informa Connect Academy” والذي يتوقع وضع أول “تريليونير” في العالم بناء على متوسط ​​معدل النمو السنوي في الثروة، ومن المرجح أن يكون إيلون ماسك، رجل الأعمال الأمريكي والرئيس التنفيذي لشركة “Tesla” أول تريليونير.

ويعد ماسك حاليا أغنى شخص في العالم، بثروة تبلغ 251 مليار دولار، وفقا لمؤشر “بلومبرغ للمليارديرات.

ويتوقع أن يصبح ماسك “تريليونيرا” في وقت ما في عام 2027، إذا استمرت ثروته في النمو بمعدل سنوي متوسط ​​يبلغ 110٪.

ووفقا للتقرير، يتوقع في المرتبة الثانية أن يأتي الهندي غوتام أداني، مؤسس مجموعة “أداني” القابضة، ويقدر التقرير أن أداني، بمعدل نموه الحالي البالغ 123%، قد يصل إلى التريليون دولار بحلول عام 2028، إذا حافظ على معدل نموه السنوي الأخير، وقد شهد أداني نموا سريعا من خلال أعماله في الطاقة والبنية التحتية والخدمات اللوجستية في الهند.

وفي المركز الثالث قال التقرير سيصبح جنسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة “إنفيديا” الذي ارتفعت ثروته الشخصية من 3 مليارات دولار إلى أكثر من 90 مليار دولار خلال خمس سنوات فقط، سيصبح “تريليونيرا” بحلول عام 2028، وسيتعين على ثروته أن تستمر في النمو بمعدل سنوي متوسط ​​يبلغ 112٪، وارتفعت أسهم شركة “إنفيديا” بالفعل بنحو 115٪ هذا العام، بعد أن تضاعفت أكثر من ثلاثة أضعاف العام الماضي.

وفي المركز الرابع يأتي براجوغو بانغستو من إندونيسيا، مؤسس شركة “باريتو باسيفيك” للطاقة والتعدين في البلاد، وبمعدل نمو ثروته الحالي، من المتوقع أن ينضم بانغستو إلى قائمة التريليونية بحلول عام 2028.

ويتوقع أن يكون في المركز الخامس، برنارد أرنو، الرئيس التنفيذي لشركة “لوي فيتون مويت هنسي” والذي يعد حاليا ثالث أغنى شخص بالعالم مع ثروة تقارب 200 مليار دولار، قد تقود إمبراطورية الرفاهية التابعة لأرنو، إلى وصوله إلى التريليون دولار بحلول عام 2030، ووفقا للتقرير، إلى جانب مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا”، الذي من المتوقع أن يصبح تريليونيرا أيضا بحلول عام 2030.

وأشار التقرير إلى أن “بعض كبار المليارديرات الذين يبدو أنهم مرشحون أقوياء للوصول بسرعة إلى نادي الأربعة فواصل لا يصلون إلى المراكز العشرة الأولي، جيف بيزوس، ثاني أغنى شخص في العالم حاليا، بثروة تبلغ 200 مليار دولار، وفقا لبلومبرغ، مدرج في المرتبة 12، ولن يصبح تريليونيرا حتى عام 2036، ومن المقرر أيضا أن ينتظر لاري بيغ وسيرغي برين، مؤسسا جوجل، 12 عاما ليصبحا تريليونيرين على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي قد يسرع صعودهما”.

ومن المؤكد أن مراقبي الثروات كانوا يتوقعون أول “تريليونير” منذ سنوات.

وفي ظل التقلبات والظروف الاقتصادية قد لا ترتفع أسهم “تيسلا” و”إنفيديا” و”لوي فيتون مويت هنسي” بنفس السرعة في السنوات الخمس المقبلة كما فعلت في السنوات الخمس الماضية، ومع ذلك، بعد أكثر من 100 عام من الملياردير الأول، قد يتم تتويج أول تريليونير في العقد المقبل، وفق التقرير.

مقالات مشابهة

  • برج الجدي.. حظك اليوم الأحد 8 سبتمبر 2024: لا تسمح بتكرار أخطاء الماضي
  • تقرير يكشف عن أهم الشخصيات في العالم التي من الممكن أن تصل إلى لقب “تريليونير”
  • كيف أثرت حرب غزة على النفوذ الإسرائيلي في أفريقيا؟
  • التاريخ اليهودي وسياسية إسرائيل.. هذه الدورات التي تلقاها يحيى السنوار
  • «العربي للدراسات»: العالم الغربي يقدم دعما بلا حدود لإسرائيل لإبادة الفلسطينيين
  • استشهاد أربعة فلسطينيين في قصف للاحتلال الإسرائيلي على حي الزيتون جنوب مدينة غزة
  • تأثير الغرور على مسيرة الفنانين في العالم العربي (تقرير)
  • جعجع: المعركة هي مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران وأميركا
  • إنجاز تاريخي.. تشغيل أول محطة نووية في العالم العربي
  • بالأرقام.. كم بلغ عدد الصواريخ التي أطلقت من لبنان باتجاه شمال إسرائيل خلال 8 أشهر؟