4 فوائد لعمل المراهقين في الإجازة الصيفية
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
المراهقة هي "فترة انتقالية مثيرة ومُجهدة بين الطفولة والبلوغ، تبدأ من سن 10 إلى 19 سنة، وقد تمتد إلى سن 24 عاما"، طبقا لبحث نشرته مجلة "لانسيت" عام 2018.
وهي فترة يمر فيها الأطفال بعدة تغييرات سريعة -بمعدلات مختلفة- في أجسادهم وأدمغتهم، ويتعرضون لتحديات فكرية ونفسية واجتماعية "لاسكتشاف ذواتهم وهويتهم ومكانهم في العالم"، وليصبحوا أكثر استقلالية ويُكوّنوا بوصلة خاصة بهم، وهي رحلة قد تكون مثيرة "لكنها ليست سلسة دائما"، وفقا لموقع "كليفلاند كلينيك".
وفي مواجهة صعوبة مرحلة المراهقة، يؤكد الخبراء أهمية أن يكتسب الأطفال إحساسا بالقدرة يُمكّنهم من بناء الثقة بالنفس، والتدرب على احترام الذات والمثابرة الملهمة، من خلال تشجيع جهودهم للمشاركة في الأنشطة التي يختارونها، واتخاذ القرارات، وتقبل ارتكاب الأخطاء والتعلم منها، ومحاسبة أنفسهم على أفعالهم، باعتبارها "الطريقة التي يحققون بها الاستقلال الضروري لهويتهم المستقبلية".
الوظائف الصيفية تعلم المراهقين قيمة المال (بيكسلز) لماذا يجب تشجيع المراهقين على العمل في الإجازة الصيفية؟في مقال لها على موقع "آي إن سي"، تؤكد الكاتبة الأميركية جيسيكا ستيلمان أن "هناك أسبابا وجيهة لخوض الابن المراهق تجربة العمل في إجازة الصيف"، ومن أهم هذه الأسباب:
بناء الشخصية واحترام الذاتعالمة النفس لسن المراهقة، باربرا غرينبيرغ، تقول لموقع "فورتش" إن العمل الصيفي للمراهقين "أمر رائع لاحترام الذات". وتنصح بيكا بالينغر، مدربة الأبوة والأمومة المعتمدة، عملاءها المراهقين -خاصة من يعانون من الاكتئاب- بـ"أن يحصلوا على وظيفة صيفية"، مؤكدة أنهم يتعافون بعد هذا العلاج، "حيث يُصبح لديهم شيء يلزمهم بالنهوض من السرير للقيام به، والحضور في الوقت المحدد، والشعور بأن لديهم هدفا، بالإضافة إلى فرحهم بالراتب"، وكل هذا جيد لصحتهم العقلية، ولاستقرارهم في المستقبل، كما يساعدهم على الخروج من القوقعة التي قد يحبسهم فيها الأب والأم، ليفعلوا الأشياء بأنفسهم ويثيروا إعجاب رئيسهم في العمل و"يتعلموا كيفية حل المشكلات".
الوظيفة الصيفية تساعد المراهقين في حياتهم المهنية المستقبلية (بيكسلز) النجاح في المستقبلتُضيف بالينغر أن "الوظيفة الصيفية تفتح أبوابا لا يمكن تخيلها، فهي تساعد المراهقين في حياتهم المهنية المستقبلية، بل وتهيئهم لتحقيق النجاح مدى الحياة". فقد أظهرت نتائج دراسة شملت أكثر من 256 ألف شاب كندي، ونُشرت عام 2014 أن "المراهقين الذين يعملون في وظائف بدوام جزئي، يحصلون على وظائف جيدة، بسبب خوضهم المبكر لتجربة العمل، مما ساعدهم على صقل خبراتهم، وتعزيز مهاراتهم، واكتساب علاقات أفضل، وتعلم كيفية البحث عن عمل بنجاح أكبر".
الحصول على فرص تعليم جامعي أفضللا يزال العديد من الآباء يعتقدون أن إجازة أبنائهم الصيفية تعني التمتع بمزيد من الكسل والترفيه، ويشغلونها بالأنشطة التقليدية، كالسفر واللعب وممارسة الرياضة والهوايات ومشاهدة أفلام الكرتون.
رغم أن أندرو تشالنجر، نائب رئيس إحدى شركات الأبحاث التجارية، يقول "إن المراهقين ربما يساعدوا أسرهم في توفير تكلفة الدراسة الجامعية المرتفعة".
كما تحذر سوزان وارنر، المستشارة الجامعية المستقلة بمدينة نيويورك، من أن الجامعات ذات التصنيف "قد لا تجد جاذبية في ممارسة المراهق المتقدم لها لهواية ركوب الأمواج، على سبيل المثال".
وتستشهد إيرينا سميث، مسؤولة القبول السابقة في جامعة ستانفورد لصحيفة "أتلانتيك" بحالة طالبة أرفقت بطلبها مقالة بارزة عن عملها في الوجبات السريعة في الصيف، قائلة "إن الطلاب من هذه النوعية كانوا يلمعون مثل الألماس بين المتقدمين لجامعة هارفارد".
وتضيف أنها أصبحت تتلقى اتصالات من آباء كُثُر، يشعرون بالذعر لأن أطفالهم الذين يبلغون من العمر 14 عاما "لا يقضون الصيف بشكل مُنتج"، ويريدون معرفة كيفية الحصول على عمل جزئي لهم في إحدى الشركات.
عمل المراهقين في الإجازة الصيفية يساعدهم على الخروج من القوقعة التي قد يحبسهم فيها الأب والأم (بيكسلز)أما ريتشارد ويزبورد، الباحث في كلية الدراسات العليا للتربية بجامعة هارفارد، فيقول في تقريره المنشور على موقع الجامعة عام 2016، حول ضرورة تغيير معايير القبول في الكليات: "إن العمل في الإجازة الصيفية هو درس حقيقي للمراهقين في كيفية التعامل مع الناس، بخلاف كسب المال، ورؤية الحياة من خلال عدسة مختلفة تماما"، موصيا بتركيز عملية القبول في الكليات على خوض المتقدمين لتجارب عمل حقيقية وذات مغزى، أو الانخراط في خدمات تُنمي الامتنان والشعور بالمسؤولية عن المستقبل.
كما أظهرت دراسة أجراها جاكوب ليوس أوربيل، الباحث الرئيسي في جامعة ستانفورد، "أن عمل المراهقين الصيفي، له آثار إيجابية وهامة على تحصيلهم الدراسي ونتائجهم الأكاديمية أيضا".
ولكن، رغم كل هذه المزايا، لا يرى مسؤولو القبول في الجامعات زيادة في تجربة العمل الصيفي في العالم الحقيقي، حيث وجد مركز "بيو" للأبحاث أن 35% فقط من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و19 عاما في الولايات المتحدة يعملون خلال فصل الصيف.
المراهقون الذين يعملون في وظائف بدوام جزئي يحصلون على وظائف جيدة بسبب خوضهم المبكر لتجربة العمل (بيكسلز) فهم قيمة المال وتعلّم المهارات الحياتية الأساسيةفمن الشائع أن الوظائف الصيفية تعلم المراهقين قيمة المال، وهو ما تؤكده غرينبيرغ قائلة "إن كسب المراهقين لمالهم الخاص، يمكن أن يساعدهم على تعلم الدروس الأساسية حول معنى المال والادخار وتكلفة الأشياء وكيفية وضع الميزانية لها".
وتقول غرينبيرغ "إن تذوق طعم العمل يُكسب الأطفال الكثير من المهارات"، فهم يتعلمون المسؤولية، ويتعلمون كيفية العمل كفريق، وكيفية العمل مع رئيسهم، وكيفية التعامل مع أنواع مختلفة من الموظفين، مما يساعدهم في التعامل مع الناس من جميع الأعمار.
وقد أجرت المؤلفة ميشيل بوربا مقابلات مع 500 مراهق، لتسألهم عما ساعدهم أكثر في أن يصبحوا أكثر تعاطفا، فأفاد غالبيتهم بأنه "التعرف على وجهات نظر مختلفة". وعقبت قائلة "إن تعرض هذه المرحلة العمرية للتنوع والاختلاف يساعدهم على معرفة أن الآخرين قد يشاركونهم نفس المشاعر أو الإعجابات أو الاحتياجات".
ففي الوقت الذي يضيق فيه المراهق بقواعد الوالدين، قد يجد ذاته في الاحتفاظ بوظيفة توجب عليه الاستيقاظ في الصباح وتحمل المسؤولية وإدارة وقته ونقوده، والابتعاد عن هاتفه المحمول". وهو ما قد يكون بمثابة دورة تدريبية مكثفة في مهارة مهمة مثل التعامل مع الناس.
كما تُظهر مجموعة كبيرة من الأبحاث الأكاديمية أن معظم الوظائف الصيفية التي تشغل العقل إلى حد كبير أثناء إنجاز العمل، وتُدرب على أخذ زمام المبادرة، وتنمية العلاقات مع الزملاء، "هي مهارة من شأنها أن تخدم الشباب بشكل جيد طوال حياتهم المهنية، وخاصة في بدايتها".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی الإجازة الصیفیة المراهقین فی یساعدهم على التعامل مع
إقرأ أيضاً:
هل في المال العام قطع أيدي؟
عبد الله علي إبراهيم
(تطرقت هنا قبل أسابيع في مقال عنوانه "الليبراليون: ماذا نفعل بهذا الإسلام؟" إلى حالة الإفحام التي تكتنف هذه الجماعة حيال هوية الدولة من جهة إسلامها. ولتفادي مواجهة المسألة وتبعاتها ارتكبوا في حيرتهم خطيئة أخذ حق التكفير بيدهم ومنعوا كل آخر عنه. فأخرجوا الكيزان من الملة في حين أحجموا هم عن دخولها. وهذا مقال عن اضطرابهم حيال مرتكب كبيرة الاستئثار بالمال العام. وسترى من ارتباكهم أنهم ضحايا الناشطية المفرغة من ضبط الفكر وزبطه)
ربما حمل بعضهم سؤالي إن كان السيد صديق يوسف من قال ما تواتر نشره عن نيتهم، ضمن أشياء أخرى، تطبيق الشريعة على الإنقاذيين محمل ما بيني وبين الشيوعيين من خصومة. غير إن لي ذاكرة أخرى عن نهج معارضي الإسلاميين في تطبيق الشريعة. سنأتي إليها. وهي ذاكرة لشيخ مثلي يسوئه أن يخوض بعض هؤلاء المعارضين في شأن الشريعة بإهمال. وهي ذاكرة من رأى الثورة التي أشرقت في روحه في أكتوبر 1964 تهدها معاول من خرجوا عليها باسم تحكيم الشريعة. ورأى الحزب الشيوعي الذي أعطاه جهده الخالص يُحل في 1965 باسم تحكيم الشريعة. فركب الحزب اليأس من الديمقراطية، واكتنفته انقلابات طوت صفحته. وكان، يا للحسرة، الحزب الوحيد الذي خرج لنصرة المستضعفين علناً كما لم يفعل حزب من قبله ولا من بعده. كان عنواناً للنبل سعياً وموئلاً للوسامة نساء ورجالا.
ولا يصح بعد هذا الخسران المبين لقضية التقدم والحداثة أن نرتجل الحديث عن الشريعة ارتجالاً، أو مواتاة، بطريقة قدر ظروفك. ومن ذلك أن موقف معارضي الدولة الدينية لم يتسم بالصمامة والاتساق. فلم يستقر رأيهم على رأي صديق من إقامة الحد على سارق المال العام بقطع الأيادي السافلة. إذ لم يكن هذا رأيهم خلال محاكم العدالة الناجزة على آخر عهد نميري (1983-1985). فاشتهرت آنذاك محاكمة صراف مدرسة ثانوية حكمت عليه محكمة من تلك المحاكم بقطع اليد حداً متهما باختلاس مبلغ من المال من خزينة المدرسة. وقامت قيامة المعارضة على الحكم والمحكمة، واستنكرته بحجة أنه لا عقوبة حدية على سارق المال العام لشبهة أنه طرف في تملكه. وعاد الدكتور عمر القراي منذ أيام إلى تلك الواقعة في معرض "نبيشته" للإسلاميين تاريخياً. فذكر من ضمن خراقتهم وجهلهم بالإسلام قيام محاكم العدالة الناجزة في 1984 بالحكم بقطع يد محاسب مدرسة مداناً بالاختلاس من مال في ذمته. وقال القراي إن المحكمة جرؤت على حده "مع أن الشريعة لا تقطع في الاختلاس من المال العام، لشبه مشاركة المختلس فيه".
لم أقبل بدفع المعارضين عن المحاسب من جهة استباحة المال العام دون المال الخاص. وبالطبع لم يكن مصير المحاسب شاغلي فيما انصرفت إلى الجدال فيه. وكتبت في وقتها أقول إن موقف المعارضين هو من باب مواتاة ساس يسوس للتنكيد على نظام يعارضونه. وعليه فهو قاصر دون تنمية شفافية في الثقافة والتشريع تصون المال العام من امتداد الأيدي. ومن ذلك الا نقبل بمبدأ استباحته هكذا للسارق بشرعة أنه جزء من ملاكه بينما الأقرب للرشد أن نغلظ له العقوبة لأن شراكته فيه موجبة للتعفف لا للتبذل. وقلت للشيوعيين بالذات إن عقوبة مختلس المال العام في الاتحاد السوفيتي كانت الشنق من خلاف.
هذه هي الذاكرة التي كانت من وراء سؤالي إن صح المنسوب لصديق عن إيقاع الحد بالإنقاذيين سراق المال العام. فاستغربت كيف صح عنده وخصوم الدولة الدينية، وفي وقت معاً، القول بأن لا حد في المال العام مرة وتطبيق الحد في مرة أخرى؟ ورأيت في هذا تشوشاً حول شأن دقيق في الدين والقانون والسياسة غير خليق بفكر محاصر واقف على أمشاطه الحداثية لنصف قرن وأكثر. وخصمنا فسل يا ناس ووجهه ناشف لا يتورع ما يزال عن وصمنا بعداء الإسلام الذي لم يحسن مثله في تهوينه ولا أجاد تبخيسه. إن أمرنا مع قضية الحرية والتغيير لعظيم ولا سانحة فيه للغفلة أو الارتجال.
ibrahima@missouri.edu
////////////////////