ملف رئيس الأركان ينتظر التوقيت وميقاتي لن يُستدرج إلى صدام سياسي لا يريده
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
كتبت "الشرق الاوسط":يبقى تثبيت رئيس الأركان في الجيش اللواء حسان عودة في منصبه معلقاً على مبادرة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى نشر المرسوم الخاص بتعيينه من قِبل مجلس الوزراء والذي يجيز له ممارسة المهام الموكلة إليه بصورة رسمية، وإن كان يحرص، كما تقول مصادر وزارية على التعاطي مع نشره بمسؤولية حرصاً منه على تحييده من الاشتباك السياسي الدائر حالياً على خلفية ربطه، بلا أي مبرر، بإحالة قائد الجيش العماد جوزاف عون، إلى التقاعد في العاشر من كانون الثاني المقبل.
ويلتقي «اللقاء الديمقراطي» الذي يرأسه النائب تيمور جنبلاط مع رغبة الرئيس ميقاتي في تحييد تثبيت اللواء عودة في منصبه عن الاشتباك السياسي بتأكيد مصادره لـ«الشرق الأوسط» بأن «ما يهمه نشر المرسوم الخاص بتعيينه، ومن غير الجائز إقحامه في النزاعات السياسية؛ لأن تعيينه جاء مطابقاً للشروط؛ كونه الأعلى والأقدم رتبة بين الضباط الدروز، وهو يعوّل حالياً على تدخل رئيس المجلس النيابي نبيه بري لتسهيل تثبيت تعيينه رغبة منه في قطع الطريق على من يحاول العبث بالمؤسسة العسكرية الأم في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بيها لبنان وتتطلب الالتفاف حول الجيش في مواجهته للعدوان الإسرائيلي الذي يستهدفه».
ويبدو أن العائق الوحيد الذي يحول دون تثبيت اللواء عودة في منصبه يكمن في المعارضة التي يتزعمها «التيار الوطني الحر» من خلال وزير الدفاع الوطني موريس سليم الذي يقاطع جلسات مجلس الوزراء ويمتنع عن التوقيع على المرسوم الخاص بتعيينه بذريعة أنه تم تجاوز صلاحياته في ترشيحه لتولي منصبه من قِبل الحكومة، إضافة إلى اعتراضه، من حيث المبدأ، على قيام مجلس الوزراء بأي تعيين بغياب رئيس الجمهورية.
لكن كان سبق لرئيس «التيار الوطني» النائب جبران باسيل، عندما استضاف رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور وليد جنبلاط في دارته في اللقلوق، أن أبدى استعداداً لتعيين العميد عودة بعد ترقيته إلى رتبة لواء، رئيساً للأركان في الجيش اللبناني، ليعود لاحقاً وينقلب على موقفه.
وعلمت «الشرق الأوسط» بأن عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور المكلف إجراء الاتصالات لتثبيت اللواء عودة في منصبه، التقى أخيراً النائب باسيل الذي أصرّ على اعتراضه، بذريعة أن تعيينه يشكل التفافاً على الصلاحيات المناطة بوزير الدفاع، ويتعارض مع موقف «التيار الوطني» برفض التعيينات التي تصدر عن حكومة تصريف الأعمال بغياب رئيس الجمهورية.
فاعتراض باسيل، من وجهة نظر خصومه، على تثبيت اللواء عودة في منصبه، يتخطى الذرائع التي يتسلح بها لتبرير موقفه إلى ربطه بالخطوة التي يُفترض اتخاذها فور إحالة قائد الجيش على التقاعد، والتي أخذ فريقه السياسي بالترويج لها وتقضي بتكليف العضو الحالي في المجلس العسكري اللواء بيار صعب تدبير شؤون المؤسسة العسكرية بالإنابة عن قائد الجيش؛ وهذا ما يفسر التمديد له من قِبل وزير الدفاع، بذريعة أنه من المشمولين بتمديد البرلمان لقادة الأجهزة الأمنية.
ومع أن التمديد للواء صعب قوبل بمراجعة اعتراضية من قِبل هيئة التشريع والقضايا في وزارة العدل؛ لجهة عدم شموليته بقرار التمديد لقادة الأجهزة الأمنية، فإن «التيار الوطني» باقٍ على موقفه بعدم تثبيت اللواء عودة في منصبه إفساحاً في المجال أمام اللواء صعب لتولي قيادة الجيش بالإنابة إلى حين تعيين قائد أصيل للجيش، بذريعة أنه الأعلى والأقدم رتبة بين الضباط الذين لا يزالون في الخدمة العسكرية.
ورغم أن باسيل ينزل بكل ثقله لمنع التمديد لقائد الجيش، في حال طال أمد الفراغ في رئاسة الجمهورية لإبعاده، كما يقول خصومه، من السباق الرئاسي لأن إحالته إلى التقاعد ستؤدي حتماً إلى تراجع حظوظه الرئاسية، فإن مصلحته تقضي بتثبيت اللواء عودة في منصبه لقطع الطريق على الاجتهادات والمطالعات الدستورية التي لا تجيز للواء صعب الإنابة عنه على رأس المؤسسة العسكرية وتولي الأفضلية لرئيس الأركان المعين بقرار من مجلس الوزراء، الذي يغيب عنه، التزاماً منه بموقف «التيار الوطني» الذي كان سماه لتولي منصبه.
التيار الوطني» من خلال المطالعة التي أعدّها، يرى بأن رئيس الأركان لن ينوب عن قائد الجيش فور إحالته إلى التقاعد، وإنما الإنابة تعود للضابط الأعلى والأقدم رتبة، أي الكاثوليكي اللواء صعب، مع أن التمديد له لا يزال موضع أخذ ورد ولم يُحسم حتى الساعة.
كما أن «التيار الوطني» ينطلق في مطالعته هذه من أن ما يسري على تعيين الضباط الأعلى والأقدم رتبة مديرين بالإنابة في المؤسسات الأمنية الأخرى إلى حين تعيين الأصيلين، يجب أن ينسحب على الضباط الأعلى رتبة في الجيش، وهذا ما يشكّل مخالفة، بحسب خصومه، لقانون الدفاع الذي يحصر الإنابة برئيس الأركان، وهذا ما يفسر استعجاله تصفية حساباته مع قائد الجيش لمنع التمديد له، وماذا سيكون رده في حال قرر النواب مخالفته والتمديد مجدداً للعماد جوزاف عون؟ وماذا سيقول في هذه الحال؟
وعليه، فإن الرئيس ميقاتي لن يُستدرج إلى صدام سياسي لا يريده، ويتصرف بأنه في غنى عنه، ويفضّل عدم استباق المواعيد، مع أن باسيل يحاول منذ الآن جس نبض حليفه «اللدود» «حزب الله» حيال إمكانية التمديد للعماد عون، بخلاف موقفه من التمديد الأول بتأمينه النصاب لانعقاد الجلسة من دون تصويته عليه؛ ما أدى إلى توتر العلاقة بينهما.
وكتب نقولا ناصيف في" الاخبار": بانتهاء مشكلة تطويع تلاميذ ضباط الكلية الحربية، بات الوقت متاحاً للخوض في المشكلة الاخرى مجدداً. لكن لسبب مختلف تماماً عن المرة الاولى ان لم يكن نقيضه، هو الاستعداد لانتهاء السنة الممددة لعون في اليرزة المفترض انتهاؤها في 10 كانون الثاني 2025. بينما اقتضت تسوية الكلية الحربية تفاهم الوزير والقائد، توجب المعضلة الثانية وجود الاول دون الثاني وادخال افرقاء اللعبة السياسية في صلبها. ذلك ما اوجب بداية طرح فكرة استدراك اوسع يشمل تعيين المناصب الثلاثة الشاغرة في المجلس العسكري (الى رئيس الاركان المدير العام للادارة الشيعي والمفتش العام الارثوذكسي ناهيك بالعضو المتفرغ الكاثوليكي بيار صعب الذي يحال الى التقاعد في 27 ايلول). تسوية موسعة كهذه تحتاج الى تفاهم اوسع نطاقاً ما بدا مستعصياً في الوقت الحاضر على الاقل، اطرافه المباشرون ـ الى الثنائي الشيعي والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ـ التيار الوطني الحر. ترددت كذلك احاديث عن افكار اكثر اسهاباً، تقضي بسلة تعيينات لا تقتصر على العسكريين بل تشمل ادارات مدنية رئيسية. بدورها مستعصية.
اما الحل القانوني المطروح لدى المعنيين بالتسوية الجديدة في أوان استحقاقها، فيستند الى المادتين 236 و237 في قانون الموجبات والعقود الصادر في 11 تشرين الاول 1934، النافذ منذ الانتداب الفرنسي، في تناولهما قاعدة «تأييد». ما تورده المادتان في صدد عمل او قرار اداري مشوب بعيب قانوني، ان يصير الى تأييده باتخاذ قرار يتجاوز العيب مؤداه ازالته في معرض ايجاد مخرج له. العيب القانوني في تعيين رئيس الاركان في جلسة 8 شباط، انبثاقه من قرار عن مجلس الوزراء لم يُرفق باصدار المراسيم الثلاثة الواجبة للقرار، وهي منح العميد عودة اقدمية في الترقية ثم تعيينه رئيساً للاركان فترفيعه الى رتبة لواء. المراسيم الثلاثة تلك التي قال قرار مجلس الوزراء انه سيصدرها عملاً بانتقال صلاحية الاصدار اليه من جراء الشغور ويطلب نشرها لاحقاً، لم تنشر في الجريدة الرسمية تبعاً للاصول المتبعة توطئة لنفاذها...
المخرج الجاري الحديث عنه ان يعمد وزير الدفاع الى اقتراح تعيين رئيس للاركان، وهو صاحب الاختصاص في الاقتراح تبعاً لقانون الدفاع، يفضي الى تأييد ازالة العيب القانوني عبر اصدار المراسيم الثلاثة المؤجلة بعد عرضه على مجلس الوزراء واقراره تصدر على الاثر المراسيم الثلاثة.
السؤال المرفق بالمخرج هو الآتي: هل يعطى الاقتراح المقبل المفترض للوزير مفعولاً رجعياً كي يسير نفاذه منذ وقع العيب القانوني في جلسة 8 شباط، أم يسري النفاذ فوراً بمنحه مفعولاً آنياً على نحو يرفع العيب من تاريخ صدور القرار؟
الخيار الثاني يبدو الاكثر ترجيحاً دونما ان يبين، الى الآن على الاقل، الموعد القانوني للتثبيت ما دام القرار السياسي استقر عليه في انتظار التوقيت المناسب.
وجاءفي " الاخبار" ايضا: أبلغ وزير الدّفاع، موريس سليم، الوسيط الذي كان يُحاول تقريب وجهات النّظر بين الأخير وقائد الجيش العماد جوزيف عون أنّه بصدد التوقيع على فتح الاعتمادات الخاصّة بالمحروقات للجيش، مشدداً على أنّه «لن يقبل بأن يُساوم على حقوق الضبّاط والعسكريين، إن كانوا في الخدمة الفعليّة أو أُحيلوا إلى التقاعد». وقد جاء جواب سليم رداً على محاولة الوسيط إقناع قائد الجيش بضرورة حلّ مسألة تخفيض البنزين المخصّص لوزارة الدّفاع، وعدم صيانة بعض الآليات، مقابل موافقة سليم على التوقيع على الاعتمادات.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: التیار الوطنی رئیس الأرکان مجلس الوزراء إلى التقاعد وزیر الدفاع قائد الجیش من ق بل التی ی
إقرأ أيضاً:
الشرعية والشعبية.. ملامح صدام بين الرئيس والوزير الأول في السنغال
المكان: دكار، والزمان: عام 1962، وطرفا الصراع: الرئيس السنغالي حينها ليوبولد سنغور، ووزيره الأول ممادو جاه صاحب الشخصية القوية والشعبية الكبيرة.
وعندما استفحلت الأزمة في أعلى هرم السلطة، أطاح الرئيس بالوزير الأول ووضعه في السجن، إلى جانب 4 من أعضاء حكومته.
وبعد مرور 62 عاما على هذه الواقعة، تبدو السنغال اليوم على أعتاب صدام جديد بين رئيس البلاد باسيرو فاي وصاحب الفضل في دخوله للقصر ووزيره الأول عثمان سونكو.
الشابان الوافدان على الحكم من إدارة الضرائب والسجن والشارع، حرصا طيلة الأشهر الأخيرة على تأكيد انسجامهما وتغلبهما على عقدة أن المرؤوس منهما هو الذي صنع الرئيس.
ولكن الانخراط اليومي في العمل السياسي والحكومي، كشف أن الصدام شبه حتمي بين رجلين أحدهما يملك الشرعية المطلقة لقيادة البلاد، والآخر يحظى بثقة الجماهير ويمكنه خلط الأوراق وقلب الأمور رأسا على عقب.
وعندما عين الرئيس فاي السياسي صامبا أنداي مديرا للوكالة السنغالية للإسكان، سارع سونكو لرفض هذه الخطوة بشكل قاطع "لكون الرجل متورطا في فضائح فساد".
وعلى الفيسبوك، كتب رئيس الوزراء أن حزب باستيف الحاكم سيظل مغلقًا أمام أي شخص متورط في الفساد أو "أبدى حماسة مفرطة في العداء ضد الحزب أو قياداته أو أعضائه".
ولم يكتف سونكو بإدانة تعيين الرئيس لصامبا أنداي ، وإنما تعهد بإلغاء القرار، قائلا لا أشك أن الإجراءات التصحيحية المناسبة سيتم اتخاذها في أسرع وقت.
بين الثورية والهدوء
سونكو الذي تحول بسرعة من مفتش ضرائب إلى ثائر وزعيم، يستعجل تغيير الطبقة السياسية وإعلان الحرب على الفساد، حتى يُبقي على صورته ملهما للشباب في السنغال.
وحتى الحين، لم يعارض فاي إستراتيجية وزيره الأول، لكنه يفضل الجنوح للتهدئة مع مختلف مكونات الطيف السياسي، مما يعكس وجود فجوة بين نظرة الرجلين إزاء آليات وتوقيت تطبيق برنامجهما الانتخابي.
وعنما سئل عن موعد إلغاء القرار المتعلق بتعيين رئيس وكالة الإسكان، رد الرئيس بالقول إن الوزير الأول هو من تعهد بتصحيح الخطأ وينبغي توجيه هذا السؤال له.
ولم يترك هذه الفرصة تمر دون التذكير ضمنيا بأن تعاطيه مع الشأن العام ليس ضروريا أن يتسق مع أجندات الوزير الأول، حيث أكد أنه ليس قائدا لحزب معين "بل رئيسا لكل المواطنين".
وبينما يخطب سونكو ضد الطبقة الفاسدة ويتنقل من منطقة إلى أخرى بحثا عن الأصوات، دعا فاي قادة الأحزاب السياسية إلى التزام الهدوء وضبط النفس، مشددا على أهمية الاستقرار لضمان إجراء انتخابات برلمانية نزيهة وسلمية.
ومن المهم في هذا الصدد التذكير بكون نظام الحكم في السنغال رئاسيا، وفي العادة يحظى رئيس الجمهورية بتأييد مطلق من الأغلبية السياسية في البلاد.
ويشار إلى أن سونكو كان ممنوعا من الترشح لمنصب الرئاسة، وقدم فاي بديلا عنه في الاستحقاقات التي أجريت في مارس/آذار الماضي حيث فاز من الجولة الأولى بحصوله على 54% من أصوات السنغاليين.
وانطلاقا من هذه الحقائق، يُعتبر سونكو صاحب الفضل الأول في وصول فاي للسلطة وحتى في تقديمه للمشهد السياسي قبل أعوام.
وبعد أن فاز فاي سارع لرد الجميل لحليفه سونكو وعينه وزيرا أول في أبريل/نيسان الماضي، وقد حرصا في ظهورهما للعلن على التأكيد على انسجامهما وتحررهما من عقدة أن الأدنى منهما منصبا يعود له الفضل في صناعة الأعلى.
الإذلال وحتمية المواجهةلكن البعض في السنغال وحتى في محيطها توقعوا حصول الصدام بين الرجلين اللذين يتسم أحدهما بالهدوء ويملك الشرعية لقيادة البلاد، فيما يتمتع الآخر بشعبية جارفة وشخصية قوية وملكات خطابية ويؤكد عزمه على تحسين الوضع المعيشي للناس وتطهير البلاد من الفساد.
ووفق النائب السابق تيرنو ألاسان سال، فإن تصريحات عثمان سونكو بشأن تعيين صامبا أنداي تشكل إذلالا غير ضروري لرئيس الدولة باسيرو فاي.
وفي تصريحات للصحافة المحلية، قال سال، إن الرئيس فاي نفذ أوامر وزيره الأول بحل البرلمان ووجد نفسه تحت الضغط لحمله على إقالة مسؤول كان داعما له في حملته الرئاسية.
ويضيف "فاي باتخاذه خطوة دون استشارة مرشده، تعرض لتوبيخ علني، وهو إذلال لا داعي له إن كان سيقبل به".
وتعود قضية تعيين صامبا أنداي إلى سبتمبر/أيلول الماضي، ولكنها عادت للواجهة مع تصريحات أدلى بها سونكو قبل أيام حول عجز الدولة وفشلها في حماية أنصاره من العنف.
ومن ضاحية "رفيسك" شرق العاصمة دكار، دعا رئيس الوزراء إلى الانتقام بعد تقارير عن اعتداءات تعرض لها أعضاء في حملته الانتخابية في مناطق عديدة من البلاد، وقال "سنمارس حقنا المشروع في الرد".
وتكتسي هذه التصريحات أهمية كبيرة لكونها تأتي وسط حملة انتخابية سياسية يكافح فيها النظام الماضي، من أجل الإبقاء على هيمنته على البرلمان للحيلولة دون تمكن سونكو من تنفيذ وعوده للشباب والعمال.
وبدت هذه التصريحات غير مقبولة في بعض الأوساط السياسية، لأنها أولا، صادرة عن الوزير الأول المسؤول عن تحقيق الأمن والاستقرار. وثانيا، لأنها لا تتسق مع دعوة رئيس الدولة قادة العمل السياسي إلى الحرص على الهدوء.
السنغال تشهد تنافسا شرسا على اختيار برلمان جديد (مواقع التواصل) السياسة لا تعترف بالأخلاقوبينما يتمسك البعض بإمكانية تفادي الصدام بين الشابين الحليفين، يذهب الكاتب عبد القادر أنجاي إلى أن المواجهة بينهما حتمية انطلاقا من استقراء وقائع كثيرة في السنغال وخارجها.
أنجاي المناصر لسونكو، يقول في حديث للجزيرة نت "في الواقع أراهن على الظروف الموضوعية والعوامل الميدانية في رؤيتي للأحداث أكثر مما أراهن على الجوانب الأخلاقية".
ويتابع "بعد خيانة جاز لسونكو وسنغور لجاه، والسيسي لمرسي وقيس سعيد للغنوشي والبشير للترابي، لم أعد أراهن على العلاقات الشخصية في الشراكة السياسية".
في الحالة الأولى، يقصد أنجاي تخلي عمدة دكار بارتلمي جاز عن سونكو ومنافسته له حاليا، بعد أن كانا حليفين في تشريعيات 2022.
أما في الحالة الثانية، فيشير إلى تخلص الرئيس السنغالي الراحل ليوبولد سنغور من وزيره الأول ممادو جاه ووضعه في السجن بجانب عدة أعضاء في حكومته، بعد استفحال أزمة سياسية داخل النخبة الحاكمة عام 1962.
وفي الحالات الثلاث الأخرى يشير إلى أزمات سياسية في دول عربية انتهت بخروج قادة وزعماء من السلطة على أيدي شخصيات يعود لهم الفضل في وصولها لمناصب مرموقة.
ويخلص أنجاي إلى أن "التطورات الميدانية" توحي بما لا تحمد عقباه وتؤشر على أن هناك "محاولات تنذر بسرقة الثورة"، ولا يمكن تفادي الصدام إلا إذا حصل تفاهم بين الرجلين على "صيغة توافقية مفصلة وواضحة لإدارة المرحلة قبل فوات الأوان".
رئيس حزب باستيف والوزير الأول عثمان سونكو خلال تعبئة أنصاره للانتخابات البرلمانية (مواقع التواصل) تصريحات خطيرةوحسب رئيس حزب "معا للعمل.. المواطنة النزاهة" إبراهيم ديم، فإن تصريحات سونكو الأخيرة خطيرة وغير مسؤولة. ويتساءل، كيف يمكننا أن نفهم أن رئيس حكومة جمهورية مثل السنغال يطالب بأن تحل العدالة الخاصة محل عدالة الدولة حتى في حالة إفلاسها؟
وفي تصريح للجزيرة نت، وصف ديم رئيس الوزراء عثمان سونكو بأنه يتمتع بالحد الأدنى من الوعي بواجباته ومسؤولياته، مذكرا إياه بأن "دوره لا يتمثل في تحريض مواطنيه على مواجهة بعضهم لبعض، بل في تشجيع السلام والوئام الوطني والعمل من أجله."
وفي تلميح إلى أن سونكو ما يزال يعمل بعقلية الناشط أو الثائر، قال إبراهيم ديم "يجب أن يعلم أنه رئيس وزراء دولة تمتلك أجهزة لإنفاذ القانون".
أما المحلل السياسي جبريل لي فيذكّر بأن السّياسة "مكان لذوبان العلاقات وساحة لاضطراب الصداقات"، ولكنه يرى أن الخلاف بين الوزير الأول والرئيس لم يصل بعد إلى مرحلة الجفاء، التي تجعل الدولة تدفع فاتورتها غالية.
وفي تصريح للجزيرة نت، يتوقع لي أن تكون تغذية هذا الموضوع فرصة سانحة للمعارضة لكسب مساحات للمناورة، لترسم في أذهان الجماهير أنّ ثمة أزمة سياسية في أعلى هرم السلطة.