قال السكرتير التنفيذي لمنظمة الإيغاد ورقني قبيهو بأننا نواصل جهودنا ونعمل من أجل مساعدة الأخوة السودانيين في هذا الوقت الحرج.الجزيرة – السودانإنضم لقناة النيلين على واتساب

.

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

بركة الوقت

كان القدماء، رضوان الله عليهم، من العلماء العاملين أحرص الناس على الأوقات، لم يضيعوا أوقاتهم فى الكلام الفارغ ولا فى اللهو ولا فى السهر، ولا فى القيل والقال ولا فى الغيبة ولا فى النميمة، ولا على الموبايلات الحديثة، ناهيك عن سد ذرائع قلة الأدب التى انتشرت فى كل مكان، ولا يكاد يخلو منها بينه وبين نفسه إنسان.

أعجب العجب فعلاً أنك تلاحظ أن فريضة التفكير وطلب العلم هما أعدى أعداء الوقت الضائع، فلن يتفق مطلقاً لرجل مفكر أو باحث أو أديب أو طالب علم مع ما يبدو الآن من مظاهر انتشار ضياع الوقت والقيمة والقانون، لأن أولئك كلهم بحاجة ماسّة إلى تجنيد الوقت لخدمة مآربهم العليا، ولو لم يحرصوا على ذلك لامتنع لديهم الانجاز!

وقانون الوقت من أخطر ما يمس العمر فى تحصيل ما يجب، وترك ما لا يجب، حتى تظهر بركة الأوقات مع التدبير والاعتبار، ومع الرعاية والعناية. ولذلك قال حجة الإسلام الإمام الغزالى فى بداية الهداية ما نصّه: 

(ولا ينْبغِى أَن تَكونَ أوقاتُكَ مُهْمَلَةً فَتَشْتغلَ فى كلِّ وَقْتٍ بما اتَّفقَ كَيْفَ اتَّفَقَ بل يَنْبَغِى أَنْ تُحاسِبَ نَفْسَكَ وتُرَتِّبَ وظائِفَكَ فى لَيلِكَ ونَهارِكَ وتُعَيِّنَ لكُلِّ وَقْتٍ شُغْلاً لا يَتَعَدَّاهُ ولا تُؤْثِرُ فِيهِ سِواه، فَبِهِ تَظْهَرُ بَرَكَةُ الأَوقاتِ.

فأمّا مَنْ تَرَكَ نَفْسَهُ مُهْمَلاً سُدًى إِهْمالَ البَهائِمِ لا يَدْرى بِما يَسْتقبِلُ كلَّ وَقْت، فَتَنْقَضِى أكثرُ أوقاتِهِ ضائِعَةً. 

وأوقاتُكَ عُمْرُكَ، وعُمْرُكَ رَأْسُ مالِكَ، وعَلَيْهِ تِجارتُكَ وبِهِ وُصُولُكَ إِلَى نَعِيمِ الأَبَدِ فى جِوارِ اللهِ تَعالَى، فَكُلُّ نَفَسٍ مِنْ أَنْفاسِكَ جَوْهَرٌ لا بَدَلَ لَه، فَإِذا فاتَ فَلَا عَوْدَةَ لَهُ. فَلَا تَكُنْ كالحَمْقَى الذين يَفْرَحُونَ فى كُلِّ يَوْمٍ بِزِيادَةِ أَمْوَالِهِمْ مَعَ نُقْصانِ أَعْمارِهِمْ).

يتبيّن إذن أن الحرص على مراعاة الله فى كل لحظة، إنما هو بركة تمدُّ العمر وترفعه وتباركه وتزكيه، ولا يرفع العمر ولا يباركه ولا يزكيه إلا مراعاة الأوقات بين يدى الله وخلوص السريرة قصداً وتوجُّهاً إليه سبحانه، فلا خير فيما لا يكون خالصاً له وحده دوناً عن سواه إذا كان لا محل للسِّوى معه فى كل اعتقاد صحيح.

 ولنعلم جميعاً: أن العمر كله يوم، واليوم كله ساعة، والساعة كلها وقت، والوقت كله حال، والحالُ مراقبة القلب مع الله بإحصاء اﻷنفاس فى الوقت الذى هو فيه.. فإذا أردت أن تعرف منزلتك عند الله، فانظر فيماذا يقيمك؟ 

يعنى تحقق من «عبادة الوقت»، وعبادة الوقت من أنفع وأجل العبادات التى يجيدها أهل الله وخاصّته، لأنها العبادة التى تقدر العمر كله فتحصره فى اليوم، وتقدر اليوم كله فتحصره فى الساعة التى يحضر فيها مع الله، وتقدر الساعة كلها فتحصرها فى الوقت، وتقدر الوقت كله فتنزله فى الحال، وتنزل الحال بمراقبة الأنفاس مع الله باتصال القلب بمنن الفضل الإلهى. 

فلا يعرف العبد منزلته عند الله ما لم يقدّر للوقت قيمته ويعرف على التحقيق فيما أقامة الله فيه، ويُحسن هذه المعرفة مع الإقامة، فإنّ لها مع كل حال عبادة، فقد يقيمك الله فى حال الطاعة أو يقيمك فى حال المعصية، أو يقيمك فى حال النعمة، أو يقيمك فى حال البليّة. ومقتضى الحق - سبحانه - منك أن تؤدى حق العبادة فى كل حال وفى كل وقت فيما أقامك الله فيه، وهى التى يسميها العارفون «بحقوق الأوقات».

وحقوق الأوقات هذه إذا فاتت ليس لها قضاء، بخلاف أوقات الصلاة إذا هى فاتت تُقضى من فورها.

حتى إذا أقامك الله فى حال الطاعة فمقتضى الحق منك الشكر، وإذا أقامك فى حال المعصية، فمقتضى الحق منك وجود الاستغفار، وإذا أقامك فى حال النعمة، فمقتضى الحق منك شهود منته عليك ووجوب الشكر والحمد، وإذا أقامك فى حال البلية فمقتضى الحق منك الصبر والاحتساب والرضى بقضاء الله، ولا تخلو أحوال العبدمن هذه الأربعة التى لا خامس لها: طاعة فمعصية، ثم نعمة أو بلية، ولكل حال منها عبادة يؤديها العبد فى التو واللحظة، أى فى الوقت الذى هو فيه، ولذلك سميت بحقوق الأوقات التى لا قضاء لها إذا ما فاتت.

فمثلاً: إذا كان العبد فى حال المعصية ولم يؤد حق الاستغفار منها، وجعل وقته يمضى بغير استدراك، فقد فوّت على نفسه حق الله عليه فيما أقامه الله فيه، وأضاع حال العبادة فى الوقت الذى أقامه الله فيه، فلم يعط حق عبادته التى اقتضاها الله منه فى وقتها، ولم ينظر فيما أقامه الله فيه، ولم يدرك لنفسه منزلة عند الله لأنه لم يشأ أن يدرك لنفسه منزلتها. وليس للنفس أن تدرك منزلتها وهى بمعزل عن وصلتها الإلهية وبوصلتها الربانية وشهودها الأكمل لعالم الملك والملكوت والجبروت.

 

مقالات مشابهة

  • مدير المخابرات البريطانية: نواصل العمل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة
  • تحسين خطة الاستجابة لمساعدة اللاجئين السودانيين
  • المستندات المطلوبة للحصول على مساعدة لسداد الديون من بيت الزكاة والصدقات
  • سينما علاقة إسرائيل بإثيوبيا من عملية الأخوة إلى سد النهضة
  • رحلة اللاجئين السودانيين هرباً من إثيوبيا.. البحث عن الأمن المفقود
  • حماد: سنبذل كامل جهودنا في سبيل تغيير الواقع المرير الذي يعيشه أهالي الجنوب
  • أطباء بلا حدود أطلقت خطوط مساعدة للصحة النفسية مع تزايد النزاع في جنوب لبنان
  • رئيس دار الأوبرا: أسعار التذاكر في متناول الجميع.. ونعمل على مدار العام عدا شهر يوليو
  • بركة الوقت
  • الاتحاد الأوروبي: استمرار احتجاز الحوثيين لموظفي الأمم المتحدة والمنظمات يعيق تحركات مساعدة ملايين اليمنيين