لماذا لا يريد حزب الله حربا شاملة مع إسرائيل؟
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
خلال الأسابيع القليلة الماضية، بدأ الصراع الشامل بين إسرائيل وحزب الله يبدو أكثر احتمالا، في وقت يدرك حزب الله أن حربا واسعة النطاق من شأنها أن تعرض مستقبله ومكانته الإقليمية للخطر.
وتنقل مجلة "فورين أفيرز" أنه في مايو، ألمح وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، أن البلاد قد تستخدم "وسائل عسكرية" موسعة لسحق حزب الله، ووضع الجيش الإسرائيلي خططا لهجوم بري محدود لفرض منطقة عازلة على حدوده الشمالية مع لبنان.
ودعا كل من وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتشدد، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، علنا إلى غزو لبنان.
ويميل القادة والمحللون إلى التركيز على إسرائيل باعتبارها الجهة الفاعلة التي قد تثير سياساتها الحرب أو تتجنبها. ولكن بالنظر إلى نجاح واشنطن المحدود في التأثير على استراتيجية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في الحرب مع حماس في قطاع غزة، يجب على الراغبين في خفض التصعيد أن ينظروا عن كثب إلى حسابات حزب الله، وفق المجلة.
ويواجه الحزب معضلة تحد من خياراته، إذ يجب أن يستعيد قدرته على ردع إسرائيل، بعدما فقد بعضا من هذه القدرة في الأشهر التي أعقبت هجوم حماس في 7 أكتوبر. وبعد فترة وجيزة من الهجوم، أطلق حزب الله صواريخ على إسرائيل في استعراض مقيد لدعم حماس، وردت إسرائيل بحملة اغتيالات في جميع أنحاء لبنان، بما في ذلك في معقل الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت. ولكن بسبب هشاشة لبنان، لا يزال حزب الله يريد تجنب صراع شامل مع إسرائيل.
ومن المرجح أن يؤدي وقف إطلاق النار الدائم بين إسرائيل وحماس إلى تجنب حرب في لبنان، إذ لا يزال الحزب ملتزما بوقف الأعمال العدائية إذا أبرمت إسرائيل اتفاقا لوقف إطلاق النار مع حماس في غزة.
ووسط الحرب الطويلة هناك والتوترات المتزايدة في الضفة الغربية، من المرجح أن تفضل إسرائيل حلا دبلوماسيا للتوتر على حدودها الشمالية.
وقام المبعوث الأميركي الخاص، عاموس هوكستين، بست رحلات إلى لبنان منذ أكتوبر في محاولة للتفاوض على إنهاء الصراع بين حزب الله وإسرائيل. وكانت خطته هي مطالبة حزب الله بالضغط على حماس لقبول وقف إطلاق النار لكسر الجمود في المنطقة. وعلى الرغم من أن الحزب نفى علنا موافقته على طلب هوكستين، إلا أن مرونة حماس الأخيرة في المفاوضات مع إسرائيل تشير إلى أن اقتراحه كان له بعض التأثير.
لكن من غير المرجح أن يأتي اتفاق وقف إطلاق النار في غزة قبل أن تتصاعد التوترات على الحدود الإسرائيلية اللبنانية.
ويمكن لحزب الله أن يستفيد من وقف إطلاق النار قبل حماس ويتجنب الغزو الإسرائيلي مع استعادة الحياة الطبيعية داخل لبنان. لكن هذا لن يكون خيارا سهلا. إذ أن اتفاقا مع إسرائيل يتجاهل مصير الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية قد يضع حدا مؤقتا للعنف على الحدود الإسرائيلية اللبنانية والضربات الإسرائيلية داخل لبنان لكنه لن يمنعه من الظهور مرة أخرى في غضون عام أو عامين.
ويعتمد وضع حزب الله داخل لبنان والمنطقة الأوسع على الدور القيادي الذي يلعبه في "محور المقاومة" المدعوم من إيران. وسيفقد مصداقيته مع حلفائه الفلسطينيين وغيرهم من حلفائه في الشرق الأوسط، خاصة وأن حركة الحوثيين أحد شركاء حزب الله قد تحملت غارات جوية إسرائيلية في اليمن. وتريد إسرائيل كسر هذا التحالف.
ولن تكون المصداقية الخسارة الوحيدة لحزب الله في مثل هذه الصفقة. ويمكن لوقف إطلاق النار أن يسلط الضوء على نقاط ضعف الحزب. وخلال صراعه مع إسرائيل، نشر حزب الله قدرات جديدة بما في ذلك طائرات بدون طيار وصواريخ دقيقة ومضادة للدبابات لتحذير إسرائيل من غزو بري مكلف.
ومع الضغط الصحيح الذي تمارسه عليها الجهات الفاعلة الخارجية مثل المبعوث الخاص للولايات المتحدة، يتمتع الحزب بنفوذ كاف لإثارة صراع إقليمي أوسع أو المساعدة في تجنب صراع.
وتخلص المجلة إلى أنه إذا شنت إسرائيل عملية برية ضد حزب الله لإنشاء منطقة عازلة ومنع المزيد من الهجمات من قبل الجماعة، فمن شبه المؤكد أن الصراع سيطول. ومع ذلك، يدرك حزب الله أن حربا واسعة النطاق مع إسرائيل من شأنها أن تعرض مستقبله ومكانته الإقليمية للخطر.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: وقف إطلاق النار مع إسرائیل حزب الله
إقرأ أيضاً:
لماذا يريد ترامب إنشاء صندوق سيادي؟ وما مخاطره؟
وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًّا في 3 فبراير/شباط الحالي يدعو إلى إنشاء صندوق ثروة سيادي للولايات المتحدة خلال 12 شهرًا، مشيرًا إلى أنه سيكون "واحدًا من أكبر الصناديق في العالم".
ولكن الخبراء والمحللين يطرحون تساؤلات عن أهداف هذا الصندوق، وكيف سيتم تمويله وإدارته، وهل سيحقق الفوائد المرجوة، وفق ما نشر تقرير لوكالة بلومبيرغ؟
ما صندوق الثروة السيادي؟صناديق الثروة السيادية هي أدوات استثمارية تديرها الحكومات، وتُقدر قيمتها العالمية بأكثر من 13 تريليون دولار، وفقًا لمؤسسة "غلوبال إس دبليو إف" المتخصصة في تتبع هذه الصناديق. وتتنوع طبيعة هذه الصناديق بين:
صناديق الاحتياطي المالي، مثل الصندوق السيادي النرويجي الذي يضم 1.74 تريليون دولار من عائدات النفط والغاز. الصناديق القابضة، التي تستثمر في أصول مملوكة للدولة مثل شركة تماسيك القابضة السنغافورية. الصناديق الاستثمارية الإستراتيجية، التي تهدف إلى جذب الاستثمارات وتعزيز التنمية الاقتصادية، مثل صندوق الاستثمار السعودي.حتى الآن، لم يتضح الهدف الحقيقي من الصندوق الأميركي الجديد، لكن تصريحات ترامب ووزير الخزانة سكوت بيسنت تشير إلى احتمالات مختلفة:
استخدامه كاحتياطي مالي لمواجهة الأزمات، كما فعلت دول عديدة خلال جائحة كورونا. بيع أو رهن الأصول الفدرالية لإعادة استثمار العائدات في قطاعات جديدة، وهو ما وصفه بيسنت بأنه "تسييل الجانب الأصولي من ميزانية الولايات المتحدة لمصلحة الشعب الأميركي". تمويل عمليات استثمار محددة، مثل شراء منصة تيك توك من شركتها الصينية الأم، وهو ما أثار مخاوف من أن يكون الصندوق مجرد وسيلة للالتفاف على قوانين الملكية والاستحواذ. إعلان كيف يمكن تمويل الصندوق؟خلال خطابه في نادي نيويورك الاقتصادي في سبتمبر/أيلول الماضي، أشار ترامب إلى أنه ينوي تمويل الصندوق من عائدات الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارته على الصين والمكسيك وكندا.
ومع ذلك، يرى المحللون أن هذه الفكرة غير قابلة للتنفيذ بسهولة، فالعائدات الجمركية غالبًا ما تُستخدم في تمويل الميزانية العامة، وليس لتأسيس صناديق استثمارية طويلة الأمد.
المخاطر المحتملةتاريخ صناديق الثروة السيادية مملوء بالفضائح المالية، مثل فضيحة الصندوق السيادي الماليزي "وان ماليزيا ديفيلوبمنت برهارد" (1MDB) التي وصفتها وزارة العدل الأميركية بأنها "أكبر قضية فساد مالي في التاريخ".
ومن بين المخاطر التي أشار إليها تقرير بلومبيرغ:
الفساد وسوء الإدارة، فقد يؤدي غياب الشفافية إلى استغلال الصندوق في مصالح شخصية أو سياسية. قرارات استثمارية غير مدروسة، خاصة إذا تم توجيه الأموال لشراء أصول غير ملائمة مثل تيك توك. تسييس الصندوق، حيث يمكن استخدامه لتحقيق أهداف سياسية قصيرة الأجل، وذلك قد يضر بسمعته المالية. ردود فعل وتوقعاتوفقًا للبروفيسور بول روز من جامعة كيس وسترن ريزيرف، فإن نجاح أي صندوق سيادي يعتمد على أهدافه واستقلاليته، وقال روز "إذا كان الغرض من الصندوق هو التنمية الاقتصادية فقد يكون مفيدًا، لكن إذا كان إنشاؤه لأسباب سياسية فمن المرجح أن يفشل".
كذلك عبر دييغو لوبيز، المدير التنفيذي في غلوبال إس دبليو إف، عن تشككه في قدرة الصندوق الأميركي على جمع الأموال بسرعة كافية للاستحواذ على تيك توك، قائلًا "إذا نظرنا إلى الأصول الفدرالية المتاحة، فسنجد أن هناك القليل منها يمكن استخدامه لتمويل عملية شراء بمليارات الدولارات".
هل يمكن أن ينجح الصندوق؟يعتمد نجاح الصندوق السيادي الأميركي على كيفية إنشائه وإدارته، وتشير التجارب الدولية إلى أن الصناديق الناجحة مثل الصندوق السيادي الأسترالي والنيوزيلندي تتمتع بـاستقلالية تامة عن التدخل السياسي، مما يعزز مصداقيتها وقدرتها على تحقيق أرباح مستدامة.
إعلانلكن في ظل إدارة ترامب، ومع عدم وضوح تفاصيل الصندوق، تبقى الأسئلة مفتوحة عما إذا كان سيصبح أداة مالية قوية أم مجرد مشروع سياسي قصير الأجل.