بعد أن وصفت جماعة الحوثي الارهابية قرارات البنك المركزي اليمني الرامية إلى محاصرتها اقتصادياً بـ"المخطط الأمريكي الغربي"، وهددت باستئناف الحرب، وسط ضغوط أممية، يبدو أن الحكومة اليمنية تنازلت عن تلك القرارات، ولجأت إلى لغة الحوار مجدداً برعاية سعودية.

وبرز الصراع الاقتصادي بشكل كبير مؤخراً، بعدما قرر البنك المركزي اليمني المعترف به دولياً وقف التعامل مع ستة من أكبر بنوك البلاد؛ بسبب عدم نقل مقراتها الرئيسية من العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، ووقف شركات صرافة واتخاذ قرارات أخرى تحاصر الحوثيين اقتصادياً.

هذا الصراع الذي دخلت في إطاره أزمة الطيران الوطني (الخطوط الجوية اليمنية) حمل جذوراً تاريخية، ابتداء بنقل الحكومة الشرعية البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى مدينة عدن جنوبي البلاد، مروراً بخلافات متعددة على مدار سنوات الحرب.

مفاجأة أممية

بينما كان اليمنيون المعارضون للحوثي ينتظرون مزيداً من الضغوط الاقتصادية ضد الجماعة، فوجئوا ببيانٍ عن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، يتحدث عن توصل الحكومة والحوثيين إلى اتفاق يقضي بخفض التصعيد.

المكتب، في بيان له (23 يوليو 2024)، قال إن الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي أبلغتا المبعوث الأممي بأنهما اتفقتا على عدة تدابير لخفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية، وفق نص مكتوب تسلمه من الطرفين. 

وفقاً للبيان فإن الاتفاق تضمن:

إلغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين، والتوقف مستقبلاً عن أي قرارات أو إجراءات مماثلة.

استئناف طيران "اليمنية" للرحلات بين صنعاء والأردن، وزيادة عدد رحلاتها إلى ثلاث يومياً.

تسيير رحلات إلى القاهرة والهند يومياً، أو بحسب الحاجة.

عقد اجتماعات لمعالجة التحديات الإدارية والفنية والمالية التي تواجهها الخطوط الجوية اليمنية.

البدء بعقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خريطة الطريق.

طلب الطرفان دعم الأمم المتحدة في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه.

أثنى المبعوث الأممي على "الدور الهام الذي أدته المملكة العربية السعودية في التوصل إلى هذا الاتفاق".

ترحيب واستقالة ورفض

وعقب الإعلان الأممي، رحبت الحكومة اليمنية بما ورد في إعلان المبعوث الأممي، وقالت إن ذلك تم "نظراً للظروف الإنسانية الصعبة التي يعيشها أبناء الشعب اليمني، خصوصاً في المناطق الخاضعة بالقوة للمليشيات الحوثية الإرهابية".

وأضافت في البيان أن "الحكومة اليمنية إذ تنظر إلى هذه المبادرة من جانبها كمدخل للتخفيف من معاناة الشعب اليمني، فإنها تأمل أن يقود الاتفاق المعلن إلى تهيئة الظروف المواتية من أجل حوار بناء لإنهاء كافة الممارسات الحوثية التدميرية بحق القطاع المصرفي، والاقتصاد والعملة الوطنية".

أما الحوثيون فقد قال رئيس الوفد التفاوضي لهم، محمد عبد السلام، إنه تم التوصل إلى اتفاق "بين اليمن والسعودية"، متجاهلاً الإعلان الأممي الذي ذكر أن الاتفاق بين الحكومة والحوثيين.

وبعد ساعات من الإعلان نشرت صورة استقالة قدمها محافظ البنك المركزي اليمني أحمد المعبقي للرئاسة بسبب الضغوط التي مورست عليه، قبل أن يخرج مجلس الرئاسة الشرعي معلناً رفض الاستقالة قائلاً إن "محافظ البنك باقٍ في منصبه لاستكمال مسيرة ما قام به خلال الأشهر الماضية".

من المستفيد؟

حول الإعلان الأممي والترحيب الحكومي، يرى الكاتب والمحلل السياسي، عبد الله المنيفي، أن المستفيد منه "هي مليشيا الحوثي، التي تمارس بلطجة على الحكومة اليمنية والأمم المتحدة والوسطاء"، مشيراً إلى أنه "وللأسف أن الحوثي أدرك أن هذه التصرفات تلقى استجابة في كل مرة".

ويعتقد أن تراجع الحكومة اليمنية عن إجراءاتها، التي قال إنها "كانت حاسمة، تحت ضغط مبعوث الأمم المتحدة والوسطاء، لن ينهي الأزمة الاقتصادية، بل واضح أنه يؤجل إنهاءها إن لم يزدها تعقيداً".

ونقل موقع "الخليج أونلاين"عم المنيفي قوله: "الأسوأ أنه يفقد الحكومة الشرعية ثقة جمهورها بها، لا ليكسبها ثقة بمليشيا الحوثي، وإنما يعطيها انطباعاً أن قيادة الشرعية باتت غير مؤهلة لمواجهة صلف وغطرسة الحوثي، وأصبح دورها في نظر اليمنيين تقديم التنازلات للمليشيا التي تحقق مكاسب عبر بلطجتها وإطلاق يدها تحت رعاية المبعوث".

المنيفي أكد أن الحوثي "عود اليمنيين أنه لم يكن صادقاً في يوم من الأيام منذ نشأت مليشياته وحروب صعدة إلى اليوم، ومن ثم فالمؤكد لدى غالبية اليمنيين أنه لن يصدق اليوم، ولن يستجيب لمطالب الإصلاحات الاقتصادية، وأنه يستغل كل محطة لتحقيق مكاسب خاصة لجماعته السلالية تقوي موقفها في أي مفاوضات".

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

حلف قبلي في حضرموت يعلن “تصعيداً جديداً” ضد الحكومة اليمنية

يمن مونيتور/ قسم الأخبار

أعلن حلف قبائل حضرموت (تكتل قبلي واسع)، الخميس، عن تصعيد جديد ضد الحكومة اليمنية والسلطة المحلية لتجاهل مطالبه المعلن عنها سابقا.

وقال الحلف، في بيانٍ له، إن “تدشين تمركز نقطة غرب المكلا للضغط أكثر والحفاظ على ثروات المحافظة وعدم خروجها وصون حقوقها”، مشيراً إلى أن تلك الخطوات على الأرض والانتشار الأوسع ستتبعه عدة إجراءات حتى تحقيق كافة المطالب.

وأضاف: “لا زال التعنت والمماطلة والتسويف مستمرًا من قبل رئيس مجلس القيادة الرئاسي تجاه تلبية مطالب حضرموت المشروعة؛ وهذا لن يزيدنا إلا تمسكًا وقوة لتحقيق الأهداف والمطالب العادلة لأهلنا في حضرموت.. فنحن على أرضنا، ولا لنا عيش بعزة وكرامة إلا على ترابها”.

وأكّد الحلف أن التجاهل التام لحضرموت واستحقاقاتها في كل الجوانب، والتعنت والمماطلة والتسويف لن يزيده إلا رسوخًا وقوة وثباتًا لتحقيق أهداف ومطالب حضرموت وأهلها.

وفي وقت سابق، نظم عشرات من نساء مدينة المكلا وقفة احتجاجية غاضبة تؤيد قرارات حلف قبائل حضرموت وتطالب بتنفيذ حقوق ومطالب حضرموت وإقالة الفاسدين بالسلطة.

وفي 21 أغسطس الماضي، أعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، عن تشكيل لجنة رئاسية للنظر في المطالب التي رفعتها مكونات قبلية في محافظة حضرموت.

وشهدت محافظة حضرموت شرقي البلاد توترات متزايدة نتيجة المطالبات الشعبية والقبلية بتحقيق حقوق المحافظة، والتي تزامت مع زيارة العليمي في وقت سابق الشهر الجاري.

وقام الحلف بنصب نقاط تفتيش في المحافظة، وحظر خروج النفط من مناطقهم، والذي تزامن مع اتهامات للسلطة المحلية والحكومة المعترف بها دولياً بالفشل من توفير الخدمات الرئيسية بما في ذلك الكهرباء. كما تزامن مع إضراب المعلمين في مديريات الوادي.

“لجنة رئاسية” للنظر في مطالب حضرموت سلطات حضرموت تعلن رفضها تشكيل لجان “لا تمتلك الصبغة القانونية“ هبة حضرموت الثانية.. أين تتجه المحافظة النفطية مع التصعيد القبلي؟! (تحليل خاص)

مقالات مشابهة

  • ما تبعات استهداف الحوثي للملاحة الدولية على الاقتصاد اليمني؟
  • الحكومة اليمنية تُحذر من مخطط حوثي لاستقدام آلاف الإيرانيين
  • كورد وتركمان كركوك يطالبون الحكومة بإلغاء قرارات البعث لاستعادة أراضيهم الزراعية
  • تقرير حقوقي: 7742 انتهاكاً ارتكبتها مليشيا الحوثي في البيضاء
  • المبعوث الأمريكي السابق: أزمة المصرف المركزي الليبي خبر سيء للجميع
  • حلف قبلي في حضرموت يعلن “تصعيداً جديداً” ضد الحكومة اليمنية
  • البنتاغون: ناقلة النفط سونيون التي هاجمتها مليشيا الحوثي ما زالت تحترق بالبحر الأحمر
  • مباشر الآن.. سعر الريال السعودي مقابل الجنيه المصري.. بعد قرارات البنك المركزي
  • الشايف: منع الطائرة اليمنية من عبور الأجواء السعودية غير قانوني ويخالف الاتفاق الأممي
  • قرارات حاسمة لـ البنك المركزي المصري في 2024.. تحولات دراماتيكية في أسعار الفائدة تحدد مستقبل الاقتصاد وسط توقعات بالتخفيف