فقر الطاقة أحد أسباب الفقر في إفريقيا؛ ففي كل قارة من القارات الأخرى تحصل الأغلبية الساحقة من السكان على الكهرباء، وفي إفريقيا لا يتمكن 600 مليون نسمة أو حوالي 43% من إجمالي عدد السكان من إضاءة مساكنهم أو شحن هواتفهم بسهولة، حتى أولئك الذين لديهم - اسميَّا - إمداد كهربائي من الشبكة العامة لا يضمنون الحصول عليه بانتظام؛ فأكثر من ثلاثة أرباع الشركات الإفريقية تتعرض لانقطاعات التيار الكهربائي، وتذكر 40% من هذه الشركات أن الكهرباء هي العائق الرئيسي لأعمالها.

ولو كانت البلدان الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى تحصل على إمداد كهربائي مضمون مثل جنوب إفريقيا في الفترة من 1995 إلى 2007 لكان معدل النمو الحقيقي لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي أعلى بنقطتين مئويتين (2%) أو أكثر من ضعف المعدل الفعلي، وفقا لإحدى الأوراق الأكاديمية. ومنذ ذلك التاريخ عانت جنوب إفريقيا أيضا من عدم انتظام إمداد الكهرباء، ومن المحتمل أن ما يسمى «تخفيف الأحمال» كان السبب الرئيسي لانكماش اقتصادها في أربعة أرباع العام من جملة الأرباع الثمانية الماضية.

لقد تعزز الاعتقاد أن الطاقة الشمسية هي الحل؛ فوفقا للرابطة الإفريقية لصناعة الطاقة الشمسية أضافت إفريقيا في العام الماضي سعة كهرو- ضوئية قياسية لتوليد الكهرباء (على الرغم من أنها تشكّل1% فقط من إجمالي السعة المضافة على نطاق العالم).

وعالميا فإن معظم مشروعات الطاقة الكهرو- ضوئية تتولى تنفيذها المرافق العامة لخدمات الكهرباء، لكن في إفريقيا فإن حوالي 65% من السعة التوليدية الجديدة التي أضيفت في العامين الماضيين نفذتها شركات كبيرة تعاقدت مباشرة مع المطوَّرين، وهذه الصفقات جزء من ثورة كهرباء موزَّعة (لامركزية) من شأنها تحقيق منافع ضخمة للاقتصادات الإفريقية، وقاعدة هذه الثورة هي جنوب إفريقيا؛ فقد شهد العام الماضي في جنوب إفريقيا عدد قياسي من انقطاعات الإمداد الكهربائي فرضتها شركة إسكوم الحكومية، والتي تتعطل محطاتها الكهربائية بانتظام أو تعمل بأقل من طاقتها التوليدية. ولحسن الحظ ففيما كان تخفيف الأحمال يبلغ الذروة انخفضت بشدة تكاليف أنظمة الطاقة الشمسية.

ففي الفترة بين 2019 و2023 تراجعت تكلفة ألواح الطاقة الشمسية بنسبة 15% بعد هبوطها بما يقرب من 90% في العشرية الثانية، وأما الآن فتبلغ تكلفة أنظمة تخزين البطاريات حوالي نصف تكلفتها قبل خمس سنوات. وعندما يشتري المستخدمون الصناعيون الكهرباء من مطوِّري المشروعات الخاصة يدفعون مقابل كل وحدة مبلغا يقل بحوالي 20% إلى 40% عن أرخص تعرِفة تفرضها شركة إسكوم، ففي العامين الماضيين ارتفعت سعة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في جنوب إفريقيا من 2.8 جيجاواط إلى 7.8 جيجاواط، حسب الرابطة الإفريقية لصناعة الطاقة الشمسية، وذلك بخلاف سعة الألواح الكهروضوئية المركبة فوق أسقف المنازل في الضواحي، وإجمالا، فإن سعة الطاقة الشمسية في جنوب إفريقيا يمكن أن تصل الآن إلى ما يساوي حوالي 20% تقريبا من سعة محطات كهرباء إسكوم التي تدار بالفحم الحجري (على الرغم من أن محطات إسكوم لديها القدرة على إنتاج الكهرباء على مدار اليوم). إن التوسع في الطاقة الشمسية سبب رئيسي لانخفاض تخفيف الأحمال في العام الحالي، فكثيرا ما يشير الأفارقة الآخرون إلى أن تخفيف الأحمال يمتد لفترات أطول كثيرا في بلدانهم مقارنة بجنوب إفريقيا.

وتعتمد حوالي نصف الشركات الإفريقية على مولدات الديزل؛ ففي نيجيريا تساوي سعتها التوليدية أربعة أضعاف الإمداد المضمون من الشبكة العامة، لكن التغيير جارٍ على قدم وساق. فما يقرب من ثلثي المناجم في إفريقيا جنوب الصحراء تنتج الكهرباء من الموارد المتجددة أو تشرع في ذلك، وفي نيجيريا تم التخلص التدريجي من دعومات البنزين في العام الماضي الأمر الذي سرَّع من التحول إلى الطاقة النظيفة. وفي استحواذ رمزي في عام 2022 اشترت شركة شل، وهي موجودة هناك منذ عام 1937، شركة ناشئة اسمها «داي ستار باور» كانت قد زودت العديد من مؤسسات الأعمال المحلية الكبيرة بأنظمة طاقة شمسية.

وخلال العقد الماضي ارتفع بسرعة عدد الشركات الناشئة التي تقدم أجهزة طاقة موزَّعة (أجهزة لتوليد الكهرباء لا مركزيا أو خارج الشبكة العامة من موارد الطاقة المتجددة لمختلف الاستخدامات المنزلية والتجارية والصناعية - المترجم) وتقدر دوائر صناعة الكهرباء أن أكثر من 400 مليون نسمة في إفريقيا يحصلون على الكهرباء من أنظمة طاقة شمسية منزلية. وبحسب هذه الدوائر، وفي الفترة بين 2016-2020 فقد تم تركيب عدد من الشبكات الصغيرة يزيد عددها عن عشرة أضعاف تلك التي أنشئت في السنوات الخمس السابقة لهذه الفترة، ومعظمها يستخدم الطاقة الشمسية في كينيا وتوظف شركات الطاقة الموزَّعة (اللامركزية) أكثر من ستة أضعاف موظفي أكبر مرفق لخدمات الكهرباء، وفي نيجيريا أوجدت هذه الشركات وظائف تماثل في عددها وظائف صناعة النفط والغاز؛«فالمستقبل لأنظمة الكهرباء الموزَّعة وهذا ما لم يستوعبه الناس تماما

بعد»، هذا ما يقوله ماثيو تيليارد المؤسس المشارك والمدير الشريك بشركة «كروس باوندري جروب» التي يتراوح زبائنها بين شركات كبيرة ومستهلكين لم يتم ربطهم حتى الآن بشبكات الكهرباء المركزية، ويضيف ماثيو قائلا: «ذلك سيحدث هنا في إفريقيا أولا». إن شركة «اجنايت» التي تنشط في 9 بلدان إفريقية لديها منتجات من بينها لوح «كهرو- ضوئي» أساسي يغذي ثلاثة مصابيح كهربائية وشاحن هاتف، هذا إلى جانب مضخات ري ومواقد وأجهزة توجيه للإنترنت وأنظمة صناعية تدار كلها بالطاقة الشمسية، ويستخدم الزبائن خدمة السداد عبر الهاتف لفتح عداد الكهرباء عند الحاجة (في وقت استخدامها)، ويقدر ياريف كوهين الرئيس التنفيذي لشركة اجنايت أن مبلغ الثلاث دولارات الذي ينفق بواسطة الزبائن أقل مما كانوا يدفعونه في السابق لشراء الكيروسين وعند أكشاك شحن الهاتف.

يشرح كوهين الكيفية التي صار بها الفلاحون أكثر إنتاجا لأنهم لم تعد تلزمهم العودة إلى البيت قبل حلول الظلام، وأيضا لتحسُّن درجات التلاميذ لأنهم يراجعون دروسهم تحت ضوء المصابيح الكهربائية، وكانت إحدى العائلات في رواندا معتادة على المبيت مع بقرتين تملكهما داخل المنزل خوفا من لصوص الأبقار، لكنهما الآن تبيتان في العراء بعد تركيب مصباح كهربائي خارجي، وصارت العائلة تنعم بنوم أكثر هدوءا، وفي أبريل دشن البنك الدولي وبنك التنمية الإفريقي مشروعا رائدا يهدف إلى التوسع في توفير الكهرباء في إفريقيا جنوب الصحراء لحوالي 300 مليون شخص إضافي بحلول عام 2030.

ويتوقع البنك الدولي وفقا للسيناريو الأقل تكلفة أن يحصل حوالي نصف هؤلاء على الكهرباء من خارج الشبكة العامة وعبر أنظمة الكهرباء اللامركزية، لكن وبما أن معدات الطاقة الشمسية لا تزال باهظة التكلفة لبعض أفقر الناس في العالم، فإن البنك والمانحين يخططون إلى دعم التكاليف المبدئية لهذه المعدات عبر برامج تدفع أموالا لشركات أنظمة الطاقة المتجددة اللامركزية التي تتولى تركيبها في المناطق الريفية النائية. وهذا الرهان إلى جانب تأكيد الحكومات لسياساتها (بشأن تحويل أرباحها الشركات إلى الخارج وخططها المستقبلية حول الشبكات العامة) يمكن أن يجتذب المزيد من الاستثمارات الخاصة، لكن هنالك حدود لما يمكن عمله بتجنب مرافق الكهرباء العامة القديمة. ويقدر البنك الدولي أن الطريقة الأقل تكلفة لتوفير الكهرباء إلى النصف الآخر من الـ300 مليون الذين يستهدفهم في مشروعه الرائد هي التوسع في الشبكات الموجودة أصلا. فالعديد من مرافق الكهرباء لها هياكل أحادية جرى تفكيكها منذ فترة طويلة في أجزاء العالم الأخرى، ومصطلح «هياكل أحادية» يعني بلغة أهل الاختصاص أنها تسيطر على توليد ونقل وتوزيع الكهرباء. وفي الواقع تواجه هذه المرافق في معظمها الإفلاس؛ فأكثر من نصفها في إفريقيا جنوب الصحراء لا يمكنه تغطية النفقات التشغيلية؛ ويعود ذلك جزئيا إلى إصرار الحكومات على وضع تعرفة استهلاك تقل عن تكلفة الإمداد.

إن انتشار الطاقة الشمسية قد يجعل الأمور أسوأ على هذه المرافق؛ فبعض المحللين يشيرون إلى أن شركة اسكوم ربما تدخل في «دوامة احتضار» مع تخلي زبائنها عن شبكة الكهرباء العامة. وربما قد تكون هناك مرافق أخرى أكثر هشاشة؛ فهيئة كينيا للكهرباء تحصل على 54% من إيراداتها من حوالي 700 كيان تقريبا أو أقل من 0.01% من العدد الإجمالي لزبائنها.

توجد قلة من المرافق التي تواكب التحولات، فنامبيا وهي واحدة من أكثر البلدان المشمسة يسَّرت للشركات الخاصة في العام الماضي بيع الكهرباء لشبكات إقليمية، لأنها تتصور أن دورها المستقبلي كمنصة لشراء وبيع الكهرباء وليس توليدها وتوزيعها. لكن بلدانا أخرى تقاوم التغيير، فالسنغال وموزمبيق وتنزانيا على سبيل المثال - حتى الآن - تحاصر الشركات بالإجراءات البيروقراطية، وفي المقابل تأمل بلدان أخرى في أن تدفع «الجغرافيا السياسية للطاقة الشمسية» القوية الخارجية التي تسعى وراء النفوذ في إفريقيا إلى تشييد محطات طاقة شمسية لا تستطيع مرافقها المفلسة تشييدها، بحسب أحد قدامى المختصين في هذا المجال؛ ففي مايو أعلنت دولة مالي التي استقبلت جنود مجموعة فاجنر الروسية في العام الماضي أن شركة فرعية تابعة لمجموعة الطاقة الروسية العملاقة «روساتوم» ستشيد أكبر محطة طاقة شمسية في غرب إفريقيا. ومن الصعب تصور أي مستثمر تجاري «محض» يسعى إلى مثل هذا المشروع.

هذا جانب واحد لافت في ثورة الطاقة الشمسية في إفريقيا؛ لكن القارة في معظمها تخوض تجربة أكثر خفاء ولكنها مهمة في التوليد التجاري واللامركزي للكهرباء من الطاقة الشمسية، هذا التوجه يمكنه إحداث تحول في الاقتصادات الإفريقية وتقديم دروس لباقي العالم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الطاقة الشمسیة فی فی العام الماضی تخفیف الأحمال الشبکة العامة جنوب إفریقیا جنوب الصحراء الکهرباء من فی إفریقیا طاقة شمسیة شمسیة فی أکثر من

إقرأ أيضاً:

انطلاق الاستثمار في بطاريات تغذية شبكات الكهرباء

تريليون دولار للطاقة النظيفة

انطلاق الاستثمار في بطاريات تغذية شبكات الكهرباء

التخلص من الكربون في إمدادات العالم بالكهرباء يحتاج إلى ما هو أكثر من ألواح الخلايا الكهروضوئية وتوربينات الرياح والتي تعتمد على سطوع الشمس وانتظام حركة الهواء في توليد الكهرباء. تخزين هذه الكهرباء على نطاق الشبكة (بهدف تغذية شبكة الكهرباء العامة) يقدم حلا لمشكلة عدم انتظام توليدها بهاتين التقنيتين. لكن لا توجد سعات تخزينية كافية لها حتى الآن.

بحسب وكالة الطاقة الدولية، سيلزم ارتفاع السعة العالمية المتاحة لتخزين الكهرباء في البطاريات من أقل من 200 جيجاواط في العام الماضي إلى أكثر من تيراواط (1000جيجاواط) بنهاية هذا العقد وما يقرب من 5 تيراواط في عام 2050 لكي يظل العالم في المسار الذي يقود إلى الحياد الكربوني.

لحسن الحظ بدأت صناعة تخزين الطاقة التي تستهدف تغذية شبكات الكهرباء أخيرا في الانتعاش.

تقليديا، اعتمد تخزين الكهرباء لأغراض الشبكة على الأنظمة الكهرومائية التي تنقل الماء إلى خزَّانين عند أعلى وأسفل منحدر (يحدث هذا التخزين بتحويل الكهرباء الفائضة إلى طاقة كامنة في شكل مياه مخزَّنة في أعلى المنحدر ثم تحويلها إلى كهرباء مرة أخرى عند الحاجة وذلك بضخها عبر توربينات موجودة في أسفل المنحدر- المترجم).

هذه الأيام الطريقة المفضلة باطِّراد هي وضع بطاريات عملاقة في صفوف داخل حظائر. فوفقا لوكالة الطاقة الدولية تم تركيب بطاريات تخزين تبلغ سعتها الإجمالية 90جيجاواط على نطاق العالم في العام الماضي. هذا يساوي ضعف السعة المركبة في عام 2022 والتي خُصِّص ثلثاها للشبكة والباقي لتطبيقات أخرى مثل الطاقة الشمسية المنزلية.

الأسعار تنخفض ويتم تطوير مكوِّنات كيماوية جديدة للبطاريات. ووفقا لتقدير شركة "بَيْن" الاستشارية يمكن أن تنمو القيمة السوقية لتخزين الكهرباء في الشبكة من حوالي 15 بليون دولار في عام 2023 إلى ما بين 200 بليون إلى 700 بليون دولار بحلول عام 2030 وتريليون إلى ثلاثة تريليونات دولار في عام 2040.

الهبوط الحاد في سعر بطاريات ايونات الليثيوم يحفز على استخدامها في تغذية شبكات الكهرباء. وحسب مجموعة الأبحاث "بلومبيرج ان أي اف" انخفض متوسط سعر بطاريات الليثيوم الثابتة لتخزين واحد كيلوواط ساعة بنسبة حوالي 40% في الفترة بين 2019 و2023. لقد قاد التباطؤ العالمي في تبني السيارات الكهربائية التي تدار بواسطة تقنية شبيهة شركاتِ تصنيع البطاريات إلى الاهتمام أكثر بتخزين الكهرباء لتغذية الشبكة.

في عام 2019 كانت بطاريات ايونات الليثيوم الثابتة أغلى بما يقرب من 50% من تلك التي تستخدم في السيارات الكهربائية. وتقلص هذا التفاوت في السعر إلى أقل من 20% مع تدافع المنتجين لتصنيعها.

ووفقا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية تنافس الآن الطاقةُ الشمسية إلى جانب البطاريات توليدَ الكهرباء بواسطة الفحم الحجري في الهند. وهي في سبيلها إلى أن تكون أرخص من توليد الكهرباء بالغاز في أمريكا بعد سنوات قليلة.

حاليا الصين مركز الإنتاج العالمي للبطاريات. فهي مقرُّ ستّ من بين أكبر عشر شركات في العالم بما في ذلك شركتا كاتل وبي واي دي. في الصين ارتفع إنتاج البطاريات المخصصة لشبكات الكهرباء من لا شيء تقريبا في عام 2020 إلى حوالي الخُمس (20%) متفوقا على الحصة التي تُستخدم في الإلكترونيات الاستهلاكية. ساعدت على هذا النمو السياسات الداخلية التي أوجبت على مشروعات توليد الكهرباء من طاقة الشمس والرياح تركيب سعاتٍ تخزينية أيضا.

شركات البطاريات الصينية تكثف جهود الابتكار. فشركة "كاتل" زادت إنفاقها على البحث والتطوير بحوالي ثمانية أضعاف منذ عام 2018 إلى 2.5 بليون دولار في العام الماضي. وشركة "بي واي دي" التي استثمرت بشدة في الروبوتات والذكاء الاصطناعي شيدت مصنعَ بطاريات "مؤتْمَتَا" كله تقريبا في مدينة هيفي.

لكن صناعة البطاريات تسبح في بحر من فائض الإنتاج. فحسب "بلومبيرغ ان إي اف" تنتج الصين لوحدها بطاريات ليثيوم تكفي لمقابلة الطلب العالمي على كل أنواعها. وأعلنت صناعتها عن خطط لإنتاج سعة إضافية تبلغ 5.8 تيراواط ساعة بحلول عام 2025 أو أكثر من ضعف السعة العالمية الحالية والتي تصل إلى 2.6 تيراواط ساعة. وسيكون ذلك كارثيا لشركات عديدة في صناعة البطاريات بما في ذلك تلك التي تنتجها لشبكات الكهرباء.

حسب "بينشمارك مينرال انتيليجينز" وهي شركة أبحاث أخرى، تم إلغاء أو تأجيل إنشاء 19 مصنعا ضخما لبطاريات السيارات الكهربائية وتخزين الطاقة في الصين في أول سبعة أشهر من هذا العام. الانهيار في الأسعار أضر أيضا بشركات بطاريات غربية ناشئة. أحد الأمثلة لذلك شركة "نورثفولت" السويدية والتي اعتبرها البعض ردَّ أوروبا على شركات الصين.

ففي العام الماضي أبلغت عن ارتفاع خسائرها إلى 1.2 بليون دولار من 285 مليون دولار في عام 2022. ومن المرجح أن تكون نتيجةَ ذلك موجةُ اندماج بين الشركات على نحو ما توقع روبين زينج الرئيس التنفيذي لشركة كاتل في وقت مبكر من هذا العام.

مع ذلك "مذبحة" شركات صناعة البطاريات يمكن أن تساعد في تبني تخزين الكهرباء في البطاريات بدلا من أن تؤذيه. فالأسعار قد تهبط أكثر مع حصول الشركات الأكثر إنتاجا على حصة أكبر من السوق. واقع الحال، المنافسة الطاحنة تحفز سلفا على الابتكار مع سعي الشركات وراء تقنيات جديدة تعينها على تقديم الأفضل.

في هذا الجانب، بطاريات أيونات الصوديوم أحد البدائل الواعدة. فهي لا تتطلب استخدام مادة الليثيوم الغالية الثمن. وعلى الرغم من أن كثافة الطاقة التي تقدمها أقل من كثافة طاقة بطاريات ايونات اللوثيوم إلا أن ذلك ليس مشكلة كبيرة للبطاريات الثابتة مقارنة بتلك التي تُستخدَم لتشغيل محركات السيارات الكهربائية.

تسارع الشركات الحالية لتطوير تقنية بطاريات لاستخدامها في إمداد شبكات الكهرباء وتراهن عدة شركات ناشئة على هذه التقنية بقدر كبير. فشركة "ناترون" الأمريكية التي تدعمها شركة شيفرون النفطية العملاقة تستثمر 1.4 بليون دولار في تشييد مصنع لإنتاج بطاريات ايونات الصوديوم في ولاية كارولينا الشمالية بالولايات المتحدة. ومن المقرر افتتاحه في عام 2027.

لاندون موسبورغ الرئيس التنفيذي لشركة "بيك انيرجي" وهي شركة ناشئة أخرى لتصنيع بطاريات ايونات الصوديوم يقول إنه يريد أن تكون شركته "كاتل أمريكا". (كاتل شركة صينية لصناعة وتقنية البطاريات، تأسست في عام 2011 وهي أكبر شركة لصناعة بطاريات ايونات الليثيوم للسيارات الكهربائية. كما تتخصص أيضا في أنظمة تخزين الطاقة - المترجم).

يعتقد توم جينسن الرئيس التنفيذي لشركة "فراير" وهي شركة ناشئة أخرى أن شركات البطاريات الغربية يمكنها المنافسة فقط بالتقنيات الجديدة. في الواقع يزداد طول قائمة المقاربات الابتكارية. فشركة "انير فينيو" الناشئة أيضا تسوِّق بطارية النيكل -الهيدروجين. لقد جمعت 400 مليون دولار وستشيد مصنعا في ولاية كنتاكي الأمريكية وتأمل في استخدامه لإنتاج بطاريات رخيصة يمكنها تخزين الكهرباء لفترات طويلة.

هذه التقنيات ملائمة جدا للوفاء بالطلب المتزايد على الطاقة من مراكز البيانات والتي تتلهف شركات التقنية العملاقة لتشغيلها بالطاقة المتجددة. (مراكز البيانات منشآتٌ حاسوبية تتولى إدارة وتخزين ومعالجة كميات ضخمة من البيانات- المترجم) وحقيقة أن بطاريات ايونات الصوديوم أقل تعرضا للحريق من البطاريات التي ترتكز على الليثيوم تجعلها جذابة على نحو خاص لشركات التقنية ليس أقله لأنها تقلل تكلفة التأمين، بحسب جيف شامبرلين الرئيس التنفيذي لشركة "فولتا انيرجي تكنولوجيز" والتي تركز على الاستثمار في تخزين الطاقة.

يشير كولين ويسيل الرئيس المشارك لشركة ناترون أن شركته الناشئة تخطط إلى حد كبير لتزويد مراكز البيانات بالبطاريات.

كما يقود التدشين السريع لمراكز البيانات إلى فجوات في البنية التحتية المستخدمة لتوليد ونقل الكهرباء والتي يمكن سدَّها ببطاريات أطول عمرا من النوع الذي تأمل شركة "انير فينيو" في إنتاجه.

يتوقع آرون زوباتي الرئيس التنفيذي لشركة تطوير الطاقة المتجددة "ايوليان" ازدهارا في حلول تخزين الكهرباء لمدة أربع إلى ثماني ساعات لمقابلة الطلب المتزايد لشبكات الكهرباء خلال العقد القادم.

إذن تخزين الكهرباء لتغذية الشبكات يتقدم بسرعة. يقول محلل مخضرم لازدهار الطاقة الشمسية "البطاريات حققت خلال خمس سنين ما احتاجت الطاقة الشمسية إلى 15 عاما لإنجازه". ولخّص فاتح بيرول رئيس وكالة الطاقة الدولية ذلك بقوله "البطاريات تغيِّر اللعبة أمام أعيننا".

مقالات مشابهة

  • المفاعلات النووية الصغيرة قد تقود طاقة المستقبل.. لكن ضربة البداية هي التحدي في أميركا
  • ما هو أكبر سد مائي في العالم لتوليد الكهرباء؟
  • حكومات التبعية صرقت أكثر من (84) مليار دولار على الكهرباء..والسوداني يعلن اليوم عن الوصول إلى”تفاهمات” لإنتاج (10) آلاف ميغا واط
  • شركة جديدة تشهر إفلاسها.. قطاع الطاقة الشمسية في أميركا يتلقى صدمة.. ماذا يحدث؟
  • انطلاق الاستثمار في بطاريات تغذية شبكات الكهرباء
  • مدبولي: نسعى لجذب الشركات المصنعة للألواح الشمسية وتوربينات الرياح
  • الأنبار تعلن عن تصنيع جهاز لتحلية وتنقية المياه يعمل على الطاقة الشمسية
  • اجتماع خاص برئاسة السوداني يُقر خطة لإدخال منظومة الطاقة الشمسية إلى المنازل
  • إقرار خطة لإدخال منظومة الطاقة الشمسية إلى المنازل في العراق
  • جوتيريش: الصين وإفريقيا بإمكانهما أن تقود ثورة في الطاقة المتجددة