يعتبر الذهب من بين الأصول التى تحظى بشعبية كبيرة كملاذ آمن فى ظل التقلبات الاقتصادية والسياسية. يعود سبب هذه الشعبية إلى الخصائص الفريدة للذهب التى تجعله محصناً ضد التقلبات والمخاطر المحتملة، فهو لا يتأثر بنفس القدر بالعوامل المؤثرة على العملات الورقية مثل التضخم أو التدهور الاقتصادى، مما يجعله محافظاً على قيمته على المدى الطويل.

كما أنه يعتبر من الاحتياطيات التى تستند إليها الدول، بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر الذهب أداة فعالة للتنويع فى المحافظ الاستثمارية حيث يسهم فى تقليل المخاطر وتحقيق التوازن فى العائدات.

الذهب صناعة وليس مجرد رفاهية، فهو احتياطى استراتيجى للأفراد والدول، كما أنه الملاذ الآمن للدول والأفراد، ويلعب الذهب دوراً مباشراً فى نظام النقد الدولى فإن المصارف المركزية والحكومات عبر أنحاء العالم تسعى إلى الاحتفاظ بكميات ضخمة منه للحماية من عدم الاستقرار الاقتصادى، وذلك نظراً لأن أداء الذهب يتسم بتقلبات أقل مقارنة بغيره من السلع والأسهم التجارية والعملات.

وقد بلغت احتياطيات البنوك المركزية من الذهب أكثر من ٣٧ ألف طن، ويتركز إنتاج الذهب فى مصر فى ٣ مواقع بالصحراء الشرقية هى جبل السكرى ومنطقة حمش ووادى العلاقى، بالإضافة إلى المثلث الذهبى الذى يضم أكثر من ٩٤ منجم ذهب، حيث تزيد مواقع الذهب فى مصر على ٢٧٠ موقعاً بينها حوالى 120 موقعاً ومنجماً معروفة تم استخراج الذهب منها قديماً.

وتمتلك مصر احتياطياً مؤكداً من الذهب حوالى 7.3 مليون أونصة حالياً، وأنتجت مصر عام ٢٠٢٣ حوالى 560 ألف أونصة ذهب.

ولا شك أن قضية التعدين فى مصر بصفة عامة والذهب بصفة خاصة تحتاج إلى قانون تعدينى جديد يحتوى على تشريعات مرنة حتى يمكن للمستثمرين اقتحام هذا القطاع وبما يحافظ على حقوق الدولة، حيث إن التشريعات الحالية مقيدة للاستثمار فالمطلوب شركات تنقيب قوية قادرة على تحمل مخاطر التعدين لاستغلال مثل هذه الخامات التى تحتويها الصحراء الشرقية وعلى الأخص الذهب وضرورة إيجاد مناخ المنافسة بين هذه الشركات من خلال وضع التسهيلات اللازمة لها من قبل الحكومة وتكوين مناخ استثمارى جاذب فى قطاع التعدين وطرح المزيد من مزايدات الاستثمار فى البحث واستخراج الذهب والمعادن المصاحبة بصورة دورية والعمل على الإسراع بالمشروعات الرقمية.

فمنجم السكرى أصبح من أشهر مناجم الذهب فى العالم وأصبح مروجاً قوياً للثروة التعدينية فى مصر، وتسعى مصر لرفع الاحتياطى الاستراتيجى من الذهب والذى سيساهم فى دعم الاقتصاد بشكل كبير وإعطاء قوة للجنيه المصرى، حيث تمتلك مصر فرصاً عالية تؤهلها لأن تصبح ضمن أكبر الدول المنتجة والمصدرة للذهب والوصول بمساهمة قطاع التعدين إلى ٥٪ من الناتج المحلى الإجمالى بدلاً من ١٪ حالياً.

وتقوم مصر بإنتاج وتصدير ذهب سنوياً فى حدود ١٫٣ مليار دولار، وتأتى الإمارات وكندا على رأس الدول المستوردة للذهب من مصر قابلة للزيادة بالاتجاه نحو التعدين واستخراج الذهب والدخول فى هذه الصناعة التى من شأنها تحقيق عوائد اقتصاديه عديدة.

* مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: التنقيب عن الذهب الصحراء الشرقية فى مصر

إقرأ أيضاً:

الدكتور عبدالله علي إبراهيم.. مثقف ضد الإذعان لإجماع الصفوة

الدكتور عبدالله علي إبراهيم
مثقف ضد الإذعان لإجماع الصفوة
الدكتور فضل الله أحمد عبدالله
الدكتور عبدالله علي إبراهيم ، ناقد ثقافي سوداني يرتقي جالسا في ذروة الفكر المفضي إلى ثورة الإبداع .
صاحب مشروع فكري حداثي ، يتأبى على التسليم الخانع ، والاتباع القانع والتقليد العاجز .
تنظر متأملا في مشروعه الأكاديمي الدارس للثقافة السودانية ، أو ، في منجزه الكتابي الإبداعي المسرحي ودراساته النقدية ، تجد أنه يزرع روح التمرد والمغامرة والتطلع إلى المستقبل ، ضد إجماع الإذعان لسرب الصفوة في السودان .
يرى أن الإنتاج الذهني ، ليس دوائر مغلقة بقدرما هي إجابات مفتوحة لأسئلة أخرى أيضا ، لذا نجد في إنتاجه محاولات لمحاورة نفسه ، ، بذات القدر الذي يحاور غيره .
ففي كل ما يكتبه عبدالله علي إبراهيم لن تجد إلا الأسئلة المعرفية المفتوحة ، والإجابات التي لا تعرف حدود الإنغلاق .
فالسلطة عنده هي سلطة الوعي ، وأن الثقافي الثوري المبدع يجب أن يكون غير أحادي البعد ، ولا المحدود ، ولا الجامد المتكلس ، فالثورية عنده ، أعمق وأوسع وأشمل من المعنى الإيديولوجي .
تلك هي الحالة الإنفعالية العقلية التي نستنتجها من الإبداع الكتابي للدكتور عبدالله علي إبراهيم الذي نرى أنه يفرض علينا وباستمرار تفكيك الأشياء وإعادة تركيبها ، والنظر إلي التاريخ من أبعاده البعيدة بمنظورات الحادثة في حوار مع الذات من جهة ، ومع الآخر من جهة أخرى .
والنظر إلي حقائق الواقع الموضوعي ، دون الاتكاء علي منهج المكابرة القليظة وفق مقتضى الكسب الآني .
وبتلك المنظورت تفرد الدكتور عبدالله علي إبراهيم برؤية خاصة في المسألة السودانية وأزمات السودان إذ يرى أن ” الصفوة ” هي أصل البلاء والمحن إذ قال ” صفوتنا ضيوف ثقلاء على الواقع ” .. وفي مقالته : ” الصفوة والمكشن بلا بصل ” قال :
( من غضب الله علينا أن الصفوة – وهذا ما يسمي خريجو المدارس والمهنيون أنفسهم – طالقة لسانها في الآخرين ولم تجد بعد من يطلق لسانها فيها بصورة منهجية .
فهي تصف جماعات غمار الناس ، بالأمية ، أو البدائية ، أو المتخلفة ، أو بالمصابة بالذهن الرعوي ، أو ببله الريف أو انها مستعربة أو متأسلمة .
واحتكرت حق تبخيس الآخرين أشياءهم . واحتكرت حتى نقدها لنفسها ، ولكن برفق . فهي فاشلة أو مدمنة الفشل بما يشبه التوبيخ على حالة عارضة تلبستها وستخرج منها متى صح منها العزم ،
وقليلاً ما عثرت على نقد للصفوة تخطى ما تواضعت عليه من الرأفة بنفسها والعشم في صحوتها إلى نقد جذري يطال فشلها بالنظر إلى اقتصادها السياسي :
إلى مناشئها الثقافية والاجتماعية ومنازلها من العملية الإنتاجية ) ..
ويرى الدكتور عبدالله علي إبراهيم أن الصفوة السودانية خالية من ” الحمية ” وذلك أن الغرب قد أفرغها في مدارسها ، وجعل منهم طائفة بلا أدنى شغف بأهلهم وثقافتهم ، أطلقوا ألسنتهم فيهم ” يا بدائي ” يا ” أمي ” يا ” متخلف ”
وقال في استدراكته :
( كنت أستغرب مثلاً لماركسي يقول ، تأسياً بلينين ، إن الأمي خارج السياسة وحزبه في قيادة معظم نقابات العمال واتحادات المزارعين التي قوامها أميون .
أو تسمع من يقول لك ” بالله الحاردلو دا لو قرأ كان بدّع “.
وكأن ما قاله الحاردلو شفاهة ناقص ) ..
وفي تعميق آخر لمعنى الصفوة كتب الدكتور عبدالله علي مقالة أخرى بعنوان ( مفهوم الصفوة : إننا نتعثر حين نرى ) قائلا :
( فأعيد النظر في صلاح مفهوم الصفوة لتشخيصها . وهو المفهوم الذي نقلناه إلى خطابنا السياسي عن الفكر الغربي ، ولم نستأنسه بتحر يدني به زمامه لنا لمعرفة أوثق بهذه الحلقة الأثيمة .
ومن الجهة الثانية سأرد ، على بينة مَخْضي لمفهوم الصفوة ، هذه الحلقة إلى ” الثورة المضادة ” الغائبة في تحليلنا السياسي .
فلما قَصَر المفهوم فهمنا لفشل الفترة الانتقالية على تنازع الصفوة أوحى كأنه كان بالوسع ألا تتنازع لولا سوء خلقها .
وخلافاً لذلك سأوطن الصفوة ذاتها في خضم صراع اجتماعي واسع هية طرف فيه وفي حرب بين أطرافها كذلك .
باتت هذه الحلقة الجهنمية مثل دورات الطبيعة في حياتنا السياسية ” أو في اعتقادنا عنها من فرط تكرارها فينا ” تكرر الحيض عند النساء في قول منصور خالد .
وهي ليست كذلك بالطبع . ولم نجعلها كذلك إلا لأننا لم نحسن تشخيص هذا التعاقب ناظرين إلى صراع قوى مجتمعنا حول مصالحها .
وحال دوننا ومثل هذا التشخيص أنه لم ينشأ بيننا علم للسياسة مستقل عن الناشطية السياسة يكفل لنا الترقي من الإثارة إلى الفكر .
فظل الانقلاب فينا ، نظرياً ، من جرائر صفوة أنانية فاشلة تستدرج العسكريين لارتكابه .
وتقع مثل هذه نظرية في باب الأخلاق بجعلها الانقلاب حطة نفس .
ولا تقع في باب السياسة التي يتدافع الناس فيها حول مصالح استراتيجية بتكتيكات مختلفة سلمية وعنيفة ) ..
تأسيسا على ذلك يمكن القول أن الدكتور عبدالله علي إبراهيم في مذهبه هذا ، هو أقرب إلى التيار الذي يرى أن الأيديولوجيا في فضاءاتنا الثقافية العربية قد أنتجت مثقفين سيكولوجيين ، لهم في كل وجه عين واحدة ، وليس أكثر .
والعين الواحدة لا تدرك إلا لونا واحدا ، ولا تعترف إلا بحقيقة واحدة موحدة ..
فالإيديولوجيا مسكونة بالنوايا وبالأهواء ، هي وجهة نظر لا تعرف ولا تعترف بأنها مجرد وجهة نظر ، قد تكون صائبة وقد تكون خاطئة ، وقد تكون مجرد هلوسات ذهنية ولا شيء أكثر – كما قال الدكتور عبدالكريم برشيد – هذه الإيديولوجيا بتمركزها على الذات ، قد أضرت كثيرا بثقافتنا .
تلك هي الحالة الإنفعالية العقلية التي نستنتجها من الإبداع الكتابي للدكتور عبدالله علي إبراهيم الذي نرى أنه يفرض علينا وباستمرار تفكيك الأشياء وإعادة تركيبها ، والنظر إلي التاريخ من أبعاده البعيدة بمنظورات الحادثة في حوار مع الذات من جهة ، ومع الآخر من جهة أخرى .
والنظر إلي حقائق الواقع الموضوعي ، دون الاتكاء علي منهج المكابرة القليظة وفق مقتضى الكسب الآني .

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الذهب يسجل مستوى قياسياً متجاوزاً 3100 دولار
  • ترامب يحذر زيلنسكي من التراجع عن عقد التعدين
  • السيد الرئيس أحمد الشرع في كلمة بمناسبة عيد الفطر المبارك بقصر الشعب: سوريا يكتب لها تاريخ جديد وأمامنا طريق طويل وشاق، وكل مقومات البناء نملكها على كل المستويات، وما يتطلب منا ان نعمل ولا نختلف.
  • وعدت يا "عيد"
  • نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين يهنئ القيادة بعيد الفطر
  • الدكتور عبدالله علي إبراهيم.. مثقف ضد الإذعان لإجماع الصفوة
  • حرب الجبال... ماذا وراء الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في اليمن؟
  • الدكتور منير البرش يتحدث عن خسائر قطاع الصحة بغزة
  • بوتين يشيد بصواريخ “تسيركون” ويصفها بالأسلحة الاستراتيجية
  • لعلهم يرشدون