"النفاس" هو الفترة التي تلي الولادة مباشرة، ويُنظر إليها في الثقافات المختلفة باعتبارها مرحلة حرجة وفترة محفوفة بالمخاطر، وقد أفادت دراسة أجريت عام 2010 أن هذه الفترة تحدد عالميا بـ40 يوما، وتشتمل على طقوس خاصة لتوفير الدعم والرعاية والتغذية للأمهات الجدد.

وتختلف عادات وطقوس ما بعد الولادة في الثقافات المختلفة فتعرف في الصين "زو يوزي" وفي تايلند "تو فاي" وفي كوريا "شامشيليل"، ومعظمها تسعى لهدف واحد، وهو ضمان التعافي بعد الولادة والحفاظ على الصحة البدنية والنفسية للأمهات، حتى وإن اختلفت المسميات.

وفيما يلي بعض من ممارسات ما بعد الولادة في 9 دول مختلفة، وإن لم تطبق بشكل كامل حاليا نظرا لارتفاع معدلات الهجرة بين البلدان والتنوع الثقافي الناتج عن ذلك.

في كوريا، يسمى تقليد ما بعد الولادة بـ"شامشيليل" أي 3 أسابيع من الرعاية المتخصصة للحفاظ على راحة الأم (شترستوك) التخلص من سموم الجسم بالتدليك

في الهند، تحظى فترة ما بعد الولادة بأهمية كبيرة في النظام التقليدي الهندي للشفاء "الأيورفيدا" ويطلق عليها فترة "الاحتجاز"، إذ تبقى المرأة في منزل أهلها 6 أسابيع أي حوالي 40 يوما تقريبا، ولا ينبغي لها القيام بأي أعمال منزلية أو أنشطة شاقة لتجنب هبوط الرحم.

وتتناول الأعشاب والأطعمة اللينة والمغذية، ويُقدم لها الحليب يوميا بعد غليه 3 مرات لتفتيت البروتين به وإضافة السمن المذاب والتوابل الخاصة حتى يسهل هضمه.

يتم تدليك الأمهات الجديدات بالزيت الساخن يوميا من قبل أحد أفراد أسرتها أو فني من ذوي الخبرة، وتستخدم في التدليك زيوت مغذية مثل السمسم وجوز الهند والزيتون ويُتبع بحمام دافئ بالأعشاب، وخاصة أوراق النيم التي تعمل كمطهر طبيعي.

ولا ينبغي استخدام الصابون التجاري، وبدلا من ذلك يتم استخدام عجينة من دقيق الحمص ممزوجة بالقليل من مسحوق الكركم وملعقة صغيرة من كريمة الحليب كصابون بديل، ولتسطيح البطن يتم ربطه بعد الاستحمام بـ"سارٍ" أو قطعة قماش من القطن.

ومن القيود المفروضة على النفساء في الهند، عدم القراءة أو مشاهدة التلفاز وتجنب الصراخ أو البكاء أو الانخراط في محادثة مرهقة والنوم كلما نام الطفل.

وفي كوريا، يسمى تقليد ما بعد الولادة الكوري "شامشيليل" أي 3 أسابيع من الرعاية المتخصصة للحفاظ على دفء الأم والعمل على راحتها وتغذيتها، وخلال تلك الفترة تتناول الأمهات الجديدات "مييوكجوك" عدة مرات في اليوم، وهو حساء تقليدي من الأعشاب البحرية مع لحم البقر أو الدجاج لتعزيز الدورة الدموية واستعادة العناصر الغذائية المفقودة، ويحظر تناول الأطعمة الباردة والمثلجة لتجنب مشاكل الأسنان لاحقا.

وفي بعض أجزاء من كوريا يحرص الأهل على تعليق حبل من أغصان الصنوبر أو الفلفل الأحمر عند مدخل المنزل للإعلان عن ولادة طفل، ووفق معتقداتهم فإن هذا الحبل يعمل كمؤشر لتحذير الغرباء أو أي امرأة في حالة حداد أو أي شخص قد سافر مؤخرا من دخول المنزل، إذ إنهم يشكلون خطرا على الأم والطفل وزيارتهم تقلل من إدرار حليب الثدي.

وفي إندونيسيا، تضاء الأنوار الساطعة في المنزل لمدة 40 يوما، وتزور القابلة الأم يوميا لتدليكها وإطعامها "الجامو" وهو خليط مغذي من صفار البيض وسكر النخيل والتمر الهندي والأعشاب الطبية، وتشد الأم بطنها بلفافة لتعزيز شفاء الرحم، أما المشيمة، فتوضع بجوار الأم طوال فترة نفاسها، اعتقادا بأنها تحمل قوة روحية واقية من العدوى والمرض.

أما في تايلند، ينتشر تقليد "تو فاي" وهي ممارسة ترتدي فيها الأم ملابس تحفظ حرارة جسمها وتلتف بالبطانيات وتستلقي على سرير خشبي فوق نار دافئة لمدة 30 يوما لطرد الدم المحتجز وارتداد الرحم وعودة البطن لحجمه الطبيعي وإزالة علامات التمدد الناتجة عن الحمل ومنع آلام الظهر، ويتم تدليك الأم كذلك بالملح الساخن لتخفيف آلام الأوتار والعظام ومنع تجلط الدم.

في تركيا، بعد عملية الولادة يُقدم للأم "شربات النفاس" وهو مشروب تقليدي من مغلي الماء والسكر والقرفة والقرنفل (شترستوك)

التقليد الصيني، طقوس التعافي بعد الولادة في الصين يطلق عليها "زو يو زي" أو شهر الرعاية، ووفقا للمعتقدات الصينية فإن المرأة التي تتهرب من هذه الممارسة تصاب بالأرق والتعرق الليلي المفرط وتساقط الشعر، ولهذا ينبغي عليها البقاء في منزل حمويها 30 يوما وارتداء ملابس بأكمام طويلة وجوارب لاستعادة توازن قوى الجسم "الين واليانج"، وعليها أن تتجنب الأطعمة والمشروبات الباردة وتلتزم بنظام غذائي صحي يركز على حساء السمك والبابايا، ووفق هينج أو مؤلف كتاب: "الأربعون يوما الأولى" فإن هذه الممارسات تحولت مؤخرا إلى تجارة وتخصصت بعض الفنادق في تقديم هذه الخدمة مقابل مبالغ باهظة.

وفي اليابان، تؤمن المرأة اليابانية بفكرة الولادة بدون مسكنات للألم أو تخدير، وهو اعتقاد بوذي بأن المرأة يتوجب عليها تحمل آلام المخاض كاملة، وبعد الولادة تبقى الأم في منزل والديها لفترة تتراوح بين 8 إلى 12 أسبوعا ولا تغادر فراشها 21 يوما للتعافي وتعزيز الترابط مع طفلها، وتتناول طعاما مغذيا.

في المكسيك، اعتادت الأمهات الجديدات على الالتزام بفترة "كوارنتينا" وتترجم إلى "الحجر الصحي" لمدة 40 يوما، وينبغي غلق جميع النوافذ والأبواب للحفاظ على الأم والطفل من قوى الشر التي قد تصيبهما بمكروه، وفق معتقدات الناس هناك.

في مصر، يعتقد المصريون أن جسد المرأة يكون "مفتوحا" بعد الولادة وعرضة للهواء، لذا ينبغي أن تبتعد النفساء عن أي مصدر للهواء وتتجنب غسيل الشعر وتمشيطه خلال الأسبوع الأول على الأقل، ولا تسير إلا والحذاء في قدميها، كذلك تحرص على تناول الدجاج المسلوق ومشروب الحلبة الساخن أو "المُغات"، وتتجنب الأطعمة والمشروبات الباردة.

تركيا: بمجرد إتمام عملية الولادة يُقدم للأم "شربات النفاس" وهو مشروب تقليدي من مغلي الماء والسكر والقرفة والقرنفل وملون الطعام الأحمر، وتشربه الأم طوال فترة راحتها في المنزل والتي غالبا ما تكون 20 يوما.

الولادة في حظائر الأبقار

ما سبق كان بعض العادات التي تضمن رعاية المرأة بعد الولادة، ولكن ثمة ثقافات أخرى تؤمن بأن دم الولادة يصيب النساء بـ"النجاسة" وأن قبرهن يظل مفتوحا 40 يوما، ولهذا وفي المناطق النائية من نيبال يتم عزلهن وإجبارهن على الولادة في حظائر الأبقار، بينما ينعزلن في أكواخ لمدة 40 يوما في زائير.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ما بعد الولادة بعد الولادة فی

إقرأ أيضاً:

ضوابط جديدة لزواج من هم دون 18 عاماً

الرياض

مع سريان اللائحة التنفيذية لنظام الأحوال الشخصية، وضعت اللائحة ضوابط مقننة لزواج من هم دون سن 18 عاماً من الذكور والإناث، واشترطت اللائحة في حال زواج البنت دون سن 18 عاماً سماع ما لدى الأم بشأن موافقة الراغب في الزواج.

وكشف المحامي علي بن طالب بن توزان لـصحيفة عكاظ ضوابط زواج من هم دون سن الثمانية عشر في نظام الأحوال الشخصية، وقال: إن النظام جاء ليضع ضوابط صارمة لضمان حماية القُصَّر ومنع أي استغلال قد يترتب على زواجهم قبل بلوغهم سن الرشد، ومن أهم الضوابط اشتراط الحصول على إذن المحكمة قبل إتمام زواج أي طرف لم يبلغ سن 18 عاماً، وفقًا لما نصَّت عليه المادة التاسعة من النظام، والتي جاءت اللائحة التنفيذية للنظام لتوضيح آليات تطبيقها .

وجاء الشرط استجابة قانونية لحالات زواج القاصرات التي كانت مثار جدل في السنوات الماضية، إذ انقسم المختصون حوله إلى فريقين؛ الأول يرى أن الإذن القضائي لزواج من هم دون الثمانية عشر عاماً يمثل تقنيناً لاستمرار زواج القاصرات بدلاً عن وضع حدٍّ قانوني نهائي يمنعه تماماً. أما الفريق الثاني فيرى أن الإجراء يهدف إلى ضبط حالات الزواج المبكر، ومنع أي استغلال يمكن أن يقع على الفتيات، لا سيما في ظل وجود قضاء متخصص يُشرف على المسألة وفق معايير دقيقة.

وتابع المحامي ابن توزان، أنه وفقًا لما جاء في اللائحة التنفيذية لنظام الأحوال الشخصية الصادرة أخيرًا، فإن الشاب أو الفتاة الراغبين في الزواج قبل بلوغهم سن 18 عامًا، يمكنهم تقديم طلب الإذن إلى المحكمة المختصة، و يمكن لوليهم الشرعي (الأب أو الجد) أو والدتهم تقديم الطلب نيابة عنهم. وأضاف المحامي ابن توزان أن هذه النقطة تمثل تغييرًا مهمًا عن الممارسات السابقة، و كانت إجراءات الزواج تعتمد بشكل أساسي على موافقة الولي الشرعي فقط، دون منح الأم أي دور رسمي في إتمام الإجراءات، ومع هذا التعديل، أصبح للأم الحق في تقديم الطلب، وهو ما يعكس توجهًا واضحًا نحو تعزيز دورها في القرارات الأسرية الكبرى، خصوصًا في حالة وجود ا حتمال من تشدد الولي أو عدم إدراكه للمصلحة الحقيقية للابن أو الابنة

وأوضح المحامي ابن توزان آلية تقديم الطلب وقال: لا يُمنح الإذن بشكل تلقائي، بل تمر الإجراءات بعدة مراحل، وتتولى المحكمة دراسة الطلب وفق معايير دقيقة تشمل: التأكد من الأهلية العقلية والجسدية للطرفين وذلك لضمان أن الزواج لن يُعرّض أي طرف لمخاطر صحية أو نفسية، التأكد من تحقق المصلحة الشرعية والقانونية ويجب أن يكون الزواج في مصلحة القاصر، لا مجرد رغبة من الولي أو أحد الأطراف، والبحث في وجود ضرر أو استغلال محتمل، وللمحكمة أن تستعين بتقارير طبية ونفسية عند الضرورة لضمان عدم وجود إكراه أو ضغوط اجتماعية تدفع القاصر إلى الزواج، إضافة إلى إجراء مقابلات شخصية مع الطرفين، ويمكن للقاضي الاستفسار عن رغبتهما الحقيقية، والتأكد من عدم وجود أي نوع من الإكراه أو الاستغلال، فضلاً عن إلزام ولي الأمر بعدم التصرف دون إذن قضائي.. أي أن ولي الأمر لا يمكنه تزويج ابنته أو ابنه دون الحصول على إذن مسبق من المحكمة، وإلا يُعد الزواج مخالفًا للنظام.

وأكد ابن توزان أن من بين التعديلات الجوهرية التي جاءت بها اللائحة التنفيذية اشتراط سماع رأي الأم في ما يتعلق بموافقة ابنها أو ابنتها على الزواج، وهو ما يعد خطوة قانونية مهمة لضمان حماية حقوق الطرفين ومنع أي حالات استغلال أو إكراه.، ويرجع السبب في منح الأم دورًا في هذه المسألة إلى كونها الأقرب لأبنائها، والأكثر إدراكًا لحالتهم النفسية والاجتماعية، فضلًا عن أن بعض الأمهات قد يكنّ أكثر وعيًا بمصلحة أبنائهن مقارنة ببعض الآباء الذين قد تحكمهم اعتبارات اجتماعية أو مصالح شخصية. وبذلك، فإن الاستماع لرأي الأم يساعد في تحقيق التوازن وضمان عدم وقوع ضرر أو ضغط على الأبناء عند اتخاذ قرارات مصيرية مثل الزواج.

وإضافة إلى ذلك، فإن النظام حرص على ضمان مشاركة الأم في القرارات الأسرية كجزء من التوجهات الجديدة نحو تحقيق التوازن في المسؤوليات الأسرية بين الأبوين ان هذه الضوابط من شأنها أن تؤدي إلى مجموعة من النتائج الإيجابية على المدى الطويل، ومنها الحد من زواج القاصرات غير المبرر، لا سيما في الحالات التي يتم فيها الزواج لدوافع مالية أو اجتماعية بحتة.، وحماية حقوق الأبناء من خلال التأكد من أنهم ناضجون نفسيًا وجسديًا قبل الإقدام على الزواج ، والحد من استغلال الأولياء لمكانتهم الشرعية في تزويج الأبناء دون مراعاة مصلحتهم الحقيقية.، وتعزيز دور القضاء في ضبط المسائل الأسرية، مما يجعل قرارات الزواج تخضع لضوابط أكثر صرامة

مقالات مشابهة

  • الكاتبة هجرة الصاوي تكشف طقوس حياتها فى شهر رمضان
  • الجدوى الاقتصادية للعزل الحراري
  • ضوابط جديدة لزواج من هم دون 18 عاماً
  • جائزة مالية لإجراء عملية الولادة.. محمد رمضان يحقق حلم مواطنة من بورسعيد
  • حادث مروع في سكاريا.. زوجان يفارقان الحياة ورضيعتهما تصارع للبقاء
  • ما حكم إفطار الأم المرضعة في رمضان؟
  • أمين الفتوى: المرأة تؤجر على إعداد الطعام لأهل بيتها في هذه الحالة
  • الصوم في مختلف الأديان.. طقوس روحية ووحدة في الاختلاف
  • كيف يعيش الأقباط روحانية الصوم الكبير؟ طقوس وعادات متوارثة عبر الأجيال
  • الرجل السوداني البطل… والمرأة التي تدفع الثمن!