كيف يؤثر التصدع في جبهة دعاة الحرب على مستقبل التفاوض؟
تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT
خبير عسكري: الخوف من لحظة «الصدام» تمنع البرهان من المضي للتفاوض
بدأت جبهة «بل بس» التي تنادي باستمرار الحرب منقسمة حول بوادر قبول القوات المسلحة السودانية بالذهاب للتفاوض مع قوات الدعم السريع، وظهرت الآراء المتباينة عقب المحادثة الهاتفية التي جمعت القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان برئيس دولة الإمارات محمد بن زايد الذي تتهمه بورتسودان رسميا بتمويل التمرد.
نيروبي ــ أمل محمد الحسن
الخطابات الجماهيرية التي ارسلت الإتهامات والشتائم لدولة الامارات كان يقودها مساعد القائد العام للجيش الفريق ياسر العطا الأمر الذي يفتح باب التكهنات في حدوث اصطفافات داخل المؤسسة العسكرية من جهة وداخل القطاع المدني الواسع الداعم لاستمرار الحرب ويرفض التفاوض من جهة ثانية.
تشكيك في القيادةفور نشر وكالة الأنباء الإماراتية خبر التصال الهاتفي بين البرهان وبن زايد انفجرت ردود فعل غاضبة واتهامات طالت القائد العام للجيش شخصيا مع منشورات في الوسائط الاجتماعية تهدد بحدوث انقلابات وانشقاقات داخل المؤسسة العسكرية من شاكلة عبارة “مخالف سعادتك” إلى جانب اساءات للبرهان، فيما قطع مصدر قانوني في المؤسسة العسكرية أنه لا توجد قوانين تعاقب المدنيين الذين يسيئون للقائد العام ويخضع الأمر للقوانين المدنية.
وقال المصدر العسكري لـ «التغيير» إن موضوع فتح بلاغات ضد ناشطين في الوسائط الاجتماعية يخضع للفحص حول نوع المنشور وهل ما يحويه يعد آراء شخصية لا تستحق المقاضاة أم لا، مشيرا إلى أنها مسؤولية مدعي القضاء العسكري.
خبير عسكري: لا توجد مادة في قانون القوات المسلحة تحاسب من يسيئون للقائد العام
تأثير ميدانيالشعور السائد بوجود خلافات على مستوى القيادات العسكرية يمنح شعورا بعدم وحدة الهدف ووحدة القيادة وفق خبير عسكري قطع بتأثيره على خفض الروح المعنوية للمقاتلين في الجبهات والمواطنين بصورة عامة.
وأكد الخبير الذي فضل حجب اسمه على وجود تباينات واضحة في الأداء الميداني والتسليح الأمر الذي يؤكد عدم وجود قيادة وخطة واحدة لإدارة الحرب وقال :«كل ما يظهر يشير إلى اختفاء استراتيجية واحدة تتحكم في إدارة الحرب».
واعرب الخبير العسكري عن مخاوفه من أن تنتهي هذه التباينات في لحظة صدام «الاختلافات حاليا في وجهات النظر والحرب كلامية» لكنه قطع بأن الخوف من تلك اللحظة التي يحدث فيها صدام بين الجهات العسكرية المتباينة هو ما يمنع البرهان من أن يخطو خطوة للأمام في اتجاه التفاوض!.
التصدعات التي طالت جبهة الحرب التي ترفض التفاوض بصورة قاطعة حتى و أن استمر القتال 100 عام وحتى سقوط آخر جندي وفق الخطابات الجماهيرية لقيادات عسكرية وداعمين لهم من ناشطين في المنصات الاجتماعية «متوقعة» وفق القيادي بحزب المؤتمر السوداني مهدي رابح.
مهدي رابح: التصدعات في جبهة الحرب ستتعمق مما يؤدي إلى إضعافها
وقال رابح في مقابلة خاصة مع «التغيير» إن خطة الاسلاميين للحرب هي أن تكون خاطفة تقطع الطريق على التحول المدني الديمقراطي وتقضي على الدعم السريع وهو ما لم يتحقق وسط تراجع وهزائم واضحة للجيش وانعدام أمل الإنتصار الكامل في الواقع الراهن.
وأكد رابح توسع الجبهة المناهضة للحرب في المقابل لجهة أن المواطنين يريدون العودة لمنازلها واستئناف حياتهم.
وقطع رابح بأن التصدعات في الجبهة الداعمة للحرب ستتسع وتتعمق ما يؤدي إلى اضعافها.
وأضاف أن عمليات التخوين التي تجري داخلها تجعل كل جبهة تسعى للقيام بخطوات بمعزل عن الجبهات الأخرى وهو الأمر الذي يرى القيادي بالمؤتمر السوداني أن له ارتدادات خطيرة، وقال «تشظيهم لتيارات متعددة سيمثل اشكالية ومن الأفضل أن يظلوا جبهة واحدة لأن هذا من شأنه تعقيد العملية السياسية ويصعب إدارة عملية التفاوض ومن ثم الوصول لسلام واستقرار للسودان».
خبير استراتيجي: الحركات المسلحة والمليشيات الاسلامية يمثلون أكبر جبهة مناهضة لوقف الحرب
متغيرات دوليةمن جهته أشار الخبير الاستراتيجي محمد إبراهيم كباشي إلى أن الخلافات داخل جبهة الحرب حاليا لا تنحصر فقط في اتصال البرهان وبن زايد بل تتعداه إلى الحراك الاقليمي والدولي الكبير الدافع للمفاوضات خاصة الدعوة الأمريكية التي تمت عبر وزير الخارجية انتوني بلينكن لعقد مفاوضات في منتصف اغسطس المقبل.
وقال كباشي لـ «التغيير» إن هناك متغيرات داخلية أيضا أثرت على تصدع جبهة الحرب متمثلة في التدهور الاقتصادي والأزمة الإنسانية إلى جانب فشل الجيش السوداني في ايجاد حليف استراتيجي.
و أضاف «حتى محاولة التواصل مع ايران يتعامل معها النظام في سياق تكتيكي ليتملك كروتا يلوح بها في إطار المساومة السياسية الدولية خاصة مع أمريكا». وقطع الخبير الاستراتيجي بأن العوامل الداخلية والخارجية تغذي بعضها البعض وتشكل ضغوطات وتصدع داخل جبهة الحرب خاصة مع بروز سؤال حول البدائل مع التراجع الميداني العسكري للجيش.
وشرّح الخبير الاستراتيجي في مقابلة مع «التغيير» معسكر الرافضين للحلول السلمية ودوافعهم حول استمرار الحرب، قائلا إنهما طرفان يتمثلان في الحركات المسلحة من جهة والتي تريد استمرار الحرب من أجل ضمان استمرارهم في السلطة بعد أن الغت ظروف الحرب مكاسبهم التي تحصلوا عليها من اتفاق سلام جوبا. أما المعسكر الثاني فوصفه بالاسلاميين وكتائبهم المشاركة في الحرب ومستنفريهم واصفا هذا المعسكر بأنه سيكون العامل الأكثر تأثيرا ورفضا لإيقاف الحرب.
واتفق كباشي مع الخبير العسكري في نذر مواجهات عسكرية داخل معسكر الحرب نفسه إلا أنه استبعد أن تكون المواجهات داخل معسكر الجيش “غض النظر عن الأصوات المتباينة داخل المؤسسة العسكرية لكن هناك قدرة على اتخاذ القرارات وهي مؤسسة محكومة في الاطار الخاص بها”.
ضابط عسكري برتبة رفيعة ضم صوته لصوت كباشي قاطعا بأن القرار في المؤسسة العسكرية هو للأقدم، وقال «من المستحيل أن يخالف ياسر العطا البرهان على سبيل المثال مهما حدث».
وقال في مقابلة مع «التغيير» مطالبا بحجب اسمه إن الخلافات بين العسكريين موجودة في مخيلة المدنيين فقط واصفا القوات المسلحة السودانية بالمؤسسة البعيدة عن الخلاف بشكل قاطع!
و قطع الخبير الاستراتيجي بأنه على الرغم من كافة المعوقات التي تعترض طريق الجيش في الذهاب للمفاوضات المقبلة إلا أن فرصة للتلكؤ والمناورة ستكون معدومة مشددا على أن الخيارات البديلة لن تكون سهلة وأقربها البند السابع! وفي ختام حديثه أكد الخبير الاستراتيجي بتراجع الأصوات التي تنادي باستمرار الحرب
وطالب الدول التي تسعى لتحقيق نتائج عبر المفاوضات بمخاطبة مصالح ومخاوف معسكر الحرب واولها وقف تمدد رقعة العمليات العسكرية خلال الأسابيع التي تسبق التفاوض ومحذرا في الوقت نفسه من أن استمرارها وانتقالها إلى مناطق جديدة قد يهدم كافة الجهود.
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الإمارات البرهان الحرب بل بس ياسر العطا الخبیر الاستراتیجی المؤسسة العسکریة جبهة الحرب
إقرأ أيضاً:
البرهان من القاهرة: الجيش والشعب عازمان على حماية مؤسسات الدولة وهزيمة المتمردين
أكد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان اليوم الاثنين، أن الجيش والشعب عازمان على الحفاظ على الدولة ومؤسساتها وهزيمة من وصفهم «بالمتمردين».
وأضاف البرهان في كلمة ألقاها في فعاليات المنتدى الحضاري العالمي المنعقد في القاهرة «نتطلع لدور فاعل من الدول الشقيقة والصديقة لتنمية المجتمع الحضري في مرحلة ما بعد الحرب».
واندلعت المعارك في السودان منتصف 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة حليفه ونائبه السابق محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي. وخلّفت الحرب عشرات آلاف القتلى وشرّدت أكثر من 11 مليون شخص من بينهم 3.1 ملايين نزحوا خارج البلاد، بحسب المنظمة الدوليّة للهجرة. وتسبّبت، وفقاً للأمم المتحدة في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث. واتُّهم الجانبان بارتكاب جرائم حرب عبر استهداف المدنيين عمداً ومنع المساعدات الإنسانية.