خبير عسكري: الخوف من لحظة «الصدام» تمنع البرهان من المضي للتفاوض

بدأت جبهة «بل بس» التي تنادي باستمرار الحرب منقسمة حول بوادر قبول القوات المسلحة السودانية بالذهاب للتفاوض مع قوات الدعم السريع، وظهرت الآراء المتباينة عقب المحادثة الهاتفية التي جمعت القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان برئيس دولة الإمارات محمد بن زايد الذي تتهمه بورتسودان رسميا بتمويل التمرد.

نيروبي ــ أمل محمد الحسن

الخطابات الجماهيرية التي ارسلت الإتهامات والشتائم لدولة الامارات كان يقودها مساعد القائد العام للجيش الفريق ياسر العطا الأمر الذي يفتح باب التكهنات في حدوث اصطفافات داخل المؤسسة العسكرية من جهة وداخل القطاع المدني الواسع الداعم لاستمرار الحرب ويرفض التفاوض من جهة ثانية.

تشكيك في القيادة

فور نشر وكالة الأنباء الإماراتية خبر التصال الهاتفي بين البرهان وبن زايد انفجرت ردود فعل غاضبة واتهامات طالت القائد العام للجيش شخصيا مع منشورات في الوسائط الاجتماعية تهدد بحدوث انقلابات وانشقاقات داخل المؤسسة العسكرية من شاكلة عبارة “مخالف سعادتك” إلى جانب اساءات للبرهان، فيما قطع مصدر قانوني في المؤسسة العسكرية أنه لا توجد قوانين تعاقب المدنيين الذين يسيئون للقائد العام ويخضع الأمر للقوانين المدنية.
وقال المصدر العسكري لـ «التغيير» إن موضوع فتح بلاغات ضد ناشطين في الوسائط الاجتماعية يخضع للفحص حول نوع المنشور وهل ما يحويه يعد آراء شخصية لا تستحق المقاضاة أم لا، مشيرا إلى أنها مسؤولية مدعي القضاء العسكري.

خبير عسكري: لا توجد مادة في قانون القوات المسلحة تحاسب من يسيئون للقائد العام

تأثير ميداني

الشعور السائد بوجود خلافات على مستوى القيادات العسكرية يمنح شعورا بعدم وحدة الهدف ووحدة القيادة وفق خبير عسكري قطع بتأثيره على خفض الروح المعنوية للمقاتلين في الجبهات والمواطنين بصورة عامة.

وأكد الخبير الذي فضل حجب اسمه على وجود تباينات واضحة في الأداء الميداني والتسليح الأمر الذي يؤكد عدم وجود قيادة وخطة واحدة لإدارة الحرب وقال :«كل ما يظهر يشير إلى اختفاء استراتيجية واحدة تتحكم في إدارة الحرب».
واعرب الخبير العسكري عن مخاوفه من أن تنتهي هذه التباينات في لحظة صدام «الاختلافات حاليا في وجهات النظر والحرب كلامية» لكنه قطع بأن الخوف من تلك اللحظة التي يحدث فيها صدام بين الجهات العسكرية المتباينة هو ما يمنع البرهان من أن يخطو خطوة للأمام في اتجاه التفاوض!.

انعكاسات التشظي

التصدعات التي طالت جبهة الحرب التي ترفض التفاوض بصورة قاطعة حتى و أن استمر القتال 100 عام وحتى سقوط آخر جندي وفق الخطابات الجماهيرية لقيادات عسكرية وداعمين لهم من ناشطين في المنصات الاجتماعية «متوقعة»  وفق القيادي بحزب المؤتمر السوداني مهدي رابح.

مهدي رابح: التصدعات في جبهة الحرب ستتعمق مما يؤدي إلى إضعافها

وقال رابح في مقابلة خاصة مع «التغيير» إن خطة الاسلاميين للحرب هي أن تكون خاطفة تقطع الطريق على التحول المدني الديمقراطي وتقضي على الدعم السريع وهو ما لم يتحقق وسط تراجع وهزائم واضحة للجيش وانعدام أمل الإنتصار الكامل في الواقع الراهن.
وأكد رابح توسع الجبهة المناهضة للحرب في المقابل لجهة أن المواطنين يريدون العودة لمنازلها واستئناف حياتهم.
وقطع رابح بأن التصدعات في الجبهة الداعمة للحرب ستتسع وتتعمق ما يؤدي إلى اضعافها.

وأضاف أن عمليات التخوين التي تجري داخلها تجعل كل جبهة تسعى للقيام بخطوات بمعزل عن الجبهات الأخرى وهو الأمر الذي يرى القيادي بالمؤتمر السوداني أن له ارتدادات خطيرة، وقال «تشظيهم لتيارات متعددة سيمثل اشكالية ومن الأفضل أن يظلوا جبهة واحدة لأن هذا من شأنه تعقيد العملية السياسية ويصعب إدارة عملية التفاوض ومن ثم الوصول لسلام واستقرار للسودان».

 

خبير استراتيجي: الحركات المسلحة والمليشيات الاسلامية يمثلون أكبر جبهة مناهضة لوقف الحرب

متغيرات دولية

من جهته أشار الخبير الاستراتيجي محمد إبراهيم كباشي إلى أن الخلافات داخل جبهة الحرب حاليا لا تنحصر فقط في اتصال البرهان وبن زايد بل تتعداه إلى الحراك الاقليمي والدولي الكبير الدافع للمفاوضات خاصة الدعوة الأمريكية التي تمت عبر وزير الخارجية انتوني بلينكن لعقد مفاوضات في منتصف اغسطس المقبل.

وقال كباشي لـ «التغيير» إن هناك متغيرات داخلية أيضا أثرت على تصدع جبهة الحرب متمثلة في التدهور الاقتصادي والأزمة الإنسانية إلى جانب فشل الجيش السوداني في ايجاد حليف استراتيجي.

و أضاف «حتى محاولة التواصل مع ايران يتعامل معها النظام في سياق تكتيكي ليتملك كروتا يلوح بها في إطار المساومة السياسية الدولية خاصة مع أمريكا». وقطع الخبير الاستراتيجي بأن العوامل الداخلية والخارجية تغذي بعضها البعض وتشكل ضغوطات وتصدع داخل جبهة الحرب خاصة مع بروز سؤال حول البدائل مع التراجع الميداني العسكري للجيش.
وشرّح الخبير الاستراتيجي في مقابلة مع «التغيير» معسكر الرافضين للحلول السلمية ودوافعهم حول استمرار الحرب، قائلا إنهما طرفان يتمثلان في الحركات المسلحة من جهة والتي تريد استمرار الحرب من أجل ضمان استمرارهم في السلطة بعد أن الغت ظروف الحرب مكاسبهم التي تحصلوا عليها من اتفاق سلام جوبا. أما المعسكر الثاني فوصفه بالاسلاميين وكتائبهم المشاركة في الحرب ومستنفريهم واصفا هذا المعسكر بأنه سيكون العامل الأكثر تأثيرا ورفضا لإيقاف الحرب.
واتفق كباشي مع الخبير العسكري في نذر مواجهات عسكرية داخل معسكر الحرب نفسه إلا أنه استبعد أن تكون المواجهات داخل معسكر الجيش “غض النظر عن الأصوات المتباينة داخل المؤسسة العسكرية لكن هناك قدرة على اتخاذ القرارات وهي مؤسسة محكومة في الاطار الخاص بها”.
ضابط عسكري برتبة رفيعة ضم صوته لصوت كباشي قاطعا بأن القرار في المؤسسة العسكرية هو للأقدم، وقال «من المستحيل أن يخالف ياسر العطا البرهان على سبيل المثال مهما حدث».
وقال في مقابلة مع «التغيير» مطالبا بحجب اسمه إن الخلافات بين العسكريين موجودة في مخيلة المدنيين فقط واصفا القوات المسلحة السودانية بالمؤسسة البعيدة عن الخلاف بشكل قاطع!
و قطع الخبير الاستراتيجي بأنه على الرغم من كافة المعوقات التي تعترض طريق الجيش في الذهاب للمفاوضات المقبلة إلا أن فرصة للتلكؤ والمناورة ستكون معدومة مشددا على أن الخيارات البديلة لن تكون سهلة وأقربها البند السابع! وفي ختام حديثه أكد الخبير الاستراتيجي بتراجع الأصوات التي تنادي باستمرار الحرب
وطالب الدول التي تسعى لتحقيق نتائج عبر المفاوضات بمخاطبة مصالح ومخاوف معسكر الحرب واولها وقف تمدد رقعة العمليات العسكرية خلال الأسابيع التي تسبق التفاوض ومحذرا في الوقت نفسه من أن استمرارها وانتقالها إلى مناطق جديدة قد يهدم كافة الجهود.

الوسومأمل محمد الحسن الإمارات البرهان الحرب بل بس لا للحري ياسر العطا

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الإمارات البرهان الحرب بل بس ياسر العطا الخبیر الاستراتیجی المؤسسة العسکریة جبهة الحرب

إقرأ أيضاً:

السيسي والبرهان يبحثان الأمن المائي وإعادة إعمار السودان .. جددا رفضهما أي «إجراءات أحادية» تتعلق بنهر النيل

القاهرة: الشرق الاوسط: عززتْ مصر من دعمها للسودان في ضوء ظروف الحرب الداخلية، وناقش الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، الذي يزور القاهرة، «المساهمة المصرية الفعالة في جهود إعادة الإعمار وإعادة تأهيل ما أتلفته الحرب الداخلية».

واستقبل السيسي، البرهان، في القاهرة، يوم الاثنين، وخلال جلسة محادثات مشتركة، شدد الجانبان على «مواصلة التنسيق والعمل المشترك لحفظ الأمن المائي للبلدين، ورفض الإجراءات الأحادية» بنهر النيل. وصرح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، بأن اللقاء شهد تبادل وجهات النظر والرؤى حول الأوضاع الإقليمية الراهنة، لا سيما في حوض نهر النيل والقرن الأفريقي، حيث تطابقت رؤى البلدين في ظل الارتباط الوثيق بين الأمن القومي لكل من مصر والسودان.

وتم الاتفاق على مواصلة التنسيق والعمل المشترك لحفظ الأمن المائي للدولتين، وإعمال القانون الدولي لتحقيق المنفعة المشتركة للجميع بحوض النيل، وكذلك رفض الإجراءات الأحادية في حوض النيل الأزرق، الذي ينبع من إثيوبيا ويُعد الرافد الأساسي لنهر النيل.

ويواجه مشروع «سد النهضة»، الذي تقيمه إثيوبيا على رافد حوض النيل الأزرق منذ عام 2011، باعتراضات من دولتي المصب، مصر والسودان، اللتين تطالبان باتفاق قانوني ملزم، ينظم عمليات ملء وتشغيل السد، بما لا يضر بحصتيهما المائية.

جهود إعادة الإعمار
تأتي زيارة البرهان إلى القاهرة استجابة لدعوة من الرئيس المصري، تسلمها الأسبوع الماضي، بهدف «دعم التعاون الثنائي، والتأكيد على دعم ومساندة القاهرة للخرطوم، في ظروف الحرب الداخلية الحالية». واستقبل السيسي في مطار القاهرة الفريق البرهان وتوجها إلى قصر الاتحادية، حيث أقيمت مراسم الاستقبال الرسمي، وتم عزف السلامين الوطنيين.

وقالت رئاسة الجمهورية المصرية إن السيسي بحث في اجتماع مع البرهان التطورات الميدانية الأخيرة في السودان والتقدم الذي حققه الجيش باستعادة السيطرة على العاصمة الخرطوم.

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الجانبين عقدا جلسة مباحثات مغلقة، تلتها جلسة موسعة بمشاركة وفدي البلدين، حيث تم استعراض سبل تعزيز التعاون الثنائي، والمساهمة المصرية في جهود إعادة إعمار وإعادة تأهيل ما أتلفته الحرب في السودان، وذلك بالإضافة إلى مواصلة المشروعات المشتركة في عدد من المجالات الحيوية مثل الربط الكهربائي، والسكك الحديدية، والتبادل التجاري.

ويواجه السودان حرباً داخلية، منذ أكثر من عامين، بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، وتدعو القاهرة، منذ اندلاع المواجهات المسلحة في منتصف أبريل (نيسان) 2023، إلى ضرورة «وقف إطلاق النار، والحفاظ على وحدة واستقرار السودان، ومؤسساته الوطنية».

وسبق أن رحب السودان بدور للشركات المصرية في ملف إعادة الإعمار، واتفق البلدان في جلسة مشاورات سياسية بالقاهرة، في فبراير (شباط) الماضي، على «تشكيل فريق مشترك من البلدين لدراسة عملية إعادة الإعمار، مع وضع التصور للبدء في عملية إعادة الإعمار والجدول الزمني».

وضمن محادثات السيسي والبرهان، جرت مناقشة مواصلة المشروعات المشتركة في عدد من المجالات الحيوية، مثل الربط الكهربائي، والسكك الحديدية، والتبادل التجاري، والثقافي، والعلمي، والتعاون في مجالات الصحة، والزراعة، والصناعة، والتعدين، بما يحقق هدف التكامل، والاستغلال الأمثل للإمكانات الضخمة بين البلدين، حسب الرئاسة المصرية.

على صعيد تطورات الحرب الداخلية، تناولت مشاورات الرئيس المصري، ورئيس مجلس السيادة السوداني، «التقدم الميداني الأخير الذي حققته القوات المسلحة السودانية، باستعادة السيطرة على العاصمة الخرطوم». وحسب الرئاسة المصرية، «اتفق الجانبان على ضرورة تكثيف الجهود لتوفير الدعم والمساعدة اللازمين للسودانيين المقيمين في مناطق الحرب».

وحقق الجيش السوداني أخيراً تقدماً ملحوظاً في الحرب الداخلية باستعادة العاصمة الخرطوم، ومن قبلها مناطق حيوية، مثل ولاية الجزيرة (جنوب الخرطوم)، إلى جانب الولايات الشرقية التي يسيطر عليها، بينما تزداد حدة المواجهات في مناطق أخرى، مثل مدينة أم درمان، ومدينة الفاشر، في إقليم درافور.

وأكد السفير السوداني في القاهرة، عماد الدين عدوي، «وجود إرادة لدى بلاده لتعميق العلاقات مع مصر»، مضيفاً أن لقاء السيسي والبرهان «عكس عمق ومتانة العلاقات المصرية السودانية، وتطابق الرؤى والمواقف»، كما قال المستشار في السفارة السودانية بالقاهرة، اللواء أمين مجذوب، لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده تقدر الدور الذي تقوم به مصر في تقريب وجهات النظر وجمع القوي السياسية السودانية، بالإضافة إلى لعب أدوار إقليمية بين السودان والدول الأخرى في محاولة لإنهاء الحرب في البلاد.

وكان الرئيس السيسي أعلن رفضه تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع» المقرر الإعلان عنها قريباً، وعدها مهددة لوحدة السودان وسيادته.

ويعتقد مساعد وزير الخارجية المصري السابق لشؤون السودان، السفير حسام عيسى، أن «القاهرة تدعم مؤسسات الدولة السودانية، في مقدمتها الجيش»، مشيراً إلى أن زيارة البرهان تأتي ضمن مساعي القاهرة لـ«إنهاء المأساة الإنسانية التي تسببها الحرب».

وتسبب الحرب السودانية في نزوح نحو 14 مليون سوداني داخل وخارج البلاد، حسب تقديرات الأمم المتحدة، بينهم نحو مليون و200 ألف سوداني نزحوا إلى مصر، حسب إحصاءات رسمية.

وقال عيسى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن زيارة البرهان «تأتي في مرحلة مهمة من الحرب، حقق فيها الجيش تقدماً ميدانياً، ما يمهد الطريق أمام جهود إعادة إعمار المدن التي طالتها الحرب، وتهيئة الخرطوم لإعادة الحكومة السودانية إليها مرة أخرى، بدلاً من مدينة بورتسودان».  

مقالات مشابهة

  • السيسي والبرهان يبحثان الأمن المائي وإعادة إعمار السودان .. جددا رفضهما أي «إجراءات أحادية» تتعلق بنهر النيل
  • كيف يؤثر روتينك الصباحي على حرق الدهون؟
  • الطالبي العلمي: “الأحرار” الحزب واعٍ بالضغوط السياسية والهجمات التي تستهدفه ويقود الحكومة بثقة
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: قَدَر البرهان وعفوية حماد عبد الله
  • انفجار بندر عباس.. وزارة الدفاع تعلق على "الشحنة العسكرية"
  • البرهان: واثقون بالنصر… وسنوقف هجمات المسيّرات
  • البرهان واثقون من النصر وقريباً لن تسمعوا بمسيرات تضرب المرافق المدنية
  • الدعم السريع تعلن دخول الحرب مرحلة جديدة والبرهان يتوعد بسحقها
  • اتفاق المنامة السوداني الذي يتجاهله الجميع
  • ???? عبقرية البرهان العسكرية نسفت مسلّمة (الكترة غلبت الشطارة)