تتمحور المسألة هنا حول ثلاثة أبعاد رئيسة، هي: (القيم، والقانون، والقوة) والسؤال الاستدراكي، هو: أي هذه الثلاثية لها فضل السبق في مسارات الحياة وتفاعلات الأفراد فيما بينهم؟ فالقيم لوحدها لا تكفي لتصويب تفاعلات الأفراد فيما بينهم، فوق أنها مصنفة ضمن احتمالات الضعف، فالمتسامح لا ينظر إلى تسامحه على أنه قوة، بل ينظر إليه من باب الضعف، والقانون لا يمكن أن يحل محل القيم بصورة مطلقة، فهناك ممارسات تحكمها القيم أكثر من القانون، ولا يمكن أن يتصادم القانون مع القوة فيرجعها إلى حيث منطلقها الأول، ففي مواقف معينة يستخدم القانون القوة، مع احتمالية أن اختراق القانون، فلا تحميه القوة، ولا تنقذه القيم، وبالتالي يبقى في تأثيره مثلبة لا يمكن رتقها، وهناك الكثير مما يحدث بين الأفراد لا يمكن أن يحسمه القانون؛ حيث يعود تشكل الدائرة من جديد بمعززات القيم، والقوة بمجالاتها: المادية، والوجاهية، والمناصب الإدارية، التي قد يتخذها البعض مرتكزا لتحقيق ما يريده، وبالتالي قد ينحصر هذا التأثير في دائرة ضيقة ومغلقة، لا يمكن اتساعها إلى درجة الاعتماد المطلق عليها، إذن والحال كذلك لا يمكن النظر إلى هذه الأبعاد الثلاثية كمفردات فاعلة بذاتها، بل لا بد أن تتكامل مع بعضها البعض، ومتى تكاملت في ذات الاتجاه، فإنها تؤشّر إلى تسامي الخير على الشر، وانتفت مقولة «الحق لا يؤخذ إلا بالقوة».
ولذلك أرى أنه من المفاهيم المغلوطة في الثقافة العامة الترويج لهذه المقولة: «الحقوق لا تؤخذ إلا بالقوة»، وهو من المفاهيم التي كرست في عقلية العامة والخاصة على حد سواء، وهو مفهوم مغلوط إلى حد كبير في حقيقته وفي تنفيذه، وإذا استوعبه البعض على هذا الأساس؛ فإن هذا الاستيعاب يعود إلى التسليم المطلق دون التأمل في حقيقته الفعلية، ولو كان لأمر كذلك؛ ووفق هذه المقولة لما نال أي إنسان أي حق من حقوقه، لا البيولوجية (الأكل، والشرب، والتنفس، ولا الإنسانية كالعواطف، والغرائز المختلفة)، ولا المدنية، ولا الاجتماعية، ولا التشريعية، ولحلت شريعة الغاب على كل أنشطة الإنسان في الحياة. وبقدر بداهة المفهوم، فإنه في الوقت نفسه، يحمل معانيَ ضمنية؛ من بينها استشعار حالة توجس دائمة تجاه الآخر، وأن هذا الآخر لا يجب أن يُؤمن جانبه، وبالتالي مقابلته بكثير من الحذر، والحذر هو جزء من القوة، ومنها تجاوز أثر القيم الإنسانية التي يحتكم عليها الناس في مختلف تعاملاتهم اليومية، وتحويل العلاقات القيمية إلى علاقات مقايضة مستمرة (واجب مقابله واجب، وحق مقابله حق) وهذا أمر لا يمكن تحمله؛ بسبب تفاوت الناس وتبايناتهم المختلفة المادية والمعنوية على حد سواء، فوق أنه مزعج إلى حد كبير.
أتصور شخصيا، أن في محاولة إقناع الآخر بمثل هذا المفهوم فيه شيء من زرع عدم الثقة بالنفوس من ناحية، وبالآخر من ناحية ثانية، وهذه واحدة من مخلفات الاستعمار البغيض الذي ألبس حياة الناس بالتوجس والخوف، وربط ذلك كله بثيمة «الأمن» المطلق لبقاء الحياة آمنة، وحتى تظل هذه الثيمة مهيمنة على الأمم، وأن ليس لها مجال رحب للاطمئنان والعيش بسلام بدونه، فتظل الأجواء مشحونة بالخوف والترقب، وأن هناك عدوا مرتقبا وعما قريب سيحل في داركم، وهذه إشكالية موضوعية لواقع حياة الناس وثقافتهم ووعيهم؛ ليظلوا مرتهنين في أمنهم وسلامتهم على الآخر البعيد، فالقريب لا مأمن منه، إلا بوجود قوة خارجية رادعة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: لا یمکن
إقرأ أيضاً:
البحرين يتصدر «الخليجية» بـ «ثلاثية» أمام السعودية
الكويت (الاتحاد)
تصدر منتخب البحرين المجموعة الثانية في كأس الخليج لكرة القدم «خليجي 26» المقامة حالياً في ضيافة الكويت، بعد الفوز على السعودية 3-2. سجل أهداف «الأحمر»، مهدي عبدالجبار، ومهدي حميدان في الدقيقتين 19 و38، ومحمد مرهون في الدقيقة 76، وأحرز هدفي «الأخضر»، مصعب الجوير في الدقيقة 73، وصالح الشهري من ضربة جزاء في الدقيقة 86، ليحصد البحرين أول 3 نقاط، عقب نهاية الجولة الأولى، متفوقاً بفارق الأهداف عن العراق «حامل اللقب» الذي تغلب على اليمن بهدف أيمن حسين في الدقيقة 65.
بدأ المنتخب السعودي مهاجماً، وكاد أن يهز الشباك في الدقيقة الأولى، ونجح البحرين في إحراز هدف الأسبقية عن طريق مهدي عبدالجبار برأسية رائعة في الدقيقة 19، وكاد علي مدن أن يضيف الهدف الثاني لولا التسرع بتسديد الكرة فوق العارضة، وفي الدقيقة 38 يسجل مهدي حميدان هدفاً، ليؤكد تفوق «الأحمر» في الشوط الأول.
وشهد الشوط الثاني قمة المتعة والإثارة بين الفريقين، وضغط «الأخضر» وأجرى المدرب تغييرات هجومية عدة، أسفرت عن هدف تقليص الفارق، وسجله مصعب الجوير في الدقيقة 73، ورد البحرين بهدف جميل بتوقيع محمد مرهون في الدقيقة 76، ويحتسب الحكم ضربة جزاء للسعودية، سجل منها صالح الشهري الهدف الثاني في الدقيقة 86.
واستهل منتخب العراق «حامل اللقب» مشواره في البطولة بالفوز على اليمن بهدف أحرزه أيمن حسين في الدقيقة 65، ويعتبر «الهدف 133» لـ «أسود الرافدين» في تاريخ مشاركاته بكأس الخليج.
شهد الشوط الأول العديد من الفرص الضائعة، منها التسديدة الصاروخية لإبراهيم بايش مرت بجوار المرمى في الدقيقة 20، ورد اليمن بأخطر محاولاته، بعد انفراد عمر الداحي، إلا أنه سدد الكرة بعيداً في الدقيقة 28، وتألق محمد أمان حارس اليمن في التصدي لأكثر من كرة، لينتهي الشوط الأول بالتعادل السلبي.
واصل منتخب العراق الضغط مطلع الشوط الثاني، وتصدت العارضة لتسديدة قوية من علي جاسم من داخل المنطقة في الدقيقة 62.
وجاءت الانفراجة بكرة رأسية من أيمن حسين الذي ارتقى لتمريرة عرضية بشكل مثالي، وأسكنها داخل الشباك في الدقيقة 64، هدأ إيقاع اللعب في الدقائق المتبقية من اللقاء، ليحصد «حامل اللقب» أول ثلاث نقاط.