تمتاز مكتبة وقف الحمراء الأهلية بتاريخها القديم حيث تأسست في عصر الإمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي في منتصف القرن الحادي عشر الهجري. في فترة توحدت فيها عمان بعد ان تحررت من الاحتلال البرتغالي وشهدت فيها نمواً وازدهارا في التجارة والاقتصاد.

وأوصى لها الشيخ محمد بن يوسف العبري بنصف أثر ماء من «فلج العراقي» بولاية عبري يصرف لشراء وصيانة الكتب، وكان لهذا الوقف دور كبير في بقاء هذه المكتبة، رغم فقدان وضياع الكثير من الكتب القيمة بسبب الاهمال وعدم الاهتمام الذي حصل للمكتبة في أواخر القرن الماضي.

وفي عام 1996م بادر 15 شخصا من أهل العلم من أهالي ولاية الحمراء بتشكيل لجنة رئيسية لتطوير مكتبة وقف الحمراء وجعلها مكتبة عصرية عبر عدة خطوات منها تشكيل لجنة لتبني، ومتابعة المشروع، وتوفير مبنى مناسب ليكون مقرا مؤقتا للمكتبة، وتجميع الكتب الموجودة في مساجد الولاية، وتوفير موارد مالية للمكتبة، وتسجيل المكتبة رسميا لدى الجهة الحكومية المختصة، ووضع لائحة للمكتبة تنظم العمل بها. لتحقيق عدة اهداف منها تطوير المكتبة بما يتوافق مع روح العصر وإحياء مكتبة تاريخية تأسست منذ أكثر من ثلاثة قرون وإتاحة الفرصة للشباب لاستغلال أوقات الفراغ بالقراءة واكتساب المعلومات والمعارف.

وبواسطة الجهود التطوعية وتكاتف الجميع تم افتتاح المكتبة في الثامن من شهر أغسطس 1996م، تحت رعاية سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان، و لمواصلة عطاءها وإشعاعها الثقافي، تم تسجيل المكتبة رسميًا لدى وزارة التراث والثقافة، كأول مكتبة أهلية عامة في شهر سبتمبر من عام 1997م.

نظام الإعارة

ويقول احمد محمد العبري رئيس مجلس المكتبة: بدأت المكتبة مع افتتاحها باستخدام سجل خاص لتسجيل المواد المستعارة منها، ثم تم الانتقال إلى نظام البطاقات في عمليات الإعارة، بحيث يكون لكل مادة من مواد المكتبة بطاقة خاصة بها تسجل فيها بيانات تلك المادة، والاستعارات التي تتم، وكذلك يكون لكل مستعير بطاقة خاصة به تسجل فيها بياناته والمواد التي يستعيرها، وقد استمر العمل بهذا النظام بضع سنوات، إلى أن تم الانتقال إلى استخدام نظام حاسوبي لتنفيذ عمليات الإعارة، والذي بدوره سهل عمليات الإعارة، ومنذ بضعة سنوات بدأت المكتبة باستخدام نظام محوسب متطور وهو (آفاق المعرفة والذي يقوم بعمليات البحث عن الكتب و الإعارة - كما أن هذا النظام يتيح لمرتادي المكتبة بالبحث عن الكتب عن بعد بواسطة شبكة الإنترنت.

أوقات العمل

تفتح المكتبة أبوابها لمرتاديها طيلة أيام الأسبوع ما عدا يوم السبت وذلك في الأوقات التي تحددها إدارة المكتبة، وتتغير هذه الأوقات في فترات الصيف، وخلال شهر رمضان المبارك ويقوم بالأعمال اليومية للمكتبة مناوبون من الجنسين، وذلك حسب الفترة المخصصة لكل جنس.

محتويات المكتبة

ويقول العبري عن المحتويات التي تحتويها المكتبة: تضم المكتبة العديد من مصادر المعلومات في مختلف المجالات، حيث يوجد على أرفف المكتبة ما يقارب من 13 ألف كتاب تغطي مختلف المجالات، والتي تتنوع في شكلها بين الموسوعات العامة والكتب التخصصية وكتب الثقافة العامة، بالإضافة إلى عدد من الوثائق القديمة والمخطوطات أطروحات الماجستير والدكتوراة، كما تحتوي المكتبة على أكثر من ألف شريط سمعي متنوعة، وقرابة خمسمائة شريط فيديو تتضمن عدد من المحاضرات العلمية والأفلام الكرتونية الهادفة للأطفال، وأفلام توثيقية للفعاليات التي أقيمت في الولاية.

المستفيدون

ومنذ افتتاحها، عم نفع المكتبة وحتى يومنا هذا ولاية الحمراء وغيرها من الولايات، وقد استفاد الكثيرون من خدمات المكتبة سواء بالقراءة أو البحث أو الاطلاع أو الزيارة. ويتنوع مرتادو المكتبة من حيث النوع والهدف من الزيارة، فيقصدها الزوار، كبارا وصغارا، ذكورا وإناثا، مواطنين ومقيمين، زائرين وسائحين، من داخل الولاية وخارجها. وتختلف أهداف كل فرد عن الآخر، بين الرغبة في الحصول على مراجع، أو القراءة، أو مشاهدة الأفلام الثقافية، أو تصفح الصحف اليومية.

الفعاليات والانشطة

وتقدم المكتبة كل ما من شأنه دعم الأنشطة الاجتماعية والثقافية التي تعود بالنفع على المجتمع مثل التعاون مع الفرق الرياضية في إقامة الأمسيات والاحتفالات وتوفير أجهزة الصوتيات والعرض للأنشطة التي تقام بالولاية ودعم المراكز الصيفية بالولاية، كما تقيم المكتبة المحاضرات والندوات الثقافية اذ تستضيف المكتبة المفكرين والمحاضرين في المجالات الثقافية المختلفة لإلقاء المحاضرات والمشاركة في الندوات الحوارية، بهدف بث الوعي ونشر الثقافة والمعرفة بين أفراد المجتمع في مختلف المجالات. كما تنظم المكتبة الورش والدورات التدريبية في المجالات الإدارية أو التقنية أو الفنية يقدمها مختصين في تلك المجالات، وقد تستهدف هذه الورش فئات عمرية محددة أو تكون مفتوحة لجميع الأعمار.

الإنجازات والجوائز

ومع إطلاق وزارة الثقافة والرياضة والشباب مسابقة الإجادة للمكتبات والمراكز الثقافية الأهلية في عام 2021، شاركت المكتبة في المسابقة بتقديم ملف متكامل حول ما أنجزته المكتبة من فعاليات خلال جائحة كورونا، وقد حصلت المكتبة على المركز الثالث في تلك المسابقة على مستوى سلطنة عمان. وفي عام 2022 م شاركت المكتبة كذلك في المسابقة والتي كانت حول محور "نحو مكتبات ومراكز ثقافية مبتكرة" وتوجت بالمركز الأول على مستوى المكتبات والمراكز الثقافية الأهلية.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

أحمد زايد: مكتبة الإسكندرية تسعى لحفظ التراث ونشره بالوسائل الرقمية

شهدت فعاليات الدورة الـ34 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، الذي ينظمه مركز أبوظبي الدولي للكتاب، جلسة حوارية بعنوان "التراث والرقمنة: دور التقنية في حفظ التراث"، عقدت على منصة المجتمع، وناقشت سبل الحفاظ على التراث باستخدام أدوات العصر الحديث.

وشارك في الجلسة كل من الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، الدكتور عبدالعزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، ، وأنيتا هوس- إكيرهولت، الأمين العام والرئيس التنفيذي للاتحاد الدولي لمنظمات حقوق النشر، وأدارها الكاتب والمترجم الدكتور أحمد السعيد، الرئيس التنفيذي لمجموعة بيت الحكمة للثقافة.


وتحدث الدكتور أحمد زايد، عن جهود مكتبة الإسكندرية في مجال توثيق التراث ورقمنته، موضحًا أن المكتبة منذ تأسيسها أولت أهمية كبيرة لحفظ التراث المادي، وغير المادي، والطبيعي.

وأشار إلى أن مشروعات المكتبة تشمل أرشفة أحياء القاهرة التاريخية، وتوثيق شخصيات بارزة مثل رؤساء مصر السابقين، إلى جانب رقمنة التراث الفني والحرفي عبر إنتاج أفلام قصيرة ضمن سلسلة "عارف".

وأكد زايد أن المكتبة تؤمن بأهمية نشر التراث عبر الوسائل الرقمية والتقليدية مثل الكتب، والأفلام الوثائقية، والخرائط، وغيرها، معتبراً أن حفظ التراث عملية ديناميكية مستمرة تتكامل فيها جهود المؤسسات مع مساهمات الأفراد.

وكانت الجلسة قد بمداخلة أنيتا إكيرهولت، أوضحت خلالها أن الاتحاد الدولي لمنظمات حقوق النشر يعمل على حفظ التراث في أكثر من 90 دولة، من بينها الإمارات العربية المتحدة، عبر ممثلين موزعين حول العالم.

وأعربت عن تقديرها لمشاركتها مع نخبة من الخبراء ضمن فعاليات المعرض، مؤكدة التزام الاتحاد بحماية الملكية الفكرية وحفظ مختلف أنواع التراث، سواء الثقافي أو الأدبي، من خلال استخدام تقنيات متعددة. ولفتت إلى أن الاتحاد يولي أهمية لتعريف مفهوم "حفظ التراث" سواء من حيث الحماية، أو الإحياء، أو الحد من الاندثار، مشيرة إلى جهود مكثفة في رقمنة المصادر والبيانات المرتبطة بالتراث لتعزيز استدامتها.

واستعرض الدكتور عبدالعزيز المسلم تجربة معهد الشارقة للتراث في مجال رقمنة التراث الثقافي، مشيرًا إلى أن المعهد منذ تأسيسه قبل عشر سنوات عمل على بناء أرشيف رقمي متكامل يضم تسجيلات صوتية وصورًا تاريخية لرواة وحرفيين يسجلون التراث غير المادي لدولة الإمارات ومنطقة الخليج.
 

كما أوضح المسلم أن المعهد يعمل على مشروع مكنز التراث العربي بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية، إذ تم بالفعل توقيع اتفاقية تعاون وتنفيذ عدد من الورش الفنية.
 

وأشار إلى أن المعهد يهتم أيضًا بالمتاحف المتخصصة مثل متحف الحرف ومتحف الأزياء الشعبية، إلى جانب إصدار أكثر من مائة مجلة وكتابين سنويًا، جميعها يتم رقمنتها لتسهيل وصولها إلى الجمهور.
 

وشدد على أهمية التوازن بين استخدام التقنيات الحديثة للحفظ وبين الحفاظ على الوسائط التقليدية كالأشرطة والوثائق الأصلية، التي تشكل بدورها جزءًا أصيلًا من التراث العربي.

طباعة شارك الاسكندرية مكتبة الاسكندرية التراث والرقمنة الوسائل الرقمية أحمد زايد

مقالات مشابهة

  • طالبتان تفوزان بجائزة أفضل ملصق علمي لإبراز مهرجانات الأفلام السعودية
  • مبروكة: سأعمل على إعداد برنامج لتطوير المكتبة القومية المركزية
  • مكتبة محمد بن راشد.. بيئة صديقة لذوي التوحد
  • جدل واسع بعد نقل سفارة اليمن في واشنطن مخطوطات نادرة إلى مكتبة أمريكية
  • أحمد زايد: مكتبة الإسكندرية تسعى لحفظ التراث ونشره بالوسائل الرقمية
  • مفتي الجمهورية: الإمام البخاري أنموذج علمي فريد في تاريخ الأمة
  • 10 سنوات من النشر والإبداع «الاحتفال بالريادة في عالم الكتب»
  • مفتي الجمهورية: الإمام البخاري نموذجًا علميًّا نادرًا
  • اكتشاف علمي جديد.. شبكية العين قد تكشف عن الأمراض النفسية المبكرة
  • كُتّاب ورسّامون: الكتب المصوّرة تحفّز خيال الطفل