اكتشاف أثرى مسيحى يعود للقرن الرابع فى البحرين
تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT
اكتشف علماء آثار بحرينيون وبريطانيون فى منطقة سماهيج بمدينة المحرق فى مملكة البحرين ما يعتقد أنه أحد أقدم المبانى المسيحية فى منطقة الخليج العربى.
وأكد تحليل الكربون المشع الذى أجراه علماء الآثار العاملون فى موقع سماهيج الأثرى أن المبنى كان مأهولاً ما بين منتصف القرن الرابع وحتى منتصف القرن الثامن الميلادى، ويبدو أنه تم تركه من بعد ذلك مع انتشار الإسلام بين السكان المحليين.
جاء ذلك وفقاً لما ورد فى بيان صادر عن دائرة التواصل الحكومى البحرينية، وورد فيه أنه «ورغم أن الديانة المسيحية وثقافتها لا ترتبط بشكل رئيسى بدول الخليج اليوم، إلا أن كنيسة المشرق، المعروفة أيضاً بالكنيسة النسطورية، ازدهرت فى هذه المنطقة لقرون حتى القرن السابع الميلادى بالتزامن مع بداية التحول الجماعى للمجتمعات فى المنطقة إلى الدين الإسلامى عام 610».
وتابع البيان: «بدأت جهود التنقيب فى تل بمقبرة سماهيج، حيث اكتشف العلماء تحت التل بقايا مسجد، ومع متابعة الحفر، تم اكتشاف مبنى كبير يحتوى على ثمانى غرف، بما فى ذلك مطبخ، وغرفة طعام، وما يبدو أنه غرفة للعمل، وثلاث غرف معيشة.
ويعتقد أن بناء المسجد كان أسهم فى حفظ وصمود المبنى وبقائه حتى اليوم، وتشير المكتشفات إلى أن المبنى ربما كان قصر أسقف الأبرشية (مكان سكنه الرئيسى)، حيث كانت سماهيج جزءاً منها.
وتشير المصادر التاريخية إلى هذه المنطقة باسم «ميشماهيج» أو «ماشمهيج» وهو ما يبدو تحريفاً لكلمة «سماهيج»، وتشير السجلات التاريخية إلى وجود صلة بين هذه المنطقة والسلطات الكنسية المركزية، حيث تم فصل أحد الأساقفة عام 410م وتمت إدانة أسقف آخر بتحدى وحدة الكنسية فى منتصف القرن السابع.
وأضاف البيان: «يتميز هذا الاكتشاف بوجود المبنى فى سماهيج فى قلب بلدة حديثة مكتظة بالسكان، على عكس معظم الاكتشافات السابقة للمبانى المسيحية التى كانت تقتصر على عدد قليل من الكنائس والأديرة والمساكن المنتشرة فى أنحاء المنطقة وعادة ما كانت مواقعها نائية على ضفتى الخليج العربى».
ومن أبرز المكتشفات مجموعة من الرموز المسيحية المبكرة التى تدل على هوية السكان المسيحية، وتشمل 3 صلبان مصنوعة من الجبس، اثنان منها كانا يزينان المبنى من الخارج، وواحد ربما تم الاحتفاظ به كتذكار شخصى لأحد السكان، إضافة إلى رسومات جدارية محفورة فى الجبس تتضمن رمز السمكة وجزءاً مما يبدو أنه رمز «كاى رو» وهو رمز مكون من حروف تشير إلى كلمة المسيح.
وأضاف البيان «كما كشفت أعمال التنقيب فى الموقع عن العديد من التفاصيل حول المبنى وحياة القاطنين فى ذلك الوقت، فقد تم تشييده بشكل جيد للغاية بجدران حجرية مغلفة بالجبس وأرضيات جبسية مع مقابس وثقوب تشير إلى أماكن تثبيت الأبواب والمقاعد داخلياً، كما احتوى المطبخ على مواقد مصنوعة مع قواعد وأماكن للتخزين والحفظ.
وتشير المكتشفات فى داخل المبنى إلى أن سكانه تمتعوا بمستوى معيشة جيد، فقد تناولوا أصنافاً من اللحوم والأسماء والمحار ومحاصيل متنوعة ما زال يجرى تحليلها.
كما أن اكتشاف حبات من حجر العقيق شبه الكريم وعدد كبير من القطع المكسورة من الفخار ذى الأصل الهندى، يشير إلى أن قاطنى المبنى عملوا فى التجارة، وخصوصاً مع الهند. كذلك عثر فى المبنى على كئوس زجاجية صغيرة للشرب، و12 قطعة نقدية نحاسية تشير إلى أن السكان استخدموا عملات من الإمبراطورية الساسانية.
ومن بين ما تم العثور عليه أيضاً، أدوات للغزل وإبر نحاسية، ما يوحى بإمكانية أنه قد تمت صناعة الأقمشة فى المكان لأغراض العبادة.
وتعود حكاية التنقيب فى هذا الموقع إلى عام 2019، حيث انطلق المشروع بجهد مشترك ما بين فريق هيئة البحرين للثقافة والآثار وفريق بريطانى بقيادة البروفيسور، تيموثى إنسول، من معهد الدراسات العربية والإسلامية فى جامعة إكستر بالمملكة المتحدة، والدكتور سلمان المحارى من هيئة البحرين للثقافة والآثار وتم الوصول إلى هذه النتائج المهمة عام 2023.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: البحرين علماء الآثار الكربون الديانة المسيحية إلى أن
إقرأ أيضاً:
أندريه جيد الفائز بنوبل.. لماذا منعت بعض كتبه؟
اشتهر أندريه جيد بكونه كاتبًا متمردًا، لم يخشَ طرح الأسئلة الصعبة أو كسر التابوهات الاجتماعية والدينية. ورغم فوزه بجائزة نوبل في الأدب عام 1947، لم تكن رحلته الأدبية سهلة، إذ واجهت أعماله معارضة شديدة وصلت إلى حدّ المنع في أوقات معينة. فما الذي جعل كتب جيد صادمة لمجتمعه؟ ولماذا خضعت بعض أعماله للرقابة؟
الصدام مع الأخلاق السائدةمنذ بداياته، لم يكن أندريه جيد مجرد كاتب روائي، بل كان مفكرًا يختبر حدود الأخلاق والتقاليد. في روايته “الأطعمة الأرضية” (Les Nourritures Terrestres)، دعا إلى التحرر من القيود الاجتماعية والبحث عن اللذة باعتبارها جزءًا أصيلًا من التجربة الإنسانية. اعتُبر هذا الطرح هجومًا على القيم الكاثوليكية الصارمة، ما جعل الكتاب يواجه انتقادات حادة.
الطرح الجريء للهوية الجنسيةمن أكثر الأمور التي جعلت أعمال جيد موضع جدل هو تناوله الصريح لهويته الجنسية، في كتابه “كوريه” (Corydon)، الذي نُشر لأول مرة بشكل سري عام 1911، قدم دفاعًا فلسفيًا وأخلاقيًا عن المثلية الجنسية، معتبرًا أنها جزء طبيعي من التنوع البشري.
لماذا مُنع الكتاب؟لأن طرحه كان ثوريًا ومخالفًا للقيم الأخلاقية والدينية في فرنسا مطلع القرن العشرين، واعتبرته السلطات هجومًا على الأخلاق العامة. لم يتم تداوله بشكل واسع إلا بعد عقود من صدوره.
نقد الكنيسة ومؤسسات السلطةفي روايته “القبو في الفاتيكان” (La Porte Étroite)، وجّه أندريه جيد نقدًا مبطنًا للمؤسسة الدينية الكاثوليكية، متهمًا إياها بالرياء والتناقض بين التعاليم والممارسات. لم يمر هذا النقد مرور الكرام؛ فقد شجّع رجال الدين على المطالبة بحظر الكتاب واعتباره عملًا يسيء للكنيسة.
• تداعيات النقد الديني: أدى هذا الموقف إلى وضع جيد في مواجهة مستمرة مع القوى المحافظة في المجتمع الفرنسي، ما أدى إلى تهميش أعماله لفترة.
معاداة الاستعمار: تحوّل فكري يثير الغضبفي ثلاثينيات القرن الماضي، قام جيد برحلة إلى إفريقيا الاستوائية، عاد منها بكتاب “العودة من تشاد” (Retour du Tchad)، حيث وثّق ممارسات فرنسا الاستعمارية القمعية. شكّل هذا العمل فضيحة سياسية، لأن فرنسا كانت تروج لنفسها باعتبارها قوة حضارية.
• رد فعل السلطات: واجه الكتاب محاولات للحدّ من توزيعه، خاصة في المستعمرات الفرنسية، خوفًا من تأجيج مشاعر التمرد بين الشعوب المستعمرة.
الرقابة في ظل الحرب العالمية الثانيةخلال فترة الاحتلال النازي لفرنسا (1940-1944)، كانت أعمال جيد محل رقابة صارمة بسبب مواقفه المؤيدة للحرية الفكرية وانتقاداته للأنظمة الشمولية. تم حظر العديد من كتبه أو منع إعادة طبعها، لأن النظام الفاشي اعتبره صوتًا تحريضيًا.
هل كسرت أعمال أندريه جيد حاجز الرقابة؟رغم محاولات المنع والتضييق، استطاعت أعمال جيد الصمود والتحول إلى أيقونة في الأدب الفرنسي. فبحلول منتصف القرن العشرين، أصبح صوته رمزًا لحرية الفكر والتعبير، كما مثّلت كتاباته منعطفًا مهمًا في تاريخ الأدب الذي يعبر عن الهوية الفردية دون خوف من الرقابة.