حكم صلة الرحم إذا كانت أخلاقهم سيئة، لطالما حث الشرع الشريف على صلة الرحم، وجعلها مرتبطة بالرحمة وبدخول الجنة، ولكن بطبيعة الحال هناك من ذوي الرحم من هو دون الأخلاق، وعلى هذا جاء سؤال إلى دار الإفتاء حول بر أم لا ترعي حقوق الله وأخلاق الشرع الشريف؟

 

 حث الشرع على صلة الأرحام

 

قالت دار الإفتاء المصرية في فتواها رقم 4375 أن الشرع الشريف قد حث على صلة الأرحام على وجه العموم؛ فقال تعالى: ﴿وَٱتَّقُواْ ٱللهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبا﴾ [النساء: 1]، وقال تعالى: ﴿فَهَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن تَوَلَّيۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوٓاْ أَرۡحَامَكُمۡ﴾ [محمد: 22]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ خَلَقَ الخَلْقَ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتِ الرَّحِمُ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَهُوَ لَكِ»، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿فَهَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن تَوَلَّيۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوٓاْ أَرۡحَامَكُمۡ﴾» متفقٌ عليه.

وجوب بر الوالدين والإحسان إليهما

وتابعت دار الإفتاء المصرية أن علاقة الولد بوالديه مسألةٌ تتعلق بالإنسانية المَحْضَة فضلًا عن أن تكون مسألةً تحث عليها الشرائع؛ فليس هناك نظامٌ اجتماعيٌّ على مَرِّ التاريخ لم يتمسك بهذه القيمة؛ لذا قال تعالى محذِّرًا مِن المَسَاس بهذه العلاقة مهما يكُن مِن شيءٍ: ﴿لَا تُضَآرَّ وَٰلِدَةُۢ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوۡلُود لَّهُۥ بِوَلَدِهِ﴾ [البقرة: 233].

 

وفي المقابل أوجب الإسلام على الآباء حقوقًا للأبناء تتمثل في تعليمهم وتأديبهم وتوجيههم إلى عملِ كلِّ خيرٍ والبُعدِ عن كلِّ شرٍّ؛ أخْذًا مِن قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِيكُمۡ نَارا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ﴾ [التحريم: 6]، لكن هذه المقابلة لا تعني سقوطَ أحدِ الواجبين حال انعدام الآخَر، بل إن هذا الحُكم ثابتٌ حتى في حال أَمْرِهما ولدَهما بالكفر؛ كما سبق في قوله تعالى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰٓ أَن تُشۡرِكَ بِي مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡم فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِي ٱلدُّنۡيَا مَعۡرُوفاۖ وَٱتَّبِعۡ سَبِيلَ مَنۡ أَنَابَ إِلَيَّۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾ [لقمان: 15] في توجيهٍ صريحٍ إلى أنَّ الأمر بالبِرِّ مجردٌ عن دِين الوالدين وسلوكهما، وتنبيهٍ إلى عدم التدخل فيما بين العبد ورَبِّهِ.

 

وانتهت دار الإفتاء في فتواها إلى أن الشرع جعل بِرُّ بالوالدين وصِلَتُهُما والإحسان إليهما فرضٌ على ولدهما؛ سواء أكان ذكرًا أم أنثى، وذلك في حدود رضا اللهِ تعالى ورسولِه صلى الله عليه وآله وسلم؛ فالبِرُّ لا يعني الطاعة العمياء، وعلى الولد أن يجتنب مواطنَ الشُّبهة، وألَّا يطيعَ أيًّا منهما في أمره له بالمعصية؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ» متفقٌ عليه، وإذا كانت أحوال أهل الأم على الوجه المذكور والذي يجعل البنت تخاف على نفسها من أن تتأثر أخلاقها به: فيمكنها أن تكتفي بالبر والإحسان والزيارة الخاطفة من غير أن تطيل المكث أو المبيت.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: دار الإفتاء ا دار الافتاء المصرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لإفتاء المصرية صلة الأرحام صلة الرحم دار الإفتاء صلى الله علیه وآله وسلم دار الإفتاء

إقرأ أيضاً:

الصدق في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم

الصدق في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، يعتبر الصدق من أعظم الأخلاق التي دعا إليها الإسلام وأمر بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم. 

كانت حياة النبي الكريم مثالًا يُحتذى به في الصدق، حيث عرف بين قومه بالصادق الأمين حتى قبل البعثة.

 يُعَدُّ الصدق أساسًا للنجاح في الدنيا والآخرة، ومن خلال دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، يمكننا أن نستخلص دروسًا عظيمة حول أهمية التحلي بهذه الفضيلة في حياتنا اليومية.

الصدق في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم

#### 1. **الصدق في القول:**
من أعظم صفات النبي صلى الله عليه وسلم هي صدقه في القول، فلم يُعرف عنه كذبٌ قط.

الصدق في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم

 كان كل من تعامل معه يثق في كلامه دون تردد. 

حينما بدأ بالدعوة إلى الإسلام، شهد له قومه بالصدق، رغم معارضتهم لدعوته.

 كان هذا الصدق سببًا في إيمان الكثيرين برسالته، فقد كان الناس يعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا الحق.

#### 2. **الصدق في الأمانة:**
منذ صغره، عرف النبي صلى الله عليه وسلم بالأمانة والصدق في المعاملات.

 كان أهل مكة يودعون أماناتهم عنده، وكان يحافظ عليها بكل حرص. 

حتى في أصعب الأوقات، لم يتخلّ النبي عن أماناته، بل حرص على إعادتها إلى أهلها عند هجرته من مكة إلى المدينة.

 هذا الموقف يبين كيف أن الصدق في الأمانة كان جزءًا لا يتجزأ من شخصية النبي صلى الله عليه وسلم.

التسامح في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم

#### 3. **الصدق في الدعوة إلى الله:**
كان النبي صلى الله عليه وسلم صادقًا مع الله في دعوته، فلم يبتغِ من ورائها مكاسب دنيوية. 

تعرض للعديد من الإغراءات والتهديدات كي يتخلى عن دعوته، لكنه بقي ثابتًا على صدقه مع الله، داعيًا الناس إلى الإسلام بكل إخلاص. 

كانت دعوته تتسم بالشفافية والوضوح، فكان يقول الحق دون مجاملة أو تحريف، وهذا ما جعل دعوته تنتشر بين الناس بقوة الحق.

#### 4. **أثر الصدق في المجتمع:**
من خلال سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، نرى أن الصدق هو الأساس في بناء مجتمع متماسك وقوي.

 فقد أثبت النبي أن الصدق يعزز الثقة بين الأفراد، ويؤدي إلى بناء علاقات متينة قائمة على الاحترام المتبادل.

 الصدق في التعاملات يضمن حقوق الناس ويجعلهم يعيشون في بيئة يسودها الأمن والأمان. 

من خلال التحلي بالصدق، يمكن لنا أن نحقق الاستقرار والنجاح في حياتنا الشخصية والمهنية.

أهمية الصلاة على النبي في يوم مولده الشريف النبي محمد صلى الله عليه وسلم نموذجا الصدق 

لقد كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم نموذجًا للصدق في جميع جوانب حياته، سواء في القول أو الفعل.

 من خلال اتباع هذا النموذج، يمكن لنا أن نعزز من قيمة الصدق في حياتنا، مما يؤدي إلى بناء علاقات قائمة على الثقة والاحترام، ويضمن لنا النجاح في الدنيا والآخرة. 

إن التحلي بالصدق هو سر من أسرار سعادة الإنسان ورضا الله عنه.

مقالات مشابهة

  • «شاهد على الحب والتعظيم».. الإفتاء توضح حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
  • الصدق في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
  • الإفتاء: علماء الأمة اتفقوا على استحسان الاحتفال بالمولد النبوي
  • المولد النبوي 2024.. الإفتاء تحسم الجدل حول احتفال الرسول صلى الله عليه وسلم بمولده
  • الاستعداد لميلاد سيد العباد
  • وقت غير مشهور مستجاب فيه الدعاء
  • ربيع الأنوار.. كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يقضي يومه؟
  • الإفتاء: الرسول لم يضرب زوجاته أبدًا
  • أوقاف الفيوم تختتم فعاليات الأسابيع الثقافية بالمساجد 
  • من المسافة صفر.. إيمان مُجاهدي غزة ونُهج النبي صلى الله عليه وآله وسلم