بوابة الوفد:
2024-09-07@21:24:31 GMT

أيتها العدالة الاجتماعية.. أجيبينا

تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT

هناك، بين لهيب الصدور الثائرة وأحلام الفقراء المنتظرة لجنى الحقوق، يقبع الآخرون.. دائما هم آخرون، ينتظرون، يرقبون، ثم ينقضون على حين غفلة، فقط، لنهش الثمار..

هكذا يظهر هؤلاء عقب أو أثناء كل ثورة شريفة، ناصعة، فيستطيعون بمهارة خيط رفيع ينفذ من ثقب إبرة ضيق، أن ينفذوا حيث المنافع، والمكاسب السهلة، يحولون دفة الحدث إلى حيث بوصلتهم هم، وبغير حولٍ ولا «وعي» من الأبطال الحقيقيين.

 

قالها يوما العظيم تشى جيفارا، «الثورة يصنعها الشرفاء، ويرثها ويستغلها الأوغاد»، لتتحقق مقولته واقعا معاشا بعد كل ثورة شهدناها، ولنا فى ثورة يوليو ٥٢ مثلا لا يُنسى، فرغم مبادئ ستة سعت لتحقيقها ثورة يوليو، ورغم أنه لا يمكننا بحال إنكار تلك النهضة الصناعية الكبرى التى شهدها المجتمع المصري، والاهتمام بالعامل كثروة حقيقية حاولت الدولة أن تحسن رعايته وتقديره، بإنشاء 1200 مصنع للصناعات الثقيلة والتحويلية مقرونة بتوسع زراعي، كذلك التوسع فى مشروعات قومية بمسيرة البناء، وانطلاق مرحلة التنوير والثقافة بإنشاء مراكز الثقافة الجماهيرية.

ذلك التغيير المجتمعى الجذرى الذى يُعد ثورة أخرى تمثلت فى النهوض الاقتصادى والأدبى والفنى والثقافى والفكرى عبر قرارات الإصلاح الاجتماعى والزراعى ومجانية التعليم..

رغم كل ما سبق إلا أننا افتقدنا لأهم وأخطر مبادئ تلك الثورة، وهو العدالة الاجتماعية، التى بدت حينها قوية قادرة على التحقق بقوانين الإصلاح الزراعى والتأميم، وإعادة توزيع الأراضى الزراعية على صغار الفلاحين، لكن بمرور السنوات اكتشفنا جميعا أن دفة الأمور قد تحولت لصالح فئة بعينها، لا تمت للشعب بصلة، وأن الشعب مازال منقسما لطبقات بينها فارق وبوْن شاسع، لا يبشر بأى عدالة اجتماعية تذكر. 

وهو ما أثبتته السنون، بتعاقب العهود، وما ساعدت فى اتساعه سياسة كل عهد، حيث لم تهتم بتحقيق ذلك المبدأ، بل فوجئنا ونحن منهكو القوى من بعض حروب خضناها جهلا لا كرها، وأخرى ساقتنا إليها أطماع الأعداء، بأننا أمام عتبات انفتاح اقتصادى دونما حدود أو رقيب، هكذا؟ دون التقاط أنفاسٍ مختنقة، دون أن ندرك مبادئ وحكمة ذلك الانفتاح، ودون أن نعى ما نريد...

مترددين دخلنا، بلهفة لتذوق طعم الثراء دخلنا، بلهفة الطامح لعدالة لم يصادفها يوما.. دخلنا..

هكذا كسبنا المال وخسرنا الإنسان، لتتسع الفجوة أكثر وأكثر، لتبدو هوة أخرى غير هوة الطبقات الاجتماعية، إنها الهوة الأخلاقية، التى تحررنا منها وكأن قيودها ستكبل رحلة انطلاقنا نحو الربح..

لنصبح اليوم هكذا.. فاقدين لعدالة اجتماعية نطمح أن تتحقق يوما، وفى الآن ذاته فاقدين لمبادئ وأصول تربى أجدادنا عليها، وفاقدين لثراء هجرنا كل شيء من أجل تحقيقه فلم نستطع..

  هكذا بدأنا.. ثوارا شرفاء، واستغلنا المستغلون، لينتهى بنا القطار فى محطة محطمة الجدران، وطريق غير معبد... نسعى اليوم لأن يعود إلى قضبانه، لعل وعسى.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: سمية عبدالمنعم نبضات

إقرأ أيضاً:

إختراق مطلوب

وجدي كامل
كلما تخرج شمس يوم جديد، كلما تزداد رقعة الخسائر المتصلة بسير مجريات الحرب.
تيارات استدامة الحرب تتفاقم، وامراؤها يستعدلون جلستهم، ويتكسبون بنحو لا يطاق. نحو لا تهمهم فيه معاناة مواطنيين باتوا يدفعون حياتهم ثمنا يذهب لجيوب القلة من المنتفعين، والسماسرة، وتجار الحروب.
ترمي الطائرات ببطونها من سموم، وتقصف المدافع باقصى قدراتها على اصابة الاهداف المدنية فتدمر بيوتا عش اصحابها سالمين مسالمين وبنوها بعرق الجبين. تنهار المستشفيات، والجسور، والمنافع العامة وتنتهك البنى التحتية، وتساوى العمار بالارض ، ويحاصرالسكان اقتصاديا، ويتم التلاعب بموادهم الغذائية.
ورغم ذلك يظهر الامراء وهم عي هضاب من سعادة ومتعة بالحل والتسفار، والتفاخر بإكرام المناصرين من صحفيين ومطربات، ممن يدعون بالبلابسة فييتغنون لمزيد من حمامات الدم ، يفصلون اقمصة الوطنية والمواطنة على مقاساتهم، ويسرقون المحتوى من دلالة كلمة الشعب في سبيل مراكمة المال السياسي القذر .انهم يتحدثون عن شعب آخر من مادة خيالاتهم، و يخترعونه اختراعا في خطب وتصريحات مضطربة تضاف لبقية الاكاذيب الحصرية لهم.
يتعمق مشهد النزوح والتشتت، والتمزق، ويموت الناس من انعدام الدواء، وتضرب المجاعة اجزاء واسعة من البلاد فنراهم يموتون موتا جماعيا مجانيا، حتى صار الموت خبرا معتادا لا تجزع لوقوعه القلوب، او تنهمر الدموع بسبب الاعتياد.
امام كل ذلك تتواضع مبادراتنا كمدنيين، وتفشل في الانتقال الى ضفة اخرى لافكار حرة، اكثر جرأة وحيوية تخترق الازمة المستفحلة، المتصاعدة.
ونتيجة كل ذلك نحتاج فيما نحتاج الى عمل كثيف، متنوع المصادر، والطاقات في كل الاتجاهات، وخاصة من مجتمعات الخارج الاوروبي، والاميركي، والاسترالي، والكندي. فهذه المجتمعات التي اعطت ولم تستبق شيئا ابان ثورة ديسمبر وتصاعد احداثها، تفشل هذه المرة، اذ لا تتمكن من التوحد، واسماع صوتها عاليا كما عهدناها.
لقد لحق الانقسام والتقسيم السياسي بمحمولات الحرب، وامراضها وحدات، واضراب اساسية من مجتمعات السودانيين في تلك الانحاء بما انتجته الحرب من استقطابات اثنية، وسياسية، واعباء اجتماعية فادحة على كل فرد بما حمل ظهره من مسؤليات.
ولكن ورغم تشعب فتن، وتعقيدات الصور فالنظر للمستقبل لا بد ان يوحي للعقلاء بان ثمة مهام عاجلة لا بد للسودانيين اينما كانوا وضع الاعتبار لها، وتجاوز عقباتها بجهود مجددة وجديدة.
في مقدمة تلك الحقائق حقيقة ان للحرب نهاية، وان مرتكبي جرائمها لا بد من محاسبة لهم، وسوق الى ساحات القضاء لاجراء العدالة المستحقة طال الزمن ام قصر.
ما جرى لنا كشعب جراء هذه الحرب الصادمة من خسائر اقتصادية، واجتماعية، وثقافية يفترض فورا، وفي الحال، انشاء هيئة مدنية عريضة لتطبيق العدالة تبدا بالانشاء من سلاسل صغيرة وسهلة الى كبيرة ومعقدة، من المهم خروج تفكير المحاسبة من السر الى العلن فتتشكل بكافة الانحاء، وتجعل الاتصال الاسفيري رابطا لها عبر المنصات المتخصصة.
تلك الهيئة من الضروري تشكيلها من افضل القانونيين الوطنيين الديمقراطيين للمطالبة بالتعويضات العامة واستعادة الاموال لصالح خزينة الدولة القادمة، وبتقديم كل من ساهم في دمار الوطن لمحكمة عليا خاصة، ذات صلاحيات واسعة لتبدا اعمالها منذ اللحظة بتجميع الادلة والوثائق الممكنة بغرض الادانة وتحديد من ارتكبوا الفظاعات.
المطالبة تقتضي محاكمة قيادتي الجيش السوداني، والدعم السريع معا، كما تنظيم الاخوان المسلمين، والحركات المسلحة، وكل من شارك من السياسيين الرماديين والموزيين على ما اقترفوه من دمار مؤسس ومنهجي على المواطنيين العزل، الابرياء والذي بلا ادنى شك سوف يكلف البلاد الكثير، اجيالا واجيال حتى تتمكن من المعافاة منه والحياة من جديد.
علينا الانخراط افرادا، وقوى مدنية من اجل هذا الهدف الاستراتيجي العزيز الذي بدونه لن نحدث الاستقرار، والبناء، والحفاظ على السودان كبلد من ضمن بلدان العالم،رغم ان ذلك يبدو امرا صعب الاستحقاق في المدى الزمني المنظور اذا لم نمارس اختراقا جريئا في آنية المشهد المرعب الماثل.

wagdik@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • الملكة رانيا تندد بعنصرية المجتمع الدولي ضد الفلسطينيين: دخلنا عصرا جديداً من الفوضى العالمية
  • "شرعية مُزن" تناقش الحلول المالية المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية
  • وزير التموين ينفي الشائعات حول شروط العدالة الاجتماعية ويؤكد استمرار تنقية بطاقات الدعم
  • انقلاب داخل منظمة بدر في ذي قار بشعار ثورة لتصحيح المسار
  • بداية «بناء الإنسان» تنمية وترسيخ للهوية.. المبادرات الرئاسية توطين لـ«العدالة الاجتماعية» (ملف خاص)
  • نجيب محفوظ.. ذلك المقاوم الأكبر
  • إختراق مطلوب
  • لافروف: روسيا مستعدة للعودة إلى "مبادئ إسطنبول"
  • أولى فعاليات «مجلس قول وفعل».. مبادئ الاستدامة راسخة في التراث الإماراتي
  • الطرح الاستثمارى يقود ثورة التطوير داخل المنشآت الشبابية والرياضية