بعد تدهور صحته في سجون الاحتلال.. استشهاد الشيخ مصطفى أبو عرة
تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT
طوباس – على وقع ما كانت تحذر منه بسبب مرضه الشديد وتدهور وضعه الصحي مؤخرا، استيقظت عائلة الشيخ مصطفى أبو عرة (أبو عبادة) على خبر استشهاده في سجون الاحتلال الإسرائيلي بعد منتصف الليلة الماضية، وأحدث الخبر حالة من الغليان في الشارع الفلسطيني وخاصة في بلدته عقابا قرب مدينة طوباس شمالي الضفة الغربية والتي تظاهرت منددة بجريمة الاحتلال باغتياله.
وكانت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني قد أكدا نبأ استشهاد الشيخ مصطفى أبو عرة (63 عاما) المعتقل الإداري منذ حوالي 9 شهور إثر نقله من سجن "ريمون" إلى مستشفى "سوروكا" في بئر السبع جراء تدهور خطير طرأ على وضعه الصحي.
وقالت المؤسستان، في بيان لهما وصلت الجزيرة نت نسخة منه، إن الشيخ "تعرض لعملية قتل بطيء تندرج في إطار جرائم حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، وضمن عمليات القتل الممنهجة التي ينفذها الاحتلال بقرار سياسي وتحريض من قادته المتطرفين بحقّ الأسرى".
وحمّلت المؤسستان الاحتلال كامل المسؤولية عن استشهاده وعن معاناة أكثر 9700 أسير (ما عدا أسرى قطاع غزة) من جرائم تعذيب وتجويع كانت السبب الرئيسي وراء استشهاد 19 أسيرا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 فقط.
وبُعيد منتصف الليل، انتقل الخبر إلى ذوي الشهيد أبو عرة عبر اتصال من داخل مشفى سوروكا الإسرائيلي حيث يقبع الشيخ منذ 10 أيام، ليعقد بعدها مؤتمر صحفي أمام منزله وتخرج مسيرة حاشدة تندد بجريمة الاحتلال.
ومنذ نحو أسبوعين، تعيش عائلة الشيخ أبو عرة قلقا كبيرا على حياته بعد تلقيها معلومات من أسرى محررين ومحامين عن تدهور وضعه الصحي، إذ يعاني أمراضا صعبة في القلب والدم وتضخم في الطحال وغير ذلك.
ويقول زيد أبو عرة نجل الشهيد للجزيرة نت إن والده كان يعاني وضعا صحيا صعبا منذ اعتقاله قبل حوالي 9 شهور، وكان عليه أن يستكمل علاجا ضروريا لأسبوعين، "لكن ضابط المخابرات الإسرائيلي أصر على استدعائه للاعتقال".
ولفت زيد إلى أن مخابرات الاحتلال وإدارة السجون بدأتا بتسريب خبر استشهاد الشيخ، وذكر أنه لا تفاصيل واضحة عن سبب استشهاده سوى ما وصل لهم وهو "التهابات حادة بالدماغ".
وعن الفقد، يقول نجل الشهيد إنهم فقدوا أبا ومعلما وأسيرا وشهيدا وشخصا أفنى حياته في الدعوة إلى الله وتعزيز الانتماء لوطنه فلسطين وحمل همومه وعدالة قضيته.
وأضاف "وفقه الله ليكون خادما لشعبه سواء فيما تقلده من مناصب وظيفية أو أعمال تطوعية أو تربيته للأجيال في عمله معلما للشريعة الإسلامية، وكل تلك مهام اصطفاه الله فيها وأتم الاصطفاء اليوم شهيدا بخاتمة مشرفة على منارة التحرير".
وبصبر وثبات، استقبلت زوجة الشيخ أبو عرة خبر استشهاده، ورغم ألم المشهد وحالة الحزن، فإنها "صبرت وحمدت الله، واستذكرت نجلها الأسير زين الدين وكيف سيكون وقع الخبر عليه؟"، يضيف نجلها زيد.
رجل إصلاح حقق أمنيتهوليست بلدة عقابا وحدها من فقدت الشيخ أبو عرة، بل فلسطين كلها والضفة الغربية تحديدا، يقول عدنان أبو عرة (أبو طارق) شقيق الشيخ الشهيد، حيث عرف بشخصيته الدعوية والإصلاحية في المجتمع، "واستشهاده كقامة وطنية وقامة دينية وسام شرف لنا جميعا".
ويقول شقيقه أبو طارق للجزيرة نت "عرفناه أخا حنونا ومعلما وهاديا لنا إلى الصواب ورجل إصلاح له تأثيره بين الناس، واليوم يرتقي محققا أمنيته وطلبه للشهادة بعد كل خطاب له".
وفي العام 1961 ولد الشيخ مصطفى محمد أبو عرة في بلدة عقابا شمالي الضفة لأسرة متدينة بين 8 من الأبناء هو أوسطهم، ومن ابنة عمه نزهة محمود أبو عرة تزوج وأنجب 8 أبناء (6 ذكور وبنتان) وكلهم تلقوا تعليما مدرسيا وجامعيا، وآخرهم أنهى الثانوية العامة قبل أيام.
وفي مدارس بلدته وبمدينة طوباس القريبة، تلقى الشهيد أبو عرة تعليمه الأساسي والثانوي، ليلتحق مطلع ثمانينيات القرن الماضي بالجامعة الأردنية، ويدرس بها الشريعة الإسلامية ويتخصص في الفقه والتشريع.
وهناك تعرف الشيخ أبو عرة على جماعة الإخوان المسلمين، والتحق بها ليكون من قادتها بانضمامه لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
ورغم تخرجه وتفوقه في دراسته الجامعية، فإن الاحتلال رفض تعيينه في أي منصب وظيفي، فعمل في الزراعة رفقة والده، ثم إماما لعدد من المساجد، وانتهاء بتعيينه مديرا للجنة زكاة مدينة جنين قبل أن يحصل على وظيفة معلم في مدرسة عقابا الثانوية للبنين عام 1996 بعد مجيء السلطة الفلسطينية.
مسلسل اعتقالاتوعام 1990 بدأ مسلسل اعتقاله لدى الاحتلال الإسرائيلي، وأبعد ضمن أكثر من 400 أسير فلسطيني من حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى مرج الزهور جنوبي لبنان.
وقضى الشيخ ضمن 10 مرات من الأسر أكثر من 12 عاما في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وتوفي والده قبل 10 سنوات وهو في الأسر، وكان الاعتقال الأخير له يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث استدعته المخابرات الإسرائيلية للاعتقال وسلم نفسه في معسكر سالم شمالي الضفة الغربية لينقل إلى سجن مجدو ثم إلى سجن ريمون.
اعتقل الشيخ أبو عرة على يد الأجهزة الأمنية الفلسطينية كما أبناؤه أيضا، واستدعي مرات عديدة، مكث بإحداها نحو 40 يوما، وكان حسب نجله زيد "يرفض الاستجابة لاستدعاءات الأمن الفلسطيني ويعتبرها غير قانونية وغير وطنية ولا تخدم القضية الفلسطينية، ولذا كانت اعتقالاته من داخل المنزل أو أمام مدرسته وطلابه".
وبينما يواصل الاحتلال اعتقال نجله زين الدين إداريا منذ نحو 10 أشهر، اغتال الاحتلال شقيقه علام أبو عرة واثنين من رفاقه، هما طارق منصور وعبد الرحيم جرادات، عندما كانوا في طريقهم لتنفيذ عمل مقاوم عام 1996 بعد استهدافهم بمنطقة الجلمة قرب مدينة جنين شمالي الضفة.
وتأثر الشيخ أبو عرة كثيرا باستشهاد رفيقه الشيخ عمر دراغمة (أبو النمر) من مدينة طوباس داخل سجون الاحتلال بعد اعتقاله بأيام في 3 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وفي موقفه من عملية "طوفان الأقصى"، أعلن الشيخ مناصرته ومباركته لها، ودعا في كل لقاءاته وخطاباته إلى أن يكون الفلسطينيون على قلب رجل واحد لمواجهة الاحتلال، وطالب بالخروج للانتصار لغزة، موضحا أن الضفة الغربية وقطاع غزة وحدة واحدة، وبالانتصار لها ينتصر الفلسطيني لنفسه قبل كل شيء.
وفي بيان لها، نعت حركة حماس الشيخ أبو عرة، كما نعته القوى الوطنية والإسلامية في بلدته عقابا، ودعت للخروج في مسيرات في القرية بعد صلاة الجمعة اليوم، وسيقام له "بيت تهنئة" باستشهاده هناك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات سجون الاحتلال الضفة الغربیة مصطفى أبو عرة الشیخ مصطفى شمالی الضفة
إقرأ أيضاً:
بعد 45 عاما في سجون الاحتلال.. «البرغوثي» عميد الأسرى الفلسطينيين يسترد حريته (تفاصيل)
عميد الأسرى الفلسطينيين نائل البرغوثي.. قررت السلطات الإسرائيلية الإفراج عن عميد الأسرى الفلسطينيين نائل البرغوثي في إطار صفقة التبادل، يوم السبت المقبل.
وأبلغ أسرى فلسطينيون بسجون إسرائيل ذويهم بقرار الإفراج عنهم يومي الخميس والسبت المقبلين، ضمن الدفعتين السابعة والثامنة من صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل.
ومن بين هؤلاء الأسرى عدد من محرَّري صفقة وفاء الأحرار الذين أعادت إسرائيل اعتقالهم، وأبرزهم الأسير نائل البرغوثي، الذي أمضى 45 عاما في سجون إسرائيل، وهي أطول مدة اعتقال في تاريخ الفلسطينيين وذلك بحسب ما أعلنته أسرته، أمس الثلاثاء.
وقالت إيمان نافع، زوجة البرغوثي، إن عددا من محرَّري صفقة وفاء الأحرار اتصلوا بعائلاتهم وأبلغوهم بقرار الإفراج عنهم، (بعضهم الخميس، وبعضهم السبت)، وأضافت أن زوجها نائل اتصل بها وأخبرها بالإفراج عنه وإبعاده إلى خارج فلسطين من دون أن يحدد اليوم على وجه التحديد، وأكملت أن نائل ظل حتى يوم أمس الاثنين رافضا للإبعاد، لكنه عاد ووافق على إبعاده من دون أن تتحدد بعد وجهته النهائية.
وخلال صفقة وفاء الأحرار التي تمت في 18 أكتوبر 2011، أفرجت تل أبيب عن 1027 أسيرا فلسطينيا، مقابل إطلاق حركة حماس سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي كان محتجزًا في غزة منذ 25 يونيو 2006.
لكن في عام 2014، أعادت إسرائيل، عبر عمليات دهم بالضفة الغربية بما فيها القدس، اعتقال 48 أسيرا فلسطينيا ممن أُفرج عنهم ضمن هذه الصفقة، إضافة إلى 4 أسرى آخرين بعد السابع من أكتوبر 2023.
نائل البرغوثيويُعد نائل البرغوثي البالغ من العمر 67 عاما، من بلدة كوبر شمال غرب رام الله، أحد أبرز الأسرى المعاد اعتقالهم والمنتظر الإفراج عنهم، وهو محكوم بالسجن مدى الحياة.
ولد نائل صالح عبد الله برغوثي في 23 أكتوبر 1957 ويعتبر أقدم أسيرٍ فلسطيني في سجون الاحتلال الاسرائيلي، ويطلق عليه الإسرائيليون لقب «أبو اللهب» نظرا لشخصيته القيادية الثورية، أما الأسرى فيُسمونه «أبو النور»، كما يُلقب بعميد الأسرى الفلسطينيين.
وكان نائل قد اعتُقل للمرة الأولى 18 ديسمبر 1977 وحُكم عليه بالسجن لمدة ثلاثة أشهر، وأُعيد اعتقاله بعد 14 يوما من الإفراج عنه بتهمة مقاومة الاحتلال برفقة ابن عمه فخري البرغوثي وشقيقه عمر البرغوثي «أبو عاصف»، ليصدر بحقهما حكم بالسجن المؤبد و18 عاما.
وانتمى نائل البرغوثي لحركة فتح في بداية اعتقاله، واستمر بذلك، حتى عام 1983، إذ انتسب إلى حركة فتح الانتفاضة، بعد الانشقاق عن حركة فتح، نتيجة رفض ياسر عرفات، التحقيق في الإخفاقات التي حدثت خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان، واستمر بذلك حتى بروز حركة حماس في بداية التسعينات، حيث انضم لها شقيقه عمر البرغوثي، ومن ثم التحق نائل بالحركة وعاش في أقسامها داخل السجون.
وقد تم الإفراج عن نائل ضمن صفقة وفاء الأحرار عام 2011، وبعد خروجه من السجن تزوج من الأسيرة المحررة إيمان نافع في 18 نوفمبر 2011، وكانت قد اعتقلت سابقًا في عام 1987 وأُفرج عنها في فبراير 1997
وقد فرض الاحتلال الإسرائيلي على نائل البرغوثي الإقامة الجبرية، حيث منع من الخروج من مُحيط مدينة رام الله وقراها، حيث كان يقطن في قرية كوبر شرق رام الله.
وتقول زوجته: «منذ أن تزوجنا، كان يخرج نائل من المنزل بعد صلاة الفجر، يذهب إلى الأرض فهي مقدسة بالنسبة إليه، يفلحها ويزرعها، يحب الأزهار والورود، التي تنتشر في الجبال، وكان على قناعة بأنه يجب أن لا تقطف وأن تبقى في مكانها
ثم التحق نائل البرغوثي بعد ذلك بجامعة القدس المفتوحة لدراسة التاريخ ولكن أُعيد اعتقاله 8 يونيو 2014 وذلك بعد خطابٍ ألقاه في جامعة بيرزيت، وحُكم عليه بالسجن لمدة عامين ونصف، ولكن قرر الاحتلال الإسرائيلي إعادة حكمه القديم بالمؤبد.
اقرأ أيضاًبينهم 1000 من غزة.. هيئة الأسرى: الإفراج عن 1735 أسيرا وأسيرة على 6 دفعات
الرئيس الفلسطينى يعين عرفات أبو الحمص رئيسا لهيئة شؤون الأسرى والمحررين
«القاهرة الإخبارية»: إسرائيل تستعد لاستلام 4 إلى 5 جثث لأسرى قتلى يوم الخميس المقبل