مخيمات منسية في شمال شرق سوريا تعاني من شحّ في الخدمات والمساعدات
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
في شمال سوريا، تشكو رحمة الحمود من ظروف معيشية صعبة مع شحّ المساعدات وسوء الخدمات ودرجات حرارة خانقة تحوّل يومياتها إلى جحيم، كما هي حال عشرات آلاف النازحين في مخيمات عشوائية منسية.
وتضمّ مناطق سيطرة الإدارة الذاتية الكردية، خصوصاً في محافظتي الرقة (شمال) والحسكة (شمال شرق)، عشرات المخيمات العشوائية التي تؤوي مدنيين فروا من مناطق عدة على وقع المعارك بين أطراف مختلفة من النزاع السوري المتواصل منذ العام 2011.
وتشرح الحمود (33 عاماً)، وهي أم لأربعة أطفال قتل والدهم في الحرب، لوكالة فرانس برس وهي تقف أمام خيمتها، "يمرض أطفالنا بشكل متكرّر، يعانون من حرارة وحالات إسهال وتقيّؤ، الخيمة حارّة جدا ولا نستطيع الجلوس داخلها في فترة الظهيرة".
وتتابع "المساعدات قليلة والمنظمات لا تعترف بهذا المخيم. لو كانت تساعدنا كل شهرين أو ثلاثة، لاستطاع الناس العيش" بشكل أفضل.
في المخيم اليوناني حيث تعيش والذي اكتسب اسمه من مطعم يحمل الاسم ذاته على ضفاف نهر الفرات عند أطراف مدينة الرقة، تتعالى أصوات أطفال يركضون بين خيم مهترئة تحت أشعة شمس حارقة. وتنقل نساء المياه في أوعية تملأها من صنبور في باحة المخيم، فيما تنهمك طفلة بغسل الأطباق قرب خزان مياه.
وتحوي محافظة الرقة التي شكّلت المعقل الأبرز لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، قبل دحره منها في تشرين الأول/أكتوبر 2017، العدد الأكبر من المخيمات العشوائية، وفق الإدارة الذاتية الكردية.
وتقول الحمود التي تعمل وأولادها الثلاثة كأجراء مياومين، "كلمة منسيين قليلة لوصف الظروف التي نعيشها في المخيم".
وتضيف "نحن منسيون بشكل كامل: لا مواد تنظيف والخيم مهترئة، تدخل الشمس منها" بينما تتجاوز درجات الحرارة عتبة الأربعين.
- "الأكثر هشاشة" -
وتكاثرت شيئاً فشيئاً مخيمات النازحين الفارين من المعارك الدامية في البلاد على وقع النزاع وتوسعه من منطقة الى أخرى. في شمال غرب البلاد الخارج عن سيطرة النظام، ينتشر أكثر من ألف مخيم نظامي وعشوائي لنازحين يعتمدون بشكل أساسي على مساعدات المنظمات الدولية العابرة للحدود.
في مناطق سيطرة الأكراد (شمال وشمال شرق)، يشير مسؤول المخيمات والنازحين لدى الإدارة الذاتية شيخموس أحمد إلى وجود عشرات المخيمات العشوائية بالإضافة إلى 16 مخيماً نظامياً، بينها مخيما الهول وروج الذائعا الصيت كونهما يؤويان أفراداً من عائلات تنظيم الدولة الإسلامية.
وتراجع الدعم الذي كان يصل إلى تلك المنطقة منذ إغلاق طريق المساعدات العابرة للحدود قبل ثلاث سنوات.
وإن كانت كميات أكبر من المساعدات تصل إلى المخيمات النظامية التي تعمل فيها منظمات محلية ودولية، فإن المخيمات العشوائية تشهد أوضاعاً معيشية صعبة جراء قلّة المساعدات وانتشار الأمراض ونقص المياه.
وتقول تانيا إيفانز من منظمة الإغاثة الدولية إن المخيمات العشوائية في شمال شرق سوريا يمكن اعتبارها "منسية"، مشددة على ضرورة زيادة الاهتمام بها، وتمويلها والدفع نحو جهد مستدام تجاهها من المجتمع الدولي.
ويقيم قرابة 150 ألف نازح في المخيمات النظامية، بينما تؤوي المخيمات العشوائية عشرات الآلاف من النازحين، وفق أحمد.
ويشرح لفرانس برس من مكتبه في الرقة "نعمل على خطة لنقل المقيمين في المخيمات العشوائية إلى مخيمات منظمة، لتتمكن الإدارة الذاتية والمنظمات الإنسانية من التعامل مع الأوضاع الإنسانية والصحية".
وتُشكّل المواقع العشوائية 79 في المئة من مخيمات النازحين في الرقة، وفق تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الذي يعتبر تلك المخيمات الأكثر "هشاشة" وعرضة لتداعيات حالات الطقس القاسية جراء "غياب التخطيط والبنى التحتية والإدارة".
- "قدرنا الجحيم" -
في مخيم سهلة البنات عند الأطراف الشمالية الشرقية لمدينة الرقة، توجد كوم من البلاستيك والحديد تباع عادة لسيارات خرضوات تجوب المخيم القريب من مكب نفايات.
وتعتمد غالبية المقيمين في المخيم على مدخول يوفره البحث بين القمامة عن مواد يمكن بيعها. ويمكن رؤية نساء وأطفال يحملون أكياساً على ظهورهم بينما يغطي السواد أيديهم ووجوههم المرهقة يجوبون المكان قرب المكبّ.
وتقول النازحة من محافظة دير الزور (شرق) شكورة محمّد (30 عاماً) بعد عودتها من جمع البلاستيك "ما من مساعدات تأتي الى المخيم، يعمل الناس في القمامة ويبحثون عما يمكنهم بيعه لشراء الخبز وتأمين مصروفهم اليومي".
وتتابع "الوضع سيء هنا وحالة المخيم مأساوية. في الصيف ما من مياه باردة"، مضيفة أنه منذ بدء النزاع "نحن منسيون. لو تذكّرنا الناس، لما وصلنا الى هذه الحال".
على غرار غالبية قاطني المخيم، تناشد محمّد بينما تغرورق عيناها بالدموع، المنظمات الإنسانية تقديم المساعدات. وتقول "يجهد الرجال والنساء والأطفال هنا لأجل لقمة العيش".
في المخيم ذاته، تنظف أم راكان (أربعينية) النازحة من دير الزور، أمام خيمتها.
وتعلّق باختصار "لم نعد نعوّل على مساعدة من أحد، لأننا فقدنا الأمل منذ سنوات وقدرنا أن نعيش هذا الجحيم الى الأبد".
ولا يعني وصول مساعدات الى عدد من المخيمات المنظمة أن وضعها أفضل حالاً.
في مخيم الطلائع على أطراف مدينة الحسكة، يشكو النازحون من مدينة رأس العين وريفها، من انقطاع شبه دائم للمياه من محطة مياه علوك الخاضعة لنفوذ القوات التركية. وتتهم الإدارة الذاتية ومنظمات إنسانية أنقرة بعرقلة تدفّق المياه.
ويقول حمد العزو (60 عاماً) لفرانس برس "الأجواء حارة والكهرباء غير متوفرة. المياه قليلة والمساعدات الإنسانية شحيحة... والوضع المادي صفر".
المصدر: شبكة الأمة برس
كلمات دلالية: فی المخیم شمال شرق فی شمال
إقرأ أيضاً:
المفوض العام للأونروا: إسرائيل تستخدم قطع المساعدات الإنسانية عن غزة كـ"سلاح"
حذّر المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، من تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، واتهم إسرائيل باستخدام ملف المساعدات "كسلاح"، وذلك بعد أسبوع من إغلاقها جميع المعابر المؤدية إلى القطاع.
وفي حديثه للصحفيين في مكتب الأمم المتحدة في جنيف، لوّح لازاريني باستخدام إسرائيل للمساعدات كورقة ضغط في المفاوضات، قائلًا: "مهما كانت النية، فمن الواضح أن إسرائيل تستخدم المساعدات الإنسانية في غزة كسلاح".
وتابع: "من الضروري أن يُسمح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة مرة أخرى للحفاظ على التقدم الذي تم إحرازه خلال المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار وتلبية الاحتياجات الأساسية للناس".
وأضاف: "إلا أننا سنواجه أزمة الجوع ذاتها التي تفاقمت قبل التوصل إلى هدنة".
وكانت تل أبيب قد قررت وقف دخول الإمدادات والمساعدات الإنسانية يوم الأحد، في خطوة قالت إنها جاءت ردًا على رفض حركة حماس لمقترح أمريكي جديد لتمديد الهدنة.
وصعّدت إسرائيل من ضغوطاتها، حيث قطعت أيضًا الكهرباء عن محطة تحلية المياه الرئيسية في القطاع، ما سيؤثر على توافر مياه الشرب ويفاقم معاناة المدنيين، خاصة في شهر رمضان.
الأونروا على "إكس": ما يقرب من 2 مليون لاجئ فلسطيني نازحون وبحاجة ماسة إلى الدعم.Relatedالأونروا في لبنان تطمئن اللاجئين: لن نتأثر بتجميد المساعدات الأمريكية أو القانون الإسرائيلي الجديدالمفوض العام للأونروا يحذر من "حملة تضليل" إسرائيلية تهدد عمل الوكالةعشرات القتلى والجرحى بقصف إسرائيلي على غزة والأونروا: قرار إسرائيل يهدف لتجريد اللاجئين من حق العودةوفي سياق متصل، لفت لازاريني إلى أن الوكالة تواجه تحديات كبيرة، مشيرًا إلى أن حملة "التضليل الشرسة" التي شنها البرلمان الإسرائيلي ضدها، بالإضافة إلى تعليق التمويل من قبل المانحين الأساسيين، أثرا على عملها.
وأكّد: "لن نسمح للأونروا أن تنهار من الداخل"، خاصة وأن انهيارها سيخلق فراغًا كبيرًا في فلسطين والدول المجاورة التي تضم لاجئين فلسطينيين مثل لبنان وسوريا والأردن.
كما حذّر المفوض العام من خطورة استمرار إسرائيل في تقليص المساعدات، قائلًا إن "البيئة التي يُحرم فيها الأطفال من التعليم ويفتقر فيها الناس إلى الخدمات الأساسية هي أرض خصبة للاستغلال والتطرف".
لازاريني يؤكد على خطورة تفكيك وكالة الاونروا في منشور على "إكس"وأردف: "وهذا تهديد للسلام والاستقرار في المنطقة وخارجها. إن تفكيك الأونروا بشكل مفاجئ لن يؤدي إلا إلى تعميق معاناة لاجئي فلسطين ولن يلغي وضعهم كلاجئين."
وتابع: "بدلًا من ذلك، يمكن دعم الأونروا لإنهاء تفويضها تدريجاً في إطار عملية سياسية تؤدي إلى تمكين المؤسسات الفلسطينية وإعدادها ضمن حل الدولتين."
وفي وقت سابق، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن تجميد المساعدات للوكالة حتى شهر آذار/مارس 2025، بموجب اتفاق توصل إليه المشرعون الأمريكيون.
جاء ذلك بعد أن اتهمت إسرائيل 12 من موظفي الوكالة، البالغ عددهم 13 ألف موظف في غزة، بالمشاركة في أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وكانت إسرائيل قد أقرت في تشرين الأول/أكتوبر قانونًا يحظر عمل الأونروا، ويمنع من وجود تواصل بين الوكالة والسلطات الإسرائيلية منذ 30 كانون الثاني/يناير الماضي.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية ثوران جديد لبركان النار في غواتيمالا يضع عشرات الآلاف من السكان في دائرة الخطر تناول حبوب الإفطار ورقائق البطاطس والأطعمة فائقة المعالجة يعرض لخطر الوفاة الوفد الأوكراني في جدة: محادثات السلام مع واشنطن بدأت بشكل "بنّاء" غزةوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين - أونرواحركة حماسواشنطنإسرائيلالمساعدات الإنسانية ـ إغاثة