عربي21:
2024-09-07@20:57:41 GMT

بعد عنتيبي والملء الخامس.. هل ضاع النيل؟

تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT

لم تشهدْ السياسةُ على مدى التاريخ تصرفًا يُورِدُ المهالك كذاك الذي وقع يوم أن طلب الرئيس المصريّ من نظيره الأثيوبيّ أن يقسم بالله أمام الكاميرا أنّه لن يتسبب للمصريين بأيّ ضرر! فها هي مصر اليوم تتعرض لأكبر تهديد وجوديٍّ لها منذ أن دَحَى اللهُ الأرضَ ونَصَبَ الكنانة على مفرق رأسها كشراع الطاووس، ففي الوقت الذي شرعَتْ فيه أثيوبيا في الملء الخامس لسد النهضة دون أدنى اكتراث بالشأن المصريّ فوجئ الشعبان المنكوبان في وادي النيل بدولة جنوب السودان - صاحبة الحظوة لدى النظام المصريّ - تنضم إلى الدول الموقعة على اتفاقية "عنتيبي"؛ ليكتمل بذلك النصاب القانوني ولينطلق قطار المفاوضات على ماء النيل بعيدًا عن مصر والسودان وعن حقوقهما التاريخية في النهر السعيد! فأمّا النظام المصريّ فمشغولٌ بملاحقة "هاكر" كان يلهو بالصور في شارع فيصل! وبمداهمة امرأة عجوز طمعت في أرغفة من خبز تزهد فيه الكلاب الضالة، وأمّا الشعب المصريّ فمذبوح من الوريد إلى الوريد غير أنّه ـ بالتعبير الدارج عنده ـ سرقته السكين؛ فهل لهذه القاصمة من عاصم؟

تآمر دول حوض النيل

ليس لدى دول حوض النيل أزمةٌ تتمثل في نقص المياه، ولا يمنعها من إيفاء مصر والسودان حقّهما مجرَّدُ الرغبة في إنشاء محطات لتوليد الكهرباء؛ فلذلك حلول فنيّة عند أهل الاختصاص، ولو أنّ الدبلوماسية المصرية حاضرة في المشهد لما وقعت الأزمة على هذا النحو المزلزل، ولكنّ غياب مصر من الساحة الإفريقية عمومًا ومن حوض النيل خصوصًا، مع التواجد النشط لإسرائيل ولدولةٍ عربيةٍ تُعَدُّ الحليف الاستراتيجيّ للصهاينة؛ أدّى إلى خضوع هذه الدول للإغراءات، مع قدر غير قليل من الطمع، الذي جعلها تتطلع إلى غاية منحرفة: ادفعْ لتشرب! ولم تكتف إثيوبيا ببنائها لسد النهضة وتجاوزها لكل الخطوط الحمراء ودهسها لجميع الاتفاقيات المبرمة بينها وبين مصر؛ حتى شرعت في حماية تصرفاتها تلك بسياج من الشرعية، فانطلقت تدعو دول المنبع لتأسيس (مفوضية حوض النيل).



ليس لدى دول حوض النيل أزمةٌ تتمثل في نقص المياه، ولا يمنعها من إيفاء مصر والسودان حقّهما مجرَّدُ الرغبة في إنشاء محطات لتوليد الكهرباء؛ فلذلك حلول فنيّة عند أهل الاختصاص، ولو أنّ الدبلوماسية المصرية حاضرة في المشهد لما وقعت الأزمة على هذا النحو المزلزلولكي تظفر بهذه الغاية سعت بين هذه الدول لتكوين ما سمي (اتفاقية الإطار التعاوني لحوض النيل) التي أبرمت في مدينة "عنتيبي"، إلا أنّ النصاب القانوني لم يكتمل بتوقيع الدول الخمس (إثيوبيا ورواندا وتنزانيا وأوغندا وبورندي)، وظلت معلقة أربعة عشر عامًا حتى جاءت جنوب أفريقيا بضغط من الدولة العربية المشار إليها آنفًا، وتحت إغراء قرض ضخم؛ لتفاجئ الجميع وتوقع على الاتفاقية، وبذلك اكتمل النصاب القانوني لتولد المفوضية بشكل رسميّ، وبقيام المفوضية تكون الحقوق التاريخية لمصر والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنويّا في مهبّ الريح، ومثلها حقوق السودان والبالغة 18.5 مليار متر مكعب سنويّا، وبذلك يحقّ لآبي أحمد الذي أقسم لرئيس مصر أنّه لن يضرّ بالمصريين أن يستأصل خضراءهم بالقانون، وقد رحب بالخطوة الأخيرة وعدّها إنجازً دبلوماسيًّا هائلا لبلاده.

وكان الاحتلال أشدّ حرصًا!

وإن تعجب فعجب شأن السياسة في بلادنا! أيبلغ الأمر بنا أن يكون الاحتلال الإنجليزيّ لمصر والسودان أشدّ يقظة وأكثر حرصًا؟ لقد أبرمت بريطانيا في عام 1981 ـ باسم مصر والسودان ـ اتفاقًا مع "إيطاليا" التي وقعت باسم إريتريا؛ يقضي بالمنع من إقامة أعمال أو سدود على نهر عطبرة يكون من شأنها التأثير على مياه نهر النيل، ثم أبرمت بالنيابة عن مصر والسودان أيضًا اتفاقا مع إثيوبيا عام 1902 تتعهد الأخيرة بمقتضاه بعدم القيام بمشاريع على النيل الأزرق أو بحيرة تانا تؤدي إلى التأثير في مياه النيل إلا بعد موافقة الحكومة البريطانية، ثم جاءت أهم الاتفاقيات عام 1929 عندما أبرمت الحكومة البريطانية - نيابة عن عدد من دول حوض النيل - اتفاقية تتضمن إقرار هذه الدول بحصة مصر المكتسبة من مياه النيل، بما يعني منع إنشاء هذه الدول لمشاريع تهدد أمن مصر المائي، أمّا اتفاقية 1959 فجاءت مكملة بتحديد حصة مصر والسودان فيما يسمى اليوم بالحقوق التاريخية.

بين الحقُّ والواجب

ليس للناس حق ـ بعد الأرض التي يحيون عليها ـ أولى بالصيانة من حقهم في الماء الذي ساقه الله إليهم؛ لذلك كثرت المعاهدات الدولية التي أُبرمت لحسم الصراعات المائية؛ خشيةَ أن تشتعل الحروب التي لا تطفئها كل أنهار العالم، وقد جاءت ملبيةً لنظرية "الوحدة الإقليمية المطلقة للأنهار الدولية"، ونظرية "الملكية المشتركة"، وهي نظريات مستمدة من روح القانون الطبيعيّ، الذي أودعه الله تعالى في كونه وفي فطرة خلقه، ولا أحسب أنّه - فيما يتعلق بالأنهار والمياة - يبعد عن قوانين الشريعة ولو بمقدار رشفة ماء، فإنّ الله عزّ وجلّ هو الذي خلق الأرض وأجرى فيها الأنهار، وسخرها وأنهارها لعيش الإنسان، قال تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ . وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) فلا يملك أحد صَرْفَ ما خلقه الله وسخره للإنسان عن طبيعته التي أوجده الله عليها لمجرد قيام الحدود السياسية في حياة البشرية؛ فليس للأثيوبيين ولا لغيرهم حقّ فيما يفعلون، وحقّ الشعب المصريّ في حماية أمنه المائيّ حق تحرسه الشريعة والفطرة والقوانين الدولية والمعاهدات المتوالية المتواترة.

أين السبيل؟

يكاد إجماع فقهاء القانون الدوليّ ينعقد على أنّ المعاهدات الدولية المتعلقة بالأنهار ـ والتي بلغ تعدادها حوالي 250 معاهدة ـ أنشأت عرفا دوليا مطّردًا ومستقراً يصح الاستناد عليه في حسم النزاع بين الدول المحتضنة للأنهار العابرة للحدود السياسية، ومن المعلوم أنّ الاتفاقيات الدولية تُعَدُّ المصدر الأول للقانون الدوليّ، وعلى التوازي يكاد إجماع السياسيين والمراقبين ورجال الفكر السياسيّ وأرباب الممارسة السياسية ينعقد على أنّ القانون الدوليّ ومعه المعاهدات التي أرفدته بالقواعد القانونية ليس كافيًا في حسم النزاع على المياه ولا في مواجهة تحدي الأمن المائي؛ إذْ لا بدّ من توافر عامل القوة الذي يفيد في إلزام الخصم بهذه القواعد وتلك الأعراف، والسبب في ذلك هو "هشاشة القوة الإلزامية لقواعد القانون الدولي"؛ النابعة من تهافت وصف "الوضعية" الذي يجعل القانون صادراً عن إرادة مُجْبِرة، فكل أمّة تُعْمِل قوتها على أرض الواقع لتصنع لنفسها وضعًا مريحا في العلاقات الدولية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر النيل المياه الأزمة مصر أزمة مياه النيل رأي مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دول حوض النیل مصر والسودان هذه الدول

إقرأ أيضاً:

ما هي الدول التي علقت أو قيدت تصدير الأسلحة لإسرائيل؟

إنجلترا – انضمت بريطانيا إلى قائمة من الدول التي علقت أو قيدت صادرات الأسلحة لإسرائيل على خلفية الحرب في غزة والمخاوف من إمكان استخدام تلك الأسلحة في انتهاك القانون الإنساني الدولي.

وجاء قرار بريطانيا إثر انتهاء مراجعة تراخيص الأسلحة المصدرة إلى إسرائيل والتي طلبها وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي بعيد توليه منصبه في بداية يوليو الماضي.

وعلى الرغم من أن بريطانيا تشكل جزءا صغيرا فقط من مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، فقد انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو القرار، قائلا إنه “مع أو بدون الأسلحة البريطانية سننتصر في هذه الحرب”.

وهذه أبرز الدول التي علقت أو قيدت صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، وفقا لصحيفة “واشنطن بوست”.

بريطانيا

قالت بريطانيا الاثنين، إنها ستعلق فورا حوالى 30 من أصل حوالي 350 ترخيصا لصادرات الأسلحة إلى إسرائيل من بينها مكونات مستخدمة في الطائرات العسكرية وطائرات الهليكوبتر والطائرات المسيرة بالإضافة إلى العناصر المستخدمة لاستهداف الأرض.

وأكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي أن قرار الحد من التراخيص جاء نتيجة المخاوف من احتمال استخدام العتاد العسكري في انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي.

ويشمل الحظر الجزئي عناصر “يمكن استخدامها في النزاع الحالي في غزة” بين إسرائيل وحركة الفصائل الفلسطينية، وفق ما أوضح الوزير.

إيطاليا

أعلنت إيطاليا في أواخر العام الماضي أنها توقفت عن إرسال الأسلحة إلى إسرائيل، رغم أن بعض صادرات الأسلحة استمرت.

وقالت الحكومة الإيطالية إنها ستلتزم بالطلبات الحالية بشرط عدم استخدام الأسلحة ضد المدنيين، وفقا لوكالة رويترز.

وكانت إيطاليا ثالث أكبر مصدر للأسلحة إلى إسرائيل بين عامي 2019 و2023، حيث بلغت 0.9 في المئة من واردات إسرائيل خلال تلك الفترة، بحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.

إسبانيا

قالت وزارة الخارجية الإسبانية في فبراير إن البلاد لم توافق على أي مبيعات أسلحة لإسرائيل منذ 7 أكتوبر.

ومع ذلك، أفادت صحف محلية بأن صادرات الأسلحة التي تمت الموافقة عليها قبل الحرب أُرسلت إلى إسرائيل بعد اندلاع الحرب.

هولندا

أمرت محكمة الحكومة الهولندية بوقف تصدير أجزاء من طائرات” F-35″ إلى إسرائيل بسبب المخاطر الواضحة لانتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني، وذلك ردا على دعوى قضائية قدمتها منظمة أوكسفام نوفاب واثنتان من مجموعات حقوق الإنسان الأخرى.

وستنظر المحكمة العليا هذا الأسبوع في الاستئناف الذي قدمته الحكومة الهولندية ضد القرار.

بلجيكا

في فبراير، علق إقليم والونيا في بلجيكا رخصتين لتصدير البارود إلى إسرائيل، وفقا لما أوردته وسائل إعلام محلية، وذلك على خلفية قرار صادر من محكمة العدل الدولية يطلب من إسرائيل بذل المزيد من الجهود لتفادي سقوط مدنيين في غزة.

كندا

قالت وزارة الخارجية الكندية في مارس إن البلاد لم توافق على أي تصاريح لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل منذ 8 يناير وأن التوقف سيستمر حتى تتمكن من ضمان “الامتثال الكامل” من قبل إسرائيل لضوابط التصدير، مبينة أن التصاريح الممنوحة قبل 8 يناير ستظل سارية.

كذلك مرر مجلس العموم الكندي في مارس قرارا غير ملزم يقضي بوجوب وقف أي تفويض آخر لنقل صادرات الأسلحة إلى إسرائيل.

 

المصدر: “واشنطن بوست”

مقالات مشابهة

  • مديرة مدرسة النيل المصرية الدولية فرع أكتوبر تكشف تفاصيل استعدادات بدء الدراسة
  • مديرة مدرسة النيل المصرية الدولية فرع الشيخ زايد تكشف استعدادات بدء الدراسة
  • مدير عام مدارس النيل المصرية الدولية يكشف تفاصيل الاستعداد للعام الدراسي الجديد
  • مديرة مدرسة النيل المصرية الدولية بالشروق: استقبال الطلاب بحفل ترفيهي غدا
  • مدرسة النيل الدولية فرع الأندلس: نلتزم بالخريطة الزمنية لوزارة التعليم
  • السودان بين نهري النيل وشاري…أو في سيرة “السودان والسودان الغربي” –2-3
  • السودان بين نهري النيل وشاري.. أو في سيرة «السودان والسودان الغربي» «2-3»
  • أوبك: السعودية وروسيا بين الدول التي وافقت على تمديد تخفيضات إنتاجها الطوعية الإضافية بمقدار 2.2 مليون ب/ي
  • السودان بين نهري النيل وشاري…أو في سيرة “السودان والسودان الغربي
  • ما هي الدول التي علقت أو قيدت تصدير الأسلحة لإسرائيل؟