قالت صحيفة نيويورك تايمز، إن الوضع التعليمي الحكومي في مصر، تدهور بصورة كبيرة، لدرجة أن اعتماد الطلاب بات على الدروس الخصوصية بصورة واسعة، من أجل ضمان النجاح في الدراسة الثانوية تحديدا.

وأشارت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21"، إلى واقع طالبة مصرية تدعى نرمين أبو زيد، في المرحلة الثانوية، وقالت إنها كانت تجهل عدد الدروس المتبقية في سنتها الأخيرة بالمدرسة، بسبب عدم توجهها إلى هناك واكتفائها بالدروس الخصوصية.



ولفتت الصحيفة إلى أن الطالبة، التي تقيم في حي شعبي في القاهرة، تحلم بدراسة الطب، لكنها تخلت عن الذهاب إلى المدارس التي تعاني الاكتظاظ في فصول الدراسة، ونقص التمويل، لتنضم إلى ملايين الطلاب الآخرين في الدروس الخصوصية، حيث بإمكان المعلمين الحصول على أضعاف رواتبهم الأساسية والتي لا تساوي شيئا. 



واشتكت والدة الطالبة، من ارتفاع رسوم الدروس الخصوصية، وقالت، إننا في حالة اقتصادية سيئة، والتي أثرت على قطاع الاستيراد الذي يعمل به والد نرمين.
  
تحول الدراسة إلى تجارة
ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم إن "سوء إدارة الحكومة للاقتصاد أدى إلى تضاؤل الطبقة الوسطى التي كانت قوية في السابق في مصر، مما جر الأسر نحو الفقر ليس فقط من خلال الأزمات الاقتصادية المتكررة وخفض الدعم، ولكن بشكل متزايد بسبب تكلفة الخدمات المجانية المفترضة مثل الرعاية الصحية والتعليم".

وأشاروا إلى أن صناعة التدريس في مصر أصبحت "عملا تجاريا كبيرا من خلال ملء الفراغ الذي خلفته المدارس الحكومية، والتي كانت ذات يوم حجر الأساس لتقدم الطبقة الوسطى".

وشددت الصحيفة على أنه "من خلال التوفيق بين عدد السكان المزدهر والاقتصاد الراكد ومشاريع البناء الباهظة، أنفقت مصر منذ فترة طويلة أقل بكثير من الحد الأدنى الدستوري البالغ 4 بالمئة، من الناتج المحلي الإجمالي على التعليم، حتى مع انزلاق الطلاب بعيدا في التصنيف التعليمي العالمي".

وتابعت: "مراكز الدروس الخصوصية الهادفة للربح هي المكان الذي تحاول فيه الأسر المصرية تجاوز التدهور في بلادهم، حيث يعتقد الكثيرون أنها الطريقة الوحيدة لتأمين مستقبل أفضل لأطفالهم، حتى لو كان ذلك يعني التضحية باللحوم والفواكه والخضروات وسط تضخم بلغت نسبته 35 بالمئة.

وحاولت الحكومة المصرية، قبل عامين، إصلاح الامتحانات للتأكيد على الاستيعاب أكثر من التعلم عن ظهر قلب، وهو تحول يهدف إلى القضاء على الدروس الخصوصية، حيث يكون الحفظ هو السمة، لكن المدارس ظلت تعاني من نقص حاد في التمويل، ولم يتضاءل الطلب على الدروس الخصوصية.


وقال رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي العام الماضي إن مصر "ليس لديها القدرة المالية" لتعليم الطلاب بشكل جيد"، على الرغم من إصرار حكومته على أنها تفي بالحد الأدنى الدستوري.

إنفاق الآباء على التعليم "مذهل"

ويقدر الخبراء أن الآباء المصريين برمتهم، ينفقون أكثر من مرة ونصف على التعليم قبل الجامعي مما تنفقه الحكومة، وهو مبلغ أعلى بكثير من البلدان الأخرى، وهو مبلغ "مذهل"، كما قالت الباحثة هانية صبحي، التي ألفت كتابا عن التعليم المصري.

وقال الخبراء إن قلة الإنفاق على التعليم أسفر عن حلقة مفرغة، إذ تؤدي الدروس الخصوصية إلى تفكيك التعليم الحكومي، وسحب الطلاب في الصفوف العليا ومكافأة المعلمين على أخذ طاقاتهم إلى الدروس الخصوصية بدلا من الفصول الدراسية الحكومية؛ ويقوم الآباء، وليس الحكومة، بدفع الفاتورة.

وقالت الدكتورة هانية صبحي: "إن الحلقة تتغذى ذاتيا، وإذا لم يحضر أي شخص إلى المدرسة، فليس لدى المدرسين حافزا للتدريس" مشيرة إلى أنه "منذ عقود، ربما كان استثمارا جيدا، بالنسبة للأجيال الأكبر سنا، الحصول على درجة جيدة في الامتحانات ثم الحصول على شهادة جامعية جيدة ومن ثم الحصول على وظيفة عادة مع الحكومة، مما يضمن رواتب مدى الحياة ومعاشات تقاعد ثابتة".

وقال الأستاذ في جامعة مينيسوتا الذي يدرس سياسة التعليم والعمل في مصر، راجي أسعد، إنه "بداية من الرئيس جمال عبد الناصر، الذي جعل التعليم متاحا على نطاق واسع، كان الامتحان الوسيلة الأساسية للحراك الاجتماعي" مضيفا أن "الوظائف الحكومية أقل وفرة هذه الأيام، لكن هيبة الامتحانات باقية".

نرمين.. الدراسة لساعات طويلة 
لأسابيع قبل امتحانات هذا العام، درست نرمين أبو زيد منذ اللحظة التي استيقظت فيها حتى لحظة سقوطها في الفراش، وهو جدول أخف من العام الماضي، عندما كانت تقضي عدة سهرات طوال الليل على التوالي قبل الامتحان الأول.


وقالت الصحيفة، إن هناك أبعادا اجتماعية للنجاح والحصول على الشهادة الجامعية في مصر، حيث لا  يقبل الكثير من الآباء المصريين المنتمين للطبقة المتوسطة، زواج أبنائهم من شخص دون شهادة جامعية.

ومع ذلك، فبالرغم من كل الوقت والمال والجهد المبذول فيها، فإن الامتحانات في النهاية غير ذات صلة بالغالبية العظمى من المصريين. في هذه الأيام، يعمل عدد قليل من خريجي الجامعات في المجال الذي درسوا فيه، وينتهي الأمر بالعديد منهم بدون وظائف رسمية على الإطلاق.

وقال الدكتور أسعد "إن العديد من أرباب العمل يوظفون على أساس العلاقات والطبقة الاجتماعية، ويسألون المتقدمين عن عضوية النادي العائلي بدلا من الدرجات كوسيلة لتصفية الدرجات المماثلة منخفضة الجودة، عادة ما يكسب خريجو الجامعات الذين ليس لديهم مثل هذه المؤهلات اللامنهجية لقمة العيش مثل سائقي أوبر أو عمال البناء أو عمال النظافة".

الدروس الخصوصية.. صناعة راسخة
ويؤكد تقرير صحيفة "نيويورك تايمز" على أن الدروس الخصوصية باتت صناعة راسخة في مصر، لدرجة أن الطلاب في المدارس الخاصة باهظة الثمن يتدفقون أيضا إلى مراكز الدروس الخصوصية. حيث صعد المعلمون إلى الشهرة من خلال التنبؤ الدقيق للأسئلة، سواء من خلال التجربة أو عن طريق رشوة المسؤولين.

وقالت الصحيفة إنه بات يمكن للمعلم النجم أن يجتذب 400 طالب أو أكثر لكل فصل، ويكسب المعلمون الأكثر رواجا ما يكفي لقيادة سيارات بورش.


وقال أحد رواد الدروس الخصوصية في القاهرة، والذي افتتح بعض المراكز الأولى في القاهرة، ماجد حسني، إنه "قبل أن يتسبب انتشار وباء فيروس كورونا بشيوع الفصول الدراسية على الإنترنت، استأجر هؤلاء المعلمون غالبا المسارح أو المساجد أو القاعات لتناسب جمهورا من الآلاف لحضور فصول مراجعة ما قبل الامتحان النهائي".

وأضاف حسني: "يقوم المعلمون الأكثر شهرة بنقل الحقائق والأرقام إلى طلابهم من خلال النكات والأغاني التي يصنعونها بأنفسهم. ويقوم آخرون ببناء علاماتهم التجارية باستخدام الكتب المدرسية والدفاتر التي يتم نشرها ذاتيا مع وضع أسمائهم ووجوههم في كل صفحة، وعلى صفحات فيسبوك، يتجادل معجبوهم بشدة حول أفضل المعلمين".
 
تنافس على أفضل المعلمين
يقول تقرير صحيفة "نيويورك تايمز" إنه "لا عجب إذن أن تتنافس المراكز لتوظيف أفضل المعلمين. حتى الأطباء انتقلوا إلى العمل في التدريس الخصوصي لكسب المزيد من المال، إذ أن المؤهل الوحيد الذي يهم هو عدد الطلاب الذين يمكنهم جذبهم.

وقالت الصحيفة إنه حتى الأطباء انتقلوا للتدريس الخصوصي، بسبب العوائد المجزية، ولكسب المزيد من المال، وبات المؤهل الوحيد هو عدد الطللاب الذين يمكن جذبهم.

وقال مدرس رياضيات : "ما كنت أحصل عليه في شهر واحد في مدرستي، يمكنني تحقيقه في يوم واحد هنا، وليس المال فقط، يمكنك أيضا الحصول على المكانة والاحترام".


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة مصر الدروس الخصوصية الامتحانات مصر التضخم الامتحانات الدروس الخصوصية صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على التعلیم الحصول على من خلال فی مصر

إقرأ أيضاً:

وزير التعليم يشارك فى فعاليات افتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56

شارك محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى فى فعاليات افتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56، والتي تقام تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، فى الفترة من 23 يناير إلى 5 فبراير 2025، بمركز مصر للمعارض والمؤتمرات الدولية.

وجاءت مشاركة الوزير ضمن مشاركة عدد من الوزراء والمسئولين من بينهم الدكتور أحمد هنو وزير الثقافة، والدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، والمستشار محمود فوزي وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسى، والدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية، والدكتور إبراهيم صابر خليل محافظ القاهرة، والمهندس عادل سعيد  النجار محافظ الجيزة.

وأعرب الوزير محمد عبد اللطيف عن سعادته بالمشاركة في افتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب، مشيدًا بحسن التنظيم، كما أعرب عن شكره وتقديره لوزارة الثقافة والقائمين على المعرض.

وأكد وزير التربية والتعليم أن الوزارة تستهدف من خلال المشاركة في المعرض تعزيز القيم الثقافية وغرس حب القراءة والابتكار بين الطلاب، وإتاحة الفرصة للطلاب للتفاعل مع الكتّاب والأدباء والاطلاع على أحدث الإصدارات، فضلا عن إبراز مواهب الطلاب في مجالات المسرح، والإعلام، والإبداع الأدبي.

وأشار الوزير إلى أن وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني تحرص على التفاعل والتواصل مع معرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث ستضم أنشطة الوزارة برنامجًا حافلًا يشتمل على زيارات طلابية، وتنفيذ لقاءات مع الكتاب والأدباء، بالإضافة إلى تقديم عروض مسرحية واستعراضات فنية وشعرية بمشاركة طلاب من مختلف المراحل التعليمية، حيث تهدف هذه الأنشطة إلى غرس قيم القراءة والفكر الإبداعي في نفوس الطلاب.

ودعا الوزير جميع الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور لزيارة المعرض، حيث سيتم تنظيم لقاءات وفعاليات يومية لإبراز إبداعات الطلاب.

ومن المقرر أن تنظم الوزارة خلال الدورة الحالية لمعرض الكتاب عددا من الفعاليات تتضمن تنظيم زيارات طلابية من مختلف المديريات على مدار أيام المعرض، تشمل طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية.

كما تتضمن الفعاليات الأخرى للوزارة أنشطة تتعلق بتغطية الطلاب من مختلف المراحل الدراسية لفعاليات المعرض وتنفيذ لقاءات وحوارات صحفية بين الطلاب والكتّاب والمبدعين وروّاد المعرض، وفضلا عن ذلك، سيتم تقديم عروض مسرحية وإبداعية واستعراضات وطنية، وفقرات الإلقاء الشعري.

مقالات مشابهة

  • وزير التعليم يشارك في افتتاح معرض الكتاب ويدعو الطلاب لزيارته
  • وزير التعليم يشارك فى فعاليات افتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56
  • وزير التعليم يناقش التعاون مع «يونيسف مصر» لتطوير التعليم قبل الجامعي
  • 8 أنشطة مدرسية.. توجيهات مهمة من «التعليم» للمدارس بشأن إجازة منتصف العام| عاجل
  • لجنة فنية لتقييم امتحان العلوم الذي أداه طلاب الشهادة الإعدادية بالقليوبية
  • السكوري: مشروع قانون الحق في الإضراب الذي أقره مجلس النواب لا يعكس الموقف الحكومي
  • «التعليم»: لدينا 25 مليون طالب في 62 ألف مدرسة بالعام الدراسي الجاري
  • مدير تعليم الفيوم: مناقشة صرف مستحقات المعلمين بالحصة.. صور
  • التعليم الفني ودورة في  التنمية المستدامة
  • وزير التعليم يستعرض مع رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر مقترح "شهادة البكالوريا المصرية"