كان خطاب نتنياهو أول أمس في الكونغرس الأمريكي، أحسن فرصة لشرح معنى الإبيسيوقراطيا، أي نظام العجل (الإبيس باليونانية هو العجل)، والنظام وضع مرجعيته الدينية السامرية خلال غياب موسى بحضور أخيه هارون.

وما يحتاج إلى الشرح خمس مسائل، هي التي تمكّن من فهم ثورة الإسلام في تاريخ البشرية، ومعنى كونه الرسالة الخاتمة.

ولولا فرضياتي حول هذه المسألة، لما كتبت حرفا حول القرآن، ولما عرفته بكونه رسالة في استراتيجية توحيد البشرية لإتمام نظرية توحيد الربوبية، لتكون الحنيفية المحدثة (المحمدية) تتمة للحنيفية الأصلية (الإبراهيمية)، التي لم تتجاوز المشروع الذي اقتصر عل أسرته لم يتجاوزها.

النقلة من توحيد الرب والتحرر من عبادة الأفلاك (آيات الأفول ومن التضحية بالإنسان في الآيات الطبيعية إلى تكريمه في الرسالة الخاتمة بعد كل التجارب التي بقي الدين فيها غير شامل للبشرية، وآخرها قبل الإسلام، هو دين عيسى الذي جاء للنعاج الضالة من بني إسرائيل _كما جاء على لسانه _  ومقصور على الأمة؛ أمة جاءها النذير خاصا بها، إلى الرسالة الشاملة للبشرية بمنطق (النساء 1) و(الحجرات 13).

وإذا كانت النقلة هي المرحلة الخاتمة، فهي تذكير بالمرحلة الفاتحة؛ أي بالآيتين (النساء 1) أصلا للإنسانية، (والحجرات 13) غاية للتوحيد المتجاوز لكل ما يترتب عن حرب دين العجل الاستعبادي، ضد دين موسى؛ رمز التحرير من العبودية الفرعونية.

 دين العجل كان ترجمة للعبودية بإبداع أداتيها اللتين هما مقوما العجل: معدنه (الذهب المسروق) وخواره (الكلام المغشوش). ويمكن ترجمته من منظور الثورة المحمدية، بكونه يمثل الانقلاب الذي يجعل من ربوا على أخلاق العبييد، قادرين على استعباد غالبية البشر، ما لم يدركوا حقيقة ثورة الإسلام.

وذلك بالاعتماد على أداتي إفساد معاني الإنسانية فيه (ابن خلدون المقدمة الباب السادس الفصل 40 في التربية والحكم)، فمعاني الإنسانية تفسد في الإنسان عندما يربى العنف والخوف، فيكون جبانا ومتوحشا شيمته الغدر.

الخطة التي كانت تشوه الإسلام بخرافة الإرهاب، وتخوف شعوبه بعضها من بعض، لم يبق لها تأثير يذكر، بعد أن تبين لكل المحميات، أن الحماة هم من جنس حاميها حراميها: فهو استعمار بيّن، لا يحسب لهم أدنى حساب، كما هو بيّن من خطاب قيادات إسرائيل وحماتها.1 ـ الأداة الأولى هي ربا الأموال: معدن العجل،  ورمزه العملة الرببوية.
2 ـ  الأداة الثانية هي ربال الأقوال: خوار العجل المضلل، ورمزة الكلام المخادع.

وبلغتنا الحديثة، فأداتا العبودية العامة التي يسيطر بها ذوو أخلاق العبيد على كل البشر، هما: البنك بربا الأموال، والإعلام بربا الأقوال. ومن يسيطر عليهما يمكن أن يستعبد كل البشر.

ولهذه العلة، أعلن القرآن أن الله يحارب الربا، ويمقت أشد المقت من يقول ما لا يفعل، والأمر ليس مقصورا على الشعوب، بل هو يشمل خاصة النخب النافذة التي تقودها:

1 ـ  فالنخب هي أولى ضحايا ربا الأموال وربا الأقول، وهي خدم مطيعة لأصحابهما من اللوبيات.

2  ـ وهي الأذل وتتوهم أنها الأعز في الظاهرة، كما رأينا في جلسة خطاب نتنياهو، وكثرة المصفقين لمجرم الحرب.

وأول درس ينبغي أن نتعلمه، هو أن هذه الظاهرة ليست خاصة بالعملاء من نخبنا، بل هي ظاهرة كونية؛ لأن الإسلام لم يقدم حلولا لما هو خاص كما يتوهم حمقى البحث عن الخصوصيات، فلو كان ذلك كذلك، لما كانت الرسالة الخاتمة.

وثاني درس ينبغي أن نتعلمه، هو أن  هذه الظاهرة ومحركاتها وما تتحرك ضده، هي التي جعلت الرسول الخاتم يقول قولته الشهيرة في هود وأخواتها:

1 ـ  الأولى هود، لوضعها المعوقات التاريخية في معركة تحرير الإنسانية التي حصرت بصورة جامعة مانعة وشاملة للمشترك الإنساني، وليست من خصوصيات أي أمة وأي دين.

2  ـ والثانية الأخوات الأربع، بيان القرآن لحتمية مضاعفة الحياة الدنيا بالحياة الأخرى؛ لأن هذه المعوقات لا يمكن علاجها بما لأجله جعلت السياسة، من حيث هي تربية وحركة يمكّن من الحد منها؛ وقاية بالأولى وعلاجا بالثاني.

وتلك هي علة جعل الدولة الدنيوية ذات مقومين، لا يمكن أن يتحققا من دون تفاعلهما:

فهي بنية ثابتة لا تتحول ولا تتبدل؛ لأن نظامها هو سنن التاريخ الثابتة؛ أي منظومة نسقية وظيفتها علاج شروط الرعاية تكوينا وتموينا وشروط الحماية داخليا وخارجيا، لكنها لا تتعين في التاريخ الفعلي إلا بمن يملأ خاناتها، التي هي عشرة:

1 ـ خمسة للرعاية؛ لأن التكوين مضاعف (المدرسة والمجتمع)، والتموين مضاعف (الثقافة العلمية والاقتصاد)، وأصلها أربعتها البحث العلمي، أو تراكم الخبرة في سد هذه الحاجات.

2 ـ خمسة للحماية؛ لأن الحماية الداخلية مضاعفة (القضاء والأمن)، والحماية الخارجية مضاعفة (الدبلوماسية والدفاع)، وأصلها أربعتها البحث الاستعلامي أو المخابرات؛ للإحاطة بحال البلاد ومن يعاديها ويصادقها.

وما لا يتحقق فيهما دنيويا لغياب حضور الوعي بالأخروي الذي يشبه ما يسمى في القضاء التعقيب، لكنه تعقيب مطلق ليس فيه خداع ولا تحيل، أي الوقوف أمام الحاكم المجلق يوم الدين. غيب هذا المعيار هو فساد معاني الإنسانية الذي يسيطر على ذوي أخلاق العبيد (وقد ضرب ابن خلدون مثال اليهود على فساد معاني الإنسانية وأخلاق العبيد وشيمة الجبن والتوحش والغدر).

فما هي المعوقات التاريخية الكونية الثابتة، التي لا خصوصية فيها؟ إنها تتحدد بمطابقة حال الإنسان لما وصفه القرآن أو نظرية الإنسان في الرسالة الخاتمة: مكلف ومكرم (رئيس بالطبع بمقتضى الاستخلاف الذي خلق له، وهذا هو الفرق الجوهري بين رؤية ابن خلدون ورؤية هيغل: فالتاريخ عند الأول يبدأ بهذا المعنى فيكون علاقة بين الرؤساء بالطبع بمقتضى الاستخلاف، وليس علاقة بين سيد وعبد.
ومعنى ذلك، أن ابن خلدون تجاوز أحوال نفس هيغل إن صح التعبير. فهيغل كان ذليلا وناقما على الأسياد الذين كانوا يحكمون بمنطق الحق الإلهي والتحالف بين الكنيسة (الوسيط الروحي) والشوكة (الوصي المادي)، ليس في الواقع فحسب؛ لأن ابن خلدون كان يعيش في واقع لا يختلف كثيرا عن واقع هيغل، والفرق الوحيد أنه كان من نبلاء الأُسَر، ولم يكن من العامة مثل هيغل.

الفرق في العقيدة، فهو ينتسب إلى دين يعدّ تحرير العبيد عبادة؛ لأنه من أهم المكفرات التي تعدّ تحرير الرقاب مزيلا للذنوب، مثله مثل الصوم والعناية بفاقدي السند من اليتامى والمساكين. فتكون العلاقة بين البشر عين ما حددته سورة الماعون، واعتبار من لا يعمل بها هو الذي لا يؤمن بيوم الدين.

نأتي الآن إلى المعوقات التي تزيل الحريتين اللتين تبدأ سورة هود بأولاهما، وتنتهي بآخراهما في تصنيف الرسالات السبع التي تتضمنها، وما تذكر به من رسالة البداية ورسالة الغاية في تاريخ الأديان المنزلة.

1 ـ  الحربة الأولى: كيف يتحرر الإنسان من طغيان الطبيعة؟ رسالة نوح.

2 ـ الحرية الثانية: كيف يتحرر الإنسان من طغيان الدولة؟ رسالة موسى.

 3 ـ ما بين الأولى والأخيرة التحرر من طغيان الطبيعة والتحرر من طغيان الدولة، أربع رسالات تتكلم على المعوقات، ورسالة تتوسط بين الاثنين الأوليين والاثنين الأخريين.

4 ـ الأوليان: هود وطغيان المسيطرين على الثروة، وصالح وطغيان المسيطرين على الماء أصل وجود الحياة .

5 ـ الثانيتان: لوط وطغيان المثلية الجنسية العامة شرط بقاء النوع، وشعيب وطغيان المسيطرين على قواعد التبادل الاقتصادي.

لكن ما يفصل الثلاثة الأولى (نوح وهود وصالح)، والثلاثة الأخيرة (لوط وشعيب وموسى)، نجد إبراهيم الذي جاءته الملائكة لتخبره بالخلفة وبمصير اللوطيين، وتعلمه بأن محاولة الشفافية فيهم غير مقبولة.

وما كنت لأقص هذه القصة كلها، لو لم يكن الهدف بيان علة الختم، وحتمية أن تكون نجاة البشرية على يد المسلمين، بفضل هذا الوعي بالسنن التاريخية، التي تعوق التحرر من أخلاق العبودية للطبيعة وللدولة، وهو معنى تبين الرشد يكون بالكفر بالطاغوت شرطا في الإيمان بالله.

لذلك، فما حدث في خطبة نتنياهو، دليل قاطع على نهاية دين العجل؛ لأن الوعي بأداتيه صار الفضل فيه للتضحية التي قدمتها الأمة منذ أكثر من خمسة قرون من مقاومة الوحشية، التي يمثلها عبيده، وتركز الأمر في الأرض التي مكنت من:

أولا ـ هزيمة الصليبية
ثانيا ـ هزيمة المغول
ثالثا ـ هزيمة الاسترداديين
رابعا ـ هزيمة الاستعمار
خامسا ـ والآن نحن في لحظة الإجهاز على أداتيه وحماتهما؛ أي الصهيونية بربح شباب الغرب لصفنا، وهزيمة الصفوية بانكشاف صورتها الحقيقة التي هي النوع الثاني من إخفاء دين العجل:

الأول ـ حاليا هو ديمقراطية عبيد دين العجل
والثاني ـ حاليا هو  ثيقوقراطية عبيد دين العجل.

وكلاهما يجمعان بين الإخفاءين: فإسرائيل وأمريكا غربيا وإيران وروسيا شرقيا، كلهم يجمعون بين الأساس الديني المحرف، والأساس الشعبي المحرف.

من الطوفان إلى التسونامي

لا شيء مما قصه نتنياهو في خطابه يستحق الذكر، يتجاوز أمرين، هما ما اعتبره دليل المقتل الذي ينتظر إسرائيل وإيران في آن. وقبل بيان ذلك لا بد من بيان علة الجمع بينهما.

فما يشتركان فيه وسيكون مقتلها ـ فضلا عن تاريخ علاقتهما بالإسلام أولا وتاريخ سياستهما المعتمدة على دين العجل ببعديه ـ، هو ما يوهمون به من اطمئنان لموت الشعوب قياسا على موت عملائهما في الأقليم.

فلا يكفي ادعاء اطمئنان إسرائيل لمن طبّع معها من النخب التي نصبتها هي وحاميتها الأمريكية بقواعدها، واطمئنان إيران لمن زرعتهم من المليشيات التي نصبتها هي وحاميتها الروسية.

ومن يريد أن يفهم دوريهما، فلينظر إلى موقف أوروبا التي تلعب على الحبلين. فهي تظهر ما تخفيانه من الاتفاق على حماية إسرائيل وإيران؛ لأن الغرب كله أخوف من الإسلام منها من الصين.

والخوف في كل هذه الحالات مضاعف: الخوف العاجل من فقدان ما يستمدانه من الإقليم، والآجل من الاستئناف الذي قد يجعل الإقليم يصبح قوة يُحسب لها ألف حساب.

لذلك، فقد حرص نتنياهو على الكلام على الحلف الذي سماه "حلف إبراهيم"، يسنده إلى حجتين: الأولى رد الطوفان إلى:

  - اعتبار حماس ـ كما يزعم المطبعون مع إسرائيل ـ، مجرد مليشيا إيرانية من جنس مليشياتها في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

- والكلام على حصر السيطرة على الإقليم في إسرائيل والغرب، دون كلام على العرب الذين يظنهم الشعوب من جنس عملائهم.

لذلك، فما أريد بيانه الآن، هو أن هذه اللامبالاة بما يجري في الأعماق، وما حصل بعض أثره في شباب  الغرب في التحرر من سردياتها كلها، وتحرر شباب الإقليم من الخوف من قوة إسرائيل والغرب، هو ما سيحصل حتما.

تكرار مفاجأة الطوفان، ولكن هذه المرة في كل الأقليم، مما سيلغي علتي الضعف الذي في بلاد الإقليم كلها، قد صارت مثل الضفة المستسلمة.

العلة الأولى، هي تفتيت جغرافية الإقليم الإسلامية؛ أي فشل سايكس بيكو، وقد بدأ بعد الربيع الذي عمم الثورة، وإن لم يوحدها واكتفى بتوحيد الثورة المضادة ضدها.

والعلة الثانية، وهي أهم من الأولى، هي تشتيت تاريخ الإقليم؛ أي فشل محميات الفتات الساكسبيكي في تحقيق شرعية تاريخية تتغلب على الإسلامية، سواء بحثوا عنها في ما قبلها أو في ما بعدها.

ما أريد بيانه الآن، هو أن هذه اللامبالاة بما يجري في الأعماق، وما حصل بعض أثره في شباب الغرب في التحرر من سردياتها كلها، وتحرر شباب الإقليم من الخوف من قوة إسرائيل والغرب، هو ما سيحصل حتما.لذلك، فما أتوقعه، هو أن استراتيجية الغرب وخاصة الأوروبيين والأمريكيين والروس، سيشرعون في التعامل مع الإقليم على هذا الأساس، خاصة والخطة التي كانت تشوه الإسلام بخرافة الإرهاب وتخوف شعوبه بعضها من بعض، لم يبق لها تأثير يذكر، بعد أن تبين لكل المحميات أن الحماة هم من جنس حاميها حراميها: فهو استعمار بيّن لا يحسب لهم أدنى حساب، كما هو بيّن من خطاب قيادات إسرائيل وحماتها وإيران وحماتها باسم كل الإقليم، لكأن أصحابه لم يعد لهم إرادة حرة ولا حكمة راجحة.

فما فهمه شباب الغرب، من باب أولى أن يفهمه شباب الإقليم: افتضاح التخويف من الغولين إسرائيل وإيران لم يعد أحد يهابه ولا يرتهب من قوتهما، بل تبين أن العزم، وخاصة تعدد الطوفانات، سينهي سيطرتهما، وما استطاعته حماس في ما يقرب من سنة، يمكن أن يصمد سنوات، فينهار كلبا الغرب والشرق ومعهما حماتهما.

ولا أقول ذلك من باب التوهم والتفاؤل أو الحلم، فلا أحد كان يصدق أن النشأة الأولى لامبراطورية الإسلام كانت مما يعد قابلا للتوقع المعقول: كيف للعرب وهم قلة عددا وضعاف عتادا أن يقضوا على أكبر  امبراطورتين في ملتقى القارات القديمة الثلاث؟

ذلك ما هو قادم. وستكون المفاجأة الطوفانية في الاستئناف كما كانت في النشأة الأولى. طبعا لن يكون ذلك بالعملاء طوعا، بل سيكون بهم كرها؛ لأنهم لم يعودوا قادرين للاطمئنان لحماية إسرائيل وإيران ومَنْ وراءهما، ولأن الشعوب لم تعد تخشى ما كانت تخشاه في الطوفان.

والبداية ستكون من الأردن ومصر، ثم من سنة العراق وسنة الخليج، وإذا وصل الأمر إلومصر، فسيعم الجغرافيا الأفريقية كلها على الأقل من شمالها إلى ساحلها، وبذلك فهي ستكون ثورة عارمة لن يستطع أحد إيقافها، وسيرى كلا القطبين الوصول إلى حل معهم؛ لأن الوصل بين المشرقين والمغربين مقامه في جغرافيتنا وفي تاريخنا، وفي قيمنا وخاصة في ديموغرافيتنا.

ما أتمناه، هو أن يواصل نتنياهو إسرائيليا وأمثاله إيرانيا ومن وراء الأولى والثانية هذا الصلف، الذي يجعلهم يعتقدون أن السنة "حريبشة للبلعان". التحول الذي يجري في الغرب بين شبابه، سيكون من أهم العوامل المساعدة على تحرير النخب التي كانت تتوهم الخير في التحديث التابع بديلا من التحديث المستقل، ستكون جزءا لا يتجزأ من الطوفان الذي سيصبح  "تسونامي" عالميا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير خطاب نتنياهو الكونغرس امريكا نتنياهو كونغرس خطاب دلالات أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إسرائیل وإیران التحرر من ابن خلدون من طغیان ـ هزیمة من جنس أن هذه

إقرأ أيضاً:

التلال الـ5 التي تحتلها إسرائيل.. هذا ما يجب أن تعرفه عنها

كتب موقع "الجزيرة نت":   استكمل الجيش الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، انسحابه الجزئي من جنوب لبنان، وأبقى على وجود عسكري دائم لقواته في 5 مواقع إستراتيجية داخل الأراضي اللبنانية، وذلك بالتزامن مع انتهاء المهلة الثانية لتنفيذ وقف إطلاق النار مع حزب الله.

وأتى الإبقاء على قوات عسكرية إسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية، تحت ذريعة "منع عودة حزب الله للمناطق الحدودية"، وذلك بالتنسيق مع إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، رغم رفض واعتراض دولة لبنان على ذلك، وإصرارها على تنفيذ كافة بنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 27 تشرين الثاني 2024.

وامتنعت إسرائيل عن سحب كامل قواتها من لبنان بحلول اليوم الثلاثاء 18 شباط الحالي، حيث كان من المفروض أن يستكمل الجيش الإسرائيلي سحب قواته في 26 كانون الثاني، وفقا للمهلة المحددة في الاتفاق بين إسرائيل ولبنان، قبل أن يتم الإعلان عن تمديدها بضوء أخضر من البيت الأبيض.

واستمر انتشار قوات الاحتلال في 5 مواقع رئيسة على طول الحدود، والتي حددتها قيادات عسكرية في رئاسة هيئة أركان الجيش، ووصفتها بـ"الإستراتيجية" و"الحيوية من ناحية أمنية".

 تجربة الحزام الأمني
وأوضح المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوآف زيتون، أن الإبقاء على قوات إسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية تم بالتنسيق مع الولايات المتحدة وبموافقتها، مشيرا إلى أن جيش الدفاع الإسرائيلي يعتزم العودة إلى صيغة جزئية من الوجود الدائم للقوات على الجانب اللبناني من الحدود، بعد 25 عاما من الانسحاب من المنطقة الأمنية.

 وهذه المرة، يقول المراسل العسكري: "هناك 5 مواقع عسكرية فقط، وهو ما يعكس إمكانية تكرار تجربة الحزام الأمني، فالمواقع ستكون على بعد مئات الأمتار فقط من السياج الحدودي، ولكنها ستكون مأهولة بمئات الجنود حتى يتم اتخاذ قرار آخر من قبل المستوى السياسي بإسرائيل".

وأضاف المراسل العسكري أن المواقع الإستراتيجية التي سيبقى بها الجيش الإسرائيلي، ستكون خارج القرى الشيعية القريبة من الحدود، لكنها ستسيطر على مناطق مهمة في الخط الطبوغرافي الذي كان يشكل تحديات ومشكلة بالنسبة للجيش الإسرائيلي حتى الحرب، من الغرب إلى الشرق، ومن البحر إلى الجبل، خاصة في المهام الدفاعية".


مواقع إستراتيجية بالجنوب
وبحسب ما كشف عنه الجيش الإسرائيلي فإن المواقع الخمسة التي سيبقي على قواته بها داخل الأراضي اللبنانية، هي تلال اللبونة وهي منطقة مرتفعة في قضاء صور عند راس الناقورة، وبلدة البرج الشمالية قبالة مستوطنة شلومي الإسرائيلية، وتم السيطرة عليها بهدف تمكين قوات حرس الحدود الإسرائيلي من مراقبة الممرات والطرقات المؤدية إلى وادي حامول وخراج الناقورة والجبين.  تلال اللبونة قبالة مستوطنة شلومي
يرى الجيش الإسرائيلي أن تلال اللبونة، التي كانت توجد فيها مواقع للجيش اللبناني وكذلك لحزب الله، من أهم المواقع الإستراتيجية داخل الأراضي اللبنانية، وذلك بسبب إشرافها على مناطق واسعة في جنوب لبنان، وكذلك كونها تطل على الكثير من المستوطنات في الجليل الغربي راس الناقورة مرورا إلى شلومي وصولا إلى نهاريا.

جبل بلاط قبالة مستوطنة "زرعيت".
يدور الحديث عن موقع "كركوم" سابقا في منطقة الحزام الأمني التي أقامها الجيش الإسرائيلي بالسابق في جنوب لبنان، ويهدف الجيش من تحديث هذا الموقع الموجود على قمة جبل بلاط الذي يعتبر من المرتفعات الإستراتيجية جنوب لبنان، السيطرة على طول المنطقة الحدودية بين مستوطنة شتولا بالوسط حتى مستوطنة زرعيت باتجاه الشمال.

ويقع جبل بلاط الذي يبعد مسافة 800 متر عن منطقة "الخط الأزرق"، بين بلدتي مروحين ورامية، في القطاع الغربي من الجنوب اللبناني، ويطل على مساحات واسعة من القطاع الأوسط للحدود اللبنانية حيث يطل ويكشف على العديد من المستوطنات في الجليل الأعلى.

 جبل الدير المحاذي لمستوطنتي "أفيفيم" و"مالكيا"
يعتبر جبل الدير أو ما يعرف أيضا بجبل الباط أحد المرتفعات الإستراتيجية في جنوب لبنان كونه يطل ويكشف مناطق واسعة في عمق الجليل الأعلى، كما أنه يوجد خارج بلدة عيترون بالقطاع الأوسط من الجنوب لبنان.

وهو أحد المواقع الإستراتيجية في المنطقة الجنوبية من لبنان، حيث يوفر مدى رؤية واسع يشمل وادي السلوقي وبنت جبيل وعيتا الشعب، كما أنه يطل على مساحات واسعة ومناطق كبيرة من شمال إسرائيل، ويطل بالأساس على مستوطنات "أفيفيم" و"يفتاح" و"مالكيا".

 تلة الدواوير قبالة كيبوتس مرغليوت
ويدور الحديث عما يعرف بمنطقة "نقطة الدواوير" وهي المرتفعات المطلة على كيبوتس مرغليوت، حيث يهدف الجيش الإسرائيلي -من خلال التمركز فوق هذه المنطقة- إلى التحكم والسيطرة على جبل المنارة والتلال المقابلة ومنع الاطلاع ورصد المستوطنات بالجانب الشرقي وتقييد البلدات الجنوبية في المنطقة.   وتعتبر "الدواوير" التي تموضع الاحتلال الإسرائيلي فوقها، منطقة إستراتيجية وعالية في القطاع الشرقي من جنوب لبنان، وتقع على الطريق بين بلدتي مركبا وحولا، وتكشف أجزاء واسعة من الجليل الأعلى، وتطل تحديدا على مستوطنة "مرغليوت" منطقة وداي هونين باتجاه مدينة صفد.

 تلة الحماميص- قرب مستوطنة المطلة
يعتبر تل الحماميص الذي توجد فيه قرية صغيرة جدا تعرف باسم سردا، وترتفع 500 متر عن سطح البحر، منطقة إستراتيجية تطل على جنوب منطقة سهل الخيام قضاء مرجعيون، ويهدف الجيش الإسرائيلي من التموضع بالمكان للسيطرة على مناطق سهل الخيام وكفركلا.

وتبقى الأهمية الإستراتيجية للتل من وجهة نظر جيش الاحتلال الإسرائيلي أن "الحماميص" تطل وتكشف مستوطنة المطلة، ومعسكرات الجيش الإسرائيلي في المنطقة. (الجزيرة نت)

مقالات مشابهة

  • تل أبيب تزعم أن إحدى الجثث التي تسلمتها بغزة ليست لأسير إسرائيلي
  • عاجل. نتنياهو: الجثة التي أُعيدت تعود لامرأة من غزة
  • إسرائيل تؤكد هوية أحد الجثامين التي استلمتها من حماس
  • الكشف عن عدد الجثامين التي تحتجزها إسرائيل
  • للعام الثالث على التوالي.. الإمارات العاشرة عالمياً في مؤشر القوة الناعمة 2025
  • العميد خالد حمادة: النقاط التي تحتفظ بها إسرائيل في جنوب لبنان ذات أهمية إستراتيجية
  • جواد ظرف: سردية "إيران الضعيفة" التي يبينها نتنياهو "خطيرة"
  • تماطل وتحاول فرض شروطها.. من الذي تريده إسرائيل لإدارة غزة؟
  • التلال الـ5 التي تحتلها إسرائيل.. هذا ما يجب أن تعرفه عنها
  • وزير الزراعة: مصر الأولى عربيا والخامسة عالميا في إنتاج سماد اليوريا