هل الأميركيون مستعدون لانتخاب امرأة رئيسة للبلاد؟
تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT
واشنطن– على مدار 59 ولاية رئاسية تعاقب خلالها 46 رئيسا على حكم الولايات المتحدة الأميركية لم تحطم امرأة واحدة من قبل ذلك "السقف الزجاجي" للوصول إلى البيت الأبيض.
وتتجه الأنظار إلى الولايات المتحدة لمتابعة تطورات الانتخابات الرئاسية التي تؤثر نتائجها على التوازنات السياسية والاقتصادية العالمية، خاصة أن المنافسة تبدو شرسة بين كامالا هاريس نائبة الرئيس الحالي والرئيس السابق دونالد ترامب.
ومع اقتراب هاريس للفوز ببطاقة ترشيح الحزب الديمقراطي رسميا لرئاسيات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل يرى خبراء تحدثت إليهم الجزيرة نت أن حقيقة عدم وصول امرأة من قبل إلى الرئاسة اختبار حقيقي ومعقد للديمقراطية الأميركية يعود نقاشه إلى الواجهة في كل مرة تقترب فيها مرشحة من هذا المنصب.
في الانتخابات الرئاسية لعام 2016 تفوّق عدد الأميركيين الذين صوتوا لامرأة على أولئك الذين صوتوا لرجل بفارق كبير، إذ تجاوز الرقم 2.8 مليون صوت.
لكن المرشحة الديمقراطية آنذاك هيلاري كلينتون خسرت أمام دونالد ترامب بسبب نظام الانتخابات الأميركية الخاص الذي يعتمد على أصوات المجمع الانتخابي حسب الولايات.
وترى أستاذة العلوم السياسية في جامعة هوفسترا بنيويورك سوزانا بيروتي أن حقيقة عدم انتخاب امرأة من قبل في التاريخ الأميركي لا تعكس عدم وجود دعم شعبي عام للمرشحات النساء، لكن هذه الفئة تواجه -في نظرها- صعوبة تجاوز النظام الانتخابي المعقد الذي يفرض أن يحظى المرشح الفائز بأصوات أغلب أعضاء المجمع الانتخابي.
وهذا ما يستوجب -حسب بيروتي- حملات انتخابية إستراتيجية تركز على الولايات التنافسية الكبرى لدعم كامالا هاريس، لأن المرأة -في نظرها- تفوز عندما تحظى بدعم حزبها، مثلما حصل في الانتخابات النصفية لعام 2022 عندما قدّم الحزب الجمهوري عددا كبيرا من المرشحات للكونغرس، وحققن الفوز لأنهن ترشحن في "مناطق جمهورية آمنة" بشكل أساسي.
وتوضح أستاذة العلوم السياسية أن النساء يحققن عموما أداء أفضل في الانتخابات عندما يمثلن جزءا من قائمة مرشحين أو عند طموحهن أن يصبحن جزءا من مجموعة أكبر مثل الكونغرس أو في الأنظمة التي تتميز بالتمثيل النسبي، عكس الانتخابات الرئاسية التي يذهب -حسب اعتقادها- النظام فيها باتجاه التمييز ضد النساء والأقليات.
المرأة في الكونغرس
أكثر من نصف الرؤساء الذين حكموا أميركا خدموا قبل ذلك في إحدى غرفتي الكونغرس أو كلتيهما، لكن تمثيل النساء في أعلى مؤسسة تشريعية في البلاد يبقى متواضعا و"ضعيفا جدا" في نظر أميركيين.
في بداية ولاية الكونغرس الأميركي الحالي عام 2023 بلغ عدد النساء اللاتي أدين اليمين في مجلس الشيوخ 25 امرأة من أصل 100 مقعد، وهو أقل من الرقم القياسي الذي سجله المجلس في الكونغرس السابق والبالغ 26 عضوة، وتبلغ نسبة حضور النساء في مجلس النواب 28.7% من أصل 435 مقعدا.
ويعتبر حضور المرأة في مجلس الشيوخ حديثا نسبيا، حيث وصلت أول امرأة إلى المجلس عام 1922 وهي الديمقراطية ريبيكا فيلتون من ولاية جورجيا، وخدمت كمناوِرة سياسية يوما واحدا فقط، قبل أن تصبح نانسي كاسباوم -وهي جمهورية من ولاية كانساس- أول امرأة تخدم لـ3 ولايات في مجلس الشيوخ في الفترة بين 1978 و1997.
وفي عام 1916 أصبحت جانيت رانكين -وهي جمهورية من ولاية مونتانا- أول امرأة في مجلس النواب في فترة لم يكن فيها للنساء حق التصويت، ثم أصبحت نانسي بيلوسي -وهي ديمقراطية من كاليفورنيا- المرأة الوحيدة التي شغلت منصب رئيسة مجلس النواب، وذلك من عام 2007 إلى 2011، وتم انتخابها مجددا للمنصب نفسه بين عامي 2019 و2023.
ويشير تقرير لمركز "بيو" للأبحاث إلى أنه رغم تزايد نسبة تمثيل النساء في الكونغرس فإنه لا يزال 53% من الأميركيين يعتقدون أن هناك عددا قليلا جدا من النساء في المناصب السياسية العليا بالولايات المتحدة، كما يرى كثيرون عقبات كبيرة أمام المرشحات للوصول إلى هذه المناصب مقارنة بالرجال.
الخلفية العرقيةتمثل خلفية كامالا هاريس الأفريقية الآسيوية ودفاعها المعلن عن العدالة العرقية علامة فارقة في السياسة الأميركية، وذلك منذ توليها منصب نائبة الرئيس جو بايدن، لكونها أول امرأة تحتل هذا المنصب على الإطلاق.
ولا يستبعد إدموند غريب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورج تاون في حديث للجزيرة نت أن هناك من الأميركيين من لا يزالون يعتقدون أن المرأة لا تصلح لتولي منصب الرئاسة، لا لسبب آخر غير تعريفها الجنسي، لكن عدد هؤلاء أخذ يتقلص تدريجيا خلال العقود الأخيرة، خاصة بعد انتخاب باراك أوباما أول رئيس أميركي من أصل أفريقي عام 2008، وهو ما يعكس -في نظره- التحولات شبه الجذرية التي يعيشها المجتمع الأميركي.
وتنحدر كامالا هاريس من أسرة مهاجرة، والدتها هندية ووالدها جامايكي، وهو ما يمكن أن يلعب -حسب محللين- دورا مهما في تحفيز الأميركيين السود -خاصة النساء والشباب- على الإقبال على التصويت الذي تراجع خلال انتخابات الكونغرس الأخيرة.
وترى أستاذة العلوم السياسية سوزانا بيروتي أن هناك فائدة إضافية للانتماء العرقي لهاريس "فالنادي النسائي الذي انضمت إليه في جامعة هاورد "آلفا كابّا آلفا" يمثل قوة كبيرة، وسيشكل هذا التقليد المتمثل في شبكات دعم الأندية النسائية مصدرا مهما وسلطة هائلة لدعمها بالمال والأصوات".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات کامالا هاریس فی الکونغرس النساء فی أول امرأة فی مجلس
إقرأ أيضاً:
ما هو الإعلان الدستوري الذي جرى إقراره في سوريا وماذا منح للشرع؟
أنجز الرئيس السوري أحمد الشرع استحقاقا جديدا تعهد به عقب توليه مهام منصبه مطلع العام الجاري، وذلك عبر المصادقة على إعلان دستوري من شأنه أن يسد الفراغ الدستورية ونظم المرحلة الانتقالية التي حددت بموجبه بفترة 5 سنوات.
واستند الإعلان الدستوري الذي صادق عليه الشرع الخميس في قصر الشعب بالعاصمة السورية دمشق، على روح الدساتير السورية السابقة لاسيما دستور الاستقلال الذي جرى إقراره عام 1950.
ما هو الإعلان الدستوري؟
الإعلان الدستوري هو وثيقة ذات طابع دستوري تصدر عن سلطة حاكمة غير منتخبة، سواء كانت مجلسا عسكريا أو حكومة انتقالية، بهدف تنظيم شؤون الحكم خلال فترة معينة من أجل إعادة هيكلة الدولة ووضع نظام جديد سعيا في الوصول إلى المرحلة الدائمة.
وغالبا ما تكون الفترة المعنية انتقالية بعد ثورة أو انقلاب أو سقوط نظام سابق حيث يغيب الدستور عند انهيار النظام السياسي، ما يجعل من الإعلان الدستوري حاجة ملحة لتوضيح صلاحيات السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية خلال المرحلة الانتقالية.
ماذا تضمن الإعلان الدستوري السوري؟
يتكون الإعلان الدستوري السوري الذي أعدته لجنة من الخبراء من مقدمة و52 مادة متوزعة على 4 أبواب رئيسية، أولها باب الأحكام العامة الذي تضمن 11 مواد، أبقت على اسم الدولة "الجمهورية العربية السورية" ودين الرئيس وهو الإسلام.
كما أبقت الفقه الإسلامي مصدرا رئيسيا للتشريع واللغة العربية لغة رسمية للدولة، فيما جرى تغيير العلم حيث تم النص على علم الثورة المكون من ثلاثة مستطيلات متساوية يعلوها اللون الأخير ويتوسطها اللون الأبيض ومن ثم الأسود في الأسفل. وتتوسط العلم في المنتصف وضمن المساحة البيضاء ثلاثة نجمات حمراء.
وحددت المادة المادة الحادية عشرة على أن الاقتصاد الوطني يقوم على مبدأ المنافسة الحرة العادلة ومنع الاحتكار.
أما الباب الثاني، فهو عن الحقوق والحريات ضم 12 مادة، معتبرا جميع الحقوق والحريات المنصوص عليها في المعاهدات والمواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها الجمهورية العربية السورية جزءًا لا يتجزأ من هذا الإعلان.
وأكد أن الدولة تكفل الدولة حرية الرأي والتعبير والإعلام والنشر والصحافة وتضمن عمل الجمعيات والنقابات وتصون حق المشاركة السياسية وتشكيل الأحزاب على أسس وطنية وفقاً لقانون جديد.
وجرى تخصيص الباب الثالث لمعالجة شكل نظام الحكم والسلطات في المرحلةِ الانتقالية في 24 مادة، حيث منح ممارس السلطة التشريعية إلى مجلس الشعب حتى اعتماد دستور دائم، وإجراء انتخابات تشريعية جديدة، في حين يمارس رئيس الجمهورية والوزراء السلطة التنفيذية.
وشدد الباب الرابع المتكون من 6 مواد، على أن السلطة القضائية مستقلة، وحظر إنشاء المحاكم الاستثنائية، في حين جرى حل المحكمة الدستورية العليا القائمة كونها من بقايا النظام المخلوع، على أن يتم إنشاء محكمة دستورية عليا جديدة.
ما الجديد في الإعلان الدستوري عن باقي الدساتير السورية السابقة؟
نص الإعلان الدستوري على إحداث هيئة لتحقيق العدالة الانتقالية تعتمد آليات فاعلة تشاورية مرتكزة على الضحايا، لتحديد سبل المساءلة، والحق في معرفة الحقيقة، وإنصاف للضحايا والناجين، بالإضافة إلى تكريم الشهداء.
واستثنى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية وكل الجرائم التي ارتكبها النظام البائد من مبدأ عدم رجعية القوانين.
كما نص على تجريم تمجيد نظام الأسد البائد ورموزه، على أن يعد إنكار جرائمه أو الإشادة بها أو تبريرها أو التهوين منها، جرائم يعاقب عليها القانون.
وألغى الإعلان منصب رئيس مجلس الوزراء ليكون شكل نظام الحكم بذلك رئاسيا تاما قائما على الفصل الكامل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.
ومنح الإعلان رئيس الجمهورية حق تشكيل لجنة عليا لاختيار أعضاء مجلس الشعب في المرحلة الانتقالية، على أن تقوم اللجنة المعينة بالإشراف على تشكيل هيئات فرعية ناخبة لانتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشعب، والثلث الأخير يعينه رئيس الجمهورية "لضمان التمثيل العادل والكفاءة".
وألزم الإعلان رئيس الجمهورية العربية باتفاقيات حقوق الإنسان المصدَّق عليها من قبل الدولة السورية، وهذا النص يشكل سابقة في التاريخ الدستوري السوري.
وألغى الإعلان السلطات الاستثنائية الممنوحة لرئيس الجمهورية، مبقيا على سلطة استثنائية واحدة وهي إعلان حالة الطوارئ، حيث يحق للرئيس إعلان "حالة الطوارئ جزئيا أو كليا لمدة أقصاها ثلاثة أشهر في بيان إلى الشعب بعد موافقة مجلس الأمن القومي واستشارة رئيس مجلس الشعب و رئيس المحكمة الدستورية ولا تمدد لمرة ثانية إلا بعد موافقة مجلس الشعب".
وحظر الإعلان الدستوري إنشاء المحاكم الاستثنائية، الذي دأب النظام السابق على إنشائها بهدف إحكام قبضته على السوريين.