وصفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الاقتصاد القائم على تصنيع المخدرات في سوريا، برعاية النظام والميليشيات الداعمة له بـ"اقتصاد الزومبي"، مشيرة إلى غياب الصناعة التقليدية في البلاد.

وأوضح التقرير، بأن "حبوب الكبتاغون باتت تجارة مربحة بشكل كبير لـ"اقتصاد الزومبي" الذي ساعد النخبة السياسية والعسكرية في سوريا على البقاء في السلطة عقب 13 عاما من الحرب الأهلية وعقد من العقوبات المشددة".



وتابع بأنه بعد أن تضخّمت هذه التجارة على نطاق واسع بموافقة حكومية ضمنية، بحسب عدد من المسؤولين الأميركيين وكذلك العرب، باتت تهدّد بشكل متزايد جيران سوريا بعد إغراق المنطقة بالمخدرات الرخيصة.

وفي السياق نفسه، أبرزت الصحيفة الجهود التي تقوم بها جيران سوريا لكبح جماح هذه التجارة وعلى رأسها الأردن، مؤكدة أن عمّان أرسلت طائرات مقاتلة مرّتين إلى المجال الجوي السوري من أجل تنفيذ ضربات ضد المهربين ومنازلهم، وفقاً لمسؤولي المخابرات في المنطقة.

وبحسب التقرير نفسه، فإنه على الرغم من الجهود الكبيرة لوقف هذا المد، فإن المليارات من حبوب الكبتاغون من العشرات من مراكز التصنيع لا تزال تتدفّق عبر حدود سوريا وعبر موانئها البحرية. فيما تتوسّع كذلك تأثيرات هذه التجارة نحو الخارج، لتشمل ارتفاع مستويات الإدمان في دول الخليج العربي.

وفي العراق، ظهرت عدد من المختبرات التي تعمل على تصنيع هذه النوعية من المخدرات، وأيضا في أماكن وصفت في التقرير بـ"البعيدة" مثل: ألمانيا، وذلك بحسب الصحيفة الأمريكية نقلا عن  مسؤولين عراقيين وألمان.

وأردف المصدر نفسه، بأن الأرباح الضخمة من الحبوب، التي تكلف أقل من دولار لصنعها لكن يصل سعر كل منها إلى 20 دولارا في الشارع، اجتذبت مجموعة كبيرة من المتواطئين الخطرين، من شبكات الجريمة المنظمة إلى الميليشيات المدعومة من إيران في لبنان والعراق وسوريا، وفقا لما نقلت الصحيفة.

وقال عدد من المسؤولين إن "المهرّبين بدأوا في الأشهر الأخيرة في نقل الأسلحة والمخدرات. فيما أسفرت المداهمات الأردنية على قوافل التهريب عن مصادرة صواريخ وألغام ومتفجرات كانت مخصّصة على ما يبدو للمتطرفين في الأردن أو ربما للمسلحين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية".


وبحسب الصحيفة، فإن هذه المخدرات قدّمت شريان حياة لنظام الرئيس السوري، بشار الأسد، الذي استغل الكبتاغون كوسيلة من أجل البقاء في السلطة، حسبما قال مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون.

وفي الوقت الذي كثّفت فيه الولايات المتحدة ودول غربية أخرى ضغوطها من خلال العقوبات لمحاسبة المسؤولين السوريين عن جرائم الحرب أو الضغط على الأسد للتفاوض على إنهاء الصراع، وجدت الطبقة الحاكمة في سوريا الخلاص في حبة بيضاء صغيرة حقّقت أرباحا هائلة وتحايلت على العقوبات الغربية.ولم ترد البعثة السورية لدى الأمم المتحدة على طلب الصحيفة للتعليق. 

إلى ذلك، نفت حكومة الأسد أكثر من مرة، تورّطها في المخدرات غير المشروعة. وفي العام الماضي، أعلنت عن اعتقال العديد من المتاجرين على مستوى منخفض ومصادرة كميات صغيرة من الحبوب البيضاء.

وأشارت الصحيفة إلى أن وثائق وزارة الخزانة الأميركية حدّدت أقارب الأسد، بما في ذلك شقيقه ماهر الأسد، وهو قائد الفرقة المدرعة الرابعة في الجيش السوري، باعتبارهم مشاركين رئيسيين في تهريب الكبتاغون. 

ويتم إنتاج معظم الحبوب في المناطق التي يسيطر عليها النظام، ويتم نقلها عبر الحدود ومنشآت الموانئ الخاضعة لسيطرة النظام. بحسب الصحيفة نفسها، مشيرة إلى أن تاريخ توسع صناعة الكبتاغون في سوريا، بدأ قبل الصراع في عام 2011، إذ كان يعتبر منتجا متخصصا لعدد صغير من الجماعات الإجرامية في لبنان وتركيا.

ووفقاً لوثائق عقوبات وزارة الخزانة الأميركية، فإنه من بين الشخصيات الرئيسية: حسن دقو، وهو مواطن سوري- لبناني مزدوج الجنسية وكان في السابق تاجر سيارات بدأ في شراء العقارات على جانبي الحدود لمراكز الإنتاج والمستودعات. ونجح دقو، الذي تطلق عليه وسائل الإعلام اللبنانية لقب "ملك الكبتاغون"، في بناء إمبراطوريته من خلال تحالفات مع أصدقاء أقوياء داخل الدوائر الحكومية والأمنية في سوريا ولبنان.

وقالت الصحيفة نقلا عن عدد من المسؤولين، إن "من بين المتعاونين معه عملاء مع ميليشيا حزب الله اللبنانية بالإضافة إلى كبار القادة السياسيين والعسكريين السوريين، ليس فقط ماهر الأسد، لكن أيضًا العديد من أبناء عمومة الأسد ورجال الأعمال المقربين من الرئيس السوري".


وبحسب مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية، وهي منظمة غير ربحية تقوم بأبحاث حول الجريمة المنظمة والفساد في سوريا، أجرت دراسة عام 2023، فإن "الكبتاغون يدر حوالى 2.4 مليار دولار سنويا لنظام الأسد، وهذا أعلى بكثير من أي مصدر دخل آخر مشروع أو غير مشروع".

وفي نيسان/ أبريل، قد وافق الكونغرس الأمريكي على تشريع يستهدف تجار المخدرات في سوريا، كجزء من حزمة المساعدات الخارجية التي وافق عليها الحزبان بقيمة 95 مليار دولار والتي وقعها بايدن، لتصبح قانونا؛ وذلك عقب إعلان وزارة الخزانة الأميركية عن فرض عقوبات جديدة على رجال الأعمال السوريين الذين يُزعم أن لهم علاقات بتهريب الكبتاغون.

كذلك، يرى مسؤولو البيت الأبيض أن "الأسد يستخدم الآن الكبتاغون كوسيلة ضغط على الدول العربية، ويعرض فرض قيود انتقائية على تدفق المخدرات كمكافأة للحكومات التي تقوم بتطبيع العلاقات مع سوريا".

ويقول عدد من الباحثين في المجال الطبي، إن الاستخدام المعتاد إلى الإدمان، يؤدي لمجموعة واسعة من المشاكل الصحية، من الأرق والاكتئاب إلى الهلوسة ومشاكل القلب.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي سوريا بشار الأسد سوريا بشار الأسد نظام الأسد المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی سوریا عدد من

إقرأ أيضاً:

تصاعدت هجماته.. تقرير أمريكي يحذّر من نمو تنظيم الدولة بسرعة في سوريا

تصاعدت هجمات تنظيم الدولة شرقي سوريا بشكل محلوظ خلال الأسابيع الماضية، مع تحذيرات أمريكية وأممية من قدرة التنظيم على ترتيب صفوفه، وجذب أكبر عدد من المقاتلين خلال الفترة المقبلة.

وتركّزت هجمات التنظيم في شرق سوريا خلال الأسابيع الماضية على استهداف أرتال تتبع لقوات سوريا الديمقراطية "قسد".

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن التنظيم نفذ 53 هجوما مسلحا في مناطق سيطرة "قسد" خلال العام 2025، في هجمات أسفرت عن سقوط 18 قتيلا على الأقل.


نشاط متجدد
صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، نشرت تقريرا حول محاولات التنظيم لاستعادة قوته في سوريا، بعد سقوط نظام بشارر الأسد.

وقالت إن التنظيم أظهر نشاطا متجددا، واجتذب مقاتلين، وزاد من هجماته، وهو ما دفع مسؤولين في الأمم المتحدة والولايات المتحدة للنظر إلى هذه التطورات بحذر.

ورغم ذلك، قالت الصحيفة إن التنظيم لا يزال بعيداً كل البعد عن القوة التي كان عليها قبل عقد من الزمان، عندما كان يسيطر على شرق سوريا وجزء كبير من شمال العراق، ولكن هناك خطر، كما يقول الخبراء، من أن يتمكن "داعش" من إيجاد طريقة لتحرير الآلاف من مقاتليه المحتجزين في سجون تحرسها "قسد".

وحذّر التقرير من أن تنامي قوة تنظيم الدولة يهدد الدولة السورية الجديدة التي تعمل بشكل مكثف لإعادة الحياة إلى البلد الذي مزقته الحرب منذ 14 عاما، ويعاني من أزمات اقتصادية هائلة

وتشير تقديرات إلى أن سجون "قسد" تضم نحو 10 آلاف مقاتل من تنظيم الدولة، وهو ما يطمح التنظيم إلى الاستفادة منهم في حال نجح بتحريرهم أو جزء منهم.


كنز ثمين
قال كولن كلارك، رئيس الأبحاث في مجموعة صوفان، وهي شركة عالمية للاستخبارات والأمن، إن "الكنز الثمين بالنسبة لتنظيم الدولة لا يزال تتمثل في السجون والمعسكرات".

وأضاف لـ"نيويورك تايمز": "هنا يتواجد المقاتلون ذوو الخبرة والتجربة القتالية الطويلة". وأضاف: "بالإضافة إلى ما يضيفونه من قوة للتنظيم، فإن فتح هذه السجون سيُسهم في تعزيز جهود التجنيد التي يبذلها التنظيم لأشهر".

في الشهر الماضي، قدم كبار مسؤولي الاستخبارات الأميركية إلى الكونغرس تقييمهم السنوي للتهديدات العالمية، وخلصوا إلى أن تنظيم الدولة سوف يحاول استغلال نهاية نظام الأسد لتحرير السجناء وإحياء قدرته على التخطيط وتنفيذ الهجمات.

وأعلنت الولايات المتحدة في أواخر العام الماضي أن جيشها ضاعف تقريبا عدد قواته على الأرض في سوريا إلى 2000 جندي، ويبدو أن الضربات العديدة التي شنتها على معاقل تنظيم الدولة في الصحراء السورية في الأشهر القليلة الماضية قد خففت من التهديد المباشر، وفقا للصحيفة.

واللافت أن تنظيم الدولة بدأت باستعادة نشاطه في سوريا حتى قبل سقوط الأسد، حيث ارتفع عدد هجماته من 121 في 2023 إلى 294 في العام الماضي 2024، والذي لم يسقط الأسد إلا قبل 23 يوما من نهايته.


مقالات مشابهة

  • مداهمات أمنية لبؤر تجارة المخدرات بالمحافظات ومضبوطات بـ 10 ملايين جنيه
  • تصاعدت هجماته.. تقرير أمريكي يحذّر من نمو تنظيم الدولة بسرعة في سوريا
  • سقوط 12 عنصرا إجراميا خلال مداهمات لأوكار تجارة المخدرات بـ 3 محافظات
  • استروكس وشابو.. سيدة تواجه هذه العقوبة بتهمة تجارة المخدرات بكرداسة
  • الكبتاغون ورش عشوائية تنمو على أنقاض خطوط إنتاج نظام الأسد
  • الألغام ومخلفات الحرب تسقط مئات السوريين منذ سقوط نظام الأسد
  • آلاف من حبوب الهلوسة في حوزة شخصين في سلا
  • استروكس وشابو.. سقوط سيدة ومعاونيها بتهمة تجارة المخدرات بكرداسة
  • "المفوضية الأوروبية" والرئيس الصيني يؤكدان مسئولية الطرفين لدعم نظام تجارة قوي
  • الخارجية السورية تقرر سحب سفيريها لدى روسيا والسعودية.. داعمان للنظام المخلوع