سلط الباحث بمركز كارنيجي للشرق الأوسط، مايكل يونج، الضوء على أزمة انتخاب رئيس جديد للبنان، ودور زعيم حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، فيها، مشيرا إلى أن الشيخ نبيل قاووق، المسؤول في حزب الله، أعلن الأحد، استمرار مأزق عدم الاتفاق على حل وبقاء البلاد بدون رئيس منتخب.

وذكر يونج، في تحليل نشره موقع المركز وترجمه "الخليج الجديد"، أن قاووق ذكر أن "بصيص الأمل الوحيد في البلاد هو الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر" بقيادة جبران باسيل.

وتساءل الباحث: "كيف سُمح لحزب الله بتقديم التيار الوطني الحر على أنه المفاوض المسيحي الرئيسي الذي يجب على الحزب التحدث معه حول رئاسة لبنان على الرغم من حصول القوات اللبنانية على عدد أكبر من الأصوات في انتخابات عام 2022 ولها كتلة أكبر في البرلمان؟"، مشيرا إلى أن "القوات اللبنانية" لم يعد له وجه تأثير حقيقي في السياسة اللبنانية، بسبب إصرار زعيمه على سياسة عقيمة، تقوم على الجعجعة، لا الانخراط في تفاوض مثمر.

وأضاف: "عندما يتعلق الأمر بتقديم بديل لهيكل الحكم الفاشل الموجود اليوم في لبنان، فماذا يقترح الحزب؟ لقد مرت سنوات منذ أن شارك "القوات اللبنانية" في الحكومة، ناهيك عن فرض نفسه كلاعب محوري في شؤون البلاد".

وتابع: "منذ عام 2019، يبدو أن الحزب قد تراجع إلى شكل من أشكال العزلة المتكلسة. ففي يوليو/تموز، قال جعجع إنه لن يشارك في مناقشات مع حزب الله، مبررًا ذلك على أساس أنه لا فائدة من إضاعة وقت إضافي في حوار لن يؤدي إلى أي نتيجة".

عزلة سياسية

ويشير يونج، في هذا الصدد، إلى أن جعجع يهدر قيادته لأكبر كتلة مسيحية في البرلمان بعزلته السياسية، والأسوأ من ذلك، أن علاقاته مع معظم الكتل السياسية الرئيسية سيئة، فهو لا يتحاور إلى حزب الله، واصطدم مع المجتمع السني، وخاصة أتباع سعد الحريري.

وفي المقابل، كان باسيل أكثر ذكاءً، حسبما يرى يونج، مشيرا إلى أن حوار الزعيم المسيحي مع حزب الله يهدف إلى تحقيق عدة أمور، على رأسها ضمان بقائه على صلة بمفاوضات اختيار الرئيس اللبناني، في وقت كان فيه عدد غير قليل من الأشخاص قد شطبوا اسمه بعد مغادرة ميشال عون لمنصبه.

وسمح سلوك باسيل لحزب الله بتصنيف التيار الوطني الحر على أنه "الحزب المسيحي الأبرز"، ومن خلال مواكبة هذا "الوهم"، حسب توصيف "يونج"، يعيد باسيل تعويم سفينة غارقة للتيار الوطني الحر ويقوض "القوات اللبنانية"، وهو ما لم يفعل جعجع شيئًا لمواجهته.

اقرأ أيضاً

لبنان.. المبعوث الفرنسي يفشل في إحراز تقدم بأزمة شغور الرئاسة

وهنا يشير يونج إلى أن واقعية باسيل هي ما تجعل منه رقما في سياسة لبنان، فهو يتحدث مع أقوى حزب في لبنان (حزب الله)، وهي ضرورة لمن يريد أن يلعب دورًا، كما يحاول إعادة إحياء تفاعلاته مع الكتل السياسية الأخرى.

وفي أوائل أغسطس/آب الجاري، افتتح باسيل مركزًا للشباب في الشوف، وهي منطقة التأثير الرئيسية للزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وألقى كلمة تصالحية، وذكر أنه "لا يوجد سبب يدعو [التيار الوطني الحر] إلى معاداة أي لبناني بسبب انتمائه أو تفكيره، لأننا نقبل الجميع. يمكن أن نتشاجر مع البعض بسبب سلوكهم أو أفعالهم، ولكن ليس بسبب طائفتهم أو حزبهم أو تفكيرهم".

جاء ذلك بعد أسابيع قليلة من تهنئة باسيل لتيمور جنبلاط بانتخابه رئيسا للحزب التقدمي الاشتراكي، كما هنأ وليد جنبلاط بهذه المناسبة، وأعرب عن "كل التمنيات بانتقال هادئ لقيادة الحزب، والأمل في التعاون لما فيه خير الوطن".

كتلة السنة

وبينما كان باسيل يمر بوقت عصيب مع اللبنانيين السنة، حتى قبل رحيل والد زوجته عن الرئاسة العام الماضي، بدأ في إصلاح العلاقات معهم، وكان هذا طبيعيًا في هذا الوقت، الذي ترجح فيه أن حزب الله لن يدعم رئاسته، ولذا أراد توسيع نفوذه الطائفي.

وفي نيسان/أيلول 2022، زار باسيل مفتي الجمهورية اللبنانية، عبد اللطيف دريان، مع وفد من التيار الوطني الحر، ودافع عن اتفاق الطائف، الذي أعطى صلاحيات دستورية كبيرة لرئيس الوزراء السني، على حساب الرئيس الماروني، ولذلك كانت تصريحات باسيل محاولة لطمأنة السنة بأن الموارنة لا يسعون إلى إلغاء الاتفاق.

أما جعجع، فلايزال على علاقة سيئة مع معظم القوى السياسية السنية الرئيسية، ولا يزال أتباع الحريري يلومونه على الطريقة التي انقلب بها السعوديون على رئيس الوزراء السابق، ويتذكرون رفضه، في مناسبتين، ترشيح الحريري كرئيس للوزراء، ما حرمه من الشرعية المسيحية، وأدى إلى شل جهود الحريري الصعبة لتشكيل الحكومة.

كما لم يكن تاريخ جعجع مع أولئك الذين ينحدرون من خلفية قومية عربية أو مؤيدة للفلسطينيين جيدًا أبدًا، بحسب يونج، مشيرا إلى أن زعيم "القوات اللبنانية"، يسعى، منذ انتفاضة أكتوبر/تشرين الأول 2019، إلى الابتعاد عن الطبقة السياسية الفاسدة لتجنب تشويه سمعته، وطريقته في القيام بذلك هي إبقاء حزبه خارج الحكومة.

 لكن جعجع لم يقم، مع ذلك، بالتوجه إلى القوى السياسية الجديدة، التي انبثقت عن الانتفاضة، وكانت تعاملاته مع ما يسمى "كتلة التغيير"، للبرلمانيين الذين خرجوا من المجتمع المدني، متوترة.

اقرأ أيضاً

عون يغادر الرئاسة تاركا لبنان في فراغ دستوري ومصير مجهول

ويعلق يونج على ذلك بقوله: "يبدو أن جعجع لا يستطيع أن يفهم تمامًا سبب رفضهم اتباع قيادته، وغاب عنه نقطة واضحة تمامًا وهي أن كتلة التغيير، على الرغم من كل زلاتها، تصر على البقاء مستقلة عن القيادة السياسية التقليدية".

مسؤولية الحكم

ويرى يونج أن الخطر الذي يواجه حزب القوات اللبنانية هو أنه "برفضه تحمل أي مسؤولية عن الحكم، فإنها سيصبح غير ذي صلة بالتأثير السياسي إلى حد كبير، وهذا عار في تاريخ الحزب الذي كان يعين أشخاصًا يتمتعون بالمصداقية كوزراء في الحكومة".

ويضيف: "أراهن على أنه ما لم تتغير استراتيجية جعجع، سيخسر حزب القوات اللبنانية الانتخابات في عام 2026".

ويرى يونج ضرورة أن يتصرف جعجع كزعيم لأكبر حزب مسيحي وألا يسمح لحزب الله بالتغلب عليه من خلال تصوير باسيل على أنه المرشح المسيحي الأوفر حظا للرئاسة اللبنانية، وهذا يعني أن على جعجع أن يتحدث إلى حزب الله، بل ويفرض نفسه.

ويوضح الباحث بمركز كانيجي الشرق الأوسط: "ليس من المنطقي رفض التواصل مع قوة فاعلة في البلاد، ولا إعطاء حزب الله الحرية لنزع الشرعية عن القوات اللبنانية".

ويقر يونج بأن جعجع محق في أن حزب الله لديه أجندة لن يتنازل عنها كثيرًا على الأرجح، ومع ذلك، فقد نجح هو وباسيل في تهميش اختيار حزب الله لسليمان فرنجية رئيسا لبعض الوقت، وذلك عندما دعما معا، جهاد أزعور، كمرشح، ما أجبر حزب الله على التراجع والبحث عن حل.

ومع ذلك، كان ينبغي أن يكون جعجع، زعيم أكبر كتلة نيابية مسيحية، هو المستفيد الأبرز من هذا النجاح، عبر الانخراط مع حزب الله في وضع حل للجمود، وليس باسيل، حسبما يرى يونج، واصفا ما جرى بأن "باسيل استخدم جعجع لكسب النفوذ في مفاوضاته مع حزب الله، وليس العكس".

ويخلص الباحث بمركز كانيجي الشرق الأوسط إلى أن حزب القوات اللبنانية "قد يكون أكبر كتلة مسيحية في البرلمان اللبناني، لكنه في الحقيقة ليس ضروريا للسياسة الداخلية لأنه اختار البقاء خارج المفاوضات".

اقرأ أيضاً

معركة الرئاسة في لبنان.. موقع استخباراتي يكشف عن شخصية تدعمها قطر وفرنسا للمنصب

المصدر | مايكل يونج/كارنيجي الشرق الأوسط - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: لبنان سمير جعجع حزب الله جبران باسيل التيار الوطني الحر سعد الحريري ميشال عون التیار الوطنی الحر مع حزب الله على أنه

إقرأ أيضاً:

الجيش الإسرائيلي يهاجم معبر "جنتا" على الحدود السورية اللبنانية

أعلنت الجيش الإسرائيلي، اليوم الجمعة، شن غارات جوية على مرافق في معبر جنتا على الحدود السورية اللبنانية، قال إنها تستخدم لتمرير أسلحة إلى حزب الله.

وفي بيان، قال الجيش الإسرائيلي: "أغارت طائرات حربية لسلاح الجو في وقت سابق اليوم على بنى تحتية في معبر جنتا على الحدود السورية اللبنانية، والتي تم استخدامها لنقل وسائل قتالية عبر سوريا إلى حزب الله"، على حد تعبيره.

وتقع نقطة جنتا الحدودية مع سوريا على الجانب اللبناني.

الجيش الإسرائيلي: سلاح الجوّ أغار اليوم على بنى تحتية في معبر جنتا الحدودي بين لبنان وسورياhttps://t.co/ojf2ciWJSx

— Annahar النهار (@Annahar) December 27, 2024

وادعى أن "الوحدة 4400 في حزب الله مسؤولة عن تهريب الأسلحة من إيران ووكلائها إلى لبنان، وتسعى إلى زيادة حجم الوسائل القتالية التي يمتلكها الحزب، ومنذ تأسيسها أقامت الوحدة محاور عديدة واستراتيجية لنقل تلك الوسائل على الحدود بين سوريا ولبنان".

وأضاف أنه "خلال الحرب وفي إطار عملية سهام الشمال، شن سلاح الجو مرات عديدة غارات واسعة وعمليات استهداف دقيقة لمسؤولين في الوحدة ومحاور نقل الوسائل القتالية المختلفة، وشملت هذه الجهود عملية القضاء على قائد الوحدة 4400 محمد جعفر قصير مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بالعاصمة بيروت، وخليفته علي حسن غريب بالعاصمة السورية دمشق، بعد عدة أسابيع".

وتابع الجيش الإسرائيلي: "تأتي هذه الغارات في إطار الجهود الهادفة لضرب نقل الأسلحة من سوريا إلى لبنان، وعرقلة جهود حزب الله لإعمار محاور نقل الأسلحة"، وفق قوله.

#عاجل ???? جيش الدفاع هاجم بنى تحتية تم استخدامها لنقل وسائل قتالية على الحدود السورية اللبنانية

????أغارت طائرات حربية لسلاح الجو في وقت سابق اليوم على بنى تحتية في معبر جنتا على الحدود السورية اللبنانية والذي تم استخدامها لنقل وسائل قتالية عبر سوريا إلى حزب الله الارهابي.… pic.twitter.com/JXio70E3I5

— افيخاي ادرعي (@AvichayAdraee) December 27, 2024

وصباح اليوم، شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارات متتالية على جرود قوسايا في منطقة البقاع في شرق لبنان استهدفت 3 مواقع، في خرق إسرائيلي خطير ومتواصل لوقف إطلاق النار.

إسرائيل تستهدف البقاع اللبنانية للمرة الثانية منذ وقف إطلاق النار - موقع 24شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارات متتالية، صباح اليوم الجمعة، على جرود قوسايا في منطقة البقاع شرق لبنان، حيث استهدف 3 مواقع.

وسمع دوي انفجار قوي في السلسلة الشرقية، في البقاع، تزامنا مع تحليق للطيران الحربي الإسرائيلي على علو منخفض.

مقالات مشابهة

  • الجيش الإسرائيلي يهاجم معبر "جنتا" على الحدود السورية اللبنانية
  • إسرائيل تستهدف "أسلحة حزب الله" على الحدود السورية اللبنانية
  • أفيخاي: استهدفنا بني تحتية لحزب الله على الحدود السورية اللبنانية
  • الارصاد : كتلة باردة ورأس سنة ماطرة باذن الله
  • يونيفيل تطالب بانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية
  • ‏اليونيفيل تحثّ الجيش الإسرائيلي على الانسحاب في الوقت المحدد ونشر القوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان والتنفيذ الكامل للقرار 1701
  • الساحة اللبنانية… ثوابت تحدّد شكل المرحلة المقبلة
  • قبلان: لن نقبل العيش بوطن لا مسيحية فيه
  • عن جلسة انتخاب الرئيس.. هذا قاله باسيل من بكركي
  • رسائل عيد ميلاد مسيحية للأصدقاء 2025