تمثل الشعلة الأولمبية إحدى أهم الرموز التي تميز الأولمبياد الرياضي الكبير الذي يقام كل أربع سنوات، إذ تعد فعالية تتابع حمل الشعلة الأولمبية حتى وصولها إلى مكانها، بمثابة إعلان بدء الألعاب الأولمبية رسميا، وإطلاق رسالة سلام وصداقة حول العالم.

وتستعد دائرة بلدية سين سان دوني في العاصمة الفرنسية باريس لاستقبال الحدث الرياضي الأبرز هذا العام، وهي المرة الثالثة التي تستضيف فيها العاصمة الفرنسية فعاليات الأولمبياد الصيفية، بعد عامي 1900 و1924، حيث ستبدأ الشعلة الأولمبية رحلتها عبر سين سان دوني وتزور مواقع شهيرة في 21 بلدة في المقاطعة، ثم تنتقل الشعلة الأولمبية عبر محطات متتالية على مدار يوم ونصف، قبيل حفل افتتاح الألعاب مباشرة الذي سيقام على ضفاف نهر السين، وسيأخذ شكل عرض نهري خارج الملعب الرئيس لأول مرة في التاريخ، بعدما اعتادت الجماهير حضور هذا الحدث من المدرجات، وسط إجراءات أمنية مشددة.

ويتوقع أن يشارك في حمل الشعلة الأولمبية عدد من أبرز الرياضيين في العالم في مختلف الألعاب، بجانب عدد من المشاهير بينهم فنانون عالميون، وقد كشف الموقع الرسمي لدورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية في باريس عن أسماء حاملي الشعلة المشهورين.

وتعود رمزية إيقاد الشعلة الأولمبية والسير بها إلى طقوس إغريقية وتقاليد قديمة مستوحاة من ممارسات اليونان القديمة، إذ كان يتم إيقاد اللهب داخل الشعلة الأولمبية قبل سنة من انطلاق الألعاب الأولمبية في الموقع الأثري /أولمبيا/ ويتم حملها بالتتابع حتى المدينة المضيفة.

أولمبياد باريس 2024

وقد استمرت الألعاب الأولمبية القديمة قرابة 12 قرنا حتى تم إيقافها عام 393 م على يد الإمبراطور الروماني ثيودوسيوس الأول، الذي اعتبرها مهرجانا وثنيا، وظلت الألعاب متوقفة لأكثر من 1500 عام حتى تم إحياؤها في العصر الحديث، عبر المدرس والمؤرخ الفرنسي بيير دي كوبرتان، الذي أسس اللجنة الأولمبية الدولية عام 1894، وقد أقيمت أول دورة ألعاب أولمبية حديثة في العاصمة اليونانية أثينا عام 1896.

وتنسب فكرة تصميم المشعل في العصر الحديث إلى المهندس المعماري الهولندي "يان ويليس" الذي صمم برجا لحفظ الشعلة محترقة فيه بشكل متواصل خلال الألعاب الأولمبية بأمستردام الهولندية عام 1928، كما قام كارل ديم -وهو مؤرخ رياضي ومنظم الألعاب الأولمبية الصيفية في برلين عام 1936، بتفصيل مراسم خاصة للشعلة الأولمبية، لتصبح منذ تلك الألعاب جزءا مرتبطا بها، ونظم خلال تلك الدورة أول تتابع لحمل الشعلة، ويعد الطالب اليوناني "كونستانتينوس كونديليس" أول من حملها، وقد حدث أول تتابع لحمل الشعلة في دورة ألعاب صيفية عام 1936 في برلين، بينما كان أول تتابع لحمل الشعلة في دورة ألعاب أولمبية شتوية عام 1952 في أوسلو.

وقد صممت المشاعل الحديثة للألعاب الأولمبية الصيفية والشتوية لمقاومة تأثير الرياح والأمطار أثناء حملها، وتحمل تصميمات فريدة تمثل البلد المضيف وروح الألعاب، وقد تطورت الألعاب الأولمبية من أصولها القديمة في اليونان لتصبح احتفالا عالميا، يلهم المشاركين والمشاهدين عبر منافسات وقصص من المثابرة والانتصار للرياضيين من جميع أنحاء العالم.

أولمبياد باريس

ويتغير تصميم الشعلة مع كل دورة أولمبية، من أجل أن تمثل المعالم الخاصة بالبلد والمدينة المنظمة للدورة، ولا يتجاوز وزنها عادة 1.8 كيلوغرام، رغم أن طولها يصل إلى 96 سنتيمترا، وذلك بسبب استخدام الألمنيوم ومواد عالية الكثافة لصناعتها، ويتموضع مركز جاذبية الشعلة في جزئها الأسفل، ليسهل حملها ومنع ميلانها بسبب قوة الرياح عندما تكون بيد حاملها، وتم تصميم الجزء المتقد من الشعلة بشكل خاص ليولد شعلة ثابتة ذات لهب برتقالي اللون، ويضمن بقاءها متقدة حتى في أقسى الظروف المناخية.

ويستغرق حمل الشعلة عادة من أولمبيا إلى المدينة المستضيفة للألعاب مدة أسابيع وشهورا، حيث تتناوب على حملها شخصيات من مختلف المجالات، وكذلك رياضيون مشهورون، قبل وصولها إلى ملعب افتتاح الألعاب، حيث يقوم آخر رياضي بإيقاد الشعلة الرئيسية في الملعب، بالتزامن مع إعلان الرئيس أو المسؤول الأول في بلد الاستضافة عن الانطلاقة الرسمية للألعاب.

وقد شهدت مراسم إيقاد الشعلة وحملها وبقائها في البرج المخصص لها أحداثا كثيرة ومفاجئات خلال دورات الأولمبياد المختلفة، ومنها أن إيقاد الشعلة كان يتم عبر استخدام مرآة مقعرة لتركيز أشعة الشمس، لكن في حال وجود سماء غائمة يوم حفل الافتتاح الرسمي للألعاب، يتم إيقاد الشعلة بطريقة تقليدية من خلال النار، وحدث ذلك مرتين خلال دورة الألعاب الأولمبية في ملبورن بأستراليا عام 1956 وأيضا في البلد نفسه عام 2000 أثناء دورة سيدني، بل إن أولمبياد سيدني ذاته شهد نقل الشعلة بواسطة غواصين تحت سطح البحر.

وتظل الشعلة مشتعلة طوال فترة الألعاب، كونها تمثل "رمزا للضوء والروح والمعرفة والحياة"، لكن خلال الألعاب الأولمبية بمونتريال الكندية عام 1976 انطفأت بسبب العواصف، وقام أحد العاملين بإشعالها بولاعة سجارته، ثم قام المسؤولون بإشعالها مرة أخرى عن طريق شعلة احتياطية.

أولمبياد باريس 2024

أما في أولمبياد سوتشي عام 2014 في روسيا، فقد قام اثنان من رواد الفضاء الروس في الثالث من نوفمبر 2013 بعملية سير في الفضاء الخارجي حاملين الشعلة الأولمبية للمرة الأولى في التاريخ، وذلك في إطار رحلتها لدورة الألعاب الشتوية.

ومن الأحداث المهمة لمسار الشعلة، ما شهده أولمبياد ريو دي جانيرو البرازيلية عام 2016 في مدينة "فوز دو إيغواسو"، الواقعة عند حدود مثلثة بين البرازيل وباراجواي والأرجنتين، حيث تقيم جالية مسلمة مهمة هناك، فقرر المنظمون دخول الشعلة الأولمبية مسجد المدينة تقديرا لتلك الجالية مما جعله أول مسجد تدخل إليه الشعلة الأولمبية في تاريخ الأولمبياد.

وفيها أيضا، اختارت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين واللجنة المنظمة لأولمبياد ريو 2016 لاجئة سورية تبلغ من العمر 12 عاما لحمل الشعلة الأولمبية في مايو 2016 لدى وصولها البرازيل قادمة من مدينة لوزان السويسرية، وذلك تضامنا مع ملايين اللاجئين في العالم.

وتعتبر الشعلة الأولمبية أحد الرموز الرئيسية في الألعاب الأولمبية، التي تجسد رحلة تتابعها رسالة سلام وصداقة تضيء أينما وجدت، كما تمثل رمزا يجسد قيم السلام والوحدة والتنافس النبيل، وتلهم شعوب العالم بروح رياضية تعلي من شأن الإنسان.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الألعاب الأولمبية أولمبياد باريس أولمبياد باريس 2024 الشعلة الأولمبية الألعاب الأولمبیة الشعلة الأولمبیة أولمبیاد باریس الأولمبیة فی إیقاد الشعلة

إقرأ أيضاً:

القرشي يتوّج بذهبية سباق 100م في دورة الألعاب البارالمبية باريس 2024

انتزع لاعب المنتخب السعودي لألعاب القوى عبدالرحمن القرشي الميدالية الذهبية لسباق 100 م T53 ” كراسي متحركة” لدورة الألعاب البارالمبية باريس 2024، اليوم، على مضمار استاد فرنسا الدولي، بحضور الرئيس التنفيذي، الأمين العام للجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية عبدالعزيز باعشن، والوفد المرافق للبعثة.
وحقق القرشي ذهبية السباق بحلوله أولاً وتسجيل رقم شخصي جديد بزمن 14.48 ثانية، تاركاً الميدالية الفضية لصاحب ذهبية طوكيو 2020 التايلندي بونجساكورن بايو بزمن 14.66 ثانية، والبرونزية للبرازيلي اريوسفالدو الميدالية البرونزية بزمن 15.08 ثانية،
وبهذه الميدالية، رفع القرشي، الرصيد السعودي من الميداليات في دورات الألعاب البارالمبية إلى 6 ميداليات (ذهبيتين، فضيتين، برونزيتين)، وهو الذي حقق برونزية 100م (كراسي متحركة) في طوكيو 2020.
من جهته خرج الفارس أحمد الشربتلي، من منافسات سباق (الترويض) G5 ، التي أقيمت في قصر فرساي بالعاصمة باريس، بتسجيله ⁠65.308 نقطة، لينهي بذلك مشاركته في دورة ألعاب باريس 2024.
وكانت البلجيكية ميشيل جورج قد انتزعت الميدالية الذهبية بـ 76.692 نقطة، ونالت الألمانية ريجين كامب، الميدالية الفضية بـ 73.231 نقطة، فيما حصدت البريطانية صوفي ويلز، الميدالية البرونزية بـ 72.257 نقطة
وأنهى الرباع عدنان نور (20 عاماً) مشاركته في منافسات رفع الأثقال وزن 49 كجم، التي أقيمت، في ساحة بورت دو لا شابيل، بعدما رفع وزن 160 كجم، إذ نافس الرباع عدنان 8 لاعبين، يتقدمهم الأردني عمر قرادة الذي حقق الميدالية الذهبية، بعدما رفع وزن 181 كجم، ونال التركي عبدالله بينار كايا الميدالية الفضية بعدما رفع وزن 180 كجم، فيما أحرز الفيتنامي كونغ لي فان الميدالية البرونزية بعدما رفع وزن 171 كجم .

مقالات مشابهة

  • الميدالية السادسة.. صفاء حسن تحصد برونزية رفع الأثقال في بارالمبياد باريس 2024
  • صفاء حسن تتوج ببرونزية دورة الألعاب البارالمبية باريس 2024
  • الإمارات تختتم المشاركة في «بارالمبية باريس» بـ «3 رياضات»
  • اللجنة البارالمبية: نجاح البعثة المصرية في باريس ليس وليد الصدفة
  • يُرى في مصر خلال سبتمبر.. كل ما تريد معرفته عن الخسوف الجزئي للقمر
  • المنياوي ورحاب يقصان شريط ميداليات مصر بذهبيتين في بارالمبياد باريس 2024
  • إحراز أول ميدالية ذهبية للأردن في بارالمبياد باريس 2024
  • وزير الرياضة يهنئ محمد المنياوي بذهبية رفع الأثقال في دورة الألعاب البارالمبية باريس
  • أول ميدالية ذهبية للأردن في بارالمبياد باريس 2024
  • القرشي يتوّج بذهبية سباق 100م في دورة الألعاب البارالمبية باريس 2024