المسلة:
2025-03-18@05:27:15 GMT

تدّجين العقول والاستعباد الطوعي

تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT

تدّجين العقول والاستعباد الطوعي

26 يوليو، 2024

بغداد/المسلة: زكي الساعدي

يعتقد الكثيرون أن حقبة العبودية انقضت وانتهت، وأن العبيد والسادة الذين كانوا يحملون السياط لم يعد لهم وجود. ولكن، الواقع يعكس لنا صورة مختلفة تمامًا، فاختفاء العبيد لم يكن سوى وهم، وتحول العبيد إلى صور مختلفة في حاضرنا هي الحقيقة.

عبيد اليوم أسوأ حالاً وأقل وعياً من عبيد الأمس.

ففي الماضي، كان العبيد يُباعون ويُشترون بين السادة، ولم يكن لهم الخيار في أن يكونوا أحرارًا، فقد ولدوا في قيد العبودية. أما اليوم، فالأمر يختلف، إذ أن العبيد المعاصرين هم من باعوا أنفسهم واختاروا العبودية بملء إرادتهم، ارتضوا الذل والهوان تحت مسميات شتى.
وهنا يأتي مصطلح “الاستعباد الطوعي”، حيث يختار الحر أن يكون عبدًا طوعيا لأسباب دنيوية أو فئوية أو عنصرية. وبعد أن يرضى الإنسان لنفسه بالعبودية الطوعية، تأتي مرحلة تدجين العقول، فتتحول العقول إلى أدوات موجهة، غير قادرة على التمييز بين الحق والباطل. تقتصر أفعالها على الإيماء بالموافقة، وتجنب قول “كلا” والرفض، فيصبح العبد أداة بيد سيده، مغلقة أمامه كل مساحة للتفكير والرأي المستقل.
ان تدجين العقول وجعلها تنساق للفكر الجمعي المشوه يقودنا إلى هاوية مظلمة، حيث تكون العقول تحت سيطرة السيد المدجن. ويصبح المجتمع الذي ينتشر فيه الاستعباد الطوعي مجتمعًا غير صحي، والثائر فيه كمن يشعل نارًا في نفسه ليضيء الطريق لأعمى.

تدجين العقول سمة يستخدمها الطغاة للسيطرة المطلقة. في ظل هذا، يصبح الصمت التجنبي سمة المتنور، إذ يحاول تجنب الاصطدام مع الأغلبية العشوائية. وللعبيد اليوم صور عديدة، لا يمكننا الإحاطة بكل أنواعها، لكن من الجدير بالإشارة أن الأعمال التي تلزم العامل بالخضوع الكامل لرب العمل، هي نوع من أنواع العبودية.

ان من المؤسف ايضا ان الخطاب المدجن للعقول بلغ مرحلة الاستخفاف حتى بالعقول غير المدجنة، حيث أصبح صريحًا في التفاخر بالاتباع وتهديدهم دون تحفظ. نحن الآن في مرحلة التنافس على جذب أكبر عدد من الذين يعانون من مرض “الاستعباد الطوعي”، والتباهي بإظهار الولاءات.

ان ما نريد قوله ان الأغلبية العشوائية هي من ترسم المستقبل والحاضر في ظل غياب النخبة وسباتهم .ان الفاكهة جملية وزاهية في الشجر ، أما إذا قُطِفَتْ قبل أوانها كان قَطْفَها عبثا فلا طعم ولا لون وإن تركت ايضا بالشجر مهملة فسوف تتعفن وتسقط من تلقاء نفسها
ان ما اخشاه ان تكون تلك الفاكهة هي ديموقراطيتنا الحديثة العهد!! التي قدمت الينا قبل ان تنضج ومضغنها دون ⁧‫وعي …لذلك ان المتسيد في المشهد هو من يتصدى والمتصدي اليوم من يملك العدد الكمي لا النوعي لذلك لن تكون للنخبة كلمة ولا رؤيا حتى يستفيقوا من النوم ويرفعوا شعار تقنين الديمقراطية ليصل الاكفأ إلى مركز القرار لا الأكثر عددا ..
عندما تمتلئ الغابة بالوحوش، يصبح الانضمام لعصبة ضرورة ملحة للبقاء، لا الانفراد. وهذا ما يدعم الفكر الجمعي، بأن مرحلة الاستعباد الطوعي أصبحت ضرورة حتمية للكثيرين وشيئا فشيئا فان السوط سيكون حاضرا لكن من يتخلف عن الركب ..

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

لماذا يجب أن تكون بيئات التعلّم حاضنة آمنة؟!!

لماذا يجب أن تكون #بيئات_التعلم #حاضنة_آمنة؟!!
بقلم: الدكتور #محمود_المساد
​أجمعت معظم نتائج البحوث العلمية في التربية، وعلم النفس على نتيجة مُفادها أن إحساس الطلبة بالآمان هو المدخل الحقيقي لتعلّمهم، كما هو المفتاح لعمل أدمغتهم، وتسريع عمليات التفكير التي تنمو معها فقط خبرات كل طالب منهم؛ وفق ما أحَبّ، وتأمَّل، وعالَج، وأودَع في خزائن عقله. وكيف استثمر، ووظّف هذه الخبرات في المواقف الحياتية التي تعرّض لها، فضلا عن تفاعله مع خبراته، وتوجيهها نحو ذاته والآخرين قبولًا، ومحبّة، وشراكة.
​وهنا، لا بدّ لنا من الوقوف عند أساسيات تتصل بفلسفة النظام التربوي، وأهدافه التي يقوم عليها في عملياته جميعها!! فإن كان هدف النظام التربوي والتعليمي هو تعلّم الطلبة حقا، ونموّ شخصياتهم بشكل سليم ومتوازن، ورفع درجة فضولهم الأكاديمي، ونهَمِهم البحثي، وتعزيز كفاءة ذكاءاتهم الاجتماعية، والوجدانية، ونجاحهم في التفاعل والتكيف مع محيطهم الاجتماعي حاضرًا ومستقبلًا، فحينذاك، يجب أن تكون بيئة التعلم حاضنة آمنة لتحقيق ذلك كله بلا استثاء!!
​وعليه، فإن مفهوم الحضانة الآمنة هنا بالذات يعني: ” توفير كل الظروف، والأسباب التي من شأنها رفع نسبة تعلّم الطلبة إلى مستويات عالية”. حيث يجب أن تكون آمنة، وصحيّة، توفر الراحة النفسية، والقبول الاجتماعي، والاندماج مع مواقف التعلّم بتفاعل ممتع،…..وبغير ذلك، لن يحدث التعلّم حتى لو حدث حفظ المعلومات، والحقائق بدرحة عالية!!
​فالدماغ لا يعمل مع التهديد، والتعلّم لا يتحقق حدوثه، ولا يستمر مع أي طالب، أو طالبة تشعر بالخوف والتوتر، والقلق المرتفع. وهذا ما أشارت إليه نتائج البحوث الحديثة للدماغ، حيث إن الدماغ المهدَّد لا يعمل بكفاءة، وعلى العكس فيمكن أن يرتكب أعمالًا غبيّة، وعنيفة وهو بهذه الحال.
​وبهذه المناسبة، لا بدّ من توضيح الزّيف الذي تلجأ إليه بعض القيادات الموجَّهة، بتجميل واقع التعليم، والاحتفاء بالحُفّاظ الأوائل على مستوى المملكة، وفروع العلم!! فهذا ليس هو المطلوب كنتيجة، وحشوة تمّ صنعها، فهي غير مناسبة لمجافاتها الحقيقة، بل وتسهم بتعلّم الطاعة، والخنوع، وتهشيم الشخصية، وتعطيل الابداع والابتكار لا غير.
​إن التعليم التلقيني الذي نعيشه في ميداننا التربوي، أو ما يسمّى بالتعليم البنكي أيضا، هو تعليم يقود بالضرورة إلى السيطرة على عقول الطلبة، وتفريغها من أي تفكير قادر على اتخاذ قرار سليم، وبذلك يسهل إخضاعهم؛ تمهيدا للسيطرة على المجتمع وخنوعه بكلّيته فيما بعد. وهذا هو المعنى الحقيقي لمفهوم “التعليم الأبوي المستورَد”، الذي يُعِدّ التغليف الحلو للسوء، والانهزامية التي بداخله، وبهذا تصبح شخصيات الطلبة مائعة، وقيَمهم السامية غائبة، ويصعب على المجتمع الذي يحرص على منظومة القيم رَتْقُ هذه الفجوة عند هذه الأجيال!!
​ولنحدّد مهدّدات الدماغ في المدرسة، وهي كالآتي:

الكتب المدرسية بعيدة الصّلة. الاختبارات المدرسية والامتحانات العامة التحصيلية المتعاقبة. الواجبات المملّة. قسوة المعلمين، وجفاف تواصلهم، وتقطُّعه. فقدان الرعاية القانونية. غياب حقوق الطلبة، وتغييبها. التنمّر الطلابي.
​في حين أن الحل، والتقدم، وطاقة الفرَج تتحصّل بالتعلّم الحواري القائم على التفكير، والتفكير الابداعي، وهما الممنوعان، والمحظور عليهما أن يريا النور عندنا، لا لضعفٍ في تطبيقهما بوساطة الجهات الفنية العاملة في الميدان المدرسي، بل في منعهما، وحظرهما من قِبل الساسة، وراسمي السياسات التعليمية، بوصف حملة العقول المفكرة، والشخصيات الوازنة القوية، والمبدعين، والمبتكرين، هم شريحة إنسانية مزعجة، وقادرة على المطالبة بحقوقها.
​وبالمناسبة أيتها السيدات، وأيها السادة، لم نسمع من مجلس التربية والتعليم أنه تنادى يوما ما، واجتمع لبحث هذا الواقع التربوي الجاف المتوتر الذي وصلنا إليه، وهو المعنيّ بالدرجة الأولى برسم السياسات وإقرارها، وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، قبل أن تقع الفأس بالرأس!!.
طلبتُنا يستحقون!

مقالات مشابهة

  • كيف تكون السماء في ليلة القدر؟ وما هي علاماتها؟
  • حزب "المصريين": كلمة الرئيس في حفل إفطار القوات المسلحة رسالة طمأنة حول الوضع الاقتصادي
  • عندما تكون الامة  قرار
  • مافيا الاحتراف .. تفاهة الضياع الكروي ..!ّ
  • ما بين الشرع ومحمد مرسي.. حتى لا تكون فتنة!
  • أن تكون قتيلا في العراق
  • بن شرادة: نحن في مرحلة النهب واجتزنا مرحلة الفساد منذ فترة
  • هل تكون البروتوكولات المفتوحة نهاية احتكار فيسبوك وتويتر؟
  • لماذا يجب أن تكون بيئات التعلّم حاضنة آمنة؟!!
  • لماذا نصوم؟.. حسام موافي يوضح مفهوم العبودية في الإسلام.. فيديو