استطلاع رأي فكلام واضح.. هل يمهّد باسيل لقرارات الطرد؟!
تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT
بصورة مفاجئة أعادت ملف الخلافات داخل "التيار الوطني الحر" إلى صدارة الاهتمام، روّج الإعلام "العوني" لما قال إنّه استطلاع للرأي، أظهر أنّ 89% من المُستطلَعين "التياريين" يعتبرون أنّ الخروج عن خطاب قيادة التيار وقراراتها "تمرّد ومخالفة للنظام"، وليس "تمايزًا واستقلالية"، وأنّ 83% منهم يرفضون أن يكون للنواب والمسؤولين في "التيار" مواقف وتصريحات "لا تلتزم" سياسة التيار وقراراته وأنظمته.
وقبل أن ينتهي الجدل الذي أثاره الاستطلاع المسرَّب إعلاميًا، والذي قوبل باستغراب الكثير من القيادات داخل "التيار الوطني الحر" فضلاً عن المنتسبين، لكونهم لم يعلموا به قبل إعلان نتيجته، أطلّ رئيس "التيار" الوزير السابق جبران باسيل بمواقف أكثر وضوحًا، حين أعلن أنّ "التيار" هو حزب وفيه مسؤولية، ومن يريد أن يبقى فيه عليه أن يلتزم، مشدّدًا على أنّ من واجب كل مسؤول في موقع مسؤولية أن يلتزم بقرارات التيار وسياسته.
لم يكتفِ باسيل بذلك، بل لفت إلى أنّ نوابًا من الأحزاب في فرنسا طُردوا على الهواء مباشرة لأنهم لم يلتزموا، متسائلاً كيف يمكن لنائب أن يصوّت لمرشح خلافًا لقرار حزبه ويبقى فيه، ليخلص إلى أنّ "الحفاظ على التيار أهمّ من الحفاظ على أيّ فرد فيه، لأنّ التيار أكبر من أيّ فرد"، ما يفتح الباب على علامات استفهام حول ما إذا كان باسيل يمهّد بهذا التكتيك، الأرضية لقرارات "طرد" جديدة، قد تشمل النواب "المغضوب عليهم"؟!
جدل الاستطلاع
قد تكون فكرة استطلاع الرأي فريدة من نوعها من بين الأفكار التي استحدثها "التيار الوطني الحر" تحت قيادة الوزير السابق جبران باسيل، لكنّها قد تكون أيضًا من أغربها على الإطلاق، وأكثرها جدلية، خصوصًا أنّ الاستطلاع بدا إعلاميًا أكثر منه علميًا، فهو افتقر إلى أيّ معايير واضحة ومحدّدة، ولم يُعرَف إلى ماذا استند تحديدًا في اختيار العيّنة التي تمّ استطلاعها، علمًا أنّ للعيّنة دورًا جوهريًا وأساسيًا في تحديد اتجاه أيّ استطلاع.
ولعلّ خير دليل على ذلك أنّ الخبر الذي نشره إعلام "التيار الوطني الحر" فاجأ الناشطين والقياديين في "التيار" قبل غيرهم، إذ إنّ الكثيرين منهم بدوا متفاجئين بالموضوع، خصوصًا أنّ قيادة "التيار" لم تعلن سابقًا عن أيّ استطلاع من هذا النوع، كما تفعل مثلاً مع استحقاقات الانتخابات التمهيدية وغيرها، والتي يشكو "عونيّون" أصلاً منّ أنّ قيادة "التيار" همّشت دورها، بفعل التعديلات على النظام، التي حوّلت "التيار" إلى "حزب القائد".
وفي هذا السياق، وُجّهت العديد من الانتقادات إلى الاستطلاع الذي اعتبرته شريحة واسعة داخل "التيار"، "معلَّبًا"، إن جاز التعبير، وأنه يأتي لخدمة توجّهات رئيس "التيار" ومفصَّلاً على قياسه، علمًا أنّ نتيجته التي بدت "مضخّمة ومبالغًا بها" رفعت من مستوى الجدل الذي أثارته، حتى إنّ البعض شبّهها بنتائج الانتخابات "الشكلية" التي تحصل في بعض الدول ذات الأنظمة الديكتاتورية إن جاز التعبير، والتي تأتي دائمًا "على هوى الزعيم".
ما يحضّر له باسيل
يقول العارفون إنّ الرسائل التي حملها الاستطلاع "الإعلامي" بين طيّاته، جاءت واضحة وثابتة على لسان رئيس "التيار" بعد ذلك، خلال عشاء هيئة المتن، حيث أدلى بمواقف وُصِفت بـ"المتصلّبة"، وفُهِم منها ضمنًا أنّ على كلّ القياديّين في "التيار" الالتزام بما يقرّره، من دون نقاش، وأنّ لا شيء اسمه تمايز واستقلالية داخل الحزب، بل وصل لحدّ "التمنين" بأنّه "يطيل باله" منذ أكثر من سنة ونصف، بعكس ما تفعل أحزاب أخرى.
ولأنّ باسيل تحدّث صراحة عن "طرد نواب" في فرنسا بسبب عدم التزامهم بمواقف أحزابهم، قرأ العارفون في مواقفه معطوفة على نتائج الاستطلاع "غير البريء"، بحسب وصفهم، تحضيرًا للأرضيّة لخطواتٍ قد تترجم على الأرض في المقبل من الأيام، خصوصًا أنّ الوساطات التي حُكي عنها كثيرًا لتسوية الخلاف بينه وبين النائب آلان عون لم تنجح على ما يبدو في تقريب وجهات النظر، مع إصرار عون على موقفه وحيثيّته.
وإذا كان هناك من يعتقد أنّ باسيل ينتقل بهذه المواقف إلى "خطوات عملية" على مستوى التعاطي مع من وُصِفوا بـ"النواب المتمردين"، وهو ما اختصره بقوله إنّ "التيار" أكبر من أيّ فرد، ولو شمل نفسه بذلك، فإنّ ثمّة من يرى في المقابل أنّ خطواته هذه تصبّ في خانة "الإنذار الأخير"، إن جاز التعبير، بمعنى أنّها قد تشكّل "الفرصة الأخيرة" لتنبيه معارضيه من النواب إلى الالتزام بسياسته وقراراته، تحت طائلة "الطرد" من التيار.
يقول البعض إنّ قرار طرد النائب آلان عون من "التيار" مُتّخَذ من جانب باسيل، للكثير من الأسباب والاعتبارات، ولا سيما أنّ باسيل يرى في عون "المنافس المحتمل الوحيد" له على القيادة، في حال أيّ انتخابات جديدة، لكنّ "تريّثه" في حسم الموقف مرتبط بالحيثية التي يمتلكها الأخير، ولترك انطباع في نهاية المطاف، أن عون هو الذي "أجبره" على اتخاذ القرار "المُرّ"، بعدما سُدّت كل الطرق أمامه، فهل اقترب مثل هذا السيناريو؟! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: التیار الوطنی الحر
إقرأ أيضاً:
سيناريوهات تنهي باسيل سياسياً.. هل يتنازل للمعارضة؟
يغيب رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل عن الساحة الاعلامية والسياسية بشكل شبه كامل منذ اغتيال الامين العام السابق لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، اذ أنّ اطلالاته باتت قليلة جدا، وتراجعت بشكل لافت في الاسابيع الاخيرة. حتى المواقف العامة لم تعد تصدر عنه او عن تياره او عن عنه الرئيس السابق ميشال عون، الا نادرا وتقتصر المواقف العونية الحالية على اشتباك إلكتروني بين الناشطين و"جيش" المعجبين بـ إليسا..من الواضح أن باسيل يقف على التل، فبعد استعادة "حزب الله" لتوازنه لم تعد مسألة هزيمته ممكنة، وعليه بات حديث باسيل عن انسحابه من التحالف مع حارة حريك يحمل مخاطر سياسية خصوصا ان ما يتحدث به عن الحزب ونهايته، في جلساته الخاصة وصل الى "حزب الله" الذي لن يكون ايجابيا مع حلفائه الذين تركوه لحظة المعركة وعليه كان لا بد للرجل من التراجع قدر الإمكان عن الساحة ليظهر الخيط الابيض من الخيط الاسود، وعندها فقط سيأخذ موقفه السياسي المؤيد للحزب او المعارض له.
كما ان باسيل يجد امامه سيناريوهات خطيرة قد تؤثر وتهدد وجوده السياسي، واحدى ابرز هذه السيناريوهات هي وصول قائد الجيش العماد جوزيف عون الى رئاسة الجمهورية، وهذا يعني ان "البدلة العسكرية" ستعود الى بعبدا مما سيحول عون من قائد جيش الى قائد سياسي، مع ما يستتبع ذلك من استقطاب شعبي من حصة "التيار الوطني الحر" او ما بقي من شعبيته بعد الخسائر الكبرى الذي تعرض لها..
الاستحقاق الثاني هو الانتخابات النيابية، فبغض النظر عن قانون الانتخاب الجديد وطبيعته، سيكون باسيل امام تحدي الحفاظ على حد ادنى من عدد النواب اذ ان كل التوقعات تؤكد ان تكتل "لبنان القوي" سيخسر عددا كبيرا من النواب وانه لن يكون قادرا على ايصال عشرة نواب خصوصا وان "حزب الله" لن يمنحه اي نائب في مناطق نفوذه وكذلك حلفاء الحزب السياسيين في الشوف وعاليه وعكار تحديدا.
خسارة باسيل النيابية ستجعله يترأس كتلة نيابية تصل الى ثمانية نواب تقريباً او في احسن التقديرات سيكون عدد نواب التيار عشرة، وهذا يعني ان الاستنزاف الشعبي سيستمر وسيخسر باسيل قدرته على التأثير في القرارات الكبرى لصالح قوى اخرى، فكتلة "تيار المردة"سيكون عددها مماثلاً لعدد كتلة "التيار" في حال منحها الحزب نوابا في البقاع وبيروت وبعبدا، ما يحجم دور باسيل خصوصا ان حضور عون سيتراجع تدريجيا مع مرور الوقت. المصدر: خاص "لبنان 24"