نقاط بعد البث
أزمنة الكرب وبعثرة الأوطان (31)
حسن الجزولي
ولا فكاك ،، 19 يوليو كمان وكمان!.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
توطئة في سبيل التوضيح:ـ
أدناه إعادة لمقال من خمس حلقات نقداً لكتاب كان قد أصدره المهندس حسن محمود الريح عن الشهيد عبد لخالق محجوب قبل نحو 3 سنوات.
وقبل يومين فقط دعاني صديقي صلاح الأمين للتعقيب على مشروع كتاب عن 19 يوليو يعكف المهندس لاصداره، ويرى صلاح أن به ثمة أخطاء في الوقائع، وأشركني في تصويبه، ولكني اعتذرت عن ذلك لأسباب من أهمها أني لم أعد أثق في المهندس حسن ككاتب، نسبة للتشويه الذي ألحقه بشخصية رجل في مقام الشهيد عبد الخالق محجوب.
* فإذ بالمهندس يترك (ميدان) الانقد والاختلاف والمقارعة بالحجة، ثم ينبري لي بدزينة من الشتائم والاهانات والسباب غير المتحضر في خاصة شأن نفسي!.
* الأمر الذي صابني بحيرة وأسف تجاه مهندس معماري طارح نفسه ككاتب ومؤلف، فإذا به يواجه خصمه وناقد إصدارته لأولى بمثل هذا الاسفاف الذي لا علاقة له لا بالتحضر أو الاستنارة أو حتى امتلاك أدوات الحوار الذي يفيد القارئ أو نقاد كتاباته و يفيده هو في معاني تصويب سلبيات "كتابه الأول" وتطوير إيجابياته (إن كانت به ثمة إيجابيات)!.
* لحظتها تأكدت بما لا يدع مجالا للشك أني أمام حالة تحمل (فكراً مريضاً) بكل معاني الكلمة، ولا يرقص (كزوربا اليوناني ) إلا مع الاشادة والتعظيم لكتابته، وبالتالي لا جدوى من الحوار معه!، حيث وبما كالني به من شتائم لمجرد إني تناولت كتابته بالنقد، فإن ذلك يعني أني لا أستطيع مجراته لتربيتي وأدبي الذي فُطمت به ونشأت عليه (في البيت والمدرسة والحزب)!، وبذلك فإني لا ستطيع النزول للدرك لذي نزل إليه ، حيث إني ـ وكما يقول راحلنا الخاتم عدلان ـ قدر ما أنزل ،، فلا أستطيع اللحاق به!.
* عليه فضلت أن أوضح له جزئية فقط فيما يتعلق بواحدة من شتائمه المتهكمة من مرض الم بي مؤخراً، قبل أن أختتم هذه التوطئة لأدلف للخمس مقالات:ـ
ـ أني أصبت للأسف بمرض (الشلل الرعاش) حسب تشخيص عدد من إختصاصيين في المخ والأعصاب والذي يسمى علمياً (Parkinson`s Disease)، وهو المرض الذي أصاب فيما أصاب الملاكم العالمي محمد علي كلاي، وفي السودان اختطف شاعرنا المجيد صلاح حاج سعيد مؤخراً وأجمل الأصدقاء، منهم كل من عمر العالم والضابط البطل مدني علي مدني. وكما صاب أيضاً صديقنا العزيز الشاعر هاشم صديق والذي يتماثل الآن للشفاء منه تماماً، وكاد أن يلحق بشقيقي كمال أيضاً والذي بدت على أصابع يديه آثار (الرجفة) لو لا أن عاجلته الذبحة الصدرية بسبب مرض القلب اللعين فأودت بحياته ،، عليهم جميعاً رحمة الله.
• ورغم أن مرضي في بداياته، وأخضع حالياً للعلاج المكثف منه، حتى أتخلص من (الرجفة) التي تعترييني أحياناً، ومع ذلك أدعو المهندس حسن ليدعو لي بالشفاء العاجل، بمثل ما سأدعو لوالده العزيز بالرحمة والمغفرة ،، حيث كنا على (معرفة به في أم درمان) أيضاً!.
• وأرجو أن يطمئن أبو علي، فمثلنا لا يلجأ لهزيمة الخصم الفكري أو السياسي معنوياً لننال منه لا قدر لله!. حيث ما تربينا عليه من أخلاق ومثل وقيم، يعصمنا عن ذلك!.
*************
عن الشهيد عبد الخالق محجوب (1)
كتابة تخلو من أي وعي أو إزهار لقناديل !!
حسن الجزولي
10 July, 2021
بتأليف من المهندس حسن محمود الريح صدر عن دار المصورات كتابه المعنون " عبد الخالق محجوب ،، الوعي وإزهار القناديل" سبتمبر 1927م ـ يوليو 1971.
ومنذ الوهلة الأولى يترآي للقارئ أن محتوى الكتاب يتناول سيرة هذا الانسان السوداني النادر الوجود ويستعرض سنوات حياته ومساهماته في مجريات السياسة السودانية وقضايا البلاد، التي اكتوى بنارها حداً انطبقت عليه فيها مقولة "فناء العاشق في المعشوق".
إلا أن الكاتب يتجه بكلياته في واقع الأمر ليتناول موضوعاًت وإن ارتبطت بشكل أو آخر بالشخصية الرئيسية لدى الكاتب، ولكنها أضحت "شاغلاً رئيسياً" فرض نفسه على القارئ وهو المتعلق بانقلاب 19 يوليو 1971الذي نفذه تنظيم الضباط الأحرار بالجيش السوداني، ووجه الاتهام فيه لقادة الحزب الشيوعي السوداني وعلى الأخص الشهيد عبد الخالق محجوب السكرتير السياسي الأسبق للحزب.إضافة لتناول وقائع مجزرة بيت الضيافة المجرمة التي استشهد فيها عدد (19) من ضباط القوات المسلحة، كموضوع أثير لدى أعداء "دائمون" للحزب وقواه الديمقراطية، وقد ظلوا "يلوكونه" في كل حين عدا كل المجازر البشعة التي شهدتها بلادنا، " سيما ود نوباوي والجزيرة أبا، يوليو 1976، ثم مجازر الانقاذ في 28 رمضان، شهداء الحركة الطلابية، العيلفون، كجبار، بورتسودان، آلاف الضحايا في دارفور، مجزرة القيادة العامة، وليس آخراً كافة حوادث الاغتيالات الأخرى خارج القانون من قبل بقايا الانقاذ والحركة الإسلامية والتي ما تزال تترى!.
ومن الملاحظات الأساسية أن الكاتب رغم أنه أوحى للقارئ بتعاطفه أو قل "محبته" لعبد الخالق، إلا أنه وبطرف خفي راح يكيل الاتهامات ويردد الفرية التي ظل يلوكها أعداء عبد الخالق وحزبه، فلا تلمس القارئ في الكتاب " وعياً أو أزهار قناديل" ،، ولا حتى مجرد هزار في الروضة غنا!، وباختصار غير مخل، حاول الكاتب بذكاء مفضوح دس السم في الدسم!.
حفل الكتاب بالكثير من المغالطات ولي عنق الحقائق وتشويه معالم الصراع، فضلاً عن "متناقضات" متعددة!، وكان لزاماً علينا التوقف في بعض ما ورد في الكتاب كنماذج تؤكد ما نشير إليه.
دعونا نتناول من كتابة مقدمة الكتاب المتعلقة بموضوع الوشاية بعبد الخالق وكشف مكان اختفاءه داخل حي بيت المال بأم درمان، ويقول أن كل الكتابات عنها ليست سوى "تكهنات واستنتاجات غير حقيقية، مقارنة بالأسماء التي في مضابط جهازي الأمن العام والأمن القومي"!. وها هو ومنذ مفتتح كتابه يدق اسفيناً على المعلومات التي تحصل عليها، معترفاً بأن مصادرها هي "جهازي الأمن العام والأمن القومي" !.
وحول هذه الجزئية ورغم أن الكتاب يشير إلى أن كل الكتابات عن من وشى بعبد الخالق ليست سوى " تكهنات واستنتاجات" إلا أن الكتاب نفسه يعود ويتبنى أسماء المتورطين في الوشاية بعبد الخالق حسب ما تم تناوله على نطاق واسع في داخل حي بيت المال ( فضل البلولة، عثمان مصطفى، الفاتح رزق الله الممثل الشهير لدور الشخصية النمطية في إذاعة أم درمان باسم "عشمانة" ثم عركي حمد النيل وآخرين). فكيف بالكتاب ينفي صحة الأسماء التي وشت ويقول عنها "تكهنات واستنتاجات" ثم يأتي ليثبتها باعتبارها من لدن جهاز الأمن العام والقومي!. هذا هو التناقض الأول!.
وفي جزئية أخرى يقول الراحل د.حيدر بابكر الريح أحد سكان حي بيت المال وهو من تولى كتابة مقدمة الكتاب، وقريب للكاتب حسن محمود الريح وشقيق السيدة نعيمة بابكر الريح زوجة الأستاذ الراحل أحمد سليمان المحامي أحد أبرز من قادوا الانقسام عن الحزب الشيوعي السوداني، بأنه كان في طريقه لتحية أحمد سليمان بعد عودته من خارج البلاد في صبيحة الجمعة 23 يوليو، فصادفه في الطريق الراحل الأديب طه الكد ابن خالة عبد الخالق محجوب والذي كان عبد الخالق مختفياً في منزله، وذهب معه لتحية أحمد سليمان أيضاً، فانفجر الأخير فيه بمجرد أن رأه قائلاً ما معناه أن عبد الخالق (ضيعنا وضيع البلد، البلد راحت والماتو كتار، ولسه حا يتكتلو كتار) وعنف حركة 19 يوليو تعنيفاً شديداً. وبعد فترة أوضح طه لحيدر الريح بأن عبد الخالق بعث به في الأساس لمقابلة أحمد سليمان ليقول له بأن الأخير مختفي في أبروف، " شوف ليه طريقة" وحذره قائلاً "لو هاج فيك أو نبًز أوعك تكلمه"، ويقول حيدر أنه لم يحدث أحمد سليمان بهذه الواقعة إلا بعد فترة، "فتأثر كثيراً، وأقسم ( والله لو كلمني كنت دسيتو في بيت البحر).
لنفحص هذه الرواية بتروي:ـ
ظل أحمد سليمان ومنذ الانقسام الشهير الذي قادة داخل الحزب، يشكل عدواً لودوداً وأساسياً لعبد الخالق شخصياً فضلاً عن حزب عبد الخالق، وكان يتربص به ويوغر صدر النميري وأعوانه في "مجلس قيادة ثورته" ضد عبد الخالق شخصياً، فهل يعقل أن يتحول أحمد سليمان فجأة 180 درجة وما تزال الأحداث حية والدماء التي انبجست من الأجساد حارة وهي تنزف، ليكون حملاً وديعاً، بل رؤوفاً رحيماً حافظاً للود وجميل المودة لرفاق دربه القدامى؟!، وهل يمكن لشخص أن يصدق بأن أحمد سليمان الذي كال ما كال من هجوم مقذع على عبد الخالق ورفاق عبد الخالق بعد سنوات طوال في كتابه الشهير بعنوان " خطى كتبت علينا فمشيناها" وهو ممول من قبل نظام نميري ومايو ومدفوع الأجر، هل يمكن ألا تكون هذه الواقعة مثار جزئية يمكن أن يسخرها أحمد سليمان في عدائه لعبد الخالق شخصياً، إن تمت بالفعل؟!، على الأقل ليبرزه باعتباره شخصاً جباناً يبحث عن (أمن وأمان شخصي) وهو الرجل الأول الذي كان حتى وقت قريب يهاجمه ويعريه ويصفه بأنه " دُمل" في جسد الحزب؟!.
الإرباك والتناقضات التي حواها الكتاب كثيرة ومتعددة، نتناول منها هذه الجزئية المتعلقة بمن أيد ومن عارض التخطيط لانقلاب 19 يوليو 1971 داخل قيادة الحزب الشيوعي كما ادعى الكتاب!.
يقول أن القيادية الراحلة سعاد إبراهيم أحمد كانت ضد الانقلاب وذكرت بأن كل من ( الشفيع ونقد كانا يعلمان تمام العلم بخطة الانقلاب، وأنهما كانا على اتصال بالعسكر).
ثم يعود ليقول ( من المعروف أن الشفيع كان من أبرز المعارضين لفكرة الحل العسكري داخل اللجنة المركزية)، ثم يأتي ليؤكد مرة ثالثة أن "الشفيع ونقد وسعاد إبراهيم أحمد على علم وموافقة لما يخطط له عبد الخالق مع العسكريين!.
تناقضات تضرب برقاب بعضها ولا نخرج بنتيجة مؤكدة حول من أيد ومن عارض في ظل التأكيد مرة بأن كل من سعاد والشفيع قد عارضا، ليناقض ذلك بعد أقل من سطر سطرين فيشير إلى أنهما كانا من المؤيدين!.ليس ذلك فحسب بل أنه يشير للقيادي الراحل عبد الرحمن عبد الرحيم الوسيلة باعتباره كان من المشاركين في اجتماعات اللجنة المركزية التي تنظر في أمر إنقلاب 19 يوليو، علماً بأن الوسيلة أصبح مريضاَ وتم إعفاءه من جميع مسؤولياته القيادية في الحزب منذ سنوات قبل وقوع أحداث 19 يوليو!، أوليس هذا تناقضاَ يهز الثقة في المعلومات التي استقاها الكاتب، و(ممن)؟ وهو ما سنتوقف فيه لاحقاً!.
علماً أن الكاتب أطلق العنان لقلم "الراوي" الذي سرد معظم الوقائع دون أن يكشف للقارئ من هو!، حيث ذكر الراوي ما جعل الكتابة تبتعد تماماً عن موضوع الكتاب وهو عبد الخالق محجوب حينما طفق يقول بحنق وحقد وتحليل فطير وغير أمين في سرد الأحداث " بعد تفرق موكب التأييد، تحرش بعض من المتظاهرين بالمواطنين في زنك الخضار بعد أن هتفوا ـ أمميون ـ سايرين سايرين في طريق لينين ـ اليسار في الميدان ـ يا يمين يا جبان ـ والخرطوم ليست مكة"!.واشتبكوا مع المواطنين وأنصار مايو وكانو أغلبية استثارهم الخطاب الأحمر الصارخ في ظل مجتمع سوداني مسلم تقليدي تقوده طائفة إسلامية وصوفية متجذرة في نسيجه الاجتماعي والثقافي وهي التي شكلت في مجملها توجهاته السياسية الوطنية وأحلافه الوطنية ، وكانت تلك هي "القشة التي قصمت ظهر البعير"!، وإن تسائلنا فنقول ما علاقة كل ذلك بشخصية عبد الخالق الذي أوحى الكاتب لقارئه أنه بصدد تقديم شخصية تحمل "إزهاراً وقناديل عن الشهيد عبد الخالق محجوب ؟!.
(نواصل)
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المهندس حسن أحمد سلیمان
إقرأ أيضاً:
قسنطينة: وفاة شاب في حادث انقلاب سيارة بزواغي سليمان
خلف حادث مرور وقع منذ قليل على مستوى حي زواغي سليمان امام النفق زواغي سليمان المؤدي، مصرع شاب يبلغ من العمر 19 سنة، على اثر نحراف وانقلاب سيارته السياحية من نوع فيات 500.
هذا وتدخلت مصالح الحماية المدنية من اجل اجلاء الضحية ونقله الى مصلحة حفظ الجثث في حين فتحت الجهات الامنية تحقيقاتها لمعرفة اسباب وقوع هذا الحادث.