محاضرة الدكتور/ عز الدين عمر أحمد موسى عن جذور الأزمة السودانية
باسيك، ولاية نيوجيرسي امريكا
عرض وتعليق د/ عادل عبد العزيز حامد
Skyseven51@yahoo.co
m

بدأ مقدم البرنامج حديثة بالتعريف بالمحاضر وعنوان المحاضرة:
. فاسمحوا لي أن أعطيكم نبذة مختصرة عن شيخنا الدكتور عز الدين عمر أحمد موسى ، فهو رئيس ومؤسس مركز العز بن عبد السلام الثقافي وقد حصل على البكالوريوس في سنة 1962 ثم الدبلوم ثم الماجستير والدكتوراه في سنة 1975 في التاريخ الإسلامي والاقتصاد ، و هو بالمناسبة يتقن اللغة العربية والانجليزية والفرنسية والاسبانية وهو معيد ومحاضر متفرغ وأستاذ مساعد من 1969 حتى 2020 وهو في الجامعات ومراكز الأبحاث وهو أيضاً كان مديراً أو كُلِّف بمهام إدارية كثيرة منها مدير مشروع بحث تاريخ شمال نيجيريا ورئيس قسم التاريخ بالوكالة في جامعة أحمدو ، رئيس قسم التاريخ عضو مجلس عمادة كلية الآداب، عضو المجلس الاكاديمي لجامعة أحمدو أبولو، عضو المجلس العلمي لجامعة نايف العربية، العميد مؤسس لكلية العلوم الاستراتيجية ، العميد المؤسس لمركز أخلاقيات التعليم العالي ثم هو عضو في لجان كثيرة جداً.



وهو مؤلف لما يزيد عن ستة وثمانين كتاب وبحث علمي، وتحت الطبع هناك أيضاً ستة كتب أخرى فهو حائز على جائزة الملك فيصل العالمية في الدراسات الإسلامية ووسام السودان الذهبي للعلم وإرادة ملكية أردنية بعضوية مؤسسة البيت ودرع إثنية الشيخ عبد المقصود الخوجة ووسام الجدارة لجمهورية السودان.

استهل الدكتور محاضرته:

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آل بيته الطيبين وعلى صحابته الأكرمين وعلى تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين وإن شاء الله نكون معهم من الخالدين.

أشكر المركز الإسلامي في باسيك في نيوجيرسي وأشكر اللجنة المنظمة من الإخوة السودانيين الذين حرصوا على تنظيم هذا اللقاء الذي أحسبه منتدى أكثر من محاضرة والشكر أجزله لكم أنتم أيها الحضور هذه النخب الطيبة من وجوهها وبالحرص على الحضور للعلم من العلوم عسى ولعل أن تجدوا فيه بعض فائدة، والشكر أولا وأخيرا لله سبحانه وتعالى على ما قضى ويسَّر، ونسأل التوفيق فيما سيجري ، أحسب أنكم جميعا مثلي تساءلتُ في بداية الأمر ما الضرورة للحديث عن الماضي في السودان والسودان يشتعل ويحترق والناس قتلى وجرحى والنساء تغتصب والأحرار يُسترقُّون والبيوت تنهب والأعيان تدمر والعمران يخرب، والناس قسراً أو رعباً يهجَّرون . وكنت قبل هذا الانفجار الكبير المعاش أظن أن حل المشكلة ميسور إذا قبل الناس بهوية سودانية جامعة، وقدمت عدة أحاديث في الأمر وأخص بالذكر ما نثرته يوماً هنا في نيويورك في عشرين مارس 2019 بعنوان رؤى وافكار حول الهوية السودانية، بيد أنه بعد هنيهة قصيرة جدا نشبت ثورة شعبية عظيمة في جوهرها وشكلها ووسائلها ولم تلبث الا قليلا فاغتصبت ووئدت ولحقت بأخواتها في سلسلة عجيبة غريبة.

هكذا هو الحال في تاريخ السودان الحديث والمعاصر دون النظر إلى التحقيب الأوروبي لتحقيب تاريخ السودان اذ جعل تاريخ السودان الحديث المعاصر يبدأ سنة 1921 مع دخول الأتراك إلى السودان. السودان كان سودان قمة مع المهدي ثم انتكاسة في أواخر عهد الخليفة واستعمار ثنائي أناخ بكلكله وثورات متصلة خلال العقدين الأولين من القرن العشرين، وفي كل عام في تلك الفترة ثورة بخاصة في جبال النوبة والجنوب ودارفور وغيرها وتوجت بثورة 1924 التي أُجهضت كذلك، وجاء مؤتمر الخريجين ثم الانشقاقات أرهقت كاهله، ولاح بارق امل مع اتفاق 1953 وشانته ثورة في الجنوب بداية لثورات في الجنوب ضد الحكم المصري في توريت وتعاظم الأمل مع الاستقلال وتبخر مثل ثلج في يوم غائظ شمسه ولكن تتابعت الانقلابات فسموها ثورات وذهب من الوراء إلى الوراء ثم أخيرا ضاع الترقب الكبير مع ديسمبر وثورته المجيدة الموؤدة ووقع الانفجار الكبير بعد ذلك وحل البلاء العظيم والخوف الآن من الهلاك المبين إن لم نحسن التدبير.

كان يتلبسني في العقود الثلاثة الأخيرة خوف كبير من أن يصبح حالنا مثل الأندلس أو فلسطين وكتبت عن الحالتين خواطر عديدة في باب المنجَّم صيد الخاطر في صحيفة الخرطوم ثم نشرتها في كتابي تأملات في النفس والناس والحياة من ستة أجزاء وتعمق هذا في تواجف قلبي واستجلَّى في دخيلة نفسي لا سيما مع مشكلة الجنوب ولما استثيرت دارفور وما يجري الآن من بلاء كبير ويصور ابن الأبار البلنسي الأندلسي حالهم في الأندلس بالأمس وكأنه ينظر بعين الغيب إلى حال فلسطين أو السودان يقول:

في كُلِّ شارِقَةٍ إِلْمَامُ بَائِقَةٍ يَعُود مَأتَمُها عِندَ العِدَى عُرُسا، يفرح لها الأعداء وكل ما جاءت بارقة ذهبت وطلبوا في بلنسيا وهي محاصرة النصر من المستنصر الحفصي ويناديه:
أَدْرِكْ بِخَيْلِكَ خَيْلِ اللَّهِ أندلُسَاً إنَّ السَّبِيلَ إلَى مَنْجاتِها دَرَسَا
وَهَبْ لهَا مِنْ عَزيزِ النَّصْرِ مَا الْتَمَسَتْ فَلَمْ يَزَلْ مِنْكَ عزُّ النَّصْر مُلْتَمَسا
وَحاش مِمَّا تُعانِيهِ حُشَاشَتهَا فَطَالَما ذَاقَتِ البَلوَى صَبَاحَ مَسَا
يَا للجَزيرَةِ أَضْحَى أَهلُها جَزَراً لِلحَادِثَاتِ وأَمْسَى جَدُّهَا تَعَسا
في كُلِّ شارِقَةٍ إِلْمَامُ بَائِقَةٍ يَعُود مَأتَمُها عِندَ العِدَى عُرُسا
تصوير عجيب ويهمني من هذا أنهم لم يدْرَكوا ولم ينقذَوا وهذه قضية كبرى في تاريخنا الحديث وفي سوداننا الحبيب أو حتى في فلسطين قبلنا، فسقطت بلنسيا وتدريجيا سقطت المدن ورثا أبو البقاء الرندي الأندلس: "لكل أمر إذا ما تم نقصان فلا يقض بطيب العيش إنسان". وشبه بذلك عندما دخل جحافل الحكم التركي إلى سنار ورثاها السناري في قصيدة جارى فيها أبو البقاء: " آه على بلد الخيرات من منشؤنا أعني بذلك دار الفونج سنار".

والدرس المستفاد هو إصلاح الذات قبل استنهاض الآخر، هذا الدرس المستفاد من تاريخنا الذي مضى وهذا نحن فيه شركاء وعجيب أن تكون غزة في نفس اللحظة التي يكون فيها السودان مستهدفا، وهذا أشار إليه شاعرنا الجليل وأستاذنا العظيم أحمد محمد صالح يوم اتفاق السودانيين في عام 1953 على قضية الحكم الذاتي ومن ثم الاستقلال فقال:

" إنا اتحدنا فكان النصر رائدنا وكان حظ سوانا الذل والرغما
وقد مشينا إلى الجبار في شمام نهز من عرشه فاندك وانهدما
جل الدليل يا قاعدة الرأي صونوا اتحادكم من كل شائبة تجر في ذيلها الإخفاق والندما
إلى أن يقول ولا تجعلوا للكراسي بينكم قيما.

إذن من هنا جاءت هذه المحاولة لفهم جذور أسباب الفرقة والخلاف والتخلف والنزاع في سودان اليوم لاجتثاثها من جذورها أقول إنما هذا السعي وقد أشار إليه أستاذي الكريم الأخ محمد إنما هذا السعي العلمي ضرورة وطنية ملحة لأن بغيره سوى أوقفت الحرب في السودان أو حسمت ستُنبِت تلك الجذور مأساة أشد وأعظم وأفدح إن ظل السودان باقيا لماذا؟ لماذا؟ وهذا ما سنتناوله بالتحليل بعد قليل، أقول لعل مثل هذه المعضلة جاء الأمر الرباني القرآني ليتفرق طائفة من أهل العلم ليأتوا بالحلول الناجعة له يقول الحق سبحانه "وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون" كما في سورة التوبة. ومثل مسعانا هذا اليوم ضرورة وطنية ملحة ومطلب شرعي تنفيذه لازم والمتأمل، لكيلا يقال لماذا نتكلم والجثث في الخرطوم في الشوارع، يجب الرجوع الى الجذور.

والمتأمل في الأزمة السودانية يلحظ أن لها جذور تاريخية متعددة ومتداخلة ومؤثر بعضها على بعض ولعله من المفيد طرح هذه القضية في خمسة تساؤلات أساسية وهي:
- متى تشكل السودان كيانا سياسيا موحدا؟ المشكلة كما أنا أريد أن أنفذ إلى أسباب المشكلة من أين جاءت؟
- هل كان هناك روابط تاريخية وتراثية بين أجزاء السودان المختلفة؟
- وكيف تناولت المدارس التاريخية المختلفة هذا التراث؟
- وما تأثير التاريخ المتجزئ على الواقع السوداني المعاصر؟
- ثم ما الطريق للعبور إلى مستقبل سوداني يجمع ولا يفرق؟

فإذا بدأنا بتشكل السودان أقول ما عرف السودان القطر الحديث المعاصر دولة تربط اجزاءه ولا حضارة معروفة تجمع اشتاته بينما عرفت مكوناته باسم المجموعة البشرية وربما الاثنية التي قطنتها وأطلق عليه القدماء لا سيما اليونان اسماء تعني السواد في لغاتهم. واخذها التراث الجغرافي العربي الاسلامي في العصور الوسطى والبسها من الانساب اثوابا. وأرجعتها هذه الانساب الى جدنا حام ابن نوح، ولكن هذا التراث الاسلامي حافظ على معلومات مهمة عن تلك المكونات مثل النوبة والبجة والفور والمحس الى اخره. ولا اعرف وكثيرون مثلي ان المنطقة في تكاملها عرفت بالسودان الا انها مجهولة بغيرها ومضافة الى كلمتين ارض وبلاد، الارض السودان بلاد السودان مما ينفي عنها الخصوصية كلمة السودان التي اعيت الشيخ حسن الفاتح رحمه الله في بحثه بين الوضعية والاسمية، ولعل الاستثناء الوحيد لهذا ما جاء عند السعدي في كتابه تاريخ السودان والكعتي في كتابه الفتاش واحمد بابا التنبوكتي في مصنفه معراج الصعود في وجوب حكم السود وجايلهم من جايلهم من المغاربة وذلك في القرن السادس عشر الميلادي. ولكنهم خالفوا في ذلك من سبقهم ومن جاء بعدهم.

فاذا هنا اسم السودان لم يطلق على المنطقة وانما أطلق على غرب افريقيا فيها المنطقة باسم الدولة الحاكمة والاثنية الغالبة مثل غانا، مالي، الكانيم، بورنو او بلاد التكرور ومن المفيد الاشارة الى ان مصطلح السودان في الحضارة الاسلامية يقصد بها اللون غالبا وليس الجنس ولا المكان انا حتى الآن ما دخلت في العميق بمهد ليكم في الكلام الصعب عشان تستقبلوا الكلام الحار الذي سأثيره.

ليه ما حصلنا لان البيضان من الرقيق في التجارة الاسلامية أكثر من السودان. بل ان الجاحظ كتب فضل السودان على البيضان هذا باب كبير ولكني سأقف عند هذا الحد واقول ان اسم الدولة السودانية الحديث اُعطي أساسا بشيء من ذلك عندما لم يقبل بشيء عند عدد من الناس منهم دكتور عبد الله الطيب في كتابه النير والنور ولكنه عجز عن ان يعطي بديلا لهذا السودان المتشكل المتوحد المقسمة لأجزاء، الا أن يجد نفسه مضطراً ان يرجع الى اسماء هي في أصلها ايضا تعني السواد.

ومن هنا يحق لنا التساؤل الى اي مدى كانت هناك امشاج تربط بين هذه المكونات في التاريخ والتراث في غياب الوحدة السياسية؟ ان المتأمل في ذلك التاريخ لا يعجزه استبصار التباين بين تلك المكونات في التاريخ والتراث وضعف الامشاج فيها. وتجلى ذلك في أربع ظواهر:

- الاولى ان منطقتي النوبة والبجا فيهما شيء قليل نسبيا من التاريخ المكتوب والآثاري المكشوف والشفاهي المروي المعلوم.
- الثانية ان منطقتي الغرب والجنوب فيهما نذر قليل ومتفاوت من انواع ذلك التاريخ، وقلة الوجود او ضعفه لا تعني انه لا تاريخ فيهما لأنه لم يبحث بعد او ينقب او يجمع.
- الثالثة ان منطقة النوبة في شمال السودان حظيت في تاريخها بمختلف حقبه بحضارات متتابعة متصلة ولها شخصيات متفردة. من ذلك حضارة كرمة مع شاربونيه وكوش ومن حسن الطالع الان بين يدي الباحثين التراجم الكاملة للألواح الكوشية في اربعة أجزاء، ومروي مع بيتر شيني وعبدالقادر المحمود وعبدالقادر، زميلنا، أيضا في جامعة نائف وجامعة الملك السعود وهو الذي فك موز اللغة المروية واصولها العربية.
- الرابعة ان المنطقة شهدت عبر العصور تواصلا او احتضانا لحضارات مختلفة وثقافات متعددة وصهرتها في بوتقة جديدة واحدة متفردة. ان عدم التوازن بين مناطق السودان الحديث المعاصر في هذه الظواهر لم يساعد على الاندماج بين مكونات مختلفة. وربما ساعد على الضد بإفراز الروح المنفرة المستعلية واضافة اليها المدارس التي قرأت تاريخ السودان وبالا على وبال.

الان نقف مع المدارس التي درست تاريخ السودان وكيف نظرت الى هذه التنشئة وهل أخرجتنا من البئر العميق ام انها حفرت لنا فيه مزيد. ان قراءة التاريخ تختلف باختلاف المنظور وباختلاف الطرائق والأساليب، ولهذا قالوا في المنهج الحديث للتاريخ لا تاريخ بلا مؤرخ. إذا كل قارئ للتاريخ يقرأ التاريخ بمنظوره هو، برؤيته هو، قد يصور هذا، وإذا قرأه زميله الاخر يخرج بأشياء أخرى.

اولا المدرسة الاستخباراتية البريطانية
وهي رديف المدرسة الاوروبية الاستعمارية ويقوم منظورها على ثلاثة رؤى رئيسية وفيها ما يقال حسب التالي:

1- ان افريقيا جغرافيا بلا تاريخ، يعني أرض والناس اللي فيها بلا تاريخ؟ كأنهم ما بشر.
2- ان مسار الحضارة من الشمال الى الجنوب.
3- ان التحضر يأتي من خارج هذه المجتمعات الافريقية
يعني لا يأتي من داخلها.

ثلاثة رؤى ولكنها كما قلت فيها ما يقال ويكفي وحسبك من الادلة المادية حضارات وادي النيل واثيوبيا وحفريات الصحراء الكبرى ومنطقة السافنا ومنطقة السافنا في غرب افريقيا بخاصة نيجيريا، ومن الادلة الفكرية ما قام به انتو ديوب سنقاري في دراسته للدولة وللحضارة الفرعونية واستشف واستكشف الآثار الافريقية فيها.

أولا: برنال الذي كتب عن أثينا السوداء، وأثينا نحن في تراثنا الاسلامي هي مصدر الفلسفة عندنا والمنطق والاشياء هذه بنيال ماذا قال؟ قال كثير من الحضارة اليونانية هي آتية من الجنوب من شمال افريقيا وبوجه خاص من وادي النيل.

ثم اثبتت الدراسات الفيزيائية الأصول للأهرامات المصرية انها آتية من المنطقة الجنوبية. اضيف لكل ذلك ان الهجرات في افريقيا كانت تأتي أيضا. كما جاءت هجرات من الشمال كانت هناك هجرات كثيرة تأتي من الجنوب الى الشمال، مثل المرابطين الذين اسسوا امبراطورية اسلامية كبرى من السنغال الى جبال الشهوات في الاندلس.

ثانيا: يقول ابن فاطمة أحد الرحالة المغاربة في القرن الحادي عشر أنه حصلت هجرات من وسط افريقيا الى المنطقة السودانية الراهنة، سماهم الدمادم في نفس الوقت الذي خرج فيه التتار من اوسط آسيا الى منطقتنا الاسلامية وأقصى وسلين هو الفونج في السودان، اساسا جاءوا من جنوب منطقة السودان الراهنة إذا هذه المدرسة والكلام الذي ساقوه فيه ما يقال وهو كثير ولكن مع هذا الضعف اثرت تأثيرا بالغا على المدرستين المصرية والسودانية في كتابة التاريخ، فالمدرسة المصرية توكأت على المدرسة البريطانية الاستخباراتية لأنها تماثلها في كثير في عهد محمد علي باشا وطورت مقولة "السودان الحديقة الخلفية لمصر " ولهذه المقولة دلالات سالبة كثيرة مقسمة مفرقة وليست بجامعة.

ثالثا: المدرسة الوطنية الحديثة وهذه المدرسة لم تقف عند المنظور الا قليلا وبدرجات متفاوتة، واخذت بطرائق واساليب الدراسات التاريخية الجديدة فنقضت معلومات وعدلت أخرى وأضافت ثالثة ولكن ما كتبه الوطنيون السودانيون لم يهز روح النفرة والاستعلاء التي كانت سائدة في الكتابات الاخرى.

رابعا: المدرسة اليسارية وقامت على منظور اجتماعي شامل في دراسة التاريخ وخير ما مارسوا جهودهم ما كتبه نقد عن الرق وهذه قضية خطيرة جدا لا أنسي ثاني ولا بعد قليل. قضية خطيرة الرق وابو سليم كتابته عن الارض والفونج، وايضا هذه القضية مهمة بيد ان اهتمام هذه المدرسة الغالب كان بالتاريخ الحديث ولهذا لم يبلوروا الازمة السودانية في اطارها التاريخي ولم يُطلُّوا على الجذور جذور الازمة الذي نسعى ان نفعله اليوم.

المدرسة الخامسة المدرسة التقليدية وهيمنت عليها روح العروبة والاسلام المتجلية في الانساب وتراجم الاولياء والصالحين. وعمقوا روح النفرة ونهج الاستعلاء بان جعلوا العروبة لغير العربي كأنها هي القمة التي يبقى ان ينظر اليها الناس.

سادسا: المدرسة الاسلامية الحديثة وهي لا تختلف عن التقليدية في المنظور لكنها تتميز عنها باتباع المنهجية الحديثة في الطرائق والاساليب وتوثيق المفردات، من الواضح ان هذه المدارس بصورة عامة رسخت صورة السودان المتجزئ عن قصد أو بدونه، ولذلك غاب عنده السعي نحو هوية جامعة لعناصره المقسمة له، فما تأثير هذا التاريخ المتجزئ على الواقع المعاش وهنا لب المشكلة.

ان السودان الحديث المعاصر بتاريخه المتجزئ لم تقم فيه هوية جامعة، هذه مشكلة كبيرة ولا تزال والحرب الدائرة الان والحروب التي قامت قبلها كلها بشأن هذه المشكلة الهوية الجامعة وسادت فيه الانقسامات المدمرة من عناصر شتى مع ان الهوية في أصلها تتكون من مجمل عناصر لا عنصر واحد.

الهوية دائما انا أذكر مثل في الحضارة الإسلامية الاسلام عندما فتح البلاد ما حول الناس الى الاسلام.
انا اطلع من موضوع السودان أذكر مثال لماذا؟ لان الاسلام يدعو الناس ولا يجبرهم ولا يغصبهم على الإسلام. ولا يجبرهم على ذلك فلذلك مثلا مصر دخلتها الخلافة الاسلامية منذ بداية القرن الاول الهجري، ولكن لم يكن الطابع الاسلامي غالب عليها كما علمه ما درسه مارغوليوس من سجلات المحاكم ومن شواهد القبور الا في السدس الاول من القرن الثالث إذا حاجة بطيئة، وهذا سببه
ان الاسلام يدعو الناس بالحسنى ولا يقوم على ذلك فانا اقول هنا ان الهوية تتكون من عناصر متنافرة تجتمع على صورة ورؤية واحدة ليعيشوا معا.

كما خلص بذلك امين معلوف في دراسته المفيدة الهويات القاتلة فما الذي منع ويمنع قيام الهوية الجامعة في السودان الحديث المعاصر؟ يحتاج الكشف عن العوامل المعوقة واستصحاب القضايا التي اثرناها من قبل والظواهر التي وضحناها على بعث المنسي حيا وعدم الخشية من الكشف عن المسكوت عنه وهذه حكاية خطيرة وانا اعرف أن المحاضرة سوف تأتي بوبال من الكلام، لكن هذه هي الحقيقة سكتنا عنها فكان الانفجار المسكوت عنه.

وبغير ذلك لن تكتمل الصورة لأسباب الازمة الراهنة ولا للعلاج الناجع كي لا نكون كما يقول المثل السوداني ونترجم للعربية بعد شوية والعربية الفصحى "ده البلف ويجي ثاني" يعني نعم نثور على الواقع ونتفاعل ونرجع نخذل وتاني نثور وهكذا دواليه.

مثل في الحالة السودانية، وبهذا وبغير هذا تنتج الازمة مرة ومرات أخرى وقد نتجت عندنا مرات كثيرة كما ذكرت في بداية المحاضرة ويبدو ان أُس المعوقات يكون في دولة وثقافتها والحضور المتجذر لثقافة الرق. لا تغضبوا وبالمناسبة ابحثوا في كل البيئة العربية ايضا كذلك الرق ليس الاسود فقط.

الرق الابيض كان أكثر وكانت المراكب تأتي بالرقيق من اوروبا الى شمال افريقيا في القرن الحادي عشر في مراكب كبيرة فجاء جيش ابن غانية ليغزوا بوجايا الجزائرية، ففتحوا ابواب الميناء وكانوا يحسبون انها مراكب الرقيق بل قيل ويؤكد كما رواه القبريري في كتابه بتاريخ بوجايا ان الرقيق الابيض سعره اقل من سعر الرقيق الاسود.

الناس عندما تدرس يجب أن تدرس الحقائق وألا تخجل منها وينبغي ان نقولها وإذا لم نقولها وستحدث كل مرة هذه الثورات ولا تأتي بجديد. ويبدو لي ان غياب الدولة نرجع للمرة الثانية ونعمقه تم مع انحلال دولة علوة وهي الدولة المسيحية التي أعقبتها الدويلات الاسلامية في السودان، وانفرط عقد الامن والأمان وكان اللجوء الى القبيلة طلبا لهما وتوظيف لطاقاتها.

هذا علاوة على ان الفكر الاسلامي سيطر عليه فقه القوة منذ قرون متطاولة باستثناء التصوف وفي هذا المكان قدمت محاضرة عن اعادة قراءة الفكر الاسلامي لنتجنب فقه القوة ونرجع الى قيم الاسلام الاصيلة. ان أكثر هذه المعوقات تجلت بصورة سافرة في مواجهة الحملة التركية من السودانيين في الشمال لاستعمار السودان.

اولا ظهرت في المقاومة لها وكانت متجزئة كتجزؤ السودان لكن معركة كورتي كشفت عن التعانق بين الدولة وروح السيادة القبلية وثقافة الرق بوضوح حين رفض اهل كورتي وهم شوايقة. فأول معركة لهم كانت ضد الشوايقة وليش؟ لأنهم رفضوا بقيادة ملكهم شاووش تسيلم خيلهم لإسماعيل باشا الغازي لأنها سلاحهم ورمز سيادتهم.

هم سادة، هم حكام، ولم يرضوا منه أن يجردهم من أسلحتهم ليعودوا فلاحين، والفلاحة عندهم لرقيقهم وعبيدهم شفت المرض؟ الأمر الثالث، فرضت الضرائب على السودان النيلي، أنا معذرة دخلت لكم في التفاصيل والتفاصيل لأنه بغيرها لا يمكن أن نفهم الكلام ونقوله في النهاية للحل. فرض الضرائب إسماعيل باشا على السودانيين واستوى في الأمر السيد الذاهبة سلطته وعبيد الأرض الباقي وجودهم وكان شعارها" عشرة في تربة ولا ريال في طلبة" يعني عشرة في قبر يدفنون سيقاومون الضرائب دي، إذن مفهوم الدولة ما عندهم أساسا موضوع الضرائب، وتبع ذلك مقتل إسماعيل نفسه بن محمد علي، وجاء الدفتردار خلفا له وأجرى مذبحة توصف بأنها كماء النيل فوقر في ضمير الناس بأن الدولة شيء وهم شيء آخر، ويعبر عنها مصطلح ميري بدلالاته المختلفة، ديل كلهم ما عارفين ميري دي شنو؟ لأنهم نشأوا بعد الفترة بتاعة الميري. الميري أصلها لفظ جاء من كلمة أميري أي حكومي فالحكومة، فالميري عند السودانيين أصبح المال السائب وعند الرجل الذي لا ينبغي أن يثق به، لأنه ارتبطت به هذه المظاهر.

فأصبحت عندنا هنا كارثة كبرى في أن الإنسان السوداني بدأ لا يشعر بأن الدولة دولته ولا يحترم الدولة وأنا أتذكر إحنا كنا في المدرسة الثانوية وكنا نشغل في سم الجراد، وسألت واحد من الجماعة يا أخوان أن أنا وجدت لي طرادة، (طرادة ٢٥ قرش بس)، سألت الزول قلت له أنني سأرجعها لهم، وقعت منهم، قال لي لا، هذا المال ميري، يعني المال السائب، فالدولة أصبحت لها صورة مشوهة الآن تستطيعون أن تستبصروا ليه الثورات في كل مرة والحاصل لينا ده، ورسخت العصبية القبلية ذلك التقسيم، مانعة لأي وحدة جامعة مع أنسابها إلى الجد الخامس، لأن فيهم مطلوبات شرعية للجد الخامس،
، إلا أنه بعد الجد الخامس في دراسات قمت بها وقدمت فيها محاضرة لجالية نيويورك عن الأنساب القبلية بين الحقيقة والوهم ووصلت إلى أن الأنساب فوق الجد الخامس هي علاقة اجتماعية متغيرة متبدلة مع الزمن ومع المكان، فإذن القبلية رسخت التجزئة وعدم وجود الدولة، فالقبلية زادت المشكلة وبالا على وبال.
ان البريطانيين كانوا أذكياء فاستغلوا القبلية في الحكم الإداري في جمع الضرائب، يسموها العتب، والعتب للغرفة التي تسكن عليها ضريبة للبريطانيين، وإذا لديك بهيمة عليها ضريبة، و تركوا شيوخ القبائل يقوموا بهذا الدور وأدخلوهم في النظام الإداري في قضايا المشيخة للقرية والقبيلة، وأدخلوهم أيضاً في النظام القضائي جزئياً ، البريطانيين يريدون السودان مقسماً، لكن حافظوا على القبلية واستثمروها وتركوها تقسم الناس، هذه الجزئية مهمة لكم يا إخوانا، طيب، أنا أقول أن هذا يتطلب وقفة مهمة مع ثقافة الرق بالمناسبة ثقافة الرقيق، هذه ثقافة خطيرة، أنا لست من أصل رقيقي، ولكن أفعالي تدل على أنني أمتلك ثقافة الرقيقية ومتأصلة في نفسي كما في غيري، فما هي ثقافة الرقيقية؟ بالنسبة لنا في كل البلاد الإسلامية، دعونا نكون صريحين، وفي البلاد الأفريقية، هناك مشكلة كبيرة لنحلها.

يقوم الرق على وجود سادة لهم رقيق، يقومون لهم بالعمل وفي السودان بطبيعته الزراعية، فإن خدمة أولئك في قطاعي الزراعة والخدمة المنزلية، ومن ثم نمَّت ثقافة الرقيق عند السادة حب العطالة وكراهية العمل، العمل يقوم به غيرك، حب العطالة وكراهية العمل، مع أن الرقيق قد انتفى منذ أول إلى القرن التاسع عشر، وهذه العطالة متفشية في المجتمع حتى في التصوف كيف؟ أنا أقول هذه واضحة وبينة في العلاقة بين الشيخ والمريد، وصورها أحسن تصوير شعر الشيخ محمد نور الدائم الذي أخذ المهدي عنه طريقته والتي أشعلت ثورة السودان لما المهدي ثار على الاتراك طلب الخليفة من الشريف محمد نور الدائم أن يهجو المهدي، فهجاه بما رآه، فهو في ظنه لم يهجه وإنما ذكر أشياء هي فضائل المجتمع في ذلك الحين، ماذا قال؟ ويمكن في المناقشات نتكلم عنها، لكن ألخصها أقول، ذكر له خصالا هي بمعايير ذلك المجتمع فضائل، بما فيها من خدمة لشيخه من طحن وعوس واحتطاب وغير ذلك، كأنه عبد ، مع أن هذا الشخص الذي يخدمه هو المهدي الذي يصلى الضحى
بوضوء الليل، الليل توضأ، لا ينقضه شيء ويعبد في الله إلى أن يصلي الضحى، وفضيلة أخرى وكان يختم القرآن في سنة الوتر، هذا التبادل بين الشيئين هذا يريك كيف أثرت ثقافة الرق على مجتمعاتنا حتى بعد إلغاء الرق، فأثرت، فأصيب السودان في اقتصاده، العطالة وكراهية العمل، وأصيب المجتمع في بنيان شرائحه.
من كل هذه الوقفات، من تاريخ السودان المعاصر وتراثه، يستطيع المتأمل أن يبصر بعض الأسباب الرئيسية التي أنبتت، من هذه الدولة أنبتت روح الاستعلاء وتأصلت، وثقافة الإقصاء وتنامت، والكراهية وتعمقت، وتضخيم الذات وتعالت حتى جعلنا من أنفسنا أصل البشرية، هذه الأيام عندنا مواقف في السودان غريبة، الدماء تسيل ويقول لنا أننا أصل الحضارة البشرية، أصل الحضارة البشرية وليس ذلك، وكمان أصل البشرية، أبونا آدم نفسه جاء عندنا هنا، هذا تضخيم الذات في معراج الانهيار، وتعمقت تضخيم الذات وتعالت حتى جعلنا من أنفسنا أصل البشرية، ومهد الحضارة الإنسانية، ليس ذلك فحسب بل وأرض الأنبياء، بالمناسبة يتكلمون عن سيدنا موسى وغلامه يجعلونهم في قريتي التي تجمع بين النيلين، الأبيض والأزرق(المحاضر يقصد قرية توتى) ، يعني كلام محير، لأنه بعد شوية سوف أذكره، ونسينا أن نسأل أنفسنا، لماذا هوي إلى الردى، وإلى عمق سحيق، بل صرنا نفخر بأن أرضنا كانت في القديم لغيرنا.

هذه الأيام الدراسات الأمريكية الصهيونية الإسرائيلية، المعاني النصرانية المستجدة، يعكفون على دراسات لهم لأكثر من قرن، ليجعلوا من أرض السودان أنها أرض التوراة، تمهيد ينتهي من غزة، ويأتي إلى مصر، ويجب أيضا أن يصلوا النيل، والسودان يجب أن يصلوا ما يمكنهم أن يصلوا إلى السودان، نحن أرض الأنبياء، في الحالة التي نحن فيها، نقتل بعضنا البعض، ويأكل بعضنا البعض، ولو نسأل أنفسنا من هذا العلو الشامخ الحضاري والديني الشامخ، كيف هوينا إلى العمق السحيق، هذا تضخيم الذات الذي نتج عن كل الدراسة التي قمت بها الآن، بل صرنا نفخر بأن أرضنا كما قلت وأكررها، مهمة، كانت في القديم لغيرنا، أحسن الفلسطينيين، الناس لا يقولون هذا ما أرضكم، بل عندما يصلوا إلينا، سيقولون ما أرضكم، هذا حقتنا نحن، قضية كبيرة، وإن حدث وسألنا، تحكمت فينا ثنائيات متضادة مبيرة، مثل ماذا؟

مثل وهم الأبيض والأسود، عرب وزرقة، غرب وبحر، غابة وصحراء، أبداً لا يمكن أن تكون لنا اشياء كثيرة متعددة، لكي نحصل على الصراع، هذه قضية مهمة، والسؤال الذي يثور الآن، هل أنا ذاهب بشكل صحيح؟ حسناً، هذا خاتمي، نعم، نعم، هل من طريق إلى مستقبل جامع؟ هذا السؤال، مع الفتنة الحاصلة، هل هناك طريق؟ نعم، هناك طريق، ما هو الطريق؟ أولاً، نلاحظ أن في هذا التاريخ الذي سردته، وفيه نواقص ونواضب كثيرة، كانت فيه إرهاصات، لقيام دولة جامعة موحدة للسودان، الحديث المعاصر، وقد سبقت الإشارة إليها، في مطلع هذا الحديث، وهناك ضرورة لاستصحابها الآن، بعد أن تبين الداء وعز الدواء، ليستبين طريق الشفاء، نعم، كانت هناك إرهاصات، للسودان الجامع مع معركة ود هاشم، سنة 1733، عندما غزا الأحباش السودان، فتجمع أهل السودان شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، وسط الفتنة، وبعده، بعد الانتصار، تخاصموا وتشاكسوا وتحاربوا.

الأمر الثاني، مع المهدية، من أعظم الثورات التي وقعت في العالم الإسلامي، هي الثورة المهدية، ولكنها انتكست في آخر عهد الخليفة، لأسباب داخلية وأسباب خارجية، وأيضاً، هناك إجماع على استقلال السودان، سنة 1953، أجمعنا عليه، وفي سنة 1955، قامت توريت للانفصال في الجنوب، وأخذنا الاستقلال في سنة 1956، وفي سنة 1958، قام الانقلاب والثورة، وكرت السبحة إلى يوم الناس هذا، إلى أن وصلنا إلى الطامة الكبرى، والبلاء الأعظم الذي يجري الآن، وعادة ما نعزو فشلنا، إلى عوامل الخارج، وفكر المؤامرة، دائماً موجود، مشيح حاضر، تبرير العجز، لا الاعتراف دائما مصاحب، وتعمى الأبصار عن إدراك الدور الرئيس، لعوامل الداخل المتعاظمة، المتعاظم تأثيرها، في الفشل الدائم، غافلين عن النداء الرباني، وفي أنفسكم أفلا تبصرون، قبل أن تنظر إلى غيرك، أنظر في نفسك، كما في سورة الذاريات، وفي التوجيه الرباني، إن التغيير يبدأ دائماً من النفس،" إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرواُ مَا بِأَنفُسِهِمْ" كما في سورة الرعد، ومثيلات لها في الأنفال وغيرها، وفي التاريخ المعلوم هذا، كله أمر بارز ومشهود، الفشل في الذنب في النفس، والفشل في النفس يعود إلى انتكاساهم وارتكاساتهم، هذا التاريخ، هذا الإنساني كله، ويتعاظم الأمر أهمية، ويزداد السعي فيه وجوباً، إذا علم أن القوى المهيمنة في الحياة الإنسانية المعاصرة، تهدد البناء الداخلي في مجتمع الهامش الحضاري، من وجهتين أساسيتين، الأولى أن العالم أصبح غرفة واحدة ضيقة، وإعلامه ضغطه شديد، وفعله مخيف، الإعلام الحق ، الإعلام الفئة المهيمنة على العالم.

الثانية أن الدول المهيمنة، رغم مصالحها المتضاربة، تهدف لاستغلال مجتمعات الهامش الحضاري، لأسباب استراتيجية متعددة مختلفة، فهذا قضية كبيرة جداً، وهدفها إضعاف تلك المجتمعات الهامش، والسودان الحديث المعاصر من أهمها، حجم كم مشكلة الجنوب، ومشكلة دارفور، وأيضاً أخيراً هذه البلوة الكبرى التي وقعنا فيها، وليتعافى السودان، لابد له من اقتلاع معوقات الهوية الجامعة، بصبر واناة وشجاعة وعزيمة وإصرار، وإلا كان الردى الذي يقود إلى الردى، فلابد من صنعاء وإن طال السفر، وكسر العقبات وتعسر الجهود، فما الطريق؟ إن أول الطريق هو القبول بالسودان المعاصر بحدوده الراهنة، المنصوص عليها دولياً، وسكانه القاطنين فيه منذ الاستقلال، والتواثق على التقلب في النفوس والرؤوس، على الموروث المضاد للهوية الجامعة، لا بالسيوف.

لابد من عمل علمي جاد، ليسبق الفكر العمل، وهذه القاعدة مخ الفكر الاستراتيجي، ودائماً نهتم ونرى ونسمع ونقرأ، والكلام كله عن التخطيط الاستراتيجي، تخطط ماذا عندك هوية ما واضحة؟ التخطيط الاستراتيجي، بالذات السودانيين في هذه الأيام بكثرة جداً، أنا أقول إن التخطيط ولوازمه تأتي بعد وضع الاستراتيجية، والاستراتيجية أساسها الرؤية، ولابد أن نتواثق، على رؤية تقوم على تكريم الإنسان، وتجعل تكريم الإنسان غاية، وهو منصوص عليه في كل الشرائع السماوية، بيد أنه من الضروري إعادة الفكر الإسلامي، على آيات حكمة خلق الإنسان في سورة البقرة، رب اجعل، لوح كبير، من الصفحة الثلاثين إلى الصفحة الثمانية والثلاثين، وقد وصلت الإنسانية والبشرية إلى مثل هذه الفكرة، وبلورتها في المواثيق الدولية، إلى أن الكيل بمكيالين أضعفت تطبيقها وأفقدها معناها، وعلى ظهر هذه الحقيقة الكلية، تنطلق ثلاثة قيم رئيسة تستوي والتطبيق اللازم، وهي:
أولا الحرية، وهنا ينبغي التذكير بأن مهمة الرسل، ومن ثم أتباعهم، أن يذكروا ويبشروا، وليس عليهم أن يسلم الناس أو لا يسلموا، فحسابهم حسب ما عندنا في سورة الغاشية، حسابهم لله وحده،
ثانيا: أن يكون العمل فريضة لازمة لكل الناس، وأنا أقول لأخواني السودانيين دائما، نحن في السودان نكسل عن العمل، لكن عندما نغترب تجدنا نشتغل 18 ساعة في اليوم، لو اشتغلنا 18 ساعة في أوطاننا، لكانت أوطاننا غير الأوطان، فالقيمة الثانية هي قيمة العمل، وقبل قليل تحدثنا عن المشكلة في الرق، وأن العمل يكون معيار الرفعة الاجتماعية والسياسية، والدلالة واضحة، ما أقول شيئا، الدلالة واضحة لكم،
ثالثا: أن يقوم مجتمعنا على التعددية، والقبول بالآخر، نظام حياة وتعايش، لأنه سنة ربانية حاكمة لكل الأشياء في الكون والحياة، تستحضرون صورة فاطر "وأنزلنا من السماء ماء فأخرجنا به نباتا مختلفة ألوانه، ومن الجبال جدد بيض وغرابيب سود، ومن الناس والدواب والأنعام كذلك، وقال إن ما يخشى الله من عباده العلماء، بأن التنصيص لم ترد في القران كله إلا في هذه اللحظة، فإذا التعددية ربانية وطبيعة، ينبغي أن تكون بشرية، هذه نقطة مهمة، والسودان يحتاجها ليتجاوز التجزئة والتقسيم وتنتج من كل هذه حقيقة واجبة للاتباع ونافذة تتمثل في مشاركة الناس في تسيير أمورهم وأسماها القرآن بالشورى ودورها في التطور مُعلِمة لا مُلزِمة، ربنا قال" وشاورهم في الأمر" إذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ماذا بعد ذلك. والنبي صلى الله عليه وسلم شاور الناس ولما أشار عليهم الجلوس في المدينة وعدم الخروج نزعوا لامته فخيروا قالوا له ما يكون لنبيهم أن يضع لامته ثم يرجع إليها. الشورى ملزمة ما في كلام لكن الاستعلاء بتاع الشرائح الاجتماعية وغيرها والتمزق في مجتمعنا هو الذي يجعلنا نسأل هل هي ملزمة أم معلمة لا هى ملزمة أقول وأوشكنا للنهاية الحضارة الغربية أبدعت وسائل لتحقيق هذه الشورى بمؤسسات وبديمقراطية هي أنجع الوسائل، فبمثل هذا تجاوزت المعوقات التي كانت عندنا وبمثل هذا نتجاوز المعوقات فإن فعلنا وتجاوزنا كل المعوقات حدثت الوحدة العملية والنهضة الباذخة وساد العدل والمساواة والسلام وجاز لنا أن نهتف مع الشابي" سأعيش رغم الداء والأعداء كالنسر فوق القمة الشماء" فقلنا نجعل هذا شعارنا وإذا حافظنا على النسر والدلالة مفهومة سلم الوطن وسلمنا ولله أقدار. شكرا على حسن الاستماع والسلام عليكم .

لقد قدم المحاضر سياحة فكريه راقيه فى التاريخ السودانى القديم واستعرض هذا التاريخ وتوصل إلى أن السودان الحديث لم يكن كيانا سودانيا موحدا الا بعد حكم الإنجليز وعندما استقل السودان فى ١٩٥٦ تسلمنا السودان بحدودة المعروفة حاليا وطرح عدة تساؤلات:
*هل هناك روابط تاريخيه وتراثيه بين أجزاء السودان المختلفة؟؟؟
* كيف تناولت المدارس التاريخية هذا التراث وماهو تأثير هذا التاريخ على الواقع السودانى المعاصر .؟؟
* ماهو طريق العبور إلى مستقبل سودانى يجمع ولا يفرق ؟؟؟.
وقد أوضح المحاضر أن بعض مناطق السودان مثل البجة والغرب والجنوب كان فيها شيء قليل من التاريخ المكتوب ولكن منطقة النوبه فى شمال السودان حظيت بمختلف حقب من التاريخ والحضارات المتصلة منها حضارة كوش وكرمه ومروي.
وأوضح أن المدرسة الاستخباراتيه الاستعماريه البريطانية كانت رؤيتهم للسودان تنحصر فيما يلى:-
● افريقيا جغرافيا بدون تاريخ.
● مسار الحضارة من الشمال الى الجنوب
● التحضر يأتى من خارج المجتمعات الافريقيه ولا يأتى من داخلها
● .ولكن هناك رؤية تاريخيه مختلفة عن هذة الرؤية تؤكد أن الحضارة اليونانية القديمة اتيه من الجنوب(أثينا السوداء) اتيه من شمال افريقيا وبوجه خاص من وادي النيل.
وقد اثبتت الدراسات التاريخيه الفيزيائية أن أصول الأهرامات المصرية اتية من المنطقة الجنوبية وكانت هناك هجرات كبيرة تأتى من الجنوب للشمال مثل دولة المرابطين وغيرها.

ماهى المشكله فى السودان؟؟؟؟
يؤكد المحاضر أن المشكلة الكبيرة فى السودان عى مشكلة الهويه الجامعة…
فما هى هذه الهويه؟؟؟
انا اقول ان الأمر الواقع والعمل والذي يجب أن نعترف به جميعا بأننا مهما كانت الادعاءت وأوراق النسب وروح الاستعلاء التى يتحدث بها البعض يجب أن نعترف جميعا بأننا شعب هجين بين العروبه والزنجيه تزيد هنا وتقل هناك وهذا ما يمكن أن نطلق عليه السودانيه أو السودانويه بمعنى أننا سودانيون فى المقام الأول. وإن نعض على هذا الفهم بالنواجز.
ويمكن أن نستقل موقعنا الجقرافى الاستراتيجي لأن نكون الجسر الذي يربط بين افريقيا شمال الصحراء وأفريقيا جنوب الصحراء وإن نربط بين دول الخليج وبين دول القرن الافريقى
ونحن حقا مؤهلين للقيام بهذا الدول ومقبولين لمعظم هذه الدول
يجب أن نبعد أنفسنا عن التيارات المتضادة::
*ابيض واسود
*عرب وزرقة
*غرب وبحر
*غابة وصحراء.
يجب أن نعلم جميعا أن عموم الشعب السودانى ثقافته وهويته وعادات وتقاليدة تقوم على الفطرة السليمه وهذه الفطرة السليمه أساسها الدين الاسلامي والذي انتشر بالآثر الصوفي من خلاوي ومساجد وشيوخ وطرق مختلفة ولكن أساسها
ومشربها واحد.
فيبقى أن نجمع هذه الاضداد ونتعايش معها
وإن نقبل بالآخر ونعطيه مساحة للتفاعل مع المجتمع بمقتضى تعاليم هذا الدين الحنيف والذي يؤكد أنكم لادم وآدم من تراب و الا فروقات بين الناس الا بالتقوي وهذه التقوي العالم بها هو الله سبحانه وتعالى.
يجب علينا أن نتواضع لله سبحانه وتعالى و نترك الاستعلاء القبلي والعنصري على الآخرين ونتحترم أنفسنا ونعلى من قيم العمل ونزرع هذه القيم فى أولادنا وبناتنا لياتى جيل جديد يحترم هذه القيم والمثل ويعمل بها وبهذا نكون قد صنعنا التغيير المطلوب ( لا يغيير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم)

إذن يجب أن نطهر أنفسنا ونلتزم بما يلى
ونزرعه فى اطفالنا اليوم وهم غدا عماد المستقبل وقواد حركة التغيير والنهضة:-

*القبول بالآخر.
* القبول بالسودان المعاصر بحدودة الراهنه المنصوص عليها دوليا ومكانه الحالى منذ الاستغلال.
* العمل على قبول الهوايات الاخري والبناء عليها.
* التوافق على رؤية تقوم على تكريم الإنسان فى كل أنحاء السودان.
* إلزام الحكومات القادمة بإقامة مشروعات التنميه الاقتصاديه والاجتماعية فى كل السودان لتنمية المواطن السودانى فى كل أنحاء السودان.
* إقامة دولة المؤسسات ودولة المواطنه والقانون بدستور دايم يضمن حرية وكرامة الإنسان السودانى
* إقامة الفدراليه الموسسية التى تعطى الأقاليم الحريه بحكم نفسها وفق إطار الدوله السودانيه الموحدة.
أورد المحاضر أنه فى سنة ١٧٣٣ من الميلاد عندما عزا الاحباش السودان تجمع كل اهل السودان من كل أنحاء السودان وتوصلوا حتى تم لهم الانتصار على الاحباش.
والان نجد مثالا لذالك فى هذه الحرب القايمه حاليا فقد توحد كل السودان بكل قبايله من مختلف نواحي السودان مع الجيش وعن طريق النفرة الشعبيه الآن الشباب يقاتل مع الجيش لحمايه البلاد ةللعمل على بقاء دولة السودان. وعليه يجب أن نتخذ الجانب الإيجابي من هذه الحرب والتى جعلت من الأمة اتحادا للتقدم إلى الأمام وتحقيق دولى المواطنه التى تسع الجميع. التى تتيح كل الفرص للجميع ويجب أن نقدم المصلحة الوطنيه على المصلحة الخاصة والهم العام على الهم الخاص.
كل هذا يحتاج إلى صبر ومصابرة وعزيمة قوية وشجاعة ووعى كبير.
وكما يقولون إن من المحن ما تأتى بعدها منحا ودايما ما تولد الدول من جديد بعد الحروب والقتل والتدمير… فهل ياتري نري سودانا جديدا معافيا من كل أمراض الماضى وهل ياتري نستطيع ان نبنى السودان الجديد يابان افريقيا وننتظر غدا مشرقا سعيدا. . ؟؟
نأمل فى ذالك بإذن الله تعالى .
SKYSEVEN51@YAHOO.COM  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: تاریخ السودان هذا التاریخ کل السودان فی التاریخ على الواقع فی السودان من الجنوب کانت هناک لا تاریخ أنا أقول فی کتابه فی سورة إلى أن کما فی یجب أن نحن فی هذا ما التی أ فی سنة

إقرأ أيضاً:

امتحانات الشهادة السودانية.. الطريق إلى تقسيم السودان عبر “سلاح التعليم”

 

امتحانات الشهادة السودانية.. الطريق إلى تقسيم السودان عبر “سلاح التعليم”

فتحي محمد عبده

وضعنا البيان الصادر عن لجنة المعلمين السودانيين يوم أمس الأول أمام حقائق مهمة ومؤسفة في الوقت نفسه، فيما يتعلق بامتحانات الشهادة السودانية التي قررت حكومة بورتسودان إقامتها بنهاية ديسمبر الجاري. ففي خضم الحرب المستمرة في مناطق واسعة من البلاد لما يقارب العامين، التي أنهكت البلاد وأثقلت كاهل الشعب، تأتي قرارات حكومة بورتسودان بإقامة امتحانات الشهادة الثانوية لعام 2023 في المناطق التي تسيطر عليها القوات المسلحة فقط، كخطوة غريبة، وهي امتحانات “أُجِّلت” بسبب الحرب وتوسع رقعتها. ومما لا شك فيه أن هذه القرارات تحمل في طياتها تداعيات خطيرة على وحدة البلاد ومستقبلها. هذه القرارات، التي تبدو في ظاهرها تنظيمية، تحمل أبعادًا سياسية واجتماعية تهدد بالانقسام وتعزيز الإقصاء، وهو ما يمهد الطريق لتقسيم السودان بشكل أعمق وأكثر تعقيدًا.

منذ اندلاع الحرب، أصبح التعليم واحدًا من أكثر القطاعات تضررًا، حيث توقفت المدارس في العديد من المناطق، خاصة المناطق التي وصلتها نيران المتحاربين، وفُقدت فرص التعلم لمئات الآلاف من الطلاب بسبب الظروف الأمنية. ورغم هذه الأزمة، أصرت حكومة بورتسودان على إجراء الامتحانات في 28 ديسمبر 2024، متجاهلة الظروف الأمنية والمعيشية التي تعصف بالبلاد. وفوق هذا كله، قررت عدم إجرائها في ثماني ولايات كاملة وأجزاء واسعة من ست ولايات أخرى، بمعنى أن من أصل ثماني عشرة ولاية سودانية، سيجلس طلاب أربع ولايات فقط للامتحانات بشكل كامل.

وفقًا لبيان لجنة المعلمين السودانيين، فإن أكثر من 60% من الطلاب المؤهلين للجلوس للامتحانات سيُحرمون منها، خصوصًا في ولايات دارفور وكردفان الكبرى، وأجزاء من الخرطوم، والجزيرة، ومناطق أخرى تعاني من انعدام الأمن أو غياب الخدمات الأساسية. هذه النسبة الصادمة تعكس واقعًا مريرًا يتمثل في استبعاد شريحة كبيرة من الطلاب، وتحويل حقهم في التعليم إلى امتياز يُمنح فقط لمن يعيشون في مناطق محددة يتحكم فيها الإسلاميون ومليشياتهم.

الإصرار على إجراء الامتحانات في هذه الظروف، دون ضمان العدالة والشمول لكل الطلاب المؤهلين، ودون توفير بيئة آمنة لهم، يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الطلاب. فالتعليم، الذي يُفترض أن يكون أداة محايدة تُفعّل من أجل الوحدة والسلام، يُستخدم الآن، لقصر نظر هؤلاء، كوسيلة لزرع الفتن، وتكريس الفوارق، وإقصاء فئات واسعة من المجتمع السوداني عن حقوقهم.

بالطبع، فإن قرار إجراء الامتحانات على النحو الذي أقرته حكومة بورتسودان ليس قرارًا إداريًا بريئًا، بل يعكس استراتيجية تتبناها هذه السلطة، التي يسيطر عليها عناصر من النظام السابق، لاستغلال التعليم كأداة لتعزيز نفوذهم السياسي والاجتماعي في مناطق محددة، والتحكم بمصير سكانها بزريعة دولتهم المزعومة، أو “دولة البحر والنهر” كما يحلو لهم الاسم والعنوان.

وبالتالي، إقصاء وحرمان طلاب الشهادة الثانوية في المناطق خارج سيطرة القوات المسلحة وحلفائها من عناصر النظام العنصري البائد من الامتحانات، سيعمق بالتأكيد الشعور بالظلم، ويزرع بذور الانفصال وتقرير المصير في نفوس سكان هذه المناطق. لأن استثناء ولايات بعينها من العملية التعليمية، يُراد له أن يُرسّخ فكرة أن السودان ليس دولة واحدة متماسكة، وأن يُواصل ما انقطع من مشروع ما يسمى “بثورة الإنقاذ” الذي عمل على تحويل الدولة السودانية إلى مجموعة من الكيانات المنفصلة، تعاني بعضها دون الأخرى من انعدام العدالة وتفاوت الفرص والحرمان من الحقوق الأساسية والدستورية. وهو ما يمثل تهديدًا خطيرًا لوحدة السودان ومستقبل أجياله.

 

الوسومالشهادة السودانية حرب السودان دارفور لجنة المعلمين السودانيين

مقالات مشابهة

  • أرقام جلوس احتياطية وتوقيت نهاري لامتحانات الشهادة السودانية
  • وزير التربية والتعليم: عقد إمتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة ٢٠٢٣ واحدة من اكبر الهموم للأسر
  • بيرييلو يناقش مع لعمامرة الدور الحاسم الذي يجب أن تلعبه الأمم المتحدة في حل الأزمة بالسودان
  • اليوم نرفع راية استقلالنا (1)
  • ما الذي يجري وراء الكواليس!!
  • السفارة السودانية .. جامعة القاهرة فرع الخرطوم لم يتم فتحها
  • امتحانات الشهادة السودانية.. الطريق إلى تقسيم السودان عبر “سلاح التعليم”
  • الخارجية السودانية تطالب أوغندا باعتذار رسمي
  • عضو السيادي صلاح الدين آدم يؤكد دعمه لمشروعات القوى الشبابية لإعمار ما دمرته الحرب
  • "الخريجي": المملكة ترحب بالجهود الدولية لحل الأزمة السودانية