نتنياهو ينتظر ترامب.. وطهران تترقب بديل بايدن
تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT
هذه المرّة الرابعة التي يخطب فيها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمام مجلسَي الشيوخ والنواب الأميركيين، وهي فرصة لم يحظَ بها أي مسؤول غير أميركي من قبل. تأتي هذه الزيارة والخطاب بعد انسحاب الرئيس بايدن، وتقديم خيار ترشيح نائبته كامالا هاريس.
على الصعيد الإسرائيلي، يروّج نتنياهو لسردية جديدة حول تزايد شعبيته، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى تحسن ملحوظ لحزب الليكود بزيادة مقاعده إلى 21، بينما تراجع حزب غانتس إلى أقل من 22 مقعدًا، ويعزو الليكود ذلك إلى الإعلان الإسرائيلي عن استهداف القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف.
بعد نجاة المرشح الجمهوري دونالد ترامب من محاولة اغتياله، ومواصلة محاولاته جذب الشارع الأميركي، باتت معظم العواصم العالمية تتعامل معه كأنه رئيس منتخب. تعاطي بايدن قبيل انسحابه مع دعوات الديمقراطيين لإعلان انسحابه من السباق الرئاسي، كان أسوأ من نتائج مناظرته الكارثية مع ترامب. والعديد من عواصم العالم كانت تستعد للمرحلة المقبلة في ظلّ رئاسة ترامب الذي كشف عن تصورات مستقبلية لبرنامجه، وذلك قبل أن تختلط الأوراق شيئًا ما مع انسحاب بايدن من السباق.
الولايات المتحدة تعيش أكبر أزماتها السياسية والأخلاقية والاقتصادية منذ تأسيس التحالفات بعد الحرب العالمية الثانية. لندن وبرلين أكثر ميلًا للاعتبار أن ولاية ترامب الثانية ستكون أفضل لعلاقاتها مع أوروبا والشرق الأوسط، بعد أن أدرك الجمهوريون أهمية العلاقات المتوازنة مع الأوروبيين. بينما باريس ودول غرب أوروبا تعيش قلقًا مستفحلًا، مما يجعلها تناقش خطوات جادّة لحماية مصالحها عبر تعزيز الأمن والصناعات الدفاعية والعلاقات الإقليمية.
الدول التي أوصلت اليمين المتطرف لسدّة السلطة في أوروبا، مثل إيطاليا والمجر، تنتظر وصول ترامب وتتطلع لوقف الحرب الأوكرانية بأي ثمن سياسي وأمني. وصول ترامب قد يؤدي إلى تهشّم أوروبا رغم تشريعات إدارة بايدن الراسخة التي تجعل من الصعب على ترامب الانسحاب من التزامات الناتو.
ملف الشرق الأوسط يتربع على سلم أولويات الجمهوريين والديمقراطيين. حملة ترامب الانتخابية بدأت في إشاعة أجواء عن وضع خطة جديدة لتغيير مستقبل المنطقة. في خطاب ترشيحه، أعلن ترامب نيته إنهاء الأزمات التي خلقتها الإدارة الحالية، بما في ذلك الحرب؛ بسبب الهجوم على إسرائيل، مؤكدًا أن الحرب لم تكن لتحدث لو كان الرئيس.
إيران تتعاطى مع انسحاب بايدن كإشارة لصعوبة وضع الحزب الديمقراطي، مما يجعل المفاوضات غير المباشرة عبر مسقط غير مفيدة. رفعت طهران سقف الخطاب والمواجهة بعد إرسال رسائل دبلوماسية مع وصول مسعود بزشكيان للرئاسة. تزامن ذلك مع عودة الهجمات على قاعدة "عين الأسد" في سوريا عبر مسيرات، رغم غياب التبنّي الواضح.
أمين عام حزب الله حسن نصر الله نفى وجود أي تفاهمات مع مستشار الرئيس الأميركي آموس هوكشتاين حول مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار، رغم تأكيد الرئيس نبيه بري أن الاتفاق أنجز بنسبة 95%.
إيران تمارس التصعيد بهدف خفض التصعيد، وهي مدركة حجم الواقع الصعب، خاصة أن زيارة نتنياهو لواشنطن قد لا تحمل حلولًا. في المقابل، لجأت طهران إلى تصعيد العمليات والمواجهات ضد المصالح الإسرائيلية، وصولًا إلى استهداف تل أبيب.
المعادلة التي تضعها طهران للمواجهة والتسوية باتت واضحة، وهي ممارسة التصعيد لإجبار إسرائيل على وقف الحرب، مع انتظار ما يمكن أن تحققه زيارة نتنياهو إلى واشنطن. في حال استمرت الحرب، تتعامل طهران مع التصعيد الإقليمي كخيار نهائي، خاصة مع ارتباط تطورات الوضع في جنوب لبنان بتطورات الوضع الميداني في غزة.
إذا استمرّت حالة المراوحة المفتوحة، سيكون من مصلحة نتنياهو إبقاء ساحات الحرب مفتوحة في غزة ولبنان، مع رفع منسوب التّصعيد وانتظار دخول الرئيس الجديد للبيت الأبيض. أي رئيس مقبل سيجد الشرق الأوسط كرة نار بين يديه، ومن هنا وحتى تلك اللحظة يبقى الخوف من لحظة جنون التطرف اليميني التي لا تبدو جاهزة للتعقّل.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
عقوبات أم مساومات.. من بايدن الى ترامب: كيف تستخدم واشنطن العراق لخدمة مصالحها؟
بغداد اليوم - خاص
في دهاليز السياسة الأمريكية، حيث تُدار الحروب بقرارات رئاسية، ويُرسم مصير الدول بمصالح الشركات الكبرى، يبرز العراق كأحد أبرز الساحات التي تُستخدم لتصفية الحسابات السياسية والاقتصادية.
منذ سنوات، تحولت بغداد إلى نقطة ارتكاز في الاستراتيجيات الأمريكية، ليس كحليف حقيقي، بل كورقة تُستغل كلما دعت الحاجة. واليوم، تحت إدارة دونالد ترامب، يتعرض العراق لموجة جديدة من الضغوط تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية للولايات المتحدة، بينما تُقدَّم على أنها حملة لضبط النفوذ الإيراني.
لكن خلف هذه الإجراءات، تتوارى أزمات داخلية أمريكية خانقة، ومحاولات مستميتة للتغطية على فشل الإدارات السابقة، وعلى رأسها إدارة جو بايدن، التي تركت إرثًا من الإخفاقات في الشرق الأوسط، إلى جانب أزمة اقتصادية تهدد بانهيار غير مسبوق للاقتصاد الأمريكي.
الضغوط الأمريكية.. لعبة سياسية أكثر من مواجهة حقيقية
كل ما يفعله ترامب في الشرق الأوسط، والضغوط التي يمارسها على العراق، لا تعكس بالضرورة استراتيجية أمنية واضحة أو سياسة خارجية ثابتة، بل هي مجرد أدوات يستخدمها لخدمة مصالحه السياسية والاقتصادية.
الأمر الأول: محاولة التغطية على إخفاقات إدارة بايدن، حيث توجد أدلة على أن بايدن، خلال فترة حكمه، تواطؤ مع جهات شرق أوسطية وسمح بتمدد النفوذ الإيراني في العراق، مما جعل الجمهوريين يستخدمون هذا الملف لإظهار ضعف الديمقراطيين في إدارة السياسة الخارجية.
الأمر الآخر: الأزمة الاقتصادية العنيفة التي تضرب الولايات المتحدة، والتي باتت تُشكل تهديدًا حقيقيًا للاستقرار المالي الأمريكي، حيث تظهر أرقام التسريح الجماعي للموظفين في الشركات الكبرى والمؤسسات الصناعية كدليل على حجم الأزمة. ترامب، الذي يواجه ضغوطًا داخلية متزايدة، يسعى إلى تحويل الأنظار عن الداخل الأمريكي، عبر افتعال أزمات خارجية تشغل الرأي العام، ويأتي العراق في مقدمة هذه الملفات.
مصرف الرافدين في عين العاصفة: اتهامات بلا أدلة
ضمن سلسلة الضغوط، يأتي ملف مصرف الرافدين كواحد من أبرز الأهداف الأمريكية، حيث تتهم واشنطن العراق وإيران بالتورط في تمويل أنشطة مشبوهة ودعم الحرس الثوري، وهي اتهامات لم تستند إلى أدلة قانونية واضحة، بل جاءت في سياق حملة تضييق اقتصادي على بغداد.
الحكومة الأمريكية تدرك جيدًا أن هذه التعاملات تتم ضمن الأطر القانونية والتجارية الدولية، لكنها تسعى إلى خلق حالة من الهلع المالي والاقتصادي داخل العراق، لإجبار بغداد على الخضوع لخيارات أمريكية محددة.
لكن المفارقة هنا، أن الإدارة الأمريكية نفسها لا تملك القدرة على إغلاق هذا الملف، ولا حتى تقديم بدائل اقتصادية للعراق، مما يجعل الضغوط أشبه بأداة ابتزاز سياسي، أكثر منها إجراءً اقتصادياً ذا أثر حقيقي.
الاقتصاد العراقي بين واشنطن والحاجة لدول الجوار
العراق، الذي يعتمد بشكل كبير على الغاز والكهرباء المستوردين من إيران، لم يجد أي خطط بديلة قدمتها الولايات المتحدة، بل تُرك يعتمد على منظومة اقتصادية هشة، جعلته مضطرًا إلى تعزيز علاقاته الاقتصادية مع دول الجوار، رغم الضغوط الخارجية.
الولايات المتحدة، التي كانت تمتلك فرصة تاريخية لإعادة بناء الاقتصاد العراقي على أسس متينة بعد 2003، تركت البلاد متخلفة اقتصاديًا، باستثناء الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل.
هذا الفشل الأمريكي في تقديم حلول حقيقية، يجعل أي ضغوط لمنع العراق من التعامل مع إيران أو أي دولة أخرى، أقرب إلى محاولة خنق بغداد اقتصاديًا، دون تقديم بدائل ملموسة.
الملف العراقي: ساحة لخدمة مصالح ترامب الاقتصادية
تحت غطاء مواجهة النفوذ الإيراني، تسعى واشنطن إلى تمرير صفقات اقتصادية لصالح شركات أمريكية مرتبطة بدوائر النفوذ داخل إدارة ترامب. فالضغوط التي تُمارس على الحكومة العراقية لا تهدف فقط إلى عزل إيران اقتصاديًا، بل إلى إجبار العراق على تقديم امتيازات لشركات أمريكية محددة، في قطاعات الطاقة والاستثمار والمقاولات.
الرئيس الأمريكي، الذي يواجه انتقادات متزايدة بسبب سياساته الداخلية، يحاول إعادة فرض الهيمنة الاقتصادية الأمريكية على العراق، عبر صفقات تخدم دوائر النفوذ الاقتصادي داخل البيت الأبيض.
ازدواجية المعايير: واشنطن ليست جادة في مواجهة إيران
لو كانت الولايات المتحدة جادة حقًا في محاصرة إيران، لكانت المواجهة مباشرة، بدلاً من استخدام العراق كأداة ضغط. فالواقع يشير إلى أن واشنطن، رغم كل تصريحاتها، لا تزال تدير علاقتها مع طهران وفق حسابات دقيقة، وتستغل العراق فقط كوسيط لتطبيق استراتيجياتها.
الأمر لا يتعلق فقط بفرض عقوبات أو إغلاق ملفات مالية، بل هو جزء من سياسة أمريكية طويلة الأمد، تُبقي العراق في حالة من الفوضى الاقتصادية والسياسية، حتى يظل بحاجة دائمة إلى التدخل الأمريكي.
إلى أين يتجه العراق وسط هذه الضغوط؟
المشهد الحالي يعكس حقيقة واضحة: واشنطن تستخدم العراق كورقة ضغط لخدمة أجنداتها الداخلية والخارجية، دون أن تقدم حلولًا واقعية لمشكلاته الاقتصادية والسياسية. ومع استمرار هذه الضغوط، تجد بغداد نفسها أمام خيارين:
إما الخضوع لهذه السياسات، والاستمرار في حالة الارتهان الاقتصادي والسياسي، أو تبني سياسة أكثر استقلالية، عبر تنويع شراكاتها الاقتصادية وتقليل الاعتماد على واشنطن، لصياغة معادلة أكثر توازنًا في علاقاتها الدولية.
لكن هذه الخطوة ليست سهلة، إذ تتطلب إجماعًا داخليًا، وإرادة سياسية قادرة على مقاومة الابتزاز الأمريكي، والبحث عن حلول عملية تُخرج العراق من هذه الحلقة المفرغة.
المصدر: قسم التحليل والمتابعة في وكالة بغداد اليوم