مدى صحة مقولة "دعوة أربعين غريبًا مستجابة"
تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن الدعاء للغير بظهر الغيب مستحب، بل ومستجاب إن شاء الله تعالى، إلا أنه لم يرد في الشرع ما يفيد تقييد الداعين بعددٍ معين، ولا بكونهم غرباء.
حكم أخذ تمويل من البنك لاستكمال عمل مشروع خدمي .. الإفتاء توضح حكم الانتفاع بالأجنة المجهضة في التجارب العلمية والعلاجية.. الإفتاء تجيب بيان فضل الدعاءوأضافت دار الإفتاء: الدعاء عبادة مستحبة؛ لِما فيها من التضرع والتذلّل والافتقار إلى الله تعالى، وقد حثَّنا الله تعالى عليها فقال سبحانه: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: 186]، وقال أيضًا عزَّ وجلَّ: ﴿ٱ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ [الأعراف: 55].
وتابعت دار الإفتاء: وقد ورد في السنة النبوية المطهرة بيان فضل الدعاء؛ فعن سيدنا النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ»، ثم قرأ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60] أخرجه الأربعة في "سننهم".
مدى صحة ما يقال من أن دعوة أربعين غريبًا مجابة
في الواقعة محل السؤال؛ نجيب في عدة نقاط:
أولًا: أن هذه المقولة المسؤول عنها (دعوة أربعين غريبًا مجابة) ليست حديثًا نبويًّا، وإنما هو ممَّا شاع على ألسنة الناس واشتُهر، ولم نقف عليه في كتب السنة بهذا اللفظ، إلا أنَّ معناه ثابتٌ في حديث سيدنا عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ أَسْرَعَ الدُّعَاءِ إِجَابَةً؛ دَعْوَةُ غَائِبٍ لِغَائِبٍ» رواه أبو داود والترمذي في "سننيهما".
قال الإمام المظهري في "المفاتيح شرح المصابيح" (3/ 130، ط. دار النوادر): [قوله: "إنَّ أسرعَ الدعاءِ إجابةً دعوةُ غائبٍ لغائبٍ"؛ يعني: إذا دعا أحدٌ لغائب يُستجابُ دعاؤه له؛ لأنه بعيدٌ عن الرياء والطمع، بل لا يدعو غائبٌ لغائب إلا خالصًا لله، وما كان خالصًا لله يكون مقبولًا].
ثانيًا: الدعاء للغير مشروع، وهو أشد تأكيدًا وأرجى في القبول إذا كان بظهر الغيب؛ أي في غيبة المدعو له؛ لأنه أبلغ في الإخلاص؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
قال الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (17/ 49، ط. دار إحياء التراث العربي) : [وفي هذا فضل الدعاء لأخيه المسلم بظهر الغيب، ولو دعا لجماعة من المسلمين حصلت هذه الفضيلة، ولو دعا لجملة المسلمين فالظاهر حصولها أيضًا، وكان بعض السلف إذا أراد أن يدعو لنفسه يدعو لأخيه المسلم بتلك الدعوة؛ لأنها تستجاب ويحصل له مثله].
ويضاف إلى ذلك ما جاء في "شرح سنن أبي داود" للإمام بدر الدين العيني (5/ 446، ط. مكتبة الرشد): [قوله: «بظهر الغيب» أي: في سرّه وبغير حضوره، كأنه من وراء معرفته ومعرفة الناس؛ لأنه دليل على إخلاص الدعاء له كمثل ما يجعله الإنسان وراء ظهره، ويسْتره عن أعين الناس].
ثالثًا: لم يرد في الشرع ما يدل على تقييد العدد بأربعين أو غيره كقيد لاستجابة الدعاء، وإنما مطلق الدعاء بظهر الغيب مستجاب إن شاء الله كما بينَّا سابقًا.
بالإضافة إلى ما سبق؛ فإن المطلوب من المسلم أن يهتم بإصلاح نفسه واجتناب موانع استجابة الدعاء؛ كأكل الحرام والظلم واستعجال الإجابة، أو الدعاء بظلم أو قطيعة رحم، وأن يتحين أوقات الاستجابة كثلث الليل الأخير، وبعد الصلاة المكتوبة، ويوم الجمعة، وعند فطر الصائم، وفي السجود، وأن يثق في فضل ربه ورحمته وأن يتيقن من الإجابة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الدعاء الإفتاء دار الإفتاء فضل الدعاء بظهر الغیب
إقرأ أيضاً:
سبب في استجابة الدعاء.. أركان المناجاة بين العبد والله تعالى
الله تعالى استجاب لمناجاة النبي الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- فقال تعالى قال تعالى: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا﴾ [البقرة: 144] .
أركان المناجاةوكان رسولنا الكريم يناجي ربه ويعلمنا، كأمة تعبد ربها، أن نناجي ربنا سبحانه وتعالى، وأن المناجاة سببٌ لاستجابة الدعاء، فالمناجاة لها أركان غفل عنها كثيرٌ من الناس.
دعاء العتق من النار.. مجرب ومستجابالأدعية المستجابة في شهر شعبان.. رددها يوميا واحرص عليه في جوف الليلوقال الدكتور علي جمعة، إن أول هذه الأركان: أن نخلص النية لله، «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» فأول أركان المناجاة الإخلاص، اعبد ربك وحده، واسأل ربك وحده، قال: «وإذا سألت فسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك بشيء إلا ما كتبه الله لك، ولو اجتمعت على أن يضروك بشيءٍ، لم يضروك بشيءٍ إلا ما كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف» يعني تم القضاء فلا ملجأ من الله إلا إليه.
وأوضح علي جمعة، أن الإخلاص في مبدأه ومنتهاه مبنيٌ على التوحيد الخالص، فلا بد أن تُخرج السوى من قلبك، ولا يبقى فيه إلا الله، هذا أول ركنٍ من أركان المناجاة، ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ﴾.
وأضاف علي جمعة، أن الوجه في اللغة يأتي بمعنى المواجهة، ويأتي بمعنى هذا الوجه الذي في الرأس، ويأتي بمعنى العلو، ويأتي بمعنى الإخلاص، يعني أخلص وجهه لله، يعني وجه وجهه؛ فلما وجهه وجهه لجهةٍ واحدة وهو الله سبحانه وتعالى، أول شيءٍ قد نكون غفلنا عنه كثيرًا إلا من رحم ربي، أننا لم نحرر الإخلاص في قلوبنا لله حتى نصل إلى درجة المناجاة، ونريد أن نعود في هذا الشهر الكريم عندما نتذكر أن الله سبحانه وتعالى قد استجاب لنبيه، ونرى كيف استجاب لنبيه، فينص على أنه استجاب له من تقلب وجهه في السماء، الإخلاص، ثم إن النبي لم يدعو مرة، ولم يدعو مرتين، ولا عشرة، بل إنه استمر في الدعاء.
وتحولت القبلة بعد ثمانية عشر شهرًا من الهجرة النبوية الشريفة، كان رسول الله في مكة يستقبل بيت المقدس؛ لأنه كان قبلة أبيه إبراهيم، لكنه كان يستقبل الركنين اليمانيين، الركن الذي فيه الحجر، والركن اليماني الآخر، وبذلك يكون قد وضع الكعبة أمامه وهو اتجاه في نفس الوقت بيت المقدس، فيستقبل بذلك الكعبة وبيت المقدس، فلما تحول إلى المدينة، والمدينة شمال مكة، أصبح بيت المقدس في الشمال، ومكة في الجنوب، وافترقت القبلتان فدعا ربه ليس يومًا ولا يومين، ولم ييأس بعد شهرٍ أو شهرين، بل إنه استمر.
كيف تكون المناجاة مع الله؟وأشار إلى أن الركن الثاني من المناجاة هو: الاستمرار والدوام؛ لأن الدعاء في ذاته عباده، فهو يعبد ربه والنبي الكريم يقول (الدعاء هو العبادة) وفي رواية (الدعاء مخ العبادة) إذا لابد من الاستمرار ويقول لنا رسول الله (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل).
وكان كما وصفته السيدة عائشة، كان عمله ديمة أي دائما مستمرا، والديمومة ركن من أركان عمارة الأرض ونجاح العمل، والشخص الذي يعمل تارة ويترك تارة، يقول فيه النبي (لا أحب أن تكون مثل فلان كان يقوم الليل ثم تركه) بل إنه يريد الحفاظ ولو على القليل لأن هذا من شأنه أن يربي الصدق مع الله ومن شأنه أن يستجيب الله لمناجاته.
أما الركن الثالث فهو التدبر والتأمل وقد حرمنا كثيرا من التدبر ومن التأمل، فالمناجاة تحتاج إلى أن تتحدث مع ربك بعد تفكر وتدبر.
أما الركن الرابع في المناجاة، هو الدعاء لله بما في قلب المسلم، وتحدثه تعالى وتناجيه وتكلمه وتشكو له وترجوه وتتضرع إليه وتتوسل إليه وتطلب منه حاجتك.
أما الركن الخامس في المناجاة، تكمن في السرية، فهي سر بين العبد وربه لا يطلع عليه أحد لا من قريب ولا من بعيد، فإذا فعلنا ذلك عدنا إلى ربنا سبحانه وتعالى فيستجيب لنا دعاؤنا.