لبنان ٢٤:
2024-12-18@11:48:20 GMT

مَن يسابق مَن في نسف جسور الحوار؟

تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT

مَن يسابق مَن في نسف جسور الحوار؟

لم تكن قوى "المعارضة" تنتظر هدية كتلك، التي أهدتها إياها قوى "الممانعة"، وبالتحديد "الثنائي الشيعي" عندما رفضا عقد لقاء من وفد يمثّل هذه "المعارضة"، فازدادت هذه القوى قناعة بعدم جدوى أي حوار تُفرض فيه شروط من يعتبر نفسه أن من حقّه أن يقرّش "انتصارات الميدان" في "الميدان الرئاسي" عبر إقناع الآخرين بأن ترشيح رئيس تيار "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية هو آخر فرصة قبل الانتقال إلى مرحلة قد تكون خياراتها غير مناسبة مع ما يتوافق مع الشعارات غير الواقعية، التي تُطلق بين الحين والآخر، أو بمعنى آخر قد تكون تمهيدًا لخيارات متبادلة لن تلقى اجماعًا لبنانيًا لا يزال يرفض أي طرح غير وحدوي من خلال "وحدة الساحات"، أو من خلال ما يتمّ الترويج له في المقابل عن "طلاق بالحلال".


هذا الجو غير المطمئن عمّا ينتظر لبنان من تطورات قد تكون مفاجئة في الميدان الجنوبي بعد التهديدات، التي أطلقها رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو من واشنطن، أو في الميدان السياسي بعدما نسف "الثنائي الشيعي" إمكانية التفاهم مع الفريق الآخر، والذي يتهمه بأنه لا يزال يراهن على تغييرات إقليمية عبر البوابة الجنوبية قد تعيد التوازن إلى الساحة الداخلية بعدما أصبح "حزب الله"، الذي يحارب اليوم إسرائيل، والذي حقّق انتصارات في سوريا، يوازي بقوته الميدانية قوة أقوى الدول الإقليمية من خلال ما لديه من "فائض قوة" قد لا تصبّ في خانة الخيارات الداخلية، خصوصًا إذا أسيئ استخدامها لفرض شروط معينة مرفوضة من قِبل الآخرين سلفًا حتى ولو كان ثمن هذا الرفض الوصول إلى نقطة اللاعودة في الخيارات الوطنية.
ويُلَاحظ في هذا المجال أن في أفواه بعض القوى، التي تضطر لاتخاذ مواقف مغايرة لقناعاتها ومبادئها، الكثير من المياه، وهي تجد نفسها مسيّرة وغير مخيّرة في السير بركب لا يشبه كثيرًا البيئة السياسية، التي كان يُعبّر بها بطريقة مغايرة. وهذا ما يدفع إلى التساؤل عمّا سيؤول إليه الوضع الرمادي، الذي يميل مع مرور الوقت إلى السواد القاتم أكثر فأكثر من أي وقت مضى، حتى أن بعض الذين كانوا يُعتبرون من المتفائلين الأكثر إشراقًا من غيرهم قد أصبحوا أقرب إلى المتشائمين.
 فلا شيء في رأي هؤلاء على أرض الواقع يدعو إلى التفاؤل، إذ أن المشاكل والأزمات التي تتكدّس فوق رؤوس المواطنين تخطّت معدّل قدرتهم على الاحتمال، خصوصًا في المجالين الطبي والاستشفائي والتربوي. فأي مريض لا يملك ثمن الدواء أو لا تسمح له إمكاناته المادية بالدخول إلى المستشفى محكوم عليه بمصير معلوم ومجهول في آن، ناهيك عن أقساط المدارس، التي تضاعفت عمّا كانت عليه في السنوات الماضية، مع غياب شبه كلي للجدوى الاقتصادية لأي خطة اقتصادية وانمائية.
وتُضاف إلى كل هذه الأزمات المتراكمة، التي أصبحت جزءًا من حياة اللبنانيين، المشاكل والتعقيدات السياسية والاختلافات الجذرية بين فريقي الطبقة السياسية، التي أدّت في السابق إلى شغور رئاسي استمرّ سنتين ونصف السنة، وإلى فراغ حالي على كل المستويات من أعلى الهرم حتى أسفله، مع استمرار تعطيل الجلسات الانتخابية وتعطيل الحياة السياسية، ودفع الناس إلى المزيد من اليأس وطلب الهجرة، وبالأخصّ الفئة الشبابية منهم، التي لا تجد أي فرصة لأي نوع من العمل في ظل انسداد الأفق في نفق مظلم طويل يبدو أن لا نهاية له، إذ لا تلوح أي بوادر انفراج على كل المستويات وفي كل الاتجاهات، بل أن الأخبار المتداولة عن التصعيد المتدرج في الجنوب ينذر بأن الانفجار الكبير يسابق أي انفراج أمني أو سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي. وهذا ما يتخوف منه الذين يهمّهم أن يبقى لبنان في منأى عن الصراعات الخارجية، وأن يعمّ الاستقرار السياسي والأمني فيه. ويأتي على رأس هؤلاء المتخوفين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي يعتبر أن انفلات الوضع في جنوب لبنان إلى ما لا تُحمد عقباه سيؤدّي حتمًا إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة ككل، وبالتالي فإن السلام العالمي يدخل منطقة الخطر الشديد مما ينذر بأوخم العواقب.   المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: التی ت

إقرأ أيضاً:

الإدارة فن وأخلاق قبل أن تكون منصبًا

 

راشد الفزاري

الإدارة ليست مجرد أدوار تنفيذية أو مناصب قيادية تتطلب اتخاذ قرارات يومية، بل هي فن وأخلاق تُظهر الجانب الإنساني في التعامل مع الأفراد والفرق. فهي التوازن الدقيق بين تحقيق الأهداف المؤسسية وبين بناء بيئة عمل صحية ومستدامة تحفّز الإبداع والتفاني لدى الموظفين.

في بعض المؤسسات تظهر علامات الإدارة المهترئة التي تفتقد للرؤية والقيادة الحقيقية، فمثلاً عندما تعتمد الإدارة على تدوير المسؤولين غير المؤهلين دون اعتبار لكفاءتهم، فإن ذلك يعرّض المؤسسة للتدهور المستمر، وتجد مثل هذه الإدارات تتعامل مع الموظفين بمنطق التجسس والتصيد، حيث يتم زرع "عيون خفية" بين العاملين لرصد حضورهم وغيابهم، أو نقل كلامهم للإدارة العليا، وهذا السلوك لا يعكس ضعفًا إداريًا فقط، بل يُدمّر الثقة بين أعضاء الفريق، ويدخل المؤسسة في دوامة من الصراعات الداخلية.

كما إن هذه الإدارات غالبًا ما تُغفل الاحتياجات الحقيقية للموظفين، سواء كانت الحوافز المعنوية أو المادية. ويتم اختيار المسؤولين بناءً على الولاءات الشخصية، بدلًا من الكفاءة والخبرة، والنتيجة موظفون يعانون من التهميش، ومؤسسة تفتقد الإنجاز، وقائد لا يثق إلا بنفسه، ولا يتقبل النقد أو النقاش البناء.

على الجانب الآخر، فإن الإدارة الناجحة تتسم بكونها بيئة شاملة ومشجعة، تهتم بالنتائج وتُقدّر الجهود، والقائد الناجح هو من يجيد بناء الثقة داخل فريق العمل، ويؤمن بمبدأ العمل الجماعي لتحقيق الأهداف المؤسسية، فهو ليس فقط مديرًا، بل قائدًا ملهمًا يدفع الموظفين للإبداع، ومن سمات الإدارة الناجحة الشفافية والصدق فالقائد الناجح يتواصل مع فريقه بوضوح، ويناقش الأفكار والقرارات دون تردد، بجانب التقدير والتحفيز ومكافأة الجهود المميزة والإشادة بالنجاحات تعزز روح الفريق، وتشجع الموظفين على تقديم الأفضل، كما ينبغي إلا ننسى أهمية الرعاية الإنسانية وهي فهم الاحتياجات النفسية للموظفين والتعامل معهم بتعاطف يخلق بيئة عمل صحية ومستقرة، كما إن ما نفقده اليوم في كثير من المؤسسات هو الاستماع والانفتاح، وهذا أمر لا ينطبق إلّا على القادة الحقيقيين الذين يستمعون لموظفيهم ويفهمون احتياجاتهم دون مقاطعة.

اليوم يجب أن يعي أي مسؤول بأن الإدارة ليست امتيازًا يُضاف إلى السجل المهني؛ بل هي مسؤولية كبيرة وتكليف يتطلب التفاني لتحقيق المصلحة العامة، والقائد الإداري الحقيقي هو من يدرك أن نجاح المؤسسة يعتمد بالدرجة الأولى على راحة موظفيها وتقدير جهودهم، ويجب أن تتبنى الإدارة فلسفة تحترم الإنسان وتُعلي من قيمته، فعندما يشعر الموظف بالتقدير والاحترام، فإنه يقدم أفضل ما لديه، في المقابل عندما يُستنزف الموظف دون مكافأة أو دعم، فإنه يفقد الدافع مما ينعكس سلبًا على المؤسسة بأكملها.

في الختام.. على جميع من وُضِعوا في أعلى سلم الموظفين أن يدركوا أن الإدارة هي مزيج من الذوق والأخلاق والإنسانية، وهي مفتاح النجاح لأي مؤسسة، والقادة الذين يتركون بصمتهم في مؤسساتهم هم أولئك الذين يدركون أن احترام الموظفين وتحفيزهم ليس مجرد واجب مهني بل رسالة إنسانية سامية، كما أن المؤسسات الناجحة لا تُبنى على الإنجازات فقط؛ بل على العلاقات الإنسانية المتينة التي تصنع بيئة عمل محفزة ومزدهرة.

مقالات مشابهة

  • الإدارة فن وأخلاق قبل أن تكون منصبًا
  • شرطة دبي تحجز 17 مركبة وتحرر 101 مخالفة بسبب إثارة الفوضى والإزعاج في شارع الميدان
  • شرطة دبي تحجز 17 مركبة وتحرر 101 مخالفة لسائقين قاموا باستعراضات خطرة في شارع الميدان
  • ما الذي اختلف بين سورية ولبنان في مواجهة العدوان “الإسرائيلي”؟
  • مبابي يسابق الزمن للحاق بنهائي «القارات»
  • مراسلة الجزيرة بموسكو تكشف عن الفندق الذي نزل به الأسد والأموال التي بحوزته
  • الطاقة الشمسية في تونس.. الحلم الأخضر الذي تعرقله التحديات السياسية
  • غوتيريش يدعو القادة الليبيين للمشاركة بشكل بنّاء في الحوار الذي تيسره البعثة الأممية
  • داخلياً وخارجياً.. تعرّف على مظاهر الفوضى السياسية التي يشهدها الاحتلال
  • ‏إسرائيل تعلن أنها ستغلق سفارتها في دبلن بسبب السياسات المعادية التي تنتهجها الحكومة الأيرلندية