لا تزال الاجواء ضبابية على الجبهة الجنوبية وفي غزة، ولا شيء واضح حتى الان حيال احتمالات الوصول الى وقف للحرب على غزة، كمقدمة للتهدئة على جميع جبهات المساندة، او عدمه.
وكما في غزة كذلك في الجنوب، مرّ خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس، بكل ملابساته، كأن شيئاً لم يكن، أقلّه ميدانياً في انتظار الفصول المتبقية من لقاءات نتنياهو في واشتطن حيث يمكن تلمس ما إذا كانت ستكون هناك وقائع تتصل بتهدئة أو تصعيد لا سيما على الجبهة الجنوبية للبنان مع إسرائيل.


يشجع على توقع طرح واقع الجبهة الشمالية عاملان: الأول أن صحيفة"يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أوردت ما يميّز الملف اللبناني في محادثات نتنياهو في واشنطن إذ أفادت أن الرئيس الأميركي جو بايدن يفترض أن يكون بحث مع نتنياهو في لقائهما ليلاً في البيت الأبيض التطورات على الجبهة الشمالية (مع لبنان) وجهود التوصل الى تسوية. والثاني أن الوقائع الميدانية في الجنوب وعلى الجبهة الشمالية غداة خطاب نتنياهو حافظت على وتيرة عالية من التوتر والستاتيكو التصعيدي، الأمر الذي يُربط بترجمة الموقف الذي أعلنه نتنياهو في خطابه حيال الجبهة مع لبنان، إذ كرر أنه "يفضل حلاً ديبلوماسياً يعيد سكان شمال إسرائيل إلى منازلهم، لكن إسرائيل ستفعل كل ما يجب عليها فعله لاستعادة الأمن" في إشارة إلى التوقعات بأن إسرائيل قد تقوم بعملية عسكرية كبيرة في جنوب لبنان ضد "حزب الله". وهذا الموشر بدا كافياً لربط أي تطور محتمل بالجبهة الشمالية بالتسوية المطروحة في غزة أولاً وأخيراً، الأمر الذي يملي انتظار وقت قليل بعد عودة نتنياهو من واشنطن لتلمس "الاتجاهات السرية" التي قد تكون أسفرت عنها زيارته.
وفي غضون ذلك، ظلت وتيرة التصعيد على حالها جنوباً بدليل أن الناطق الرسمي باسم "اليونيفيل "أندريا تيننتي أكد أن "التصعيد مستمر جنوباً، وتبادل إطلاق النار لم يتوقف، والناس يقتلون، والدمار ممتد على كلا الجانبين". وحذر من خطر حدوث خطأ في التقدير، وأضاف: "لا يزال هناك مجال للحل السياسي".
وذكرت «الديار» ان دبلوماسي غربي ابلغ مسؤولين لبنانيين بان الاحتمالات لا تزال متساوية بين التصعيد والتهدئة، وانه يجب عدم الاستعجال في الاستنتاج، والانتظار ريثما تنتهي زيارة نتانياهو الى واشنطن، حيث تحاول الادارة الاميركية فرض نوع من «الستاتيكو» المنخفض الوتيرة في المنطقة، ريثما تحصل الانتخابات الرئاسية، وبعدها يمكن الحسم النهائي للملفات، وتشمل «خارطة الطريق» لتنفيذ المرحلة الاولى من الاتفاق حول غزة وتمديد التفاوض على المرحلة الثانية حتى تشرين الثاني، وهذا يضمن وقفا للنار، يشمل الجبهة في جنوب لبنان، والحفاظ على الاسرى الاسرائيليين احياء، وبعدها يمكن التفرغ «لليوم التالي» في غزة وجميع الجبهات.
وكتبت" الشرق الاوسط: لا تقلل مصادر نيابية في كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري من أهمية التهديدات، لكنها تدعو إلى «عدم الإفراط في التفاؤل وعدم الاستسلام للتشاؤم»، مشيرةً إلى أن «هذا الكم من التهديدات قد يؤشر إلى تصعيد لكن من دون أن يصل إلى الحرب الكبرى». ورغم غياب الحراك الدبلوماسي الغربي باتجاه لبنان على غرار ما كان عليه الوضع قبل فترة، حيث سجّل زيارات عدة لمسؤولين للبحث في التهدئة، تقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «الأبواب ليست موصدة وهناك اتصالات وحراك دائم بعيداً عن الأضواء، إضافة إلى أن لبنان ليس بحاجة إلى قرارات جديدة ويجب تطبيق القرار الدولي 1701، وممارسة الضغوط على إسرائيل لتطبيقه».

وكتبت" اللواء": قبل أن تتطاير ألاعيب وأكاذيب رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي، واستعداداته للقاءات الرئاسية، لا سيما مع الرئيس جو بايدن لطلب السلاح، والتعهد باستمرار الحرب في غزة، ومع جبهات المساندة، كان جيش الاحتلال في الشمال، يستعد لما أسماه مناورة برية، تحاكي معركة جنوب لبنان لإبعاد حزب الله الى مسافة لا تقل عن 10 كلم عن الحدود، ليتمكن سكان المستعمرات من العودة الى منازلهم، واعلن قائد سلاح الجو الاسرائيلي «مستعدون للحرب مع لبنان».
ومن الحدود مع لبنان بعد تفقد قاعدة «رامات ديفيد» قال: «سنواجه العدو (حزب الله) وستكون هناك مفاجآت، مشيراً الى انه اذا اندلعت الحرب مع لبنان، فنحن قادرون لها».
وتحدثت المعلومات الآتية من واشنطن، نقلا عن هيئة البث الاسرائيلية مساء امس ان نتنياهو يريد الحصول على ضوء أخضر من بايدن للتحرك في لبنان، اذا لم تنجح الاتصالات الدبلوماسية.
وفي السياق، قال مستشار الأمن القومي الاميركي جون كيري مساء امس اننا «نعمل على وقف اطلاق الصواريخ، وخفض التصعيد على الحدود اللبنانية- الاسرائيلية».
وتطرق الرئيس الأميركي جو بايدن خلال لقائه نتنياهو الى الوضع في جنوب لبنان، من زاوية الابتزاز الاسرائيلي للأميركيين سواء للتزود بالسلاح او للقيام بعملية عسكرية برية، كانت فرقة الشمال ولواء غولاني اجرت امس مناورة حربية للدخول الى لبنان.
وحسب ما هو معلن فإن البيت الأبيض ما يزال على موقفه الرافض لتوسعة الحرب الاقليمية في لبنان.


وأشار خبراء في الشؤون الإسرائيلية لـ»البناء» الى أن «نتنياهو مفصوم على الواقع وخطابه أشبه بخطاب «المهزوم»، لكنه يحاول تصوير نفسه على أنه الضحية وحركة حماس والفلسطينيين هم الجلاد لاستدراج عطف الأميركيين ومنحه المزيد من الدعم والسلاح والتغطية لعدم ملاحقته في المحاكم الجنائية الدولية، كما يحاول التغطية على فشله وإخفاقاته في الحرب على غزة ورفح وتآكل قوة ردعه في جنوب لبنان وعجزه عن تغيير الواقع الميداني في الجبهات الثلاث إضافة الى جبهة اليمن بعد مسيّرة يافا التي أحدثت زلزالاً أمنياً وسياسياً واجتماعياً في الكيان الإسرائيلي، ولكي يتهرّب من المسؤولية عن الهزيمة في هذه الحرب صبّ جام غضبه على إيران وألقى عليها اللوم بأنها تدعم هذه الجبهات ما أعاق «انتصار» «إسرائيل»، ويهدف لتعمية الرأي العام الأميركي عن عجز الكيان في غزة والتداعيات الكارثية عليه منذ طوفان الأقصى حتى الآن وتحريض الولايات المتحدة والغرب على إيران». ولاحظ الخبراء «تراجع نبرة خطابه وتهديداته ضد لبنان باتجاه أكثر واقعية ومعرفة بحجم الكارثة التي تنتظره بحال شنّه عدواناً واسعاً على لبنان، واكتفى بالإشارة الى الوسائل الدبلوماسية لاستعادة المستوطنين مع حق «إسرائيل» باستخدام كافة الوسائل الأخرى لكن لم يذكر كلمة الحرب».
ووفق ما يقول خبراء في الشؤون العسكرية لـ»البناء» فإن «الكيان الإسرائيلي اليوم أعجز وأضعف من أي وقت مضى من شنّ حرب كبيرة أو شاملة على لبنان نظراً لتداعياتها الاستراتيجية على «إسرائيل»، والعامل الأول والحاسم في قرار الحرب هو معادلة الردع التي تفرضها المقاومة في الميدان وتثبتها يومياً من خلال العمليات النوعية التي تنفذها ضد مواقع أساسية واستراتيجية في شمال فلسطين المحتلة، أو من خلال رسائل التحذير التي ترسلها المقاومة لقادة العدو لا سيما «الهدهد» 3 الذي انشغلت المستويات الأمنية والإستخبارية في كيان الاحتلال بفك رموزه وتحليل أبعاده وأهميّته في قرار الحرب على لبنان أولاً ومسارها ونتائجها الكارثيّة على «إسرائيل» بحال حصلت من جهة ثانية». ويستبعد الخبراء «اندلاع حرب واسعة بين حزب الله و»إسرائيل» في الوقت الراهن، مع احتمال حصول جولات أخرى من التصعيد على مختلف الجبهات بالتزامن مع حصول جولات من المفاوضات على أكثر من صعيد وملف، لكن من غير الواضح إذا كانت ستؤدي الى نتائج عملية لا سيما مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة».

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الجبهة الشمالیة فی جنوب لبنان نتنیاهو فی على الجبهة حزب الله مع لبنان لا سیما فی غزة

إقرأ أيضاً:

هل يحوّل نتنياهو وحلفاؤه إسرائيل لدولة ثيوقراطية يحكمها دكتاتور؟

لم يكن إعلان وزير القضاء الإسرائيلي ياريف ليفين الأربعاء الماضي عن البدء بخطوات لعزل المستشارة القانونية للحكومة غالي بهاراف ميارا إلا قمة الجبل الجليدي لتطورات قد تشير إلى تحول إسرائيل إلى "دولة دينية تدار بحكم الفرد الواحد".

وبحسب استطلاع للرأي نشرته القناة 12 الأربعاء الماضي، فإن 42% يؤيدون طرد المستشارة القانونية، مقابل 41% يعارضون ذلك، في حين أجاب 17% أنهم لا يعرفون.

وبيّن الاستطلاع أن 75% من ناخبي الائتلاف الحكومي بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يؤيدون الإقالة، مقارنة بـ12% فقط من ناخبي المعارضة يؤيدون هذه الخطوة.

ويعلق المحامي يهودا شيفر، في مقال نشرته القناة 12، أن نتنياهو يقف وراء هذه الخطوة، وهو يفعل ذلك في ظل سلسلة تحركات مدروسة تهدف إلى إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار، وإحباط التحقيقات مع كبار المسؤولين في مكتبه.

كما يسعى رئيس الحكومة إلى تعيين مستشار قانوني جديد يكون قادرا على تأخير إجراءات محاكمته، والإدلاء بشهادته في الاستجواب المضاد.

من اليمين: رئيس المحكمة العليا إسحاق عميت المستشارة القانونية غالي بهار ميارا ورئيس الشاباك رونين بار (وكالات) العقبات الثلاث بمواجهة دولة ثيوقراطية

وفي مقال نشرته هآرتس يقول يوسي فيرتر إنه "لم يبق غير 3 أشخاص هم من يقفون في وجه تحوُّل إسرائيل لدولة استبداد قومي مسيحياني على حدود الفاشية، وهم المستشارة القانونية غالي بهار ميارا، ورئيس الشاباك رونين بار، ورئيس المحكمة العليا إسحاق عميت".

إعلان

ولم يخف نتنياهو رغبته في إقالة رئيس الشاباك أو محاصرة رئيس المحكمة العليا عبر لجنة مفوض الشكاوى، ثم جاءت خطوات عزل المستشارة لاستكمال خطة التعديلات القضائية، التي بدأت في فبراير/شباط 2023 وتم تجميد خطواته السريعة بسب الحرب على غزة.

فقد شنّت الحكومة وأذرعها في الكنيست حملة تحريض وتشهير غير مسبوقة على هؤلاء الثلاثة عبر منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الموالية لنتنياهو وحاشيته وحكومته.

وقال موقع هشومريم الحرّاس إن "الهدف وراء انقلاب نتنياهو في فبراير/شباط 2023 هو تجزئة الجهاز القضائي في إسرائيل على نحو يمنح المحاكم الدينية اليهودية مكانة المحاكم المدنية".

ويرفض نتنياهو وقف "خطة الانقلاب القضائي"، رغم كل الاحتجاجات التي كانت قبل الحرب على غزة من قبل المعارضة والتحذيرات الكثيرة بالتمرد في صفوف الجيش والمؤسسة الأمنية، بحسب المختص في الشؤون الإسرائيلية نائل عبد الهادي.

ويضيف عبد الهادي أن هناك تبادل منافع بين نتنياهو شخصيًا وشركائه من اليمين المتطرف، "فالقوانين التي يتم إقرارها تعمل على نجاته من قضايا الفساد التي تلاحقه، كما تضمن بقاءه السياسي عبر تحجم المنظومة القضائية، ويخدم ذلك اليمين المتطرف الذي أعلن صراحة عن هدفه بتغيير وجه إسرائيل من دولة علمانية يحكمها اليسار إلى دولة دينية تحكمها الشريعة اليهودية".

وبحسب المختص في الشؤون الإسرائيلية عماد عواد، فإن إسرائيل "تتحول فعليًا بوجود الحكومة الحالية ومكوناتها من الصهيونية الدينية والتيار الديني القومي من دولة ليبرالية ديمقراطية إلى دولة ثيوقراطية دينية".

وقال إن اليمين المتطرف يستغل الأغلبية التي يملكها في الكنيست لتغيير وجه إسرائيل، ويقوم بتفكيك المؤسسات التي تمثل فصل السلطات الثلاث القضائية والتشريعية والتنفيذية، والتي باتت مرتبكة أمام هجمة نتنياهو وشركائه ولا تستطيع الدفاع عن نفسها، لتتحول مع الوقت لأدوات تخدم أهداف نتنياهو الشخصية وشركائه من اليمين المتطرف.

إعلان

المطلوب رأس القضاء

وجاءت خطة عزل المستشارة القانونية بعد أيام فقط من الانقلاب على منصب مفوض شكاوى القضاء، وهي الهيئة الرقابية التي تعالج الشكاوى ضد القضاة، حيث أقر الكنيست قانون تغيير طريقة تعيين المفوض بالقراءتين الثانية والثالثة.

وبموجب القانون سيتم تعيين المفوض من قبل لجنة يرأسها وزير القضاء، الذي يمثل رأس الحربة في انقلاب نتنياهو وشركائه على شكل الدولة في إسرائيل، وسيكون معظم أعضاء اللجنة من الشخصيات السياسية أو الذين يتم تعيينهم بدعم من الائتلاف.

وهذا على النقيض من الوضع الحالي الذي يتطلب من لجنة اختيار القضاة الموافقة على مرشح مقترح بشكل مشترك من قبل وزير القضاء ورئيس المحكمة العليا.

ويصف يوسي فيرتر في مقال نشرته صحيفة هآرتس الخطوات بأنها "وصول إلى حافة الهاوية من صراع دستوري وانهيار النظام الحكومي".

ملاحقة عميت

وتهدف هذه الخطوة، وفقا لتوفا تسيموكي في مقال نشر في يديعوت أحرونوت، إلى إقصاء رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية الجديد -أعلى محكمة في البلاد- القاضي إسحاق عميت، وملاحقته قانونيًا بسبب تجاوزات عقارية نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية قبل أسابيع.

وإذا خضع عميت للتحقيق والمراجعة يمكن منعه من قيادة لجنة تحقيق حكومية في فشل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، يسعى نتنياهو بكل قوة إلى عدم إقامتها، رغم أن غالبية الجمهور الإسرائيلي يؤيدون إقامتها، وفقا لآخر استطلاعات الرأي المنشورة في الفترة الأخيرة. فبحسب صحيفة هآرتس، أكثر من 70% من الإسرائيليين يؤيدون إقامة هذه اللجنة.

وتشير تقديرات القضاة إلى أنه بمجرد اكتمال تشكيل اللجنة الجديدة التي ستختار المفوض، فإن الوزير ياريف ليفين سيقدم شكوى تأديبية ضد رئيس المحكمة العليا إسحاق عميت، وستتناول هذه الشكوى المخاوف بشأن تضارب المصالح، وخاصة فيما يتصل بالعقارات الخاصة للقاضي عميت والتي نشرت قبل عدة أسابيع.

إعلان

وقد صيغت مسودة شكوى عشية تعيين عميت رئيسا للمحكمة العليا، وتم تقديمها إلى لجنة اختيار القضاة كجزء من "التحفظات" ضد ترشيحه، ورفضت اللجنة هذه المقترحات في نقاش تمّ دون مشاركة الوزير ليفين وأعضاء الائتلاف الذين قاطعوا انتخاب عميت.

ولم يسبق أن تم تقديم شكوى ضد أي رئيس للمحكمة العليا، وفي حال اتخاذ قرار بتشكيل لجنة تحقيق حكومية في الفشل يوم 7 أكتوبر، فإن الائتلاف قد يطرح ذلك كسبب لعدم السماح لعميت برئاسة اللجنة.

تنصيب رئيس هيئة الأركان العامة الجديد إيال زامير (مكتب الصحافة الحكومي بإسرائيل) الجيش عصا الدكتاتورية

دفعت التحقيقات التي شكك فيها نتنياهو، رئيس أركان جيشه الجديد إيال زامير إلى تعيين اللواء احتياط سامي ترجمان رئيسا لفريق فحص التحقيقات التي جرت في السابع من أكتوبر، وتعد هذه الخطوة تشكيكا واضحا في التحقيقات التي تم تنفيذها في عهد سلفه هرتسي هاليفي.

ويضاف لذلك، التغيير الكبير في التعيينات التي أعلنها هاليفي في ديسمبر/كانو الأول الماضي، والتي جمدها وزير الدفاع يسرائيل كاتس بحجة استكمال التحقيقات الداخلية للجيش في أحداث السابع من أكتوبر.

وتشمل التعيينات الجديدة التي تم الإعلان عنها بعد أقل من 24 ساعة من تعيين زامير، حوالي 60 ضابطا برتب عميد وعقيد بمناصب مختلفة، كما شملت تعيين قائد لشعبة العمليات والقيادة الجنوبية.

وخلال حفل التنصيب، خاطب نتنياهو زامير قائلا "نحن نعرف بعضنا بعضا منذ عدة سنوات. لقد أوصيت بك مرتين كرئيس للأركان، والآن للمرة الثالثة، لقد حان وقت زامير، لقد عملنا جنبًا إلى جنب عندما كنت السكرتير العسكري، وحتى في ذلك الوقت كنت معجبًا جدًا بك وبالتزامك المهني".

وبهذه التعيينات يكون نتنياهو قد نجح بشكل أو بآخر في السيطرة على مؤسسة الجيش عبر تسيسها، وما إقالة يوآف غالانت وتكليف كاتس إلا جزء من هذا المخطط الذي جاء معه زامير لتنفيذ سياسة نتياهو وتنفيذ أجندته الشخصية.

كما تضع هذه التطورات الجيش الاسرئيلي وقدراته تحت تصرف نتنياهو الذي يصف نفسه بأنه "ملك إسرئيل وسيد الأمن"، و"هي تأتي ضمن خطوات الانقلاب التي ينفذها بالتوافق التام مع شركائه للوصول الى دكتاتورية الفرد الواحد"، وفقا للمتخصص في الشؤون الإسرائيلية نائل عبد الهادي.

إعلان خطورة التوقيت

ولم تأت خطوة إقالة المستشارة القانونية، أو قانون مفوض شكاوى القضاة، بعيدًا عن المشاكل التي تواجه نتنياهو شخصيا واستقرار ائتلافه من اليمين المتطرف، حيث يأتي توقيت عزل المستشارة -التي هي المدعية العامة الرئيسية في محاكمة نتنياهو- قبيل البدء بالاستجواب المضاد في محاكمته بعد بضعة أسابيع.

ووفقا للمحامي يهودا شيفر، فإن نتنياهو يخشى الاستجواب المضاد أكثر من أي شيء آخر، فالرجل الذي لم يعد على استعداد حتى للوقوف أمام أسئلة الصحفيين، وهو يخاف بالتأكيد من اللحظة التي سيتم فيها مواجهة كل أكاذيبه والتناقضات الواضحة بين شهادته والأدلة الأخرى علناً، الأمر الذي قد يحطم نظرية الاضطهاد واختلاق القضايا أمام الجمهور.

كما لا يمكن فصل توقيت هذه الخطوة عن ظروف الائتلاف، وإقرار الموازنة العامة بحلول 24 مارس/آذار الحالي، ويطالب الحريديم بقانون لإعفائهم من التجنيد قبل التصويت على تمرير الموازنة.

ويتعرض الاستقرار الداخلي في إسرائيل إلى زلزال مستمر منذ بدء المطالبة بالتعديلات القضائية مرورا بفشل السابع من أكتوبر والحرب على غزة، التي استغلها نتنياهو لإعادة تصدير صورة عدوانية جديدة له عبر استغلال شركائه وضمن خطاب شعبوي دموي ضد كل من يعارضه في إسرائيل.

وفي المقابل، تعيش المعارضة في أتون تيه سياسي غير مسبوق، وكل ذلك يصب -وفقا لأبو عواد- "في تحميل المؤسسة الأمنية فشل السابع من أكتوبر وتخليص نتنياهو وشركائه من أي مسئولية عن الفشل".

ولا تكمن خطورة التوقيت على مستوى استقرار ائتلاف نتنياهو، بل القدرة على التحكم في مفاصل الدولة وإيقاعاتها الداخلية أمام معارضة ضعيفة تم تحيديها وتقسيمها.

جبهات متعددة

وعلى مستوى الإقليم -يضيف عبد الهادي- فإن تأثير انقلاب نتنياهو على علاقته بالإقليم خطير في ظل حرب على جبهات مختلفة، يقوم بتسخينها وزيادة التوتر فيها تصريحات وضغوط حلفائه من اليمين المتطرف، وهو قابل لاستمرار حالة الحرب والمغامرات العسكرية على جبهات إيران وسوريا وغزة والضفة ولبنان، ويأتي ذلك في ظل سيطرة نتنياهو على مؤسسة الجيش من خلال التغييرات الأخيرة.

إعلان

وقد أجمعت التحقيقات في فشل السابع من أكتوبر، التي نشرها الجيش الإسرائيلي والشاباك والاستخبارات العسكرية، على أن أجواء الانقلاب القضائي لحكومة نتنياهو كانت من أهم دوافع حركة حماس لشن عملية طوفان الأقصى، وقد شعرت بضعف جبهة إسرائيل الداخلية.

وبحسب مقال لرونين بريجمان نشر في يديعوت أحرونوت، فإن إيران وحزب الله وحماس يرون أن إسرائيل "تعيش أزمة حادة غير مسبوقة تهدد تماسكها وتضعفها، والوضع الحالي هو فرصة لتعميق مصاعبها عبر عملية خاطفة ستنتهي بانهيار إسرائيل".

المحكمة الجنائية الدولية أصدرت أوامر اعتقال بحق نتنياهو (يسار) ووزير الدفاع السابق يؤاف غالانت (الفرنسية) الملاحقة القانونية الدولية

ومنذ أن بدأت حكومة نتنياهو في تنفيذ انقلابها القضائي في فبراير/شباط 2023 حذّر خبراء القانون من أن هذه الإجراءات ستشكك في استقلالية القضاء في إسرائيل، وستفتح الباب أمام الملاحقة القانونية الدولية لضباط الجيش الإسرائيلي وكبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية والسياسيين المتهمين بارتكاب جرائم حرب.

وبعد قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع السابق يؤاف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة، فُتح الباب واسعًا أمام الملاحقات الدولية لضباط وجنود إسرائيليين شاركوا في حرب الإبادة على قطاع غزة.

وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن عدة قضايا رفعتها مؤسسة "هند رجب"، التي تسعى لاعتقال الجنود الإسرائيليين المتورطين في حرب الإبادة في غزة.

وأعلنت المؤسسة أنها قدمت شكوى في بلجيكا لاعتقال وزير الخارجية جدعون ساعر بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وذلك قبيل زيارته بروكسل يوم 16 فبراير/شباط 2025، كما فتحت سويسرا تحقيقا جنائيا ضد "مشتبه فيه إسرائيلي بارتكاب جرائم حرب" مقيم في البلاد، في الشهر ذاته.

إعلان

وأكد المختص في الشؤون الإسرائيلية عماد عواد أن "استقلال القضاء" هو الحجة التي تستخدمها إسرائيل أمام أي طلبات لفتح تحقيقات أو ملاحقات ضد جنودها ومسؤوليها الأمينين والسياسيين.

وأضاف أن ما يحدث من خطوات ائتلاف نتنياهو لاستكمال الانقلاب القضائي يعني أن هذا القضاء بات مسيسا وغير مستقل، مما يفتح الباب أمام الملاحقات للجنود والضباط المسؤولين عن جرائم الحرب التي ارتكبت بحق الفلسطينيين.

وفي الختام، فإن التحولات العميقة في إسرئيل والتي تمس بالدرجة الأولى المنظومة القضائية لا يتوقف تأثيرها على داخل إسرئيل وعلاقتها الإقليمية والدولية، بل ستسفر عن تحطيم "سردية واحة الديمقراطية التي عملت على بنائها عبر أدوات دعايتها المختلفة لأكثر من سبعة عقود".

مقالات مشابهة

  • الجنرال الذهبي الشهيد الفريق عبد المنعم رياض.. قاد العمليات العسكرية على الجبهة المصرية ضد إسرائيل وأشرف على تنفيذ خطة تدمير خط بارليف
  • بين التصعيد وخريطة الطريق.. هل يعود اليمن للحرب الشاملة؟
  • إلى الحرابلة في مأزق لا للحرب: المستقبل يُبنى في الحاضر
  • حماس تبدي استعدادها للمرحلة الثانية من الاتفاق وعائلات أسرى العدو تتهم نتنياهو بتحويل حياة أبنائهم للعبة لصالحه
  • الحرب ليست خيار الأقوياء دائما
  • إعلام العدو:المسيرات الإسرائيلية تغتال 700 شخص من غزة ولبنان منذ بدء الحرب
  • باحث: عرقلة إسرائيل لتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة ليست بجديدة
  • نتنياهو والعودة إلى الحرب
  • هل يحوّل نتنياهو وحلفاؤه إسرائيل لدولة ثيوقراطية يحكمها دكتاتور؟
  • زلزال هز إسرائيل .. أمريكا تفتح الأبواب السرية مع حماس وتُحرج نتنياهو وتساؤلات حول خطة ترامب الجديدة؟