الخطف… كابوس آخر يؤرق السودانيين بسبب الحرب
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
بعد أكثر من مائة يوم من الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي اندلعت في 15 إبريل/نيسان الماضي، اختفى مئات السودانيين من دون أن يتركوا أي أثر، ولم يتمكن ذووهم من معرفة إن كانوا أحياء أو أمواتاً، أو إذا كانوا معتقلين لدى أحد طرفي الصراع الذي خلّف أوضاعاً إنسانية بالغة التعقيد.
وبعد تزايد حالات الاختفاء القسري في السودان نتيجة الصراع القائم، أطلق قانونيون ومتطوعون حملات ومبادرات للبحث عن المفقودين ومعرفة مصيرهم، وذلك بالتنسيق مع لجان الأحياء ولجان المقاومة والمنظمات المعنية بذلك، مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
مبادرات لكشف مصير المفقودين
مبادرة “مفقود” هي إحدى المجموعات الشعبية التي بدأت عملها منذ سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير، إذ اختفى خلال الثورة الشعبية ضده مئات الأشخاص الذين لم يتم العثور سوى على عدد قليل منهم، بينما تم تأكيد وفاة عدد آخر. وتقوم المبادرة حالياً بالبحث عن مفقودي الحرب المستمرة بين الجيش والدعم السريع.
وتنتشر مناشدات البحث عن هؤلاء المفقودين على وسائل التواصل الاجتماعي، فيما يعتقد الكثير من الناشطين وأسر المختفين أن ذويهم ربما يكونون رهن الاعتقال لدى أطراف الصراع، خصوصاً بعد أن قالت مجموعة منظمات حقوقية في السودان، منتصف يوليو/تموز الماضي، إن لديها أدلة على أن قوات الدعم السريع احتجزت أكثر من 5 آلاف شخص في ظروف غير إنسانية بالخرطوم. لكن الدعم السريع قالت إن التقارير غير صحيحة وإنها لا تحتجز سوى أسرى حرب.
وأكد الحاج سيد، والد الشاب محمد الذي اختفى منذ يوم 15 يوليو/تموز الماضي، أنهم فقدوه في الخرطوم، وكان يتنقل من حي إلى آخر، وفقدوا الاتصال به ولا يدرون أين هو. وقال لـ”العربي الجديد” إنهم أبلغوا اللجنة الدولية للصليب الأحمر بفقدانه ولكنهم لم يعثروا عليه بعد أو تصل إليهم أي معلومات عنه. ونشرت الأسرة إعلانا في صفحة المفقودين على موقع “فيسبوك” للمساعدة في البحث عنه.
وأعلنت اللجنة التنسيقية لمبادرة “مفقود”، قبل أيام، أنه تم العثور على مفقودة تدعى هبة حسن، وعادت إلى أسرتها سالمة، بعد أن تم التعرف والعثور عليها بواسطة القوات الخاصة التابعة للجيش في منزل بمنطقة الحلفايا في الخرطوم بحري، ومعها مجموعة من الفتيات ونساء طاعنات في السن. وأوضحت المبادرة أنه وفق إفادة أسرتها فإن حسن ورفيقاتها كنّ مخطوفات من قبل الدعم السريع حتى يقمن بتضميد الجرحى وطهي الطعام. وهبة حسن من اللواتي فُقدن منذ بداية الحرب، وتحديداً في اليوم الثالث، من منطقة الدروشاب في الخرطوم بحري.
من جهتها، قالت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل (هيئة حكومية)، إن لديها تقارير متواترة بشأن ازدياد حالات الاختفاء القسري للنساء والفتيات في نيالا جنوب دارفور غربي البلاد. وحسب الوحدة، أكدت إفادات الناجيات وشهود عيان وجود نساء وفتيات محتجزات لدى قوات الدعم السريع في مناطق مختلفة في نيالا.
وأوضحت الوحدة، في بيان أصدرته في 3 أغسطس/آب الحالي، أن ظهور ناجيات كنّ محتجزات في أماكن مختلفة، وتواتر الإفادات بشأن احتجاز نساء وفتيات في مخازن وفنادق في نيالا والخرطوم بغرض استغلالهن جنسياً، يشبه اختطاف النساء الأيزيديات في العراق من قِبل عناصر تنظيم “داعش”.
أما مبادرة القرن الأفريقي لمساعدة النساء، المعروفة باسم “صيحة”، فأفادت بأن “العدد التقريبي للنساء اللواتي لا زلن مفقودات هو 31، وهو قابل للزيادة”. وأضافت المبادرة، التي تقوم بتوثيق أعداد المفقودين، في بيان أرسل لوكالة “فرانس برس” أخيراً: “نعتقد أن العدد أكبر من ذلك بكثير، نظراً لتجنب التبليغ عن المفقودات خشية من الوصمة وما إلى ذلك”.
وتعتقد “صيحة” أن “قوات الدعم السريع تقف وراء حوادث الاختفاء”. وأوضحت أن هذا الافتراض أتى “لأن بعض النساء اللواتي كنّ مفقودات صرّحن بأنهن أجبرن من قوات الدعم السريع عن طريق العنف والترهيب على أداء مهام مثل الطبخ وغسل الثياب في ظروف صحيّة وأمنية رديئة”.
والشهر الماضي، تلقّت المبادرة معلومات تفيد بأن أفراداً من الدعم السريع “قاموا باختطاف نساء وفتيات واحتجزوهن كرهائن في مناطق محددة من إقليم شمال دارفور، ثمّ أطلقوا سراحهنّ… مقابل فدية، أو ربما تم بيعهن لاحقاً في الأسواق”. ووصل مبلغ الفدية أحياناً إلى 30 مليون جنيه سوداني (نحو 54 ألف دولار) بحسب المبادرة.
ولفتت “صيحة” إلى إقليم دارفور باعتباره بين المناطق التي تأثرت بحالات الاختفاء أو الفقد. ووفق “فرانس برس”، روت السودانية حليمة هارون التي فرّت من نيران المعارك في الجنينة إلى شرق تشاد عن فقدان ابنتها نجوى البالغة 16 عاماً. وقالت “فقدناها عند فرارنا من القتال في الجنينة وحتى الآن لا نعرف عنها شيئاً”. وأضافت “لا نعرف ما إذا ماتت أم ما زالت حية”.
لا أرقام نهائية للمفقودين
وتسبّبت الحرب القائمة في توقف عمل النيابات وأقسام الشرطة في العاصمة الخرطوم، ما جعل المجموعة السودانية لضحايا الاختفاء القسري، تدوّن البلاغات الخاصة بالمفقودين في مدينة ود مدني بولاية الجزيرة القريبة من الخرطوم.
وقال عضو المجموعة السودانية لضحايا الاختفاء القسري المحامي عثمان البصري، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إن عدد المفقودين قسرياً منذ 15 إبريل الماضي وحتى 25 يونيو/حزيران الماضي حسب آخر إحصائية كان 452 شخصاً، من ضمنهم 24 سيدة، و14 قاصراً. وأضاف أنهم وبسبب توقف عمل النيابات وأقسام الشرطة في العاصمة الخرطوم، لجأوا للنيابة العامة في مدينة ود مدني، وفتحوا بلاغات لعدد 452 شخصاً في القسم الأوسط، ويجري حالياً التحري.
وأوضح البصري أن هناك عدداً مقدراً من الذين عادوا من الاعتقال، لكن لا توجد بعد إحصائية رقمية لهم، مبيناً أن آخر هذه الحالات التي ظهرت 14 حالة، وهناك حالات عودة أخرى يجري حصرها. وأشار إلى أنه من بين حالات ظهور المختفين، الشاب سيف، والذي كانت اقتادته مجموعة ترتدي زي قوات الدعم السريع وأطلقت النار في المنزل، وأخذته لجهة مجهولة. وتابع “هذه الحالة قدمنا بخصوصها بلاغاً في مدني تحت المادة 186 الفقرة (ن) المتعلقة بالاختفاء القسري، ووافقت النيابة على البلاغ وبدأت إجراءات التحري”.
من جهته، قال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان، عدنان حزام، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إن الطلبات بدأت تصل إليهم منذ اندلاع القتال في السودان في إبريل الماضي بخصوص المفقودين والمحتجزين.
وأضاف أنه يتم تلقي الاتصالات وتسجيل الحالات، ولكن حتى الآن لا يوجد رقم أو إحصاء محدد. وأكد حزام أن ملف المفقودين شائك خصوصاً في ظل الظروف المحيطة بالصراع الحالي في السودان، ولكن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تبذل جهداً بقدر المستطاع في هذا الجانب ولو بالشيء اليسير.
العربي الجديد
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر قوات الدعم السریع العربی الجدید فی السودان
إقرأ أيضاً:
الدعم السريع يستعيد السيطرة على مناطق بولاية النيل الأزرق
اقتحمت قوات الدعم السريع على نحو مفاجئ بلدتي «جريوة ورورو» بمحلية التضامن في ولاية النيل الأزرق، جنوب شرقي السودان.
الخرطوم _ التغيير
وبثت عناصر من قوات الدعم مقاطع فيديو على منصة «إكس»، أكدوا فيها وجودهم داخل المناطق التي تبعد نحو 70 كيلومتراً من مدينة الدمازين عاصمة الولاية، التي تضم مقر الفرقة الرابعة للجيش السوداني.
وكانت «قوات الدعم السريع» تقدمت في سبتمبر الماضي، وبسطت سيطرتها على بلدة رورو، إلا أنها انسحبت، وعادت أدراجها لتنضم إلى قواتها الرئيسية المتمركزة في الدالي والمزوم داخل ولاية سنار.
و في الوقت الذي أعلنت فيه قوات الدعم السريع سيطرتها على بلدتي «جريوة ورورو» قال الجيش السوداني إنه استعاد السيطرة على بلدة اللكندي بولاية سنار، ما خلف حالة نزوح جديدة.
وحسب بيان للجيش السوداني فإن قوات العمل الخاص بالفرقة 17 مشاة – سنجة وبإسناد من الكتيبة الإحتياطية بالفرقة الرابعة بالدمازين في إقليم النيل الأزرق، استولت أمس الخميس على بلدة اللكندي وعدد من المناطق على ذات المحور بشمال الروصيرص حتى قرية أبو تيقا شمالي اللكندي.
وتابع البيان :«تم طرد مليشيا الدعم السريع الإرهابية من داخل منازل المواطنين والأعيان المدنية».
وتقع بلدة اللكندي جنوب شرق سنجة قرب كركوج ومدخل جسر ود العيس على الضفة الشرقية للنيل الأزرق المؤدي إلى مدينة سنجة.
وكان الجيش السوداني قد أطبق حصاره على سنجة عاصمة ولاية سنار منذ أسبوعين بعد أن استعاد السيطرة على منطقة جبل موية الاستراتيجية وأبو حجار ومدينة الدندر وعدة بلدات في طريقه إلى سنجة.
الوسومالجيش الدعم السريع اللكندي النيل الأزرق سنار