إلى مدارس التحفيظ ..الوضع لا يحتمل
تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT
شمسان بوست / كتب – حافظ مراد
في مجتمعنا، ومن المعروف انه قد يرفض البعض الاعتراف بضعفهم، مثل الأب أمام أبنائه أو القائد أمام جنده، ورغم أن هذا ليس محور حديثنا الرئيسي، إلا أنه يبرز في سياق حملة الرسالة، أي المعلمين والمعلمات في المدارس العمومية ومدارس تحفيظ القرآن الكريم، وايماناً من المواطن من أن الشعوب لا تبنى وتنهض الا بالعلم يدفع بأبنائه وبناته للتعليم، رغم صعوبة وضعه المعيشي والضائقة المالية التي يعيشها.
لكن للأسف، أصبح المعلمون، الذين يُفترض أن يكونوا قدوة في المجتمع وأساس نهضة الشعوب وهم كذلك نحتسبهم، يصرون على إذلال وإهانة المواطن أمام أبنائه، بفرض متطلبات ليست أساسية، وهذا يحدث على الرغم من توجيهات وزارة التربية والتعليم بعدم إلزام الطلاب بالزي المدرسي نظراً لتردي الوضع الاقتصادي في البلاد، والجديد في الأمر هو أن مدارس تحفيظ القرآن الكريم، سواء في المركز الصيفية أو في فصول السنة المختلفة، تطلب من الطلاب تسليم مبالغ مالية بين الحين والآخر للاشتراك وإقامة أنشطة مختلفة مثل الرحلات والصوم والإفطار الجماعي وأنشطة مختلفة كان الأجدر بهم تعليم الأبناء على الصبر والايثار وتقدير الوضع …الخ بدلا من أثقال كاهل المواطن.
تؤدي هذه المتطلبات المتكررة إلى ضغط هائل على أولياء الأمور، خاصة إذا كان ولي الأمر جندياً ولا يتلقى راتبه في الوقت المناسب، فالكثير من الآباء يجدون أنفسهم مضطرين لإيقاف أبنائهم عن دراسة التحفيظ بسبب عدم قدرتهم على تلبية طلبات أبنائهم، مما يكشف ضعفهم أمام هؤلاء الأبناء، وفي ظل واقع اقتصادي مرير، حيث يصل راتب الجندي إلى ستين ألف بينما يبلغ سعر كيس الدقيق ثمانية وأربعين ألف، ويصبح من الصعب على الأب الوفاء بكافة التزاماته ومتطلبات أسرته.
في السنوات الأخيرة، أصبح هناك تزايد في الضغوط المالية التي تُفرض على أولياء الأمور في مدارس تحفيظ القرآن الكريم، ومن المعروف أن مدرسات التحفيظ يطالبون الطالبات بشراء الطرحات والبالطوهات وتوحيد الزي الدراسي، إضافة إلى الاشتراكات الشهرية والتكاليف الإضافية للإفطار الجماعي والأنشطة الأخرى وقد تكون هذه المتطلبات ليست اجباريه لكن اغلب الميسورين يتمكنوا من توفير تلك المتطلبات لابنائهم وبناتهم لينعكس سلبا على أبناء وبنات الضعفاء ويولد الحسرة والتذمر للأبناء من آبائهم وتتسبب في مشاكل جمه، وهذه المتطلبات تجعل الكثير من الآباء غير قادرين على تحمل العبء المالي، ما يدفعهم إلى منع بناتهم من الالتحاق بهذه المدارس حفاظاً على كرامتهم ومنعاً لإحراجهم أمام أبنائهم.
التعليم بشكل عام، وتعليم القرآن الكريم بشكل خاص، يحتاج إلى أشخاص ذوي قيم ومبادئ، يقدرون الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد ويعاني منها المواطن البسيط بمن فيهم المعلم الذي يعيش بنفس الوضع لكنه يتناسى نفسه ويتسبب في احراج الآخرين، فالقرآن الكريم والصلاة يجب أن ينهيا عن المنكر، وما يقوم به بعض المدرسين والمدرسات من فرض تكاليف إضافية هو في حد ذاته منكر يجب أن يتوقف.
هناك حالات انتحار بين الآباء بسبب عدم قدرتهم على توفير متطلبات أبنائهم، وهنا يجب التأكيد أن المسؤولية لا تقع على الوازع الديني فحسب، بل على السياسات الحكومية والمعلمين الذين يزيدون من الضغوط المالية على الأسر، وإنّ تحميل الآباء ما لا يطيقون من متطلبات ليس له أي مبرر ديني أو أخلاقي، بل يزيد من معاناتهم ويضعهم في موقف صعب للغاية.
أنا هنا لا أهاجم مدارس تحفيظ القرآن الكريم، بل أدعو القائمين عليها إلى توجيه طواقم التدريس بأن يتقوا الله في تعاملهم مع أولياء الأمور، ويجب أن يكون هناك تقدير للظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها الكثير من الأسر، وألا يتم تحميلهم ما لا يطيقون من متطلبات مادية، وإلى أولياء الأمور، كان الله في عونكم على مواجهة هذه التحديات والمصاعب، ونأمل أن تكون هناك استجابة لهذه الدعوة من قبل القائمين على هذه المدارس لتحقيق بيئة تعليمية أكثر دعماً وتفهما ونهضة ورقي.
إن هذه الممارسات من بعض المعلمين تعكس افتقاراً للتعاطف والوعي بحال المواطنين، وتزيد من معاناتهم، لذا يجب على الجهات المعنية اتخاذ إجراءات صارمة لضمان عدم إذلال المواطن أمام أبنائه، والعمل على توفير بيئة تعليمية تقدر الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها الأسر اليمنية في أنحاء البلاد، وبصفة شخصية فإني اول مواطن اضطر إلى إيقاف تعليم ابنائه من مدارس تحفيظ القرآن الكريم هروبا من الالتزامات وعدم الرغبة في إظهار نفسي بموقف ضعف أمام متطلبات ضئيلة لكنها تأتي في وقت يكون فيها الوضع لا يسمح، والناس مسترين بالعافية فلا تكشفوا امرهم.
المصدر: شمسان بوست
كلمات دلالية: أولیاء الأمور
إقرأ أيضاً:
عزّالدين من معروب: لبنان لا يحتمل رئيس تحدٍّ
أحيا "حزب الله" الاحتفال التكريمي للشهيدين حسين ناجي جمعة وإبراهيم أحمد سليم، والشهيدتين حفيدتي عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن عز الدين فاطمة وسارة علي عز الدين، في بلدة معروب الجنوبية، في حضور عضوي كتلة "الوفاء للمقاومة" النائبين حسن عزّ الدين وحسين جشّي، عضو المجلس السياسي في "حزب الله" الشيخ خضر نور الدين.
واعتبر النائب حسن عزّ الدين في كلمة، أن "لبنان لا يحتمل رئيس تحدٍّ ولا يبنى إلا بالتفاهم الوطني والعيش الواحد، ولذلك على صعيد الانتخابات نريد تنافساً شريفاً وحراً وهذا لا يقدح بأحد، ونذهب إلى صندوق الاقتراع وكل نائب يضع المرشح الذي يحمل المواصفات والمعايير التي يصلح من خلالها لإدارة هذه الدولة وإصلاحها وما يتعلق بالإنجاز الدستوري وتفعيل المؤسسات التي نحن بأمس الحاجة إليها في ورشة إعادة الإعمار والبناء، وتأمين كل احتياجات المواطنين".
وقال: "لا يظن أحد أنّ ما حصل أضعف حزب الله، بمعنى أن يتجاوز سائر الأفرقاء هذا المكون الأساسي في البلد، هذا الحزب وهذه المقاومة التي روت بدماء هؤلاء الشهداء أرض الوطن دفاعاً عن ترابه وثرواته وسيادته واستقلاله، ولولا هذه الدماء لكان الإسرائيلي في صيدا أو بيروت مستبيحاً لكل هذه الأرض، ودائماً ما تعاطينا بنفس المبدأ وقلنا بأنه لا يستطيع أحد في هذا البلد أن يلغي أحداً على الإطلاق، ولا نريد أن نلغي أحداً".
أضاف: "على مستوى الرئاسة حتى اللحظة لا يوجد اسم مرجّح على اسم، وكثنائي وطني شيعي "أمل" و"حزب الله" هما كتلة صلبة مكونة من 30 نائباً متوحدين ويتفاهمون على الاسم الذي يجمع المواصفات المطلوبة، ويتحاورون مع الآخرين لأجل الوصول إلى إنجاح المرشح الذي يريدون".
وبالنسبة الى الخروق الإسرائيلية، رأى أنّ "العدو ما زال يتمادى بشكل أرعن غير آبهٍ بمجتمع دولي و"يونيفيل" ولجنة خماسية، متحديًا للإرادة الدولية، وأنّ الاعتداءات التي يقوم بها من إطلاق نار وتدمير منازل وجرف بساتين وإزالة حواجز للجيش الوطني اللبناني، إنّما تدلّ على أن هذا العدو ما زال يحمل مشروع التوسع والاحتلال في عقله الباطني ويعمل على أساسه، والدليل ما حصل في سوريا فهي لم تشارك في الحرب ولم تساند معركة "طوفان الأقصى" ولم تحرك ساكناً وكان يستبيح سماءها ويقصف أهدافاً فيها، وفي هذه الفرصة التي سنحت له بعدما حدث في سوريا بدأ بالقضم من الأراضي السورية واحتل المرتفعات الاستراتيجية".
ختم: "نحن نرفض أن يصبح الجيش اللبناني محصياً لعدد الخروق والاعتداءات، لأن هذا الجيش مهمته الدفاع عن الوطن والشعب، أمّا المقاومة وفي ظلّ الظروف الحساسة والدقيقة التي نمرّ بها وفي نفس اللحظة التي ترفض بها الاعتداءات، حريصة على الوطن والناس ومصالحهم، إنّما تراقب وتدرك الوقت المناسب التي ترى فيه مصلحةً لتعلن ردها، فهي صاحبة حكمة، وأثبتت بشجاعتها وحكمتها أنّها تتصرف بما يؤمّن مصلحة الوطن والشعب".