إذا كان التفاوض بشأن الوضع الإنساني فإن الحكومة السودانية قدمت التنازلات واستجابت لدعوة الأمم المتحدة وذهبت وتفاوضت بشكل غير مباشر مع المليشيا لإيصال المساعدات.
لو كانت الحكومة رفضت النقاش في الشأن الإنساني لجاز أن يقال لها اذهبي للتفاوض. ولكن ما الذي قدمته المليشيات؟ قتل ونهب وتشريد.

من قبل ذهب الجيش وتفاوض ووقع اتفاقا في جدة يلزم المليشيا بالخروج من المناطق السكنية والمرافق الخدمية.

والمليشيا لم تلتزم بهذا الاتفاق بل توسعت في الانتهاكات والجرائم.

طيب، ما الذي يجب أن يفعله الجيش إن ذهب ليتفاوض من جديد. هل يتجاوز نقطة إخلاء المليشيات للأعيان المدنية حتى لا يتهم بالتعنت ورفض السلام؟ لنفرض أنه تجاوز هذا الشرط وترك للمليشيا بكل إجرامها المناطق التي تحتلها مدنية وغير مدنية. ماذا أيضا؟ ما الذي يجب أن يقدمه الجيش لوقف الحرب؟
– ببساطة أن يرضخ لشروط المليشيا وحلفاءها وداعميها.

هل يتوقع من يطالبون الجيش بالذهاب للتفاوض أي نتيجة أخرى؟ هل تتوقعون مثلا أن تعطف المليشيا على الشعب السوداني فتتنازل وتقبل بالشروط التي يقدمها الجيش؟ لماذا قد تفعل ذلك إذا كان الجيش مهزوم والشعب تعب من الحرب كما يردد البعض؟

أنت مهزوم وعليك أن تستسلم للعدو! هذا هو الشرط الذي يريده دعاة التفاوض. ولكن هل الاستسلام سينجيك؟ يجب أن تسأل نفسك هذا السؤال.

لم يرفض الجيش التفاوض منذ بداية الحرب وذهب إلى جدة أكثر من مرة ولكن النتيجة دائما كانت تمادي المليشيات فيما تقوم به. ولا أحد في العالم يريد مساءلتها ولا إدانتها. ما تفعله المليشيا بالمواطنين مم قصف عشوائي وقتل وتخريب ونهب وانتهاكات يصنفها في خانة المجموعات الإرهابية لو كانت في أي بلد غير السودان.

الحقيقة أن المليشيا هي المهزومة أخلاقيا وسياسيا وعسكريا. وقادة المليشيا من عيال دقلو بحاجة للتفاوض لاكتساب شرعية وإعادة السيطرة على شتات قواتهم بواسطة قوة الدولة وسلطانها، وليصبحوا بشرا من جديد.

التفاوض بالنسبة لقادة المليشيا هو طوق نجاة بعد الفشل الكبير عسكريا وسياسيا وبعد التفكك والانهيار الذي ضرب المليشيا. التفاوض يعيدهم إلى الحياة من جديد، كمنتصرين!
نعم، استمرار الحرب يعني المزيد من المعاناة، ولكنه يعني أيضا نهاية المليشيا بعدة عوامل منها التدمير العسكري بضربات الجيش المستمرة والتفكك الداخلي. ولكن الاستسلام لهؤلاء المجرمين لن ينهي معاناة الناس، لأنهم ببساطة هم السبب فيها. المشكلة ليست في الحرب ذاتها ولكن إجرام المليشيا، والناس لا يعانون من الحرب وإنما يعانون من المليشيا وإجرامها.
لا يوجد حل غير هزيمتها، وعمليا لا يمكن للسلام أن يتحقق بدون ذلك.

حليم عباس

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

صورة لمركز الجيش الذي استهدفه العدوّ في الصرفند.. هكذا أصبح بعد الغارة الإسرائيليّة

حصل "لبنان 24" على صورة تُظهر حجم الدمار في مركز الجيش في بلدة الصرفند، بعدما استهدفه العدوّ الإسرائيليّ ليل أمس.     وكانت قيادة الجيش نعت المعاون أول الشهيد أيمن عبد اللطيف رحال والرقيب الشهيد آدم جرجي عون والرقيب الشهيد علي محمد حرب، الذين استشهدوا في الغارة الإسرائيليّة التي استهدفت مركزهم في الصرفند.      

مقالات مشابهة

  • هولندا تؤكد استعداداها لاعتقال نتنياهو وغالانت.. وديربورن الأمريكية أيضا
  • حدث أمنيّ صعب... ما الذي يحصل مع الجيش الإسرائيليّ في جنوب لبنان؟
  • مصادر: الرئيس الروسي منفتح على نقاش وقف إطلاق النار مع ترامب.. ولكنه يصر على مبادئه تجاه كييف
  • صورة لمركز الجيش الذي استهدفه العدوّ في الصرفند.. هكذا أصبح بعد الغارة الإسرائيليّة
  • نتنياهو يرفض منح توسيع صلاحيات فريق التفاوض للوصول إلى تبادل أسرى مع حماس
  • نتنياهو يرفض توسيع صلاحيات فريق التفاوض مع حماس
  • صحافة إسرائيلية: نتنياهو يرفض توسيع صلاحيات فريق التفاوض مع حماس
  • افرام من بكركي: لعرض مسودة ورقة التفاوض أمام مجلس النواب
  • الصين تتوقع استمرار التعافي القوي للاقتصاد حتى نهاية العام
  • التمديد لقائد الجيش: الجلسة نهاية الشهر والتيار لن يشارك